الأحد، 30 سبتمبر 2018

حوار بين شهريار و شهرزاد تمليه القريحة الآنية ألف ليلة و ليلة / الليلة الرابعة / تونس ,,,,,,,,,,,,,,,,

حوار بين شهريار و شهرزاد تمليه القريحة الآنية
ألف ليلة و ليلة
الليلة الرابعة

تململ حضرة السلطان شهريار في مكانه بعد أن أكل ما لذّ. و ما طاب من مأدبة العشاء الفاخرة و الشهية . شرب كأس نبيذ من الخمر المعتق. و أستمع إلى معزوفة موسيقية. ثم نطق مناديا شهرزاد :
-حبيبتي جاء موعد بقية الحكاية.
-حاضر حضرة السلطان.

تأخذ شهرزاد مكانها إلى جانب السلطان . بعد أن تعطرت بعطر سحري . يأخذ العقل شذاه في حلم لذيذ.
تروي شهرزاد:
-مولاي لقد تركنا ليلة البارحة الحكاية عند مشهد المرأة البائسة. وهي تتجه نحو شيئا ما يبرق. كان موضوعا على الأرض.
-أجل
- و كلما اقتربت منه أكثر.زاد لمعان ذلك الشيء.
هنا يزداد شوق شهريار. و يركز أكثر على حركة شفتي شهرزاد. و تتسع عيناه. وتستعجل شفتاه بالسؤال ملكة الحسن و الجمال قائلتان:
-عجلي عزيزتي..
-فضولي يتلظى شوقا لمعرفة بقة الحكاية. يستطرد السلطان.
-حسنا عزيزي استمع للبقية:
تسمرت المرأة في مكانها . عندما رأت دينارا ذهبيا فوق كيس من القماش. و بيد مرتعشة أخذت الكيس. دققت النظر. تأملت. أرادت فتحه. تراجعت. نظرت يمنة و يسرة. لعل طرفها يرى أحدا مقبلا باحثا عن ذلك الكيس. ربما كان قد أضاعه. أو كان قد سقط من حوزته.
لا احد يبدو مقبلا نحوها . جمعت البائسة ثنايا شجاعتها . و فتحت الكيس. فأخذتها الدهشة. و كاد أن يغمى عليها من وطأة المفاجئة السارة. و تأرجحت نفسها بين النشوة. و بين ضباب دموع تنهمر فرحا . فهي ترى كثيرا من الدنانير الذهبية . و تذكرت ذلك الشخص الذي بشرها في المنام برزق آت. نظرت للسماء مذهولة. و كـنها فقد ت عقلها وهي تشكر الله على الاستجابة لدعائها . و عادت تلك الصورة أمام عينيها . و هي تبكي. و تنفش شعرها قهرا من الفاقة. يبدو المشهد كشريط سينمائي .يروي قصة الخصاصة.
تمتمت قائلة:
ليس هناك قهرا يساوي قهر الحاجة. الذي يجعل صاحبه ذليلا. و يتمنى لو أوري التراب وهو حيا.
واصلت المرأة السير. و بعد بضعة أميال رأت امرأة صحبة أربع أطفال يبكون . و قد بدت عليهم مظاهر الفقر و قلة ذات اليد . حزنت العابرة لذلك المشهد . الذي لا يختلف كثيرا عن وضعها. فاقتربت من هذه العائلة الفقيرة.. و فتحت الكيس الذي تحمله. ووضعت بعض من الدنانير الذهبية في يد أم الأطفال. بكت أم البنين . و همت بتقبيل يد المرأة الغريبة .
التي تبدو فقيرة . و لكن شمائلها تشهد بأنها كريمة و طيبة القلب و المعاشرة. و لكن المرأة المانحة جذبت يدها و قالت لها عفوا . هذا رزق جادت به السماء. و أنا فقيرة مثلكم و اشعر بما تشعرون به انتم. . فحزّ في نفسي وضعكم البائس. و أردت أن أعينكم من عطاء السماء.
ثم سلمت و عبرت نحو بائع اللحم. و اشترت مقدار كيلو من لحم الخروف. فهي و أبنائها لم يذوقوا . و لم يتلذذوا طعم اللحم و لا طعم الشحم منذ عهد طويل. ثم مرت ببائع البقول و الغلال . و اشترت ما طاب لها. ثم مرت على بائع السمك. فرأت سمكة شهية. و هي لم تذق سمكا. إلا من بعض القمامة التي يوضع فيها بعض الأكل . و الذي لم تعد بحاجة له بعض العائلات الميسورة . فتلقي به في سلة المهملات..
عادت للبيت سيدة السعد. وهي فرحة بما أشترته و بالدنانير الذهبية. التي أدخلت الغبطة على نفسها. فأعترضها الصبية متشوقين لمعرفة ما تحمله سلة أمهم. ثم سارعوا لمعرفة سر فرح الوالدة.
توجهت الأم لإحضار الطعام. لان عصافير بطن أبنائها جاعت كثيرا. و تعبت من الزقزقة.
ثم قصت على مسامع أطفالها الصغار. ما جرى لها مع السلطان الشحيح و مع حارسه الكريم . ثم روت لهم قصتها مع كيس الدنانير الذهبية.

هنا تتوقف شهرزاد عن الكلام و تخاطب جلالة السلطان قائلة:
-مولاي هنا نترك الحكاية وغدا أكمل لحضرتكم البقية.
-مهلا لم تصفي بعد ردة فعل الأطفال . و هم يأكلون الطعام الذي غاب على أضراسهم منذ مدة طويلة.
- معذرة سيدي النوم يداهم جفوني أرغب في النوم. تصيح على خير مولاي
يرد السلطان على مضض :
- تصبرين على خير و أنت من أهله عزيزتي.
ينام السلطان وهو ينتظر بشوق كبير بقية الحكاية.
يبدو طيفهما ساهرا و أخاذا..ينام أصحاب القصر. وتبقى اللوحات الزيتية في يقضه. تحرس فناء البلاط الحالم.

.© فطوم عبيدي
29.9.2018
يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق