مؤسسة فنون الثقافية العربية : قصة قصيرة / فَلْيَنْفَعْكِ إِحْسَانُكِ./ هند الع...: قصة قصيرة بعنوان: فَلْيَنْفَعْكِ إِحْسَانُكِ. تعودت غادةُ على مُجاملة الزبائن المارين بمحل عملها؛ المُتمثل بالسوق الكبير لبيع المو...
الأربعاء، 29 أغسطس 2018
قصة قصيرة / فَلْيَنْفَعْكِ إِحْسَانُكِ./ هند العميد / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
قصة قصيرة بعنوان:
فَلْيَنْفَعْكِ إِحْسَانُكِ.
تعودت غادةُ على مُجاملة الزبائن المارين بمحل عملها؛ المُتمثل بالسوق الكبير لبيع المواد المنزلية. وكانت المرأة العجوز: أم مصطفى، كثيرة التردد لذلك المكان بمناسبة أو بدونها، وكثيراً ما كانت تحتاج إلى مُجاملات غادةَ التي لا تكلُّ ولا تملُّ من الإصغاء لمحادثاتها الطويلة. بل إنها أصبحت تعتكز مقعداً مُتحركاً كي تجلس بجانب الشابة، وتبدأ بسرد كل شاردة وواردة عاشتها في حياتها، وهي تجهل تماماً مدى الضّرر الذي تُسببه لها، لاسيما أن الموظفة قد تلقت أكثر من تنبيه بهذا الشأن من ربِّ عملها، لكن طيبتها وعطفها على تلك المرأة وإحساسها بأنها مُحتاجة لمن يصغي اليها؛ منعها من الامتثال لأوامر المدير، يوماً بعد يوم وزيارةً بعد أخرى؛ استدعى المسؤول غادةَ ليبلغها استغناءهُ عن خدماتها، مع كلمات جارحة تعنونها: "فَلْيَنْفَعْكِ إِحْسَانُكِ".
انتظرت الفتاة الشابة موعد قدوم العجوز، وبعدها أخبرتها بأنها قد مُنحت إجازة للراحة كي لا تشعرها بالذنب، وانصرفت مُعتذرةً لها عن عدم استقبالها بالمكان المُعتاد ذاته، بعدها أدمنت المُسِنَّةُ على متابعة الصَّبِيَّةِ؛ بعد أن أعطتها عنوان بيتها فيما لو احتاجت مساعدةً ما، بل راحت ترافقها إلى كل مشوار تقوم بهِ. الفراق الوحيد الذي كان مهرباً لغادةَ؛ هو حين كانت تطلب منها الجلوس في صالة الانتظار؛ عِندَ دخولها لمقابلة عملٍ ما، إلى أن جاء يومٌ تلقت فيه الفتاة الطيبة اتصالاً من رب عملها السابق؛ يطلب منها الحضور على الفور إلى اجتماع طارئ.
دب القلق والريبة في نفسها، وراحت تحتلها الأفكار والشكوك السوداوية، إلى أن وطئت أقدامها باب المكتب، ليفتح الباب وترى عجباً. أم مصطفى المرأة المسنة المرافقة الدائمة لها، تتوسط المكتب بجلستها على مقعد المُدير، وهي تبتسم لها وسط دهشتها وخجل المسؤول من موقفه السيء، وقبل أن تسألها مالذي يحدث؟ أدركت العجوز تساؤلات غادة لتجيبها دون أن تسأل:
_ "ياصغيرتي. أنا صاحبة هذا المحل الكبير، ولأنني لا أتعامل مُباشرةً مع العمال؛ جهلني هذا الموظف بصفة المسؤول؛ ليستاء من زياراتي المُتكررة، وأنت -يابُنيتي- دون أن تعلمي من أنا تحملتني ؟ وأنا أعلم بكل ماحدث معكِ، وتعمدت أن أصل لحدود عطائكِ بمرافقتكِ وأنتِ تبحثين عن لقمة عيشك؛ التي خسرتها بسببي دون أن تُشعريني بسوء أفعالي ، ولأنني لم أصل للحد؛ أهَبُكِ هذا السوق بما فيه، كهدية امتنان تستحقينها، وبهذا فقد نَفَعَكِ إِحْسَانُكِ.
فَلْيَنْفَعْكِ إِحْسَانُكِ.
تعودت غادةُ على مُجاملة الزبائن المارين بمحل عملها؛ المُتمثل بالسوق الكبير لبيع المواد المنزلية. وكانت المرأة العجوز: أم مصطفى، كثيرة التردد لذلك المكان بمناسبة أو بدونها، وكثيراً ما كانت تحتاج إلى مُجاملات غادةَ التي لا تكلُّ ولا تملُّ من الإصغاء لمحادثاتها الطويلة. بل إنها أصبحت تعتكز مقعداً مُتحركاً كي تجلس بجانب الشابة، وتبدأ بسرد كل شاردة وواردة عاشتها في حياتها، وهي تجهل تماماً مدى الضّرر الذي تُسببه لها، لاسيما أن الموظفة قد تلقت أكثر من تنبيه بهذا الشأن من ربِّ عملها، لكن طيبتها وعطفها على تلك المرأة وإحساسها بأنها مُحتاجة لمن يصغي اليها؛ منعها من الامتثال لأوامر المدير، يوماً بعد يوم وزيارةً بعد أخرى؛ استدعى المسؤول غادةَ ليبلغها استغناءهُ عن خدماتها، مع كلمات جارحة تعنونها: "فَلْيَنْفَعْكِ إِحْسَانُكِ".
انتظرت الفتاة الشابة موعد قدوم العجوز، وبعدها أخبرتها بأنها قد مُنحت إجازة للراحة كي لا تشعرها بالذنب، وانصرفت مُعتذرةً لها عن عدم استقبالها بالمكان المُعتاد ذاته، بعدها أدمنت المُسِنَّةُ على متابعة الصَّبِيَّةِ؛ بعد أن أعطتها عنوان بيتها فيما لو احتاجت مساعدةً ما، بل راحت ترافقها إلى كل مشوار تقوم بهِ. الفراق الوحيد الذي كان مهرباً لغادةَ؛ هو حين كانت تطلب منها الجلوس في صالة الانتظار؛ عِندَ دخولها لمقابلة عملٍ ما، إلى أن جاء يومٌ تلقت فيه الفتاة الطيبة اتصالاً من رب عملها السابق؛ يطلب منها الحضور على الفور إلى اجتماع طارئ.
دب القلق والريبة في نفسها، وراحت تحتلها الأفكار والشكوك السوداوية، إلى أن وطئت أقدامها باب المكتب، ليفتح الباب وترى عجباً. أم مصطفى المرأة المسنة المرافقة الدائمة لها، تتوسط المكتب بجلستها على مقعد المُدير، وهي تبتسم لها وسط دهشتها وخجل المسؤول من موقفه السيء، وقبل أن تسألها مالذي يحدث؟ أدركت العجوز تساؤلات غادة لتجيبها دون أن تسأل:
_ "ياصغيرتي. أنا صاحبة هذا المحل الكبير، ولأنني لا أتعامل مُباشرةً مع العمال؛ جهلني هذا الموظف بصفة المسؤول؛ ليستاء من زياراتي المُتكررة، وأنت -يابُنيتي- دون أن تعلمي من أنا تحملتني ؟ وأنا أعلم بكل ماحدث معكِ، وتعمدت أن أصل لحدود عطائكِ بمرافقتكِ وأنتِ تبحثين عن لقمة عيشك؛ التي خسرتها بسببي دون أن تُشعريني بسوء أفعالي ، ولأنني لم أصل للحد؛ أهَبُكِ هذا السوق بما فيه، كهدية امتنان تستحقينها، وبهذا فقد نَفَعَكِ إِحْسَانُكِ.
٢٠١٨/٨/٢٨
هنـــد العميـــد/ العـــراق.
هنـــد العميـــد/ العـــراق.
مؤسسة فنون الثقافية العربية : كتابة النقد الادبي / مقال لسيدة فنون الاستاذة / و...
مؤسسة فنون الثقافية العربية : كتابة النقد الادبي / مقال لسيدة فنون الاستاذة / و...: كتابة النقد الادبي !! ____________ النقد الأدبي ! _______ هو أسلوبٌ من الأساليب النقدية في الأدب العربي، والذي يهتم بنقدِ موضوع ...
كتابة النقد الادبي / مقال لسيدة فنون الاستاذة / وهيبة محمد سكر / جمهورية مصر العربية ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
كتابة النقد الادبي !!
____________
النقد الأدبي !
_______
____________
النقد الأدبي !
_______
هو أسلوبٌ من الأساليب النقدية في الأدب العربي، والذي يهتم بنقدِ موضوع
ما، أو فكرة معينة مع الإشارة إلى وجه الصحة فيها بالاعتماد على مصدر لغوي
صحيح، ويعرف أيضاً بأنه تصحيح خطأ لغوي، أو فكري في نص أدبي حتى يصبح
صحيحاً، ومقبولاً
ومعتمداً من قبل المدققين اللغويين، والنحويين.!!
يعتبر النقد الأدبي من الوسائل المهمة في تفسير طبيعة الأعمال الأدبية، وتحديد طبيعة قبولها أو رفضها،
لذلك يتم اعتماد النقد الأدبي عن طريق المناقشة بين مجموعة من نقاد الأدب، لتسليط الضوء على أهم الأفكار الواردة في النص الأدبي، مع تحديد نقاط القوة، ونقاط الضعف فيه، مما يساهم في مساعدة الكاتب على تعديل نصهِ، وتصويب الأخطاء فيه.
خصائص النقد الأدبي !
____________
يتميز النقد الأدبي بمجموعة من الخصائص المهمة، وهي: !!
_______________________________
أسلوبٌ موضوعي!!
__________،
أي لا يوجّه الاتهامات إلى شخص الكاتب، أو الشاعر بل إلى نصهِ الأدبي فقط. يقدم براهين دقيقة، أي إنّه يعتمد على تصحيح النص، وتوجيه الكاتب بناءً على مجموعة من البراهين، والأمثلة الدقيقة التي تساهم في تحسين النص الأدبي. يعتمد على تفسير الأفكار، بمعنى أنه يوضّح معاني كل فكرة واردة في النص، ويعمل على مطابقتها مع سياقهِ، ليتأكد من أنها تتناسب معه
. يهتم بجودة القواعد النحوية، والكتابة الأدبية حتى يكون العمل الأدبي متكاملاً، ومتناسقاً، ومحققاً للهدف الخاص فيه.
كيفية كتابة نقد أدبي !!
___________
عند كتابة نقد أدبي حول نص ما يجب أن يهتم الكاتب، أو الناقد بطريقة كتابتهِ، وصياغتهِ لتفسير النص الأدبي بشكل صحيح، ويعتمد أسلوبُ كتابة النقد الأدبي على مجموعة من العناصر، وهي:!!!
الأفكار النقدية: !
________
هي مجموعة من الأفكار التي يعتمدها الناقد في قياس الحكم على العمل الأدبي
. اللغة: !
______
هي مجموعة الألفاظ، والكلمات التي يتكون منها النص الأدبي، ويجب على الناقد التأكد من سلامتها، وصياغة النقد الأدبي بناءً على الأخطاء الواردة فيها.
الإيقاع:!
____
هو الأسلوب الذي يؤدي إلى تناغم عناصر النص الأدبي معاً، ومن الواجب على الناقد التأكد من أن إيقاع النص متكامل، ومتناسق
. الخيال: !
_______
هو مجموعة المواقف، والمشاهد التي لا ترتبط بالواقع، وتساعد الناقد على تحديد مدى قدرة النص على جذب القراء له، وخصوصاً في نصوص القصص، والروايات.
طريقة كتابة نقد أدبي!!!
______________
تعتمد كتابة النقد الأدبي على الخطوات التالية: !!
___________________________
القراءة المتمعنة،
والمتمكنة للنص الأدبي
، ويفضل أن يقرأ أكثر من مرة.
كتابة الأخطاء الإملائية،
والنحوية على ورقة خارجية للرجوع إليها عند كتابة النقد الأدبي
. كتابة خلاصة حول النص الأدبي تتضمن كافة الآراء، والنقاط المقبولة، والمرفوضة.
تلخيص النقد الأدبي !
__________
بالاعتماد على أسلوب موضوعي، مع توضيح أسباب كتابتهِ بشكل دقيق. تقديم النقد الأدبي لكاتب النص، أو للجنة المشرفة عنه لإرفاقه مع النص الأدبي
ومعتمداً من قبل المدققين اللغويين، والنحويين.!!
يعتبر النقد الأدبي من الوسائل المهمة في تفسير طبيعة الأعمال الأدبية، وتحديد طبيعة قبولها أو رفضها،
لذلك يتم اعتماد النقد الأدبي عن طريق المناقشة بين مجموعة من نقاد الأدب، لتسليط الضوء على أهم الأفكار الواردة في النص الأدبي، مع تحديد نقاط القوة، ونقاط الضعف فيه، مما يساهم في مساعدة الكاتب على تعديل نصهِ، وتصويب الأخطاء فيه.
خصائص النقد الأدبي !
____________
يتميز النقد الأدبي بمجموعة من الخصائص المهمة، وهي: !!
_______________________________
أسلوبٌ موضوعي!!
__________،
أي لا يوجّه الاتهامات إلى شخص الكاتب، أو الشاعر بل إلى نصهِ الأدبي فقط. يقدم براهين دقيقة، أي إنّه يعتمد على تصحيح النص، وتوجيه الكاتب بناءً على مجموعة من البراهين، والأمثلة الدقيقة التي تساهم في تحسين النص الأدبي. يعتمد على تفسير الأفكار، بمعنى أنه يوضّح معاني كل فكرة واردة في النص، ويعمل على مطابقتها مع سياقهِ، ليتأكد من أنها تتناسب معه
. يهتم بجودة القواعد النحوية، والكتابة الأدبية حتى يكون العمل الأدبي متكاملاً، ومتناسقاً، ومحققاً للهدف الخاص فيه.
كيفية كتابة نقد أدبي !!
___________
عند كتابة نقد أدبي حول نص ما يجب أن يهتم الكاتب، أو الناقد بطريقة كتابتهِ، وصياغتهِ لتفسير النص الأدبي بشكل صحيح، ويعتمد أسلوبُ كتابة النقد الأدبي على مجموعة من العناصر، وهي:!!!
الأفكار النقدية: !
________
هي مجموعة من الأفكار التي يعتمدها الناقد في قياس الحكم على العمل الأدبي
. اللغة: !
______
هي مجموعة الألفاظ، والكلمات التي يتكون منها النص الأدبي، ويجب على الناقد التأكد من سلامتها، وصياغة النقد الأدبي بناءً على الأخطاء الواردة فيها.
الإيقاع:!
____
هو الأسلوب الذي يؤدي إلى تناغم عناصر النص الأدبي معاً، ومن الواجب على الناقد التأكد من أن إيقاع النص متكامل، ومتناسق
. الخيال: !
_______
هو مجموعة المواقف، والمشاهد التي لا ترتبط بالواقع، وتساعد الناقد على تحديد مدى قدرة النص على جذب القراء له، وخصوصاً في نصوص القصص، والروايات.
طريقة كتابة نقد أدبي!!!
______________
تعتمد كتابة النقد الأدبي على الخطوات التالية: !!
___________________________
القراءة المتمعنة،
والمتمكنة للنص الأدبي
، ويفضل أن يقرأ أكثر من مرة.
كتابة الأخطاء الإملائية،
والنحوية على ورقة خارجية للرجوع إليها عند كتابة النقد الأدبي
. كتابة خلاصة حول النص الأدبي تتضمن كافة الآراء، والنقاط المقبولة، والمرفوضة.
تلخيص النقد الأدبي !
__________
بالاعتماد على أسلوب موضوعي، مع توضيح أسباب كتابتهِ بشكل دقيق. تقديم النقد الأدبي لكاتب النص، أو للجنة المشرفة عنه لإرفاقه مع النص الأدبي
مؤسسة فنون الثقافية العربية : حرقة الفراق / فطوم عبيدي / تونس ,,,,,,,,,,,,,,,
مؤسسة فنون الثقافية العربية : حرقة الفراق / فطوم عبيدي / تونس ,,,,,,,,,,,,,,,: حرقة الفراق ينتشر لهيبها حرقة الفراق ينتشر لهيبها, يزعج أنين الوجع سكينة الليل الحزين, يأتي طيف الموت خفية و القمر كئيب, بين أجنحة ...
حرقة الفراق / فطوم عبيدي / تونس ,,,,,,,,,,,,,,,
حرقة الفراق ينتشر لهيبها
حرقة الفراق ينتشر لهيبها,
يزعج أنين الوجع سكينة الليل الحزين,
يأتي طيف الموت خفية و القمر كئيب,
بين أجنحة الليل يتمدد جسد الفقيد.
حرقة الفراق ينتشر لهيبها,
يزعج أنين الوجع سكينة الليل الحزين,
يأتي طيف الموت خفية و القمر كئيب,
بين أجنحة الليل يتمدد جسد الفقيد.
عزيز العائلة تأخذه المنية,
لهيب الفراق يشتعل في أفئدة الأنفس,
قريب يرحل ونواح يحل أليما,
عويل النسوة يمزق أحشاء الصمت.
يقبل المعزون من كل صوب و من كل حدب,
و تنصب خيمة خارجية للرجال لتقبل التعازي,
وتدخل النساء البيت لتغزي أهل الراحل,
تتداخل الدموع و قبلات التحية.
و كثيرا ما يصل ملح الدموع إلى الشفتين الباكيتين,
و صاحبتهما تقبل معزية الخدين,
وتقبل النساء كل أفراد العائلة ,
مفردات التعاطف تنطق بالتعازي.
قريب العائلة يرحل,
و تسافر الأفئدة,
لتنزل ببيت الفقيد يوم العيد,
و يذبح خروف العيد و يصبح فداءا لروح الفقيد.
يسافر الأقرباء على أجنحة الليل,
و يحل ركبهم ببيت الميت,
يقدمون التعازي,
ويرددون خصال الفقيد.
يسمع ترتيل القران الكريم,
من حين لأخر يصمت الجميع إجلالا لقراءة القران,
ومن حين لأخر تخطي الصيحات آيات صورة
أو حزبا ما, و تأتي بعض النسوة يقدمن الشراب و الطعام.
زوجة الراحل ترتدي لباسا حزينا,
وقد صنع الدمع على خديها نهرا مدرارا,
تختنق الدموع بين ثنايا الحنجرة,
وتنفجر الأحزان باكية ,وحرقة الفراق راسية الأوتاد في عناد.
© فطوم عبيدي
23..8.2018
لهيب الفراق يشتعل في أفئدة الأنفس,
قريب يرحل ونواح يحل أليما,
عويل النسوة يمزق أحشاء الصمت.
يقبل المعزون من كل صوب و من كل حدب,
و تنصب خيمة خارجية للرجال لتقبل التعازي,
وتدخل النساء البيت لتغزي أهل الراحل,
تتداخل الدموع و قبلات التحية.
و كثيرا ما يصل ملح الدموع إلى الشفتين الباكيتين,
و صاحبتهما تقبل معزية الخدين,
وتقبل النساء كل أفراد العائلة ,
مفردات التعاطف تنطق بالتعازي.
قريب العائلة يرحل,
و تسافر الأفئدة,
لتنزل ببيت الفقيد يوم العيد,
و يذبح خروف العيد و يصبح فداءا لروح الفقيد.
يسافر الأقرباء على أجنحة الليل,
و يحل ركبهم ببيت الميت,
يقدمون التعازي,
ويرددون خصال الفقيد.
يسمع ترتيل القران الكريم,
من حين لأخر يصمت الجميع إجلالا لقراءة القران,
ومن حين لأخر تخطي الصيحات آيات صورة
أو حزبا ما, و تأتي بعض النسوة يقدمن الشراب و الطعام.
زوجة الراحل ترتدي لباسا حزينا,
وقد صنع الدمع على خديها نهرا مدرارا,
تختنق الدموع بين ثنايا الحنجرة,
وتنفجر الأحزان باكية ,وحرقة الفراق راسية الأوتاد في عناد.
© فطوم عبيدي
23..8.2018
مؤسسة فنون الثقافية العربية : سامحني ../ ريم احمد عثمان / سوريا ,,,,,,,,,,,,,,,,...
مؤسسة فنون الثقافية العربية : سامحني ../ ريم احمد عثمان / سوريا ,,,,,,,,,,,,,,,,...: سامحني.. لاني ....عشت قبلك الف عام من الانتظار.. و أضعت موعد التلاقي معك بين محطات الافراح ..و الأحزان ...!! سامحني لكل قصيدة...
سامحني ../ ريم احمد عثمان / سوريا ,,,,,,,,,,,,,,,,
سامحني..
لاني ....عشت قبلك الف عام من الانتظار..
و أضعت موعد التلاقي معك
بين
محطات الافراح ..و الأحزان ...!!
لاني ....عشت قبلك الف عام من الانتظار..
و أضعت موعد التلاقي معك
بين
محطات الافراح ..و الأحزان ...!!
سامحني
لكل قصيدة دخلت عصورالكفر
و قدست قبل دعوة ايمانك ..
الجهل و القهر ..
و طافت حروفها
خاشعة ..خاضعة في ساحة الأوثان ...!!
لكل قصيدة دخلت عصورالكفر
و قدست قبل دعوة ايمانك ..
الجهل و القهر ..
و طافت حروفها
خاشعة ..خاضعة في ساحة الأوثان ...!!
سامحني..
لكل من لامس خطابه جدار قلبي
بالسر أو بالجهر
و راهنت عليه في زمن الفقر و الحرمان
وكشفت نواياه الزمان ...!!
لكل من لامس خطابه جدار قلبي
بالسر أو بالجهر
و راهنت عليه في زمن الفقر و الحرمان
وكشفت نواياه الزمان ...!!
سامحني..
ان رقص قلبي يوما علی طبول
صاخبة غاضبة ..
ولم يتهادي لمسامعي عزف البيانو
و صوت البلابل و الكروان..!!
ان رقص قلبي يوما علی طبول
صاخبة غاضبة ..
ولم يتهادي لمسامعي عزف البيانو
و صوت البلابل و الكروان..!!
سامحني..
اذا اجنحة صبري كانت بحجم السماء..
و تعبت من الطيران
وهي تنشد الراحة و السكينة
بخافق قلب حيران ..!!
اذا اجنحة صبري كانت بحجم السماء..
و تعبت من الطيران
وهي تنشد الراحة و السكينة
بخافق قلب حيران ..!!
سامحني..
حين ترسم اقلامي علی خرائط الغربة..
خيمة لجوء
و انت يا روض الروح
كل الأهل و الخلان ..وكل الأوطان!!
حين ترسم اقلامي علی خرائط الغربة..
خيمة لجوء
و انت يا روض الروح
كل الأهل و الخلان ..وكل الأوطان!!
سامحني..
حين شدو حروفي رغم غيابك الحاضر
يصرخ بصمت ...يقتله الكتمان..
يغرد باسمك ..و عشقك بأجمل الألحان..!!
حين شدو حروفي رغم غيابك الحاضر
يصرخ بصمت ...يقتله الكتمان..
يغرد باسمك ..و عشقك بأجمل الألحان..!!
سامحني ...ومنك الغفران..!!
د.ريم أحمد عثمان28/8/2018
مؤسسة فنون الثقافية العربية : معك ..../ سيدة فنون الاستاذة وهيبة محمد سكر / جمهو...
مؤسسة فنون الثقافية العربية : معك ..../ سيدة فنون الاستاذة وهيبة محمد سكر / جمهو...: معك ....!! ______ معك أسبح اطير أعلو اتخفف اتشفف اتفتق عذارى يراع اخضر عقلي أخرق! من كل الأسوار يفر. وللحجب يخرق يعلم ويعرف ويت...
معك ..../ سيدة فنون الاستاذة وهيبة محمد سكر / جمهورية مصر العربية ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
معك ....!!
______
معك أسبح اطير أعلو
اتخفف اتشفف اتفتق
عذارى يراع اخضر
عقلي أخرق!
من كل الأسوار يفر.
وللحجب
يخرق
يعلم ويعرف ويتجدد
و يتعدد
للحب الأخضر موال !
من غاب متقطع
من جزع الحزن يئن
من غربة يذرف ذا الدمع
وعلى حاله يتقطع
يبكي غيابه
المعتق!
لولا الحزن ماكان نداء
طواف الاجواء
لكوكب وليدي
الوردي!
أعطاني العشق الجوري
الاحمر
كاردينيا تيوليب المعشوق
ازدواجية روح
من مسك وعنبر
معك حبيبي اكون
فتية الرغبات!
أقول القاموس من مجهول
الكلمات
وأعرف كيف أعبّر
عن مكنون الكون من العشق الأحمر الازرق الاخضر
والخمر الموزون من ذا المعبد
مولاي أنت
اخناتون الاسمر ناي التوحيد الاول
ابن النيل الناسك المتعبد
انثاه المعجونة بطين النيل
له تتبختر
مابين الناي واخناتون
وذا المعبد المسجور المسحور
من بحر العشق الغامض من يم الوجد
وقدر متقدر
من عشق مسطور
في كتاب الخروج للنور
للعشق المخبوء الأعظم
أنت حبيبي
أحبك أنا !
بقلم وهيبة سكر
______
معك أسبح اطير أعلو
اتخفف اتشفف اتفتق
عذارى يراع اخضر
عقلي أخرق!
من كل الأسوار يفر.
وللحجب
يخرق
يعلم ويعرف ويتجدد
و يتعدد
للحب الأخضر موال !
من غاب متقطع
من جزع الحزن يئن
من غربة يذرف ذا الدمع
وعلى حاله يتقطع
يبكي غيابه
المعتق!
لولا الحزن ماكان نداء
طواف الاجواء
لكوكب وليدي
الوردي!
أعطاني العشق الجوري
الاحمر
كاردينيا تيوليب المعشوق
ازدواجية روح
من مسك وعنبر
معك حبيبي اكون
فتية الرغبات!
أقول القاموس من مجهول
الكلمات
وأعرف كيف أعبّر
عن مكنون الكون من العشق الأحمر الازرق الاخضر
والخمر الموزون من ذا المعبد
مولاي أنت
اخناتون الاسمر ناي التوحيد الاول
ابن النيل الناسك المتعبد
انثاه المعجونة بطين النيل
له تتبختر
مابين الناي واخناتون
وذا المعبد المسجور المسحور
من بحر العشق الغامض من يم الوجد
وقدر متقدر
من عشق مسطور
في كتاب الخروج للنور
للعشق المخبوء الأعظم
أنت حبيبي
أحبك أنا !
بقلم وهيبة سكر
تغطيات ثقافية / النجف الاشرف / ممثلة مؤسسة فنون الثقافية / اسماء الحميداوي / العراق ,,,,,,,,,,
ممثلة صحيفة فنون الثقافية العربية
الأعلامية /أسماء الحميداوي
برعاية السيد مهند مهند مصطفى جمال الدين أقامت المكتبة الأدبية المختصة في النجف الأشرف أمسية تقافية حاضر فيها الدكتور نوري الشريس بعنوان (التطور العلمي و الواقع المعاصر) تضمنت الكثير من المداخلات حظرها جمع كبير من المثقفين والادباء وفي نهاية الجلسة تم اهداء مجموعة قصصية للأطفال تحمل العبرة والموعظة من تاليف الدكتور توري خضير الشريس.
٩الأعلامية /أسماء الحميداوي
برعاية السيد مهند مهند مصطفى جمال الدين أقامت المكتبة الأدبية المختصة في النجف الأشرف أمسية تقافية حاضر فيها الدكتور نوري الشريس بعنوان (التطور العلمي و الواقع المعاصر) تضمنت الكثير من المداخلات حظرها جمع كبير من المثقفين والادباء وفي نهاية الجلسة تم اهداء مجموعة قصصية للأطفال تحمل العبرة والموعظة من تاليف الدكتور توري خضير الشريس.
تغطيات ثقافية / ممثلة مؤسسة فنون الثقافية / اسماءالحميداوي / النجف الاشرف / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ممثلة صحيفة فنون الثقافية العربية
الأعلامية /أسماء الحميداوي
برعاية السيد مهند مهند مصطفى جمال الدين أقامت المكتبة الأدبية المختصة في النجف الأشرف أمسية تقافية حاضر فيها الدكتور نوري الشريس بعنوان (التطور العلمي و الواقع المعاصر) تضمنت الكثير من المداخلات حظرها جمع كبير من المثقفين والادباء وفي نهاية الجلسة تم اهداء مجموعة قصصية للأطفال تحمل العبرة والموعظة من تاليف الدكتور توري خضير الشريس.
٩الأعلامية /أسماء الحميداوي
برعاية السيد مهند مهند مصطفى جمال الدين أقامت المكتبة الأدبية المختصة في النجف الأشرف أمسية تقافية حاضر فيها الدكتور نوري الشريس بعنوان (التطور العلمي و الواقع المعاصر) تضمنت الكثير من المداخلات حظرها جمع كبير من المثقفين والادباء وفي نهاية الجلسة تم اهداء مجموعة قصصية للأطفال تحمل العبرة والموعظة من تاليف الدكتور توري خضير الشريس.
الثلاثاء، 28 أغسطس 2018
مؤسسة فنون الثقافية العربية : تيه / ومضة رجب الشيخ / العراق ,,,,,,,,,,,,,
مؤسسة فنون الثقافية العربية : تيه / ومضة رجب الشيخ / العراق ,,,,,,,,,,,,,: لسعة من عينيكِ تجعلني أتوه في مجرات الكون يالعينيكِ الخرافية ديموزا ... مثيرة للشغف
مؤسسة فنون الثقافية العربية : مقدمة وقراءة في ديوان السفر يقتات حقائبه / للاستاذ...
مؤسسة فنون الثقافية العربية : مقدمة وقراءة في ديوان السفر يقتات حقائبه / للاستاذ...: شرف لي كتابة مقدمة لعلم من أعلام العراق،الشاعر الكبير عبد الجبار الفياض،لديوان"السفر يقتات حقائبه"الصادر عن دار كيوان في دمشق....
مقدمة وقراءة في ديوان السفر يقتات حقائبه / للاستاذ عبد الجبار الفياض / نجاح ابراهيم / سوريا ,,,,,,,,,,,,,,,
شرف
لي كتابة مقدمة لعلم من أعلام العراق،الشاعر الكبير عبد الجبار
الفياض،لديوان"السفر يقتات حقائبه"الصادر عن دار كيوان في دمشق.
أسرارُ النّخلة
"قصيدة الاختلاف"
مقدّمة صُغرى:
لا تسألوا النّخلةَ عن قامتها،
بل اسألوها عن سرّ دفينٍ تحتفظُ بهِ في أعماقها، حين تسافرُ في عنفوانها وحيدة في مداراتها القصيّة.
مقدّمة كُبرى:
نخلٌ..
نخلٌ..
إنّ قارئ ومواكب قصائد "عبد الجبار الفياض"، يشعرُ بأنّ كلَّ قصيدة له هي عبارة عن نخلة في أرض الشّعر، التي تحبلُ بالضّوء والأناشيد والرّطب والأحاجي..
وكذلك أنا ..
حين أقرأها أشعرُ بنداءات العُلى، فأقفُ على رهبة وأنا أُصغي، وأحسُّ بأنَ للنّخل قامة تجذبُ الأرواحَ للارتقاء ، وأنّ بخوراً ينتشرُ في المكان ، فيتقنُ الطيرانَ في دمي.
لذلك أدخلُ في عالم له طعمُ القداسة ، ورائحةُ مطرٍ في فجرٍ يسبغُ على فضّته أذان يُردّد بخشوع.
فالشّاعر" الفياض" يدسُّ عن خبرة ودراية في حانات القصيدة ضوءاً يُشعلُ راقصات الذّاكرة ليحتفينَ بحياةٍ ماضية وما فيها من قصصٍ وحكاياتٍ وغوايات وخمرٍ ورقصٍ ووجعٍ وفجائع.
ديوانه " السَّفرُ يقتاتُ حقائبَه" يوغلُ بنا في الماضي ، سفراً / لا يخرجُ بحقائبَ حُبلى سفاحاً/ كما المئات من بابا، وإنّما يفرشُ الطرقات للخطو بالحكايات النبيلة، الدّاهشة؛ يلملمُ بخفّ شوقٍ سرداً ماتعاً عبر رحلة جلجامش التي تفتحتْ لها الأبوابُ ومفاتيحُ الجهات الأربع، ليلتمعَ له الحصرمُ عنباً، فيأسو بالضّلال تغرقه فيه " أوروك" ، إلى ذي القروح وهو يوقدُ في كلّ خيمة امرأة وليلةً ماجنة ، لتأتي النّهاية تشبهُ صحراءَ غارقة في الصّفرة والفحيح، إلى بلقيس وهي تتهيأ لارتباطٍ مقدّسٍ بملكٍ بعد وشاية الهدهد، إلى طَرفة وسيرة مولد بين أساطير الأولين وظلال سيوف الآخرين ، يسردها الشاعرُ لنا بسنام ناقة حتى نشهدَ موتاً عملاقاً. إلى سالومي ورأس النبي يحيى على طبق من معدنٍ ثمين، إلى العباسة ، إلى ابن زريق، إلى زرياب وولادة وعروة بن الورد والسّياب....و...
يراودني سؤالٌ:
ما الذي جعل الشاعر ينبشُ الماضي بإرثه ، ويوقظ تلك الشخصيات ؟
أقولُ: إنَّ الشّاعر أعاد تلك الشّخصيات لما لها من حكايات مثيرة يمكن اسقاطها على واقعنا ، ولعله استفاد منها ليخلص إلى رسالةٍ يرغبُ في أن تصلنا؛ خاصة وأنّ ذلك العهد لا يبتعد في أحداثه عن واقعنا، فالشّعر مقيّد بالواقع بكلِّ مستوياته؛ الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، والنصُّ المنتجُ هو ما يفرزه هذا الواقع من خلال عمل إبداعي يعكسُ رؤية الشّاعر بوصفهِ خالقاً للنّصِّ وباعثاً له ، لهذا فإنَّ ما يحدث للذات لا يمكن فصله عما يحدث في المجتمع بصفته فعل وحركة، فهذه الذات تظلُّ في دائرة الحياة المجتمعية يصطبغ النّصُّ بلونها ويأخذ شكلاً من خلال لغة المعاناة والتوظيف المتقن.
فّإذا ما قرأنا قصيدة (اعترافات ابن جلا) لوجدنا أنها تعني كلَّ واحدٍ فينا تسردُ معاناته وتفردُ أحزانه وضياعه في هذا العصر، وما يجري بين جدرانه:
إلى أين تذهبٌ؟
قبورٌ مفتوحةٌ
لا تدري متى تُغلق
نتنفسُ برئةِ زمنٍ
يحرسهُ خوفٌ باردٌ.." ( من قصيدة اعترافات ابن جلا)
إنَّ كل قصيدة للشّاعر الفيّاض تُعدّ وثيقةً إبداعيةً يخالطُ فيها بين الحياة المعاصرة وما تتضمنُ من مجريات ، وبين الحياة السّالفة ، وذلك ليحظى النصُّ على تأثيرٍ شديدٍ في المتلقي ، فما كان قديماً هو متجذّر في مسامه ، يشبه ماءاً ساكناً حرّكه الحاضر حينما أيقظه الشّاعر بتقريه للحياة وسفره الدائم المشهود له ما بين زمن بعيدٍ رافلٍ بإرثه وحاضرٍ جاثم بأحداثه ؛ حتى لكأنَّ السفر أراد أنْ يأكل الحقائب من كثرة لوبانه!
ثمّة بلاغة واضحة كعين الشّمس يتعمدُ الشّاعر الربط ما بين هذين العالمين، أولهما نبش تلك الشخصيات –كما أسلفنا- والارتكاز على سرد أحداثِ حياتها، وثانيهما اصراره على الدلالات والأبعاد التي يرمي من ورائها الكثير.
لهذا نجدُ نصَّ الفياض نصّاً مختلفاً مغايراً، قابلاً للتأويل والاختلاف ،فالنّص الذي سمَته الاختلاف يكون ذا رؤى دلالية ، وفضاءات تأملية مفتوحة، وتجارب عميقة ملتقطة من الواقع ، بيد أنها تلامسهُ فقط لترتقي بالتخييل، ناهيك عن المخزون المعرفي لدى خالق النّص المختلف، ولغته الثرى، وايحاءات عباراته، فالإيحاءات فيه كالنبع تتوالدُ من خلال اللا تحديد في النّسق المضمر، إذ تنبثق دلالات وفيرة ، لهذا يرتقي النصُّ من حالته النثرية إلى الشعرية اللاتحديدية، وهذا يتمُّ عبر القراءات التي تنفتح على تآويل غير قليلة ، إذ لا يقف النصُّ عند إحداها ، وإنّما يستمرُّ مسافراً ومسافراً كالحقائب التي تنفتح على طرقٍ وفضاءات، ولذلك فالشاعر " الفياض" تشكل تجربته الشعرية مساراً نصيّاً مغايراً بتخليقاته الشعرية :
....
أيّها السّيد المطاع بسيفه
ولو أنّ جلدك نفورٌ مما تحت
هلاّ خرجت من ظلمةِ الفوق ومضةَ برق
سلخت طيشك لحظةَ عشقٍ في داخل مضطرب
لعله لغز..
يسهلُ أن تراه نجمةُ صبح...." من قصيدة دموع جلجامش
الخطابُ الشعريُّ لدى "الفياض" يمتازُ بفضاءِ الفكرة والتعبير عن الرّؤيا والوصف، إذ نجده يقودُ ذلك كلّه بلغةٍ سامقة تجلسُ على عرشٍ من لازورد يجمعُ ما بين الخضرة والزُرقة كملكة الماء عابقة بالجزالة والمعنى ، عالية كنخلة في أرض العراق. إننا نلمحُ دونَ عناءٍ ما تحملُ وتتضمنُ من أنساق ملوّنة ومتوهّجة الانسكاب والتراكيب، مما يدفع بالسّرد لأن يكون قائماً على تدفّق العوالم الداخلية والخارجية ، استناداً إلى غزارة المخزون اللغوي الذي يشكّلُ قاعدة متينة للّغة وصورها داخلَ النّصّ وعبر فضائه:
"..
أجْمِل بساعةٍ
وهبت ما أضناه مختصراً في عيونِ امرأة
كأنَّ الشمسَ تكتبُ قصيدةَ شروقها الأوّل لحظة التقيا !
بين ثأرٍ وعشقٍ
يغلقُ صفحة سيفه المهزوم.." من قصيدة "ذو القروح"
أكاد أسمع صوت الشّاعر ذي القروح في قلم " الفياض"، الثائر ضد القبح والظلم عميقاً آتياً من وديان سحيقة لها صدى مؤثرٌ ، ممتلئ بالصدق والرّغبة في التغيير ، وهذا لم يأتِ من فراغٍ، بل من تجارب كبيرة خاضها متوغلاً في عروقها ليستحدثَ موعظة مبطنة بالخلق والأملِ والغدِ الأفضل ، فالشّاعر الفياض " حكيمٌ عن جدارة ؛ ففي كلِّ قصيدة نستطيعُ إيجاد حكمة، نسطرها على جدران وجداننا وذاكرتنا لنستضيء بها:
" السّماءُ لا تبتسم إلاّ قليلاً / الحصرم لا يُعصر خمراً/ كم من نصالٍ تكسّرت على رخامٍ ،كاعب خالطها من السحر جنون؟/ الأقزام لا تتعملق، لكنّ العمالقة لا يتقزّمون/ تعساً لارتقاءٍ على سلّمِ لحمٍ بشريّ/ حاطب ليل بفأس أعمى/ لا يمكن لخنزير أن يرى السّماء !/ لكلّ عاشقة لغة/ سحقاً لميزانٍ بعينٍ واحدة.. الخ..
في قصائد الدّيوان هناكَ شعرٌ ، بل مدى من شعر ، والكلمة فيه تتجاوزُ نفسها ، تتفلتُ من قيودِ حروفها القليلة لتعطي معنىً آخرَ، وصوراً مغايرة ..
فالقصيدة عند " الفياض" تبدو خلقاً فنياً وشعرنة مستمرّة ، وانبعاثات دائمة لأنساق تشكيلية فنية وافرة الإيحاء والرّموز ، تضجُّ بعمق الرّؤية وألق النسق الجمالي لترتقي إلى أعلى كالنخلة التي يستهويها فيروز السماء..
قصائد لا تقيد نفسها في إطار، ولا توجّه البوصلة باتجاه سمتٍ واحد ، ولا تبقى بقالبٍ معين، وإنّما هي في رواح دائم من المتغيرات التشكيلية والأساليب التصويرية الباهرة مما تجعلنا كمتلقين نبحرُ بالعبارة الرّشيقة المكتظة بالمعاني ، تسابقُ الرّيح فنعطّر أوردة ما فينا من حياةٍ لتنبعثَ ألفُ حياة، على الرّغم مما في القصائد من اغترابٍ وانكساراتٍ وقدرٍ ظالم، فرضت كلَّ هذا ظروفٌ قاهرة كالجوع والعطش والحزن ، بيد أنَّ الشّاعر أبرزها ليمرَّ فوقها بما هو آتٍ من أملٍ وبشارات:
" أين ما تمطرين
أنتِ في أرضي
ولو صرعتك ريحٌ في غير هذا .." (من قصيدة العباسة)
قصائد مثقلة بالصّورِ الحيّة ،تجسد الأفكار بشكلٍ باهرٍ ، كلُّ قصيدة تُعدُّ مسرحاً يتلقى القارئُ من خلال المشاهد المتدفقة معاني واسعةَ المدى ، فنسيج القصيدة يتمظهرُ بطريقتين لإبراز المعنى، الأولى بشكلٍ مباشرٍ، والثانية بشكلٍ يتخفى وراء الدّلالة ، وهذا إنْ دلّ على شيءٍ فإنّما يدلُّ على وعي الشّاعر وقدرته على إيصال فكرته بطريقة داهشة ، معبّراً من خلال نصٍّ يفتح المخيلة على برارٍ وأمداءَ من رعاف الجمال.. إنَّ أيَّ نصٍّ لا يخلو من اسقاط دلالي يبرقُ في القصيدة فنستبشر غيثاً، ولعلَّ ما هو لافت وباهر جمال الوصفِ عند الشّاعر إذ ترفلُ كلُّ القصائد بهذا البَهاء الموشى بأقواس قزحٍ اللامعة ، وهذا ما يجعلنا دائماً في حالة ترقب لما في كلِّ حقيبة من حقائب سفره التي نعشق أن تُفتحَ أمام ولعنا:
" رَقصةٌ
كشفتْ عن أنهارٍ لم ترها شمسٌ
فطاشَ على ضفافها كلُّ وقار.." (من قصيدة سالومي)
نصُّ " الفياض" الشّعري كأيّ نصٍّ حَداثي ، يميلُ إلى التعقيدِ والتّشابكِ والانزلاقِ ، أي لا يمنحُ معناه بسهولة ، ولا يرمي بعطره في الأكفِّ ، إنّه صعبٌ لا يستنفذ معانيه تفاسير عدّة ، يحتاجُ كما قلتُ إلى قراءات عديدة ، فالقراءة الأولى تشكُّل جزءاً أو خطوة في فهمه ، ومن المعنى اللانهائي له..
ففي القصيدة لا نقطة توضعُ على السّطر فينتهي الكلام وينام المعنى ، وإنّما ثمّة مدىً مفتوحٌ يشبهُ البحرَ بغناه وهذا يتأتى من كونه نصّاً مستقلاً ، مكتظاً بالقوّة والجمالِ ، زاخراً بما فيه من أيديولوجيا نصيّة:
" عذراً شريان قصائدي
عشّاري على مساحة سريري
أمشيك كلَّ يومٍ بلفافةِ تبغٍ من وريد.." (من قصيدة نقشٌ على شاهدة)
تمتازُ قصائد" السّفر يقتاتُ حقائبه" بمواضيع حياتية مهمّة، موجعة حدَّ الانصعاق ، توخزُ في الدّم حرقة، تصدح ألماً ، ومع ذلك فإنَّ ثراءَ قصيدته ليس بما تحملُ من موضوعٍ غارقٍ في النّبل ولا أفكار وقيم ، ولا بشكلها الجميل المرتدي عباءة معطرّة بالقِدَم فحسب ، وإنّما لما تمورُ به من أسرارٍ عميقة ، وتجربة لافتة ورؤى مغايرة ، لهذا عدّت قصيدته قصيدة الاختلاف، أو نصّ الاختلاف وليس نصّ الاتفاق ، والذي من صفاته العمق لا السطحية، والذي لا يحايث عالماً محدداً ، مدركاً وإنّما ينفتح على عوالم متنابعة ، متجدّدة بدوام تجدّد سيرورتها الوجودية ، لهذا نجده متغيراً ومتناقلاً من الحاضر إلى الآتي، حاملاً معه رؤاه المتفتحة كزهرة.
وبعد:
لقد أنبتَ " الفياض " قصائدَه من تربةِ الماضي الجميل، بكلِّ ما يحملُ من أوجاعٍ وآمال ، ورطب، وحين أترفنا نظرنا بالشّجر العالي ، وجدنا نخلاً مزدحماً بالرُّؤى ، فأدركنا أنَّ الشّاعرَ قرأ العالمَ والتاريخَ والأحداث وكتبَ الأدبِ قراءةً مشحونة بالانفعالات والكلام والأفكار، ثم سمى العالم بأسماء جديدة بعد أن أوصلتها الحقائبُ حيث محطاتنا، وقبيل أن يقتاتها السّفر يعاودُ الشاعرُ اغترافاً جديداً، وإبداعاً جديداً مختلفاً.
نأملُ ألا يقف السّفرُ ذات يوم، لنظلَّ مترقبين الدّهشة والغيثَ وملاحمَ العناق في المحطات ، نكتسي بالنّدى والماء " وهل أجمل من ماءٍ يلبسه حُسْنٌ عارٍ؟!."
نجاح إبراهيم- سورية
٥أسرارُ النّخلة
"قصيدة الاختلاف"
مقدّمة صُغرى:
لا تسألوا النّخلةَ عن قامتها،
بل اسألوها عن سرّ دفينٍ تحتفظُ بهِ في أعماقها، حين تسافرُ في عنفوانها وحيدة في مداراتها القصيّة.
مقدّمة كُبرى:
نخلٌ..
نخلٌ..
إنّ قارئ ومواكب قصائد "عبد الجبار الفياض"، يشعرُ بأنّ كلَّ قصيدة له هي عبارة عن نخلة في أرض الشّعر، التي تحبلُ بالضّوء والأناشيد والرّطب والأحاجي..
وكذلك أنا ..
حين أقرأها أشعرُ بنداءات العُلى، فأقفُ على رهبة وأنا أُصغي، وأحسُّ بأنَ للنّخل قامة تجذبُ الأرواحَ للارتقاء ، وأنّ بخوراً ينتشرُ في المكان ، فيتقنُ الطيرانَ في دمي.
لذلك أدخلُ في عالم له طعمُ القداسة ، ورائحةُ مطرٍ في فجرٍ يسبغُ على فضّته أذان يُردّد بخشوع.
فالشّاعر" الفياض" يدسُّ عن خبرة ودراية في حانات القصيدة ضوءاً يُشعلُ راقصات الذّاكرة ليحتفينَ بحياةٍ ماضية وما فيها من قصصٍ وحكاياتٍ وغوايات وخمرٍ ورقصٍ ووجعٍ وفجائع.
ديوانه " السَّفرُ يقتاتُ حقائبَه" يوغلُ بنا في الماضي ، سفراً / لا يخرجُ بحقائبَ حُبلى سفاحاً/ كما المئات من بابا، وإنّما يفرشُ الطرقات للخطو بالحكايات النبيلة، الدّاهشة؛ يلملمُ بخفّ شوقٍ سرداً ماتعاً عبر رحلة جلجامش التي تفتحتْ لها الأبوابُ ومفاتيحُ الجهات الأربع، ليلتمعَ له الحصرمُ عنباً، فيأسو بالضّلال تغرقه فيه " أوروك" ، إلى ذي القروح وهو يوقدُ في كلّ خيمة امرأة وليلةً ماجنة ، لتأتي النّهاية تشبهُ صحراءَ غارقة في الصّفرة والفحيح، إلى بلقيس وهي تتهيأ لارتباطٍ مقدّسٍ بملكٍ بعد وشاية الهدهد، إلى طَرفة وسيرة مولد بين أساطير الأولين وظلال سيوف الآخرين ، يسردها الشاعرُ لنا بسنام ناقة حتى نشهدَ موتاً عملاقاً. إلى سالومي ورأس النبي يحيى على طبق من معدنٍ ثمين، إلى العباسة ، إلى ابن زريق، إلى زرياب وولادة وعروة بن الورد والسّياب....و...
يراودني سؤالٌ:
ما الذي جعل الشاعر ينبشُ الماضي بإرثه ، ويوقظ تلك الشخصيات ؟
أقولُ: إنَّ الشّاعر أعاد تلك الشّخصيات لما لها من حكايات مثيرة يمكن اسقاطها على واقعنا ، ولعله استفاد منها ليخلص إلى رسالةٍ يرغبُ في أن تصلنا؛ خاصة وأنّ ذلك العهد لا يبتعد في أحداثه عن واقعنا، فالشّعر مقيّد بالواقع بكلِّ مستوياته؛ الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، والنصُّ المنتجُ هو ما يفرزه هذا الواقع من خلال عمل إبداعي يعكسُ رؤية الشّاعر بوصفهِ خالقاً للنّصِّ وباعثاً له ، لهذا فإنَّ ما يحدث للذات لا يمكن فصله عما يحدث في المجتمع بصفته فعل وحركة، فهذه الذات تظلُّ في دائرة الحياة المجتمعية يصطبغ النّصُّ بلونها ويأخذ شكلاً من خلال لغة المعاناة والتوظيف المتقن.
فّإذا ما قرأنا قصيدة (اعترافات ابن جلا) لوجدنا أنها تعني كلَّ واحدٍ فينا تسردُ معاناته وتفردُ أحزانه وضياعه في هذا العصر، وما يجري بين جدرانه:
إلى أين تذهبٌ؟
قبورٌ مفتوحةٌ
لا تدري متى تُغلق
نتنفسُ برئةِ زمنٍ
يحرسهُ خوفٌ باردٌ.." ( من قصيدة اعترافات ابن جلا)
إنَّ كل قصيدة للشّاعر الفيّاض تُعدّ وثيقةً إبداعيةً يخالطُ فيها بين الحياة المعاصرة وما تتضمنُ من مجريات ، وبين الحياة السّالفة ، وذلك ليحظى النصُّ على تأثيرٍ شديدٍ في المتلقي ، فما كان قديماً هو متجذّر في مسامه ، يشبه ماءاً ساكناً حرّكه الحاضر حينما أيقظه الشّاعر بتقريه للحياة وسفره الدائم المشهود له ما بين زمن بعيدٍ رافلٍ بإرثه وحاضرٍ جاثم بأحداثه ؛ حتى لكأنَّ السفر أراد أنْ يأكل الحقائب من كثرة لوبانه!
ثمّة بلاغة واضحة كعين الشّمس يتعمدُ الشّاعر الربط ما بين هذين العالمين، أولهما نبش تلك الشخصيات –كما أسلفنا- والارتكاز على سرد أحداثِ حياتها، وثانيهما اصراره على الدلالات والأبعاد التي يرمي من ورائها الكثير.
لهذا نجدُ نصَّ الفياض نصّاً مختلفاً مغايراً، قابلاً للتأويل والاختلاف ،فالنّص الذي سمَته الاختلاف يكون ذا رؤى دلالية ، وفضاءات تأملية مفتوحة، وتجارب عميقة ملتقطة من الواقع ، بيد أنها تلامسهُ فقط لترتقي بالتخييل، ناهيك عن المخزون المعرفي لدى خالق النّص المختلف، ولغته الثرى، وايحاءات عباراته، فالإيحاءات فيه كالنبع تتوالدُ من خلال اللا تحديد في النّسق المضمر، إذ تنبثق دلالات وفيرة ، لهذا يرتقي النصُّ من حالته النثرية إلى الشعرية اللاتحديدية، وهذا يتمُّ عبر القراءات التي تنفتح على تآويل غير قليلة ، إذ لا يقف النصُّ عند إحداها ، وإنّما يستمرُّ مسافراً ومسافراً كالحقائب التي تنفتح على طرقٍ وفضاءات، ولذلك فالشاعر " الفياض" تشكل تجربته الشعرية مساراً نصيّاً مغايراً بتخليقاته الشعرية :
....
أيّها السّيد المطاع بسيفه
ولو أنّ جلدك نفورٌ مما تحت
هلاّ خرجت من ظلمةِ الفوق ومضةَ برق
سلخت طيشك لحظةَ عشقٍ في داخل مضطرب
لعله لغز..
يسهلُ أن تراه نجمةُ صبح...." من قصيدة دموع جلجامش
الخطابُ الشعريُّ لدى "الفياض" يمتازُ بفضاءِ الفكرة والتعبير عن الرّؤيا والوصف، إذ نجده يقودُ ذلك كلّه بلغةٍ سامقة تجلسُ على عرشٍ من لازورد يجمعُ ما بين الخضرة والزُرقة كملكة الماء عابقة بالجزالة والمعنى ، عالية كنخلة في أرض العراق. إننا نلمحُ دونَ عناءٍ ما تحملُ وتتضمنُ من أنساق ملوّنة ومتوهّجة الانسكاب والتراكيب، مما يدفع بالسّرد لأن يكون قائماً على تدفّق العوالم الداخلية والخارجية ، استناداً إلى غزارة المخزون اللغوي الذي يشكّلُ قاعدة متينة للّغة وصورها داخلَ النّصّ وعبر فضائه:
"..
أجْمِل بساعةٍ
وهبت ما أضناه مختصراً في عيونِ امرأة
كأنَّ الشمسَ تكتبُ قصيدةَ شروقها الأوّل لحظة التقيا !
بين ثأرٍ وعشقٍ
يغلقُ صفحة سيفه المهزوم.." من قصيدة "ذو القروح"
أكاد أسمع صوت الشّاعر ذي القروح في قلم " الفياض"، الثائر ضد القبح والظلم عميقاً آتياً من وديان سحيقة لها صدى مؤثرٌ ، ممتلئ بالصدق والرّغبة في التغيير ، وهذا لم يأتِ من فراغٍ، بل من تجارب كبيرة خاضها متوغلاً في عروقها ليستحدثَ موعظة مبطنة بالخلق والأملِ والغدِ الأفضل ، فالشّاعر الفياض " حكيمٌ عن جدارة ؛ ففي كلِّ قصيدة نستطيعُ إيجاد حكمة، نسطرها على جدران وجداننا وذاكرتنا لنستضيء بها:
" السّماءُ لا تبتسم إلاّ قليلاً / الحصرم لا يُعصر خمراً/ كم من نصالٍ تكسّرت على رخامٍ ،كاعب خالطها من السحر جنون؟/ الأقزام لا تتعملق، لكنّ العمالقة لا يتقزّمون/ تعساً لارتقاءٍ على سلّمِ لحمٍ بشريّ/ حاطب ليل بفأس أعمى/ لا يمكن لخنزير أن يرى السّماء !/ لكلّ عاشقة لغة/ سحقاً لميزانٍ بعينٍ واحدة.. الخ..
في قصائد الدّيوان هناكَ شعرٌ ، بل مدى من شعر ، والكلمة فيه تتجاوزُ نفسها ، تتفلتُ من قيودِ حروفها القليلة لتعطي معنىً آخرَ، وصوراً مغايرة ..
فالقصيدة عند " الفياض" تبدو خلقاً فنياً وشعرنة مستمرّة ، وانبعاثات دائمة لأنساق تشكيلية فنية وافرة الإيحاء والرّموز ، تضجُّ بعمق الرّؤية وألق النسق الجمالي لترتقي إلى أعلى كالنخلة التي يستهويها فيروز السماء..
قصائد لا تقيد نفسها في إطار، ولا توجّه البوصلة باتجاه سمتٍ واحد ، ولا تبقى بقالبٍ معين، وإنّما هي في رواح دائم من المتغيرات التشكيلية والأساليب التصويرية الباهرة مما تجعلنا كمتلقين نبحرُ بالعبارة الرّشيقة المكتظة بالمعاني ، تسابقُ الرّيح فنعطّر أوردة ما فينا من حياةٍ لتنبعثَ ألفُ حياة، على الرّغم مما في القصائد من اغترابٍ وانكساراتٍ وقدرٍ ظالم، فرضت كلَّ هذا ظروفٌ قاهرة كالجوع والعطش والحزن ، بيد أنَّ الشّاعر أبرزها ليمرَّ فوقها بما هو آتٍ من أملٍ وبشارات:
" أين ما تمطرين
أنتِ في أرضي
ولو صرعتك ريحٌ في غير هذا .." (من قصيدة العباسة)
قصائد مثقلة بالصّورِ الحيّة ،تجسد الأفكار بشكلٍ باهرٍ ، كلُّ قصيدة تُعدُّ مسرحاً يتلقى القارئُ من خلال المشاهد المتدفقة معاني واسعةَ المدى ، فنسيج القصيدة يتمظهرُ بطريقتين لإبراز المعنى، الأولى بشكلٍ مباشرٍ، والثانية بشكلٍ يتخفى وراء الدّلالة ، وهذا إنْ دلّ على شيءٍ فإنّما يدلُّ على وعي الشّاعر وقدرته على إيصال فكرته بطريقة داهشة ، معبّراً من خلال نصٍّ يفتح المخيلة على برارٍ وأمداءَ من رعاف الجمال.. إنَّ أيَّ نصٍّ لا يخلو من اسقاط دلالي يبرقُ في القصيدة فنستبشر غيثاً، ولعلَّ ما هو لافت وباهر جمال الوصفِ عند الشّاعر إذ ترفلُ كلُّ القصائد بهذا البَهاء الموشى بأقواس قزحٍ اللامعة ، وهذا ما يجعلنا دائماً في حالة ترقب لما في كلِّ حقيبة من حقائب سفره التي نعشق أن تُفتحَ أمام ولعنا:
" رَقصةٌ
كشفتْ عن أنهارٍ لم ترها شمسٌ
فطاشَ على ضفافها كلُّ وقار.." (من قصيدة سالومي)
نصُّ " الفياض" الشّعري كأيّ نصٍّ حَداثي ، يميلُ إلى التعقيدِ والتّشابكِ والانزلاقِ ، أي لا يمنحُ معناه بسهولة ، ولا يرمي بعطره في الأكفِّ ، إنّه صعبٌ لا يستنفذ معانيه تفاسير عدّة ، يحتاجُ كما قلتُ إلى قراءات عديدة ، فالقراءة الأولى تشكُّل جزءاً أو خطوة في فهمه ، ومن المعنى اللانهائي له..
ففي القصيدة لا نقطة توضعُ على السّطر فينتهي الكلام وينام المعنى ، وإنّما ثمّة مدىً مفتوحٌ يشبهُ البحرَ بغناه وهذا يتأتى من كونه نصّاً مستقلاً ، مكتظاً بالقوّة والجمالِ ، زاخراً بما فيه من أيديولوجيا نصيّة:
" عذراً شريان قصائدي
عشّاري على مساحة سريري
أمشيك كلَّ يومٍ بلفافةِ تبغٍ من وريد.." (من قصيدة نقشٌ على شاهدة)
تمتازُ قصائد" السّفر يقتاتُ حقائبه" بمواضيع حياتية مهمّة، موجعة حدَّ الانصعاق ، توخزُ في الدّم حرقة، تصدح ألماً ، ومع ذلك فإنَّ ثراءَ قصيدته ليس بما تحملُ من موضوعٍ غارقٍ في النّبل ولا أفكار وقيم ، ولا بشكلها الجميل المرتدي عباءة معطرّة بالقِدَم فحسب ، وإنّما لما تمورُ به من أسرارٍ عميقة ، وتجربة لافتة ورؤى مغايرة ، لهذا عدّت قصيدته قصيدة الاختلاف، أو نصّ الاختلاف وليس نصّ الاتفاق ، والذي من صفاته العمق لا السطحية، والذي لا يحايث عالماً محدداً ، مدركاً وإنّما ينفتح على عوالم متنابعة ، متجدّدة بدوام تجدّد سيرورتها الوجودية ، لهذا نجده متغيراً ومتناقلاً من الحاضر إلى الآتي، حاملاً معه رؤاه المتفتحة كزهرة.
وبعد:
لقد أنبتَ " الفياض " قصائدَه من تربةِ الماضي الجميل، بكلِّ ما يحملُ من أوجاعٍ وآمال ، ورطب، وحين أترفنا نظرنا بالشّجر العالي ، وجدنا نخلاً مزدحماً بالرُّؤى ، فأدركنا أنَّ الشّاعرَ قرأ العالمَ والتاريخَ والأحداث وكتبَ الأدبِ قراءةً مشحونة بالانفعالات والكلام والأفكار، ثم سمى العالم بأسماء جديدة بعد أن أوصلتها الحقائبُ حيث محطاتنا، وقبيل أن يقتاتها السّفر يعاودُ الشاعرُ اغترافاً جديداً، وإبداعاً جديداً مختلفاً.
نأملُ ألا يقف السّفرُ ذات يوم، لنظلَّ مترقبين الدّهشة والغيثَ وملاحمَ العناق في المحطات ، نكتسي بالنّدى والماء " وهل أجمل من ماءٍ يلبسه حُسْنٌ عارٍ؟!."
نجاح إبراهيم- سورية
الاثنين، 27 أغسطس 2018
مؤسسة فنون الثقافية العربية : رحلة عشق / للاستاذة وهيبة محمد سكر / جمهورية مصر ا...
مؤسسة فنون الثقافية العربية : رحلة عشق / للاستاذة وهيبة محمد سكر / جمهورية مصر ا...: رحلة عشق من خضم هدير المعاني المشتبكة عن اول الخيط المتلبك ابحث علِِّ أعرف ! مايدور فيَّ !~ والكون المتباطئ في الاسرار في دواخلي~ ...
رحلة عشق / للاستاذة وهيبة محمد سكر / جمهورية مصر العربية ,,,,,,,,,,,,,,,,
رحلة عشق
من خضم هدير المعاني المشتبكة
عن اول الخيط المتلبك ابحث
علِِّ أعرف !
مايدور فيَّ !~
والكون المتباطئ في الاسرار
في دواخلي~
امد يد الروح أبحث عن أول البدء.
عن عشق مازال يبادرني الذكرى
والأماني المتعربشة في ذواتي المنفصمة
المتطابقة المتلاطمة الحيرى!~
مازال نبض الخلايا المنعتقة يهفو
إلى حبيب كان هنا
ومازال الحلاج ينادي في جوفي!!
وابن الفارض!!
للعشق يدعوني
وفي حانة العشاق لاأبوح!~
كؤوس نور!
نور خمري
مابين سماء ندية طرية وارض قاسية رحلاتي!
سحاباتي الطرية تهدهد قدميَّ
وأرض تخربش بقسوتها ذاتي
وطنين عشقي الناقص دوما
فهل يوما
يُكملني؟!~
هل من منهل عذب من نبعه يرويني؟
طال العطش وذابت المهجة والحشاشة
مُد يد الروح وخذني!
إلى ذاك الأخضر الذهبي
وبُراق ينتظرني
عند أول الحائط!~
أتلمس ذا النور الأزهر
وعروج للعلا بعد إسرائي
ووادي طوى والصحف
وابراهيم وفي
وتتعانق روحي بين هنا وهناك
وسدرة المنتهي والصمت حيث لاحيث ولا أين ولا كيف
صمت المنى والروح تصفو تعلو تعود الى الأول
رحلة عشقي لم تزل في أول البدء
بقلم وهيبة سكر
شق ...!!
__________
من خضم هدير المعاني المشتبكة
عن اول الخيط المتلبك ابحث
علِِّ أعرف !
مايدور فيَّ !~
والكون المتباطئ في الاسرار
في دواخلي~
امد يد الروح أبحث عن أول البدء.
عن عشق مازال يبادرني الذكرى
والأماني المتعربشة في ذواتي المنفصمة
المتطابقة المتلاطمة الحيرى!~
مازال نبض الخلايا المنعتقة يهفو
إلى حبيب كان هنا
ومازال الحلاج ينادي في جوفي!!
وابن الفارض!!
للعشق يدعوني
وفي حانة العشاق لاأبوح!~
كؤوس نور!
نور خمري
مابين سماء ندية طرية وارض قاسية رحلاتي!
سحاباتي الطرية تهدهد قدميَّ
وأرض تخربش بقسوتها ذاتي
وطنين عشقي الناقص دوما
فهل يوما
يُكملني؟!~
هل من منهل عذب من نبعه يرويني؟
طال العطش وذابت المهجة والحشاشة
مُد يد الروح وخذني!
إلى ذاك الأخضر الذهبي
وبُراق ينتظرني
عند أول الحائط!~
أتلمس ذا النور الأزهر
وعروج للعلا بعد إسرائي
ووادي طوى والصحف
وابراهيم وفي
وتتعانق روحي بين هنا وهناك
وسدرة المنتهي والصمت حيث لاحيث ولا أين ولا كيف
صمت المنى والروح تصفو تعلو تعود الى الأول
رحلة عشقي لم تزل في أول البدء
بقلم وهيبة سكر
شق ...!!
__________
من خضم هدير المعاني المشتبكة
عن اول الخيط المتلبك ابحث
علِِّ أعرف !
مايدور فيَّ !~
والكون المتباطئ في الاسرار
في دواخلي~
امد يد الروح أبحث عن أول البدء.
عن عشق مازال يبادرني الذكرى
والأماني المتعربشة في ذواتي المنفصمة
المتطابقة المتلاطمة الحيرى!~
مازال نبض الخلايا المنعتقة يهفو
إلى حبيب كان هنا
ومازال الحلاج ينادي في جوفي!!
وابن الفارض!!
للعشق يدعوني
وفي حانة العشاق لاأبوح!~
كؤوس نور!
نور خمري
مابين سماء ندية طرية وارض قاسية رحلاتي!
سحاباتي الطرية تهدهد قدميَّ
وأرض تخربش بقسوتها ذاتي
وطنين عشقي الناقص دوما
فهل يوما
يُكملني؟!~
هل من منهل عذب من نبعه يرويني؟
طال العطش وذابت المهجة والحشاشة
مُد يد الروح وخذني!
إلى ذاك الأخضر الذهبي
وبُراق ينتظرني
عند أول الحائط!~
أتلمس ذا النور الأزهر
وعروج للعلا بعد إسرائي
ووادي طوى والصحف
وابراهيم وفي
وتتعانق روحي بين هنا وهناك
وسدرة المنتهي والصمت حيث لاحيث ولا أين ولا كيف
صمت المنى والروح تصفو تعلو تعود الى الأول
رحلة عشقي لم تزل في أول البدء
بقلم وهيبة سكر
عن اول الخيط المتلبك ابحث
علِِّ أعرف !
مايدور فيَّ !~
والكون المتباطئ في الاسرار
في دواخلي~
امد يد الروح أبحث عن أول البدء.
عن عشق مازال يبادرني الذكرى
والأماني المتعربشة في ذواتي المنفصمة
المتطابقة المتلاطمة الحيرى!~
مازال نبض الخلايا المنعتقة يهفو
إلى حبيب كان هنا
ومازال الحلاج ينادي في جوفي!!
وابن الفارض!!
للعشق يدعوني
وفي حانة العشاق لاأبوح!~
كؤوس نور!
نور خمري
مابين سماء ندية طرية وارض قاسية رحلاتي!
سحاباتي الطرية تهدهد قدميَّ
وأرض تخربش بقسوتها ذاتي
وطنين عشقي الناقص دوما
فهل يوما
يُكملني؟!~
هل من منهل عذب من نبعه يرويني؟
طال العطش وذابت المهجة والحشاشة
مُد يد الروح وخذني!
إلى ذاك الأخضر الذهبي
وبُراق ينتظرني
عند أول الحائط!~
أتلمس ذا النور الأزهر
وعروج للعلا بعد إسرائي
ووادي طوى والصحف
وابراهيم وفي
وتتعانق روحي بين هنا وهناك
وسدرة المنتهي والصمت حيث لاحيث ولا أين ولا كيف
صمت المنى والروح تصفو تعلو تعود الى الأول
رحلة عشقي لم تزل في أول البدء
بقلم وهيبة سكر
مؤسسة فنون الثقافية العربية : همس الموج / قصة قصيرة / صالحة بورخيص/ تونس .,,,,,...
مؤسسة فنون الثقافية العربية : همس الموج / قصة قصيرة / صالحة بورخيص/ تونس .,,,,,...: ١٩ ساعة قصّة بعنوان: همس الموج استدعتْهم قريبتهم ليقضّوا عطلة الصيف بجوارها و ذلك كردّ جميل على مساعدات الأب المتواصلة لها بصفتها وحيدة...
همس الموج / قصة قصيرة / صالحة بورخيص/ تونس .,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
١٩ ساعة
قصّة بعنوان: همس الموج
استدعتْهم قريبتهم ليقضّوا عطلة الصيف بجوارها و ذلك كردّ جميل على مساعدات الأب المتواصلة لها بصفتها وحيدة بدون سند.
من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال مسافة طويلة تدوم ساعات رغم ذلك فإنّ فرحة الجميع بالسفر لا توصف، حلم طالما تمنّوْه إذ أنّهم سيكتشفون لأوّل مرّة سحر العاصمة بأجوائها المختلفة و مسارحها الأثريّة و أسواقها العتيقة ذات الأنهج الضيّقة المزدحمة كما سيتمتّعون بزرقة البحر و رقصات الأمواج.
شعور بالراحة يداعب مشاعر الأمّ بعد رُوتين أنهك قواها و أذْبلها، شمعة تذوب لتضيء، عطاء متواصل لأسرة سرقت منها جمالها و حيويّتها، قلب الأمّ الرّائع ذاك المحرّك الذي لا يكلّ و لا يملّ يستمدّ قوّته من وقود الصّبر و التّفاني.
بدت هادئة تبْعث ببصرها من نافذة الحافلة، تؤلمها مشاهد الطبيعة الجافة بسبب ندرة الأمطار و قد تمدّد زوجها بقربها يجاذبها الحديث ثم ما لبث أن سافر مع النّعاس. ضربات رأس طفلها الذي لم يتجاوز الثلاث سنوات على صدرها تُقلِقها فتَرْبُت عليه ليعود إلى عالم الأحلام.
تمضي بأفكارها و تطول آمالها بطول المسافة، الحافلة تمخر عباب الطريق و أفكارها تمخر سحر الطبيعة، فكلّما اقتربوا أكثر كانت الطبيعة أجمل، ألوان طيف، وشاح من الخضرة يعلو بساط الأرض تزيّنه الأزاهير يسلب بصرها و يطير به بعيدا عن ضوضاء نفسها يحملها على أجنحته إلى عالم الهدوء.
أيقظتْها بعض التحرّكات في صفوف المسافرين، استفاق الأب، نظر إلى السّاعة بيده، أطلّ من النافذة ثم التفت إلى زوجته : لقد وصلنا هيا استعدّوا.
تململت من مقعدها و قد أنهكها الابن الذي رمى بثقله عليها، حرّكته قليلا: أفق بُني، مدَّ يديْن صغيرتين مثقلتيْن ببقايا نعاس، فتح عينا ثم ألحق الأخرى ليترك المجال للضّوء يخترقهما، كثر لغط الركّاب و هم ينزلون الواحد تلْو الآخر ثم سرعان ما تفرّق كلّ إلى وِجهته.
وصلوا المنزل بعد تعب شديد و كانت الشمس قد مالت نحو المغيب. طرق الزوج الباب و بقي ينتظر، أطلّت امرأة نحيفة بوجه يعلوه الإصفرار، رسمت ابتسامة خفيفة على شفتيْها و انحنت تسلم: ابن عمّي... أهلا... أهلا تفضّلوا بالدخول.
غابت لتأتي بكأس و قارورة ماء وضعتهما فوق طاولة صغيرة ثم بدأت تتجاذب أطراف الحديث معهم، بين الحين و الأخر تلوّح بنظرة مُريبة تجاه الأبناء كأنّها أصيبت بالهلع و قد لاحظت الأمّ غرابة في تصرّفها و فتورا في كلامها. انفلت الطفل من بين يديها، مدّ يده الصغيرة إلى مطفأة السّجائر لكنّ يدا أسرع من الرّيح امتدّت لتخطفها: لا تلمسها، انتبهي لطفلك، ثمّ دخلتْ غرْفتها و غابت إلى الأبد، لا كلام و لا ترحيب و لا طعام عدا قارورة الماء المنتصبة فوق الطاولة تشهد أحداث المسرحيّة.
كلّ شيء تسمّر في مكانه و توقّفت عقارب الزمن عن الدّوران، أفواه مشدوهة و عقول مصدومة، نبض سريع يهزّ القلب، شعور بالقلق، لحظات عصِيبة و مدمِّرة لمشاعرهم جمّدت نظراتهم و أخاط الصّمت أفواههم فلم ينطقوا ببنت شفة، هل كانت تكذب عليهم؟
وسط أجواء من الغضب و الإحباط قرّروا أن لا تُفتح حقائب السّفر فسوف يعودون مع حافلة الفجر من حيث أتوْا.
قبل أن يغادروا رافق الأب أبناءه في جولة ليليّة و غابوا في الزِّحام أمّا هي فشعرتْ بالبحر يناديها، اقتربت من الشاطئ، مسَحتْ دمعة سالت بهدوء ثم نظرت إلى الأمواج المتلألئة الرّاقصة تحت الأنوار تُعانق المصطافين و قد حال حظّها التعيس دون تحقيق لحظات فرح كم تمنّت بلوغها.
تسلّلت من تحت غطاء السّماء نسمات أنعشتها فكشفت عن ساقيها فاسحة المجال للموج يلعب بها.
صالحة بورخيص
استدعتْهم قريبتهم ليقضّوا عطلة الصيف بجوارها و ذلك كردّ جميل على مساعدات الأب المتواصلة لها بصفتها وحيدة بدون سند.
من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال مسافة طويلة تدوم ساعات رغم ذلك فإنّ فرحة الجميع بالسفر لا توصف، حلم طالما تمنّوْه إذ أنّهم سيكتشفون لأوّل مرّة سحر العاصمة بأجوائها المختلفة و مسارحها الأثريّة و أسواقها العتيقة ذات الأنهج الضيّقة المزدحمة كما سيتمتّعون بزرقة البحر و رقصات الأمواج.
شعور بالراحة يداعب مشاعر الأمّ بعد رُوتين أنهك قواها و أذْبلها، شمعة تذوب لتضيء، عطاء متواصل لأسرة سرقت منها جمالها و حيويّتها، قلب الأمّ الرّائع ذاك المحرّك الذي لا يكلّ و لا يملّ يستمدّ قوّته من وقود الصّبر و التّفاني.
بدت هادئة تبْعث ببصرها من نافذة الحافلة، تؤلمها مشاهد الطبيعة الجافة بسبب ندرة الأمطار و قد تمدّد زوجها بقربها يجاذبها الحديث ثم ما لبث أن سافر مع النّعاس. ضربات رأس طفلها الذي لم يتجاوز الثلاث سنوات على صدرها تُقلِقها فتَرْبُت عليه ليعود إلى عالم الأحلام.
تمضي بأفكارها و تطول آمالها بطول المسافة، الحافلة تمخر عباب الطريق و أفكارها تمخر سحر الطبيعة، فكلّما اقتربوا أكثر كانت الطبيعة أجمل، ألوان طيف، وشاح من الخضرة يعلو بساط الأرض تزيّنه الأزاهير يسلب بصرها و يطير به بعيدا عن ضوضاء نفسها يحملها على أجنحته إلى عالم الهدوء.
أيقظتْها بعض التحرّكات في صفوف المسافرين، استفاق الأب، نظر إلى السّاعة بيده، أطلّ من النافذة ثم التفت إلى زوجته : لقد وصلنا هيا استعدّوا.
تململت من مقعدها و قد أنهكها الابن الذي رمى بثقله عليها، حرّكته قليلا: أفق بُني، مدَّ يديْن صغيرتين مثقلتيْن ببقايا نعاس، فتح عينا ثم ألحق الأخرى ليترك المجال للضّوء يخترقهما، كثر لغط الركّاب و هم ينزلون الواحد تلْو الآخر ثم سرعان ما تفرّق كلّ إلى وِجهته.
وصلوا المنزل بعد تعب شديد و كانت الشمس قد مالت نحو المغيب. طرق الزوج الباب و بقي ينتظر، أطلّت امرأة نحيفة بوجه يعلوه الإصفرار، رسمت ابتسامة خفيفة على شفتيْها و انحنت تسلم: ابن عمّي... أهلا... أهلا تفضّلوا بالدخول.
غابت لتأتي بكأس و قارورة ماء وضعتهما فوق طاولة صغيرة ثم بدأت تتجاذب أطراف الحديث معهم، بين الحين و الأخر تلوّح بنظرة مُريبة تجاه الأبناء كأنّها أصيبت بالهلع و قد لاحظت الأمّ غرابة في تصرّفها و فتورا في كلامها. انفلت الطفل من بين يديها، مدّ يده الصغيرة إلى مطفأة السّجائر لكنّ يدا أسرع من الرّيح امتدّت لتخطفها: لا تلمسها، انتبهي لطفلك، ثمّ دخلتْ غرْفتها و غابت إلى الأبد، لا كلام و لا ترحيب و لا طعام عدا قارورة الماء المنتصبة فوق الطاولة تشهد أحداث المسرحيّة.
كلّ شيء تسمّر في مكانه و توقّفت عقارب الزمن عن الدّوران، أفواه مشدوهة و عقول مصدومة، نبض سريع يهزّ القلب، شعور بالقلق، لحظات عصِيبة و مدمِّرة لمشاعرهم جمّدت نظراتهم و أخاط الصّمت أفواههم فلم ينطقوا ببنت شفة، هل كانت تكذب عليهم؟
وسط أجواء من الغضب و الإحباط قرّروا أن لا تُفتح حقائب السّفر فسوف يعودون مع حافلة الفجر من حيث أتوْا.
قبل أن يغادروا رافق الأب أبناءه في جولة ليليّة و غابوا في الزِّحام أمّا هي فشعرتْ بالبحر يناديها، اقتربت من الشاطئ، مسَحتْ دمعة سالت بهدوء ثم نظرت إلى الأمواج المتلألئة الرّاقصة تحت الأنوار تُعانق المصطافين و قد حال حظّها التعيس دون تحقيق لحظات فرح كم تمنّت بلوغها.
تسلّلت من تحت غطاء السّماء نسمات أنعشتها فكشفت عن ساقيها فاسحة المجال للموج يلعب بها.
صالحة بورخيص
التعليقات
اكتب تعليقًا...
مؤسسة فنون الثقافية العربية : ((هذيان الرياء )) / سالم الزيدي / العراق ,,,,,,,,,...
مؤسسة فنون الثقافية العربية : ((هذيان الرياء )) / سالم الزيدي / العراق ,,,,,,,,,...: ((هذيان الرياء )) تبصراته قلقة عند ارتداء عباءة الهذيان البغضاء في انتظار موت الذاكرة لزمن الجرأة وعذابات السفر لمجالسة الأرواح ملطغ...
((هذيان الرياء )) / سالم الزيدي / العراق ,,,,,,,,,,,,,,
((هذيان الرياء ))
تبصراته قلقة عند ارتداء عباءة الهذيان
البغضاء في انتظار موت الذاكرة
لزمن الجرأة وعذابات السفر لمجالسة الأرواح
ملطغة الوجوه بالوحل المغمس
بدماء ضحايا العنف الجنسي للقردة والحمير
تتفجر بيوت الغجر المكابرة بالرقص والحب وصوت سورية ذات العينين السوداوتين العاشقة للحرية
المقابر ترفض الموتى الاحياء
في ظل الجوع والظما وانين العاهرة الشمطاء وضوضاءسباق الخيل والقناديل مات الضوء. فيها.
تتلاقى الملائكة في حلبة الملائكة
والدراويش يتزاحمون عند صالونات الحلاقة والتجميل
مافون ذاك الساحر؛ حفار القبور
يفكر؛ينتظر. الموتى؛ مشغول
بكتابة ال.... وزرع الانتقام وارتداء الملابس المزينة بالنياشين والأوسمة والاسنان
الذهبية والاختام والقرع على الدفوف....
يدندن فرحا عند وضع سبابته في مؤخرة الموتى..
غرائز اليقظة في كبرياء الخرافة والتأمل
عند لحظة الجنون تموت الذاكرة و يبدأ الهذيان
تبصراته قلقة عند ارتداء عباءة الهذيان
البغضاء في انتظار موت الذاكرة
لزمن الجرأة وعذابات السفر لمجالسة الأرواح
ملطغة الوجوه بالوحل المغمس
بدماء ضحايا العنف الجنسي للقردة والحمير
تتفجر بيوت الغجر المكابرة بالرقص والحب وصوت سورية ذات العينين السوداوتين العاشقة للحرية
المقابر ترفض الموتى الاحياء
في ظل الجوع والظما وانين العاهرة الشمطاء وضوضاءسباق الخيل والقناديل مات الضوء. فيها.
تتلاقى الملائكة في حلبة الملائكة
والدراويش يتزاحمون عند صالونات الحلاقة والتجميل
مافون ذاك الساحر؛ حفار القبور
يفكر؛ينتظر. الموتى؛ مشغول
بكتابة ال.... وزرع الانتقام وارتداء الملابس المزينة بالنياشين والأوسمة والاسنان
الذهبية والاختام والقرع على الدفوف....
يدندن فرحا عند وضع سبابته في مؤخرة الموتى..
غرائز اليقظة في كبرياء الخرافة والتأمل
عند لحظة الجنون تموت الذاكرة و يبدأ الهذيان
الأحد، 26 أغسطس 2018
مؤسسة فنون الثقافية العربية : عروض خارج التغطية ) مقال / الاستاذ وهاب السيد / ا...
مؤسسة فنون الثقافية العربية : عروض خارج التغطية ) مقال / الاستاذ وهاب السيد / ا...: عروض خارج التغطية ) مقال / الاستاذ وهاب السيد حين تتأزم الامور في بلد ما وتسوء حالة وطن , وتظطرب جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادي...
عروض خارج التغطية ) مقال / الاستاذ وهاب السيد / العراق ,,,,,,,,,,,,,,
عروض خارج التغطية )
مقال / الاستاذ وهاب السيد
حين تتأزم الامور في بلد ما وتسوء حالة وطن , وتظطرب جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية , وحين تنتكس راية الحرية ويتراجع الجمال , ينبري عندها المثقفون , فنانين وادباء في مهمة وواجب وطني واخلاقي .
مقال / الاستاذ وهاب السيد
حين تتأزم الامور في بلد ما وتسوء حالة وطن , وتظطرب جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية , وحين تنتكس راية الحرية ويتراجع الجمال , ينبري عندها المثقفون , فنانين وادباء في مهمة وواجب وطني واخلاقي .
الفنون بكل تشكلاتها وتنوعها هي صورة لاظهار وتجسيد واقع ما وايجاد الحلول
المناسبة من خلال العملية الفنية والاداب بجميع صورها والتي هي انعكاس
لذلك الواقع بكل تفاصيله واحداثه ووقائعه .
وعلى هذه الاسس تتكون مهمة الفن والفنان والادب والاديب سمة وطنية مخلصة بناءة ناقدة ومشخصة نحو تقويم وتعديل وتصحيح المسارات الخاطئة في الحياة والمجتمع معا .
وعلى هذه المبادئي يتشكل العرض الفني والادبي ليصير فاعلا مشاركا مضيفا ودافعا محركا اذا حط وسط الناس والمجتمعات , اما اذا ظل حبيس التجمعات الثقافية النخبوية بعيدا عن الحياة فأنه لايعتبر فنا ولا ادبا معبرا عن الحياة ومن الحياة , وهذا ماتفعله بعض الاوساط والكروبات الفنية والادبية في عروضها الخاصة جدا ودعواتها الخاصة جدا !
وعلى هذه الاسس تتكون مهمة الفن والفنان والادب والاديب سمة وطنية مخلصة بناءة ناقدة ومشخصة نحو تقويم وتعديل وتصحيح المسارات الخاطئة في الحياة والمجتمع معا .
وعلى هذه المبادئي يتشكل العرض الفني والادبي ليصير فاعلا مشاركا مضيفا ودافعا محركا اذا حط وسط الناس والمجتمعات , اما اذا ظل حبيس التجمعات الثقافية النخبوية بعيدا عن الحياة فأنه لايعتبر فنا ولا ادبا معبرا عن الحياة ومن الحياة , وهذا ماتفعله بعض الاوساط والكروبات الفنية والادبية في عروضها الخاصة جدا ودعواتها الخاصة جدا !
مؤسسة فنون الثقافية العربية : رثاء دياك / نص للاستاذ وهاب السيد / العراق ,,,,,,,...
مؤسسة فنون الثقافية العربية : رثاء دياك / نص للاستاذ وهاب السيد / العراق ,,,,,,,...: _ رثاء ديك _ اخافٌ عليكِ من وجعي , ومن خفق الورود في عناد اللقاء , فليس الباب من يوصدني اليك , ولامدناً تكحلها المسافات . . ...
رثاء دياك / نص للاستاذ وهاب السيد / العراق ,,,,,,,,,,,,,
_ رثاء ديك _
اخافٌ عليكِ من وجعي ,
ومن خفق الورود في عناد اللقاء ,
اخافٌ عليكِ من وجعي ,
ومن خفق الورود في عناد اللقاء ,
فليس الباب من يوصدني اليك , ولامدناً تكحلها المسافات .
.
ليس من يعترض في الروح الندم ,
اشحٌ بالكلمات , والقلب يحترق !
ووجهي الذي نام في المحراب ,
ايهذا الصوت افق ,اأرثيك ام وطنا للعزاء ,
اشيح بالحروف , كي لاتوقظ الذنوب ,
وانت , خلف النوافذ تمكثين , اغنيةً , او صلاةً , او نشيد ,
خلف النوافذ تسمرت العيون ,
لاقيم اليوم سرادقا للعزاء ,
فالديك الذي كان ثالثنا , من عللٍ ماتَ ,
وكثرة الاحتجاج !
من مجموعتي الشعرية ( شكوى في حضرة الرب )
.
ليس من يعترض في الروح الندم ,
اشحٌ بالكلمات , والقلب يحترق !
ووجهي الذي نام في المحراب ,
ايهذا الصوت افق ,اأرثيك ام وطنا للعزاء ,
اشيح بالحروف , كي لاتوقظ الذنوب ,
وانت , خلف النوافذ تمكثين , اغنيةً , او صلاةً , او نشيد ,
خلف النوافذ تسمرت العيون ,
لاقيم اليوم سرادقا للعزاء ,
فالديك الذي كان ثالثنا , من عللٍ ماتَ ,
وكثرة الاحتجاج !
من مجموعتي الشعرية ( شكوى في حضرة الرب )
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)