الخميس، 26 أبريل 2018

قراءة سريعة لنص الاديبة السورية جوليا علي / باسم الفضلي / العراق ,,,,,,,,,,,,

قراءة سريعة لنص الاديبة السورية جوليا علي :
"قارب الصمت"

ذاكرتي الممتلئة بها؛ بل بكل ملامحها، تدفعني إلى الهرب في دروب مجهولة، ومع كل خطوة تتعثر بي بقايا ذاكرتي،التي تأبى إلا أن تسبق خطواتي، وتتشبث بقدمي، فأضطر للوقوف في محطات، طالما أطلنا فيها الوقوف معا.
قبل أن تطأ قدماي عتبة ذلك المصح، كنت أحمل مرآة الجنون، مرآة متكسرة كأمواج، تعاقبها الريح بجلدات قاسية، فأرى في سطحها ألف وجه ووجه؛ وجوه يشبه بعضها بعضا، وجوه يخدع بعضها بعضا، يتماهى كل وجه، ليجد موطئ قدم، ليعبر إلى الجانب الآخر؛ بحثا عن الأمان.حدثني وجه كان عالقا على قطعة مرآة صغيرة، وقبل أن يكمل جملته، سقطت تحت أقدام بقية الوجوه العالقة في المرآة. ضاع صوته، ولم يبق منه سوى الطنين، كذبابة حائرة تبحث عن منفذ للهرب، ولكن سرعان ما هربت ذاكرتي، قبل ساقي، خارج الباب الكبير للمصح؛ ربما أرادت أن تتحرر من أسواره. إلا أنني كنت مثلها، أهرب في دروب مجهولة؛ مقتفيا أثرها؛ فربما ألتقي بمن امتلأت بكل ملامحها ذاكرتي.
بعد أيام من البحث، وجدتني أطفو على بحر الصمت. وإذ بذاكرتي، هي أيضا، تبحر بقارب بلا ربان.
مر القارب بالقرب من جسدي الممدد مستهزئا: قارب الصمت لا يتسع لشخصين.
.............
القراءة :
استوقفني الشكل فهو يجمع بين السرد القصصي والشعري : تطورية الحدث من ( قبل أن تطأ قدماي عتبة ذلك المصح) ، الى نهاية النص ، هو بناء قصي محكم الترابط / تصاعد حكائي ، تسلسل في نمو الفكرة ، توقع / تحقق ، في اطار حكائي تلعب ( انا ) الكاتب دور الراوية التي تجتهد ان تكون موضوعية لخلق مجال حدثي جاذب للقارئ كي ياحبها في رحلتها الميتافيزيقية القريبة من السريلة ، وهو غير عارف لما ستؤول اليه الاحداث ، اما مدخل النص فهو سرد يجنح للشعرية بلغته وصوره الاشاراتية وتلميحاته غير الواقعية لمكزمان خيالي منفلت من منطقية الملموس / المحدود ، انا امام لوحة فنتازية رغم لامالوفية دلالاتها وغرائبية بنيتها السيميائية ، الا انها لذيذة الالفة كأنها بهدوء عوالمها ولاوحشية مفرداتها ، ترسم لنا صورة لاغوارنا ( المصح اللاشعوري المختزن في الذاكرة ) المتلاطمة الهواجس ، المتقابلة المشاعر ، المغلولة الرغبات ، المزروعة بوجوه ( الرقباء )/ من كل المعاني ،تراقب كل نبض فينا مهما كانت مدفونة في اعماقنا ان حاولت الشدو خارج سرب الممنوع / تتشظى المرآة / المكافئ لرؤيا الكاتبة ، غير انها تبقى تعكس لوعتها وحلمها بالتحرر من تلك القيود ( الآخروية ) التي تحسب عليها حتى انفاسها ، فيكون طوق نجاتها الصمت المقدس ، صمت لابد ان تليه صرخة
ـــــــــــــــــــــــــ/ باسم عبد الكريم الفضلي ـ العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق