دراستي النقدية لرواية بستان الياسمين للروائي ناطق خلوصي المنشورة في جريدة الصباح الجديد ليوم الخميس 26-4-2018
الحاضر أبنٌ للماضي في .. بستان الياسمين
دراسة نقدية يوسف عبود جويعد
الحاضر أبنٌ للماضي في .. بستان الياسمين
دراسة نقدية يوسف عبود جويعد
في جانب من الأحداث التي تضمها رواية ( بستان الياسمين ) للروائي ناطق
خلوصي , تشابه غريب يثير التساؤل بين هذا النص ,وروايته السابقة (تفاحة
حواء ), ففي الثانية نجد علاقة شبه جنسية تنشأ بين الأب وزوجة الابن , وتصل
تلك العلاقة حد إرتكاب الخطيئة , الا أن الأب يقود دفة المبادرة , ويحاول
قدر استطاعته أن يتنصل من تلك الممارسة المحرمة , ويتجنبها , رغم الرغبة
الملحة لزوجة الابن أن تسير في هذا الدرب المريب الى نهايته , ونجد في هذا
النص عودة هذه العلاقة بين ( سهير ) زوجة الابن , وعمها الذي يترك لها
الحبل على الغارب , وتكاد ان تكون قاب قوسين او ادنى لإرتكاب هذه الخطيئة ,
فيوقف عمها هذا الاندفاع ويحد منه , دون أن نجد أي رد فعل من عمها , او
غضب أو انفعال, بل أن العلاقة ظلت في مخيلتها , وحلم من أحلامها , التي
لايمكن لها أن تتحقق , وكذلك الإشارة الواضحة في اكثر من موضع في النص ,
والتي تؤكد أن الروائي عمد أن تكون تلك الاحداث متشابهة ومكررة بعض الشيء
,حيث ورد نصاً (أن الحاضر ابن للماضي ) , ونجد إيضاً ورود ذكر رواية (
تفاحة حواء ) في هذا النص ( - ما ذلك الكتاب ؟
- رواية
- سألها وقد جلس على مقعد قريب
- ما عنوانها ؟
- تفاحة حواء
- من أين جاءتكم ؟
- اعتقد أن وائل اشتراها من شارع المتنبي
ضحك
- لماذا لا تقولين أنه أخذها من مكتبتي ؟ ألم تقرأي الإهداء ) ص 49
وأن سهير زوجة أبنه , قرأتها لأن احداثها فيها شبه كبير من حياتها , وهذا أيضاً يؤكد لنا أن الروائي عمد أن تكون بعض احداث هذه الرواية , وخاصة في الجزء الذي يتعلق بزوجة الابن وتعلقها بعمها (الذي هو أب زوجها ) لما يحمل من سمات وصفات وتصرفات واخلاق , تشعر من خلالها بأنه فارس أحلامها التي تتمناه , من هنا نعرف جيداً أن الروائي أراد إيصال رسالة غاية في الاهمية , وهي موجهة للإبناء قبل الاباء , مفادها أن عليهم إملاء مكانتهم كأزواج , ويجب الإهتمام بالمرأة , ومعاملتها بكل رفق وحنان , وتحقيق ما تطمح إليه كل زوجة بأن يكون الزوج هو فارس أحلامها دون سواه , حتى لا تنحرف افكارها وتصاب بخيبة أمل , وتظل تطوف بمشاعرها باحثة عن من يسد هذا الفراغ العاطفي المهم . ومن خلال رسم ملامح شخصية الاب ( مسعود المسعود) الشاعر الكبير والمعروف , وحسن تصرفه , وأناقته وتعامله الصحيح مع النصف الآخر , فهو يعيش أكثر من علاقة عاطفية , ولكن من جانب واحد فقد , وهو يعرف جيداً أن أي إمرأة تتعرف عليه ستكون أسيرة لحبه , وتقع بحبائل العاطفة , وتتمنى أن تعيش معه ليلة حمراء, فليس سهير وحدها من دخلت هذا المضمار , إذ أن سارة طالبة الماجستير , والتي إختارت أن تكون رسالة تخرجها عن الشاعر (مسعود المسعود ) , وتستطيع تلك الطالبة أن تستدل على عنوانه , من خلال إحدى قريباته , وتحاول أن تتقرب إليه , واغراءه بكل الطرق حتى بالمال , من أجل أن تفوز به , إلا أنه ومن خلال خبرته الطويلة , ومعرفته المسبقة بهذا الامر يتنصل منها هي الأخرى , ويجعلها تهتم برسالة الماجستير التي حضرت الى بيته من اجلها , ثم نتعرف على ميس إبنة الغانية ربيعة في بيروت , إلا أنه يسقط في الرذيلة مع ربيعة , وكذلك إبنتها ميس , التي ادعت انها حامل منه , هذه العلاقات العاطفية المرتبكة , يضعها الروائي ناطق خلوصي في أحداث متسلسلة متناسقة , شيقة , متصلة , دون إنقطاع او إنتقالات كبيرة , كما هو شأن اغلب صناع الرواية , كونه لم يكن بحاجة الى تلك الانتقالات الكبيرة في الفصول , كون احداث هذا النص , تتطلب منه , أن تكون الاحداث ملتصقة متقاربة مع بعضها , حتى إنه إذا إحتاج الى إنتقالة فأنه يضمها ضمن الفصل الواحد , إختزالاً وتكثيفاً , مراعاة لإهتمام المتلقي , الذي يفضل مواصلة متابعة الاحداث بنفس متصل , وقد إعتمد على الحوار بإدارة دفة الاحداث , وجعله موازياً للوصف فيها , وبالرغم من تلك العلاقات العاطفية التي مررنا بها , إلا أن الاب يحاول قدر الامكان المحافظة على اسرته وعدم تفكيكها وتمتين روابطها الاسرية , بل أنه يذهب الى أبعد عن هذا بكثير , إذ أنه يعمد ( أي الاب ) أن يجد الحياة البديلة , لما يدورفي هذا البلد من فوضى وتخبط في أن يختار قطعة ارض في حي مبتعد عن تلك الفوضى , ويزرع بستان من ورد الياسمين ويشيد فيه بيت , ويهيأ له كل مستلزمات الحياة الآمنة , رغم فقدانها, وهو رمز كبير للحياة التي يجب أن نعيشها , ونلعن هذا الخراب والى الابدا , ونكون في هذا النص مع مسارات سردية تتشكل لتكوّن المبنى السردي , منها :
علاقة الاب مع طالبة الماجستير وإسرتها , وبالاخص والدها سارق المال العام سميح الوادي , وهو شخصية متنفذة في السلطة
علاقة الاب مع سهير زوجة إبنه وائل
علاقة الاب مع ربيعة وإبنتها ميس
علاقة الاب بإسرته , التي نستشف منها , المعاني الحقيقية لشخصية الاب , وهو يكد ويتعب من اجل توفير حياة رغيدة لإسرته , والاهتمام بهم , كما نعيش تفاصيل خطوبة وزواج إبنه الثاني نائل, من إبنة عمه , والتواصل مع دكتور وائل إبنه الكبير , الذي هاجر الى لندن هارباً من تهديدات ووحشية , بعض القبائل والتي تتقصد أن تلقي اللوم على الطبيب عند وفاة أحد أقاربهم في المستشفى , وهي حالة اصبحت ظاهرة , وصار الاطباء مهددون بها لمقاضاتهم عشائرياً بحجة أنه هو السبب في وفاة هذا المريض , ومحاولة شد إهتمام سهير بإسرتها من خلال الاهتمام بها بدلاً من الدكتوروائل المنشغل بالمستشفى والذي يعيش علاقة هو ايضاً مع ممرضة هندية , إذ يقوم الاب بتذكيرها بإنوثتها وجمالها وجعلها متصلة بحلمها الكبير , ولم يغفل الروائي مهمته بفن صناعة الرواية , بضرورة جعل تلك المحاور دوائر تتسع وتكبر , وتحتدم الاحداث فيها وتتصاعد , فحكاية الطالبة سارة يكتشف أمرها بأن من يساهم في كتابة رسالتها هو الدكتور اشرف والمشرف على رسالتها , وتنتهي بالفشل الذريع وإنهيارها امام لجنة المناقشة (- السؤال موجه الى الباحثة وليس الى الاستاذ المشرف
والباحثة لا تقوى على أن تأتي برد يتوفر على ادنى درجات القدرة على إقناع خمس أساتذة أجلاء , فيختلط الامر على المشرف وتذهب كل جهوده لإنقاذ الباحثة سدى , وها أن وجهها يشحب وتخور قواها ويرتعش صوتها قبل ان تنهار على الارض ) ص 210
, ويلقى القبض على الحوت الكبير سارق المال العام لفساده , وينهي الاب مشكلة ميس التي ادعت بإنها حامل منه , بأن ينتظر لحين ولادتها وعرضه للفحص للتأكد من ادعائها , وترتكب سهير زوجة الابن الخطيئة مع نبيل زوج رفيف إبنة مسعود المسعود , وهو بهذا يشير الى خطورة تلك العلاقة الزوجية , وإهمال الزوجة لزوجته وعدم الاهتمام بها , فأن النتيجة ستكون سيئة , ويحاول الاب ردم كل الهوات التي من شأنها تفكيك تلك الاسرة ,
( قرر أن يسهر أمام الحاسبة حتى وقت متأخر ليتابع ما تنشره الصحف التي تصدر في اليوم التالي من اخبار . وإذ فعل ذلك قرأ في الصفحة الاولى لإحدى الصحف , وبمانشيت عريض : حوت المال العام سميح الوادي يصاب بالشلل قبل حضوره جلسات التحقيق معه بتهم الاستحواذ غير المشروع على المال العام !
إستلقى على سريره ووجد أن عليه هو الآخر أن يبدأ بمحاكمة نفسه الآن .) ص213
رواية (بستان الياسمين ) للروائي ناطق خلوصي , تقدم لنا بستان الياسمين ,بديلاً لهذه الحياة المتخبطة الخربة , بأسلوب رشيق مشذب مختصر مختزل , وبنفس متصل دون إنقطاع , وتواتر وإحتدام وتصاعد , وبلغة سحرية عدت لهذا النص
- رواية
- سألها وقد جلس على مقعد قريب
- ما عنوانها ؟
- تفاحة حواء
- من أين جاءتكم ؟
- اعتقد أن وائل اشتراها من شارع المتنبي
ضحك
- لماذا لا تقولين أنه أخذها من مكتبتي ؟ ألم تقرأي الإهداء ) ص 49
وأن سهير زوجة أبنه , قرأتها لأن احداثها فيها شبه كبير من حياتها , وهذا أيضاً يؤكد لنا أن الروائي عمد أن تكون بعض احداث هذه الرواية , وخاصة في الجزء الذي يتعلق بزوجة الابن وتعلقها بعمها (الذي هو أب زوجها ) لما يحمل من سمات وصفات وتصرفات واخلاق , تشعر من خلالها بأنه فارس أحلامها التي تتمناه , من هنا نعرف جيداً أن الروائي أراد إيصال رسالة غاية في الاهمية , وهي موجهة للإبناء قبل الاباء , مفادها أن عليهم إملاء مكانتهم كأزواج , ويجب الإهتمام بالمرأة , ومعاملتها بكل رفق وحنان , وتحقيق ما تطمح إليه كل زوجة بأن يكون الزوج هو فارس أحلامها دون سواه , حتى لا تنحرف افكارها وتصاب بخيبة أمل , وتظل تطوف بمشاعرها باحثة عن من يسد هذا الفراغ العاطفي المهم . ومن خلال رسم ملامح شخصية الاب ( مسعود المسعود) الشاعر الكبير والمعروف , وحسن تصرفه , وأناقته وتعامله الصحيح مع النصف الآخر , فهو يعيش أكثر من علاقة عاطفية , ولكن من جانب واحد فقد , وهو يعرف جيداً أن أي إمرأة تتعرف عليه ستكون أسيرة لحبه , وتقع بحبائل العاطفة , وتتمنى أن تعيش معه ليلة حمراء, فليس سهير وحدها من دخلت هذا المضمار , إذ أن سارة طالبة الماجستير , والتي إختارت أن تكون رسالة تخرجها عن الشاعر (مسعود المسعود ) , وتستطيع تلك الطالبة أن تستدل على عنوانه , من خلال إحدى قريباته , وتحاول أن تتقرب إليه , واغراءه بكل الطرق حتى بالمال , من أجل أن تفوز به , إلا أنه ومن خلال خبرته الطويلة , ومعرفته المسبقة بهذا الامر يتنصل منها هي الأخرى , ويجعلها تهتم برسالة الماجستير التي حضرت الى بيته من اجلها , ثم نتعرف على ميس إبنة الغانية ربيعة في بيروت , إلا أنه يسقط في الرذيلة مع ربيعة , وكذلك إبنتها ميس , التي ادعت انها حامل منه , هذه العلاقات العاطفية المرتبكة , يضعها الروائي ناطق خلوصي في أحداث متسلسلة متناسقة , شيقة , متصلة , دون إنقطاع او إنتقالات كبيرة , كما هو شأن اغلب صناع الرواية , كونه لم يكن بحاجة الى تلك الانتقالات الكبيرة في الفصول , كون احداث هذا النص , تتطلب منه , أن تكون الاحداث ملتصقة متقاربة مع بعضها , حتى إنه إذا إحتاج الى إنتقالة فأنه يضمها ضمن الفصل الواحد , إختزالاً وتكثيفاً , مراعاة لإهتمام المتلقي , الذي يفضل مواصلة متابعة الاحداث بنفس متصل , وقد إعتمد على الحوار بإدارة دفة الاحداث , وجعله موازياً للوصف فيها , وبالرغم من تلك العلاقات العاطفية التي مررنا بها , إلا أن الاب يحاول قدر الامكان المحافظة على اسرته وعدم تفكيكها وتمتين روابطها الاسرية , بل أنه يذهب الى أبعد عن هذا بكثير , إذ أنه يعمد ( أي الاب ) أن يجد الحياة البديلة , لما يدورفي هذا البلد من فوضى وتخبط في أن يختار قطعة ارض في حي مبتعد عن تلك الفوضى , ويزرع بستان من ورد الياسمين ويشيد فيه بيت , ويهيأ له كل مستلزمات الحياة الآمنة , رغم فقدانها, وهو رمز كبير للحياة التي يجب أن نعيشها , ونلعن هذا الخراب والى الابدا , ونكون في هذا النص مع مسارات سردية تتشكل لتكوّن المبنى السردي , منها :
علاقة الاب مع طالبة الماجستير وإسرتها , وبالاخص والدها سارق المال العام سميح الوادي , وهو شخصية متنفذة في السلطة
علاقة الاب مع سهير زوجة إبنه وائل
علاقة الاب مع ربيعة وإبنتها ميس
علاقة الاب بإسرته , التي نستشف منها , المعاني الحقيقية لشخصية الاب , وهو يكد ويتعب من اجل توفير حياة رغيدة لإسرته , والاهتمام بهم , كما نعيش تفاصيل خطوبة وزواج إبنه الثاني نائل, من إبنة عمه , والتواصل مع دكتور وائل إبنه الكبير , الذي هاجر الى لندن هارباً من تهديدات ووحشية , بعض القبائل والتي تتقصد أن تلقي اللوم على الطبيب عند وفاة أحد أقاربهم في المستشفى , وهي حالة اصبحت ظاهرة , وصار الاطباء مهددون بها لمقاضاتهم عشائرياً بحجة أنه هو السبب في وفاة هذا المريض , ومحاولة شد إهتمام سهير بإسرتها من خلال الاهتمام بها بدلاً من الدكتوروائل المنشغل بالمستشفى والذي يعيش علاقة هو ايضاً مع ممرضة هندية , إذ يقوم الاب بتذكيرها بإنوثتها وجمالها وجعلها متصلة بحلمها الكبير , ولم يغفل الروائي مهمته بفن صناعة الرواية , بضرورة جعل تلك المحاور دوائر تتسع وتكبر , وتحتدم الاحداث فيها وتتصاعد , فحكاية الطالبة سارة يكتشف أمرها بأن من يساهم في كتابة رسالتها هو الدكتور اشرف والمشرف على رسالتها , وتنتهي بالفشل الذريع وإنهيارها امام لجنة المناقشة (- السؤال موجه الى الباحثة وليس الى الاستاذ المشرف
والباحثة لا تقوى على أن تأتي برد يتوفر على ادنى درجات القدرة على إقناع خمس أساتذة أجلاء , فيختلط الامر على المشرف وتذهب كل جهوده لإنقاذ الباحثة سدى , وها أن وجهها يشحب وتخور قواها ويرتعش صوتها قبل ان تنهار على الارض ) ص 210
, ويلقى القبض على الحوت الكبير سارق المال العام لفساده , وينهي الاب مشكلة ميس التي ادعت بإنها حامل منه , بأن ينتظر لحين ولادتها وعرضه للفحص للتأكد من ادعائها , وترتكب سهير زوجة الابن الخطيئة مع نبيل زوج رفيف إبنة مسعود المسعود , وهو بهذا يشير الى خطورة تلك العلاقة الزوجية , وإهمال الزوجة لزوجته وعدم الاهتمام بها , فأن النتيجة ستكون سيئة , ويحاول الاب ردم كل الهوات التي من شأنها تفكيك تلك الاسرة ,
( قرر أن يسهر أمام الحاسبة حتى وقت متأخر ليتابع ما تنشره الصحف التي تصدر في اليوم التالي من اخبار . وإذ فعل ذلك قرأ في الصفحة الاولى لإحدى الصحف , وبمانشيت عريض : حوت المال العام سميح الوادي يصاب بالشلل قبل حضوره جلسات التحقيق معه بتهم الاستحواذ غير المشروع على المال العام !
إستلقى على سريره ووجد أن عليه هو الآخر أن يبدأ بمحاكمة نفسه الآن .) ص213
رواية (بستان الياسمين ) للروائي ناطق خلوصي , تقدم لنا بستان الياسمين ,بديلاً لهذه الحياة المتخبطة الخربة , بأسلوب رشيق مشذب مختصر مختزل , وبنفس متصل دون إنقطاع , وتواتر وإحتدام وتصاعد , وبلغة سحرية عدت لهذا النص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق