( الشاعر والجلاد ) :
هناك ممن يدعون انهم نقاد ، يوهمون الاخرين بانهم ارباب الشعر ، رُفعت بينهم وبينه السّتُر ، فباح لهم باسرار مبناه ، وخصهم بخفايا صنعته ومعناه ، لهم وحدهم القول الفصل في شاعرية فلان ، ولاشاعرية علان ، جلادون لمن خالفهم ، مكفّرون من جادلهم،لايفهمون الشعرالا انه خطاب مرسل وفق ضوابط تعبيرية (جمال ـ فنية) ماقبلية ،محكوم بايقاعات نغمية محددة ، ويعتبرون هذه الاحكام مرجعيتهم المعيارية ، العابرة للزمن ، يقررون مصير المنجز الشعري، بعد مساءلته واستجوابه فان كان شكلاً ومضموناً واسلوباً، مطابقاً لقياساتها ، قضوا بقبوله ،و منحه شهادة الميلاد ، وان خالف وتمرد فهو مارق يسعى لاثارة الفتنة وافساد الذوق والافكار، فيصدرون قرارهم برفضه ، ونفيه وكاتبه من الحياة الادبية
و ما يجهلونه او يتجاهلونه ، ان المنظرين والمهتمين بموضوعة الفن الشعري واولهم النقاد، منذ الايام الاولى لولادة ( النقد الادبي ) ، كل هؤلاء وضعوا التعريفات المختلفة لوصف ماهية الشعر، ومعناه ،غيرأنها كانت تعريفات قاصرة ، غيرمتفقة على رأي او قناعة واحدة ، بل متقاطعة احيانا بعضها مع بعض ، في مدى فهمها للابداع الشعري ، بسبب اختلاف درجة وعي النقاد وتفاوت خبرتهم العملية ، وتنوع أمزجتهم وثقافاتهم وظروفهم الحياتية العامة ، والتاريخ الادبي يذكر ان اول من وضع كتابا في الشعر القيلسوف الاغريقي/ أرسطو ( كتابه فن الشعر ) لم يضع تعريفا محدداً وافياً للشعر. ولهذا يغدو احتكارمعنى هذا الجنس الادبي من قبل بعض المتوهمين ممن يتبجحون بأنهم نقاد ، وتفننهم في محاولاتهم قتل ومصادرة اي نزعة تحررية تنتفض في الذات الشاعرة للتغريد خارج زنازين قياساتهم الصدئة ، ضرباً من الادعاء الاجوف
ونوعاً من السلطوية المستبدة ، والتي تمثل صدى لسلطوية المؤسسات الحاكمة في عالمنا العربي المنكفئ حضارياً يفخر بانغلاقيته عن كل ماهو متطور في الحياة ، فالشعر اسمى من ان يُعتقل في ( اقفاص ) التقنين الماقبلي ، لانه بطبعه متمرد
، ينزع للتحليق في فضاءات الحرية والتجديد، وهنا يحضرني قول الناقد المعروف
عبدالله الكسواني :(( إن أكثر ما يثير غثياني هو ذلك الجمع الغفير من النقاد الذين يتجمعون على قصيدة ما لشاعر ما بالنقد السلبي أو الإيجابي وترى الشاعر وقصيدته براء من كل ما قالوه فيه وفيها سواء أكان مدحاً أو ذماً )) ويتابع قوله : (( ولكن رغم هذا الكم الهائل من طحالب النقاد تجد نبتاً حنونا صادقاً من النقاد وهم قليلون ، ترى الناقد منهم مبتكر وموهوب ولا يتسم بالبلادة والنمطية والقلب الاسود وضيق الأفق كمعظم النقاد الآخرين ، هؤلاء القلة يعتد بهم شاعر القصيدة حتى ولو جرحوه وذموه ، لأنه يلمس فيهم الذكاء والصدق والحق والإبتكار ))
إن النص الشعري يعتبر جسداً حياً كيفما كان بناؤه، له ايقاعاته المتناغمة مع احاسيس الشاعر ، وتوتراته ، وهواجسه المتصارعة في شرايين ذلك الكائن ، منها ايقاعات صوتية تكسر القواعد المألوفة في الموسقة العروضية والتفعيلية ، تستمد انغامها
من العلاقات التجاورية بين المفردات متعارضىةً ، متضايفةً ، معطوفة على بعضها او متساندةً ( مسند اله / مسند ) وغيرها ضمن السياق اللغوي النصي ، كذلك تلعب موسيقى حروف الكلمة / الجملة ، دوراً مهماً في إحداث التنغيم المتلازم حسياً مع دلالات مفرداته اضافة الى ايقاعات بصرية تستشعرها العين من خلال (طول/ قصر) السطور ، البياضات ( المساحات الفراغية غير المكتوبة ) وكيفية توزيعها على سطح النص ، هذا الانواع الايقاعية تجعل فعل التلقي من قبل القارئ ، غير رتيب ، منقطع عن مألوفية الانغام الثابتة التي كان يتوقع تكرارها مع كل بيت في القصيدة الكلاسيكية ، هو مع هذه الايقاعات الجديدة وعبر ما يحدث فيها من تموجات وتوترات ، متنوعة تجذب القارئ وتشركه جدليا بعالم النص الداخلي ، ليكتشف دلالات ( ايقاعية ـ معنوية ) جديدة غير تلك التي كان يستقبلها من الايقاع الخارجي.( الايقاع العروضي معدّ سلفاً اي قبل كتابة القصيدة اي انه موجود خارجها ،والشاعر يقوم باستحضار اوزانه لكي ينظم ابياتها على نغمة كل وزن) وهذا يجعل العنصر الموسيقي يطغى على العنصر الدلالي فيها.وكم يضطر الشعراء في كثير من الاحيان لتعديل او تبديل مفردة او اكثر، كانت تخدم المعنى الذي يريد ، والاتيان بأخرى لتناسب الوزن وقد لاتناسب المعنى ، واستطيع ايجاز ماسبق بخصوص الايقاع بنوعيه القديم / الخارجي ( العروضي ) ، والجديد / الداخلي ( النصي ) بما يلي :
ـ الايقاع الخارجي بنية صوتية محسوسة مألوفة ، اما الايقاع الداخلي فهو بنية
(صوتية / بصرية) مكتشفَة، منتجَة ( يشارك القارئ في تركيبهما ) وهذا الايقاع يعمّق ويعبر عن دلالات المفردات
ـ الايقاع الخارجي بنية موسيقية تتصف بالتحديد النغمي ( لكل بحر عروضي انغام محددة ثابتة لاتتغير في جميع ابيات القصيدة) ، اما الايقاع الداخلي فانه بنية غير قابلة للتحديد حتى داخل السطر الشعري الواحد،
وللحديث بقية / باسم الفضلي
هناك ممن يدعون انهم نقاد ، يوهمون الاخرين بانهم ارباب الشعر ، رُفعت بينهم وبينه السّتُر ، فباح لهم باسرار مبناه ، وخصهم بخفايا صنعته ومعناه ، لهم وحدهم القول الفصل في شاعرية فلان ، ولاشاعرية علان ، جلادون لمن خالفهم ، مكفّرون من جادلهم،لايفهمون الشعرالا انه خطاب مرسل وفق ضوابط تعبيرية (جمال ـ فنية) ماقبلية ،محكوم بايقاعات نغمية محددة ، ويعتبرون هذه الاحكام مرجعيتهم المعيارية ، العابرة للزمن ، يقررون مصير المنجز الشعري، بعد مساءلته واستجوابه فان كان شكلاً ومضموناً واسلوباً، مطابقاً لقياساتها ، قضوا بقبوله ،و منحه شهادة الميلاد ، وان خالف وتمرد فهو مارق يسعى لاثارة الفتنة وافساد الذوق والافكار، فيصدرون قرارهم برفضه ، ونفيه وكاتبه من الحياة الادبية
و ما يجهلونه او يتجاهلونه ، ان المنظرين والمهتمين بموضوعة الفن الشعري واولهم النقاد، منذ الايام الاولى لولادة ( النقد الادبي ) ، كل هؤلاء وضعوا التعريفات المختلفة لوصف ماهية الشعر، ومعناه ،غيرأنها كانت تعريفات قاصرة ، غيرمتفقة على رأي او قناعة واحدة ، بل متقاطعة احيانا بعضها مع بعض ، في مدى فهمها للابداع الشعري ، بسبب اختلاف درجة وعي النقاد وتفاوت خبرتهم العملية ، وتنوع أمزجتهم وثقافاتهم وظروفهم الحياتية العامة ، والتاريخ الادبي يذكر ان اول من وضع كتابا في الشعر القيلسوف الاغريقي/ أرسطو ( كتابه فن الشعر ) لم يضع تعريفا محدداً وافياً للشعر. ولهذا يغدو احتكارمعنى هذا الجنس الادبي من قبل بعض المتوهمين ممن يتبجحون بأنهم نقاد ، وتفننهم في محاولاتهم قتل ومصادرة اي نزعة تحررية تنتفض في الذات الشاعرة للتغريد خارج زنازين قياساتهم الصدئة ، ضرباً من الادعاء الاجوف
ونوعاً من السلطوية المستبدة ، والتي تمثل صدى لسلطوية المؤسسات الحاكمة في عالمنا العربي المنكفئ حضارياً يفخر بانغلاقيته عن كل ماهو متطور في الحياة ، فالشعر اسمى من ان يُعتقل في ( اقفاص ) التقنين الماقبلي ، لانه بطبعه متمرد
، ينزع للتحليق في فضاءات الحرية والتجديد، وهنا يحضرني قول الناقد المعروف
عبدالله الكسواني :(( إن أكثر ما يثير غثياني هو ذلك الجمع الغفير من النقاد الذين يتجمعون على قصيدة ما لشاعر ما بالنقد السلبي أو الإيجابي وترى الشاعر وقصيدته براء من كل ما قالوه فيه وفيها سواء أكان مدحاً أو ذماً )) ويتابع قوله : (( ولكن رغم هذا الكم الهائل من طحالب النقاد تجد نبتاً حنونا صادقاً من النقاد وهم قليلون ، ترى الناقد منهم مبتكر وموهوب ولا يتسم بالبلادة والنمطية والقلب الاسود وضيق الأفق كمعظم النقاد الآخرين ، هؤلاء القلة يعتد بهم شاعر القصيدة حتى ولو جرحوه وذموه ، لأنه يلمس فيهم الذكاء والصدق والحق والإبتكار ))
إن النص الشعري يعتبر جسداً حياً كيفما كان بناؤه، له ايقاعاته المتناغمة مع احاسيس الشاعر ، وتوتراته ، وهواجسه المتصارعة في شرايين ذلك الكائن ، منها ايقاعات صوتية تكسر القواعد المألوفة في الموسقة العروضية والتفعيلية ، تستمد انغامها
من العلاقات التجاورية بين المفردات متعارضىةً ، متضايفةً ، معطوفة على بعضها او متساندةً ( مسند اله / مسند ) وغيرها ضمن السياق اللغوي النصي ، كذلك تلعب موسيقى حروف الكلمة / الجملة ، دوراً مهماً في إحداث التنغيم المتلازم حسياً مع دلالات مفرداته اضافة الى ايقاعات بصرية تستشعرها العين من خلال (طول/ قصر) السطور ، البياضات ( المساحات الفراغية غير المكتوبة ) وكيفية توزيعها على سطح النص ، هذا الانواع الايقاعية تجعل فعل التلقي من قبل القارئ ، غير رتيب ، منقطع عن مألوفية الانغام الثابتة التي كان يتوقع تكرارها مع كل بيت في القصيدة الكلاسيكية ، هو مع هذه الايقاعات الجديدة وعبر ما يحدث فيها من تموجات وتوترات ، متنوعة تجذب القارئ وتشركه جدليا بعالم النص الداخلي ، ليكتشف دلالات ( ايقاعية ـ معنوية ) جديدة غير تلك التي كان يستقبلها من الايقاع الخارجي.( الايقاع العروضي معدّ سلفاً اي قبل كتابة القصيدة اي انه موجود خارجها ،والشاعر يقوم باستحضار اوزانه لكي ينظم ابياتها على نغمة كل وزن) وهذا يجعل العنصر الموسيقي يطغى على العنصر الدلالي فيها.وكم يضطر الشعراء في كثير من الاحيان لتعديل او تبديل مفردة او اكثر، كانت تخدم المعنى الذي يريد ، والاتيان بأخرى لتناسب الوزن وقد لاتناسب المعنى ، واستطيع ايجاز ماسبق بخصوص الايقاع بنوعيه القديم / الخارجي ( العروضي ) ، والجديد / الداخلي ( النصي ) بما يلي :
ـ الايقاع الخارجي بنية صوتية محسوسة مألوفة ، اما الايقاع الداخلي فهو بنية
(صوتية / بصرية) مكتشفَة، منتجَة ( يشارك القارئ في تركيبهما ) وهذا الايقاع يعمّق ويعبر عن دلالات المفردات
ـ الايقاع الخارجي بنية موسيقية تتصف بالتحديد النغمي ( لكل بحر عروضي انغام محددة ثابتة لاتتغير في جميع ابيات القصيدة) ، اما الايقاع الداخلي فانه بنية غير قابلة للتحديد حتى داخل السطر الشعري الواحد،
وللحديث بقية / باسم الفضلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق