دراستي النقدية لرواية امراة بنقطة واحدة للروائي وارد بدر السالم المنشورة في جريدة راي اليوم اللندنية 10-12-2018
البحث عن الزمن وسط الخراب في ... امرأة ... بنقطة واحدة
دراسة نقدية يوسف عبود جويعد
بالرغم من أن عدد صفحات رواية (إمرأة ... بنقطة واحدة) للروائي وارد بدر السالم , تبلغ مئة واربعة عشر صفحة, وتعد من الروايات القصيرة , الا أنها تحمل مضمون ورؤى فلسفية وثقافية وأدبية , تضاهي فيه الروايات الطويلة , لما تحمل من إختزال كبير ,وتكثيف في وحدة بناء النص وأدواته السردية المستخدمة لإعداده , وليس في اللغة السردية التي أعدها للمسار السردي , وإنما شمل ذلك الزمان والمكان والشخوص والأحداث والثيمة ليصل الى الحد الذي يمنح المتلقي فرصة إستكشافية للغوص في مكامن هذا التكثيف كونه سيجدها بين الأنثيالاته السردية المتناغمة وعبر الاحداث التي تخطت نصف قرن من الزمن لتصل إليه, من خلال شخصيتين هما محور هذ النص , والذين سوف يقوداننا الى دورة الأحداث من خلال الحوار الدائر بينهما , والذي اولاه الروائي أهمية في صناعته لهذه الرواية,أو من خلال السارد العليم الذي تارة يتلبس شخصية البطل إستاذ علم الجمال المتقاعد , واخرى يكون مع الزوجة زمن , لينقل لنا الوصف تحت تأثير هذا الزمن الذي أمتد لنصف قرن, وهو زمن علاقتهما العاطفية والزوجية , فقد قررا الزوجين الاحتفال بعيد ميلاد زواجهما في المكان الاول الذي التقيا به , وحفرا حروف أسمائهما على جذوع الاشجار في الحديقة العامة , بعد أن بلغ بهما العمر عتيا, وهنا تجدر الإشارة إن إختيار السارد العليم الذي يكون مقارب لصفات وطبائع وسلوك وافكار شخوص النص سوف يساهم في إنضاج النص وتوصيل مضمونه بشكل ينسجم والسياق الفني المتبع فيه , ونجد أيضاً أن الروائي عمد الى إقتطاع نهاية أحداث هذا النص , ليجعل مستهل ومدخل وعتبة نصية نبدأ من خلالها رحلتنا لمسار السرد , والذي سوف يجعلنا في أكثر من حالة ذهنية , اولاها التشوق والمتعة لمواصلة المتابعة, ثم إستكشاف البناء الفني للنص, ثم التساؤل عن حكايتهما وما حصل لهما, وأخيراً حتى نعيش الاحداث منذ إنطلاقتها .
( غير أن أحد الشابين المرتبكين , وقد تلعثم الكلام في فمه, تشجع إلى حد ما وهو ينحني على الرجل الممدد في الطين, ليستلّ من جيب سترته الداخلي أوراقه الشخصية .
كان صاحبه قد ركن الكمان مقطوع الأوتار على جذع الشجرة, ووجّه حزمة ضوء ناعمة من مصباح الموبايل, فقرأ الآخر بعُجالة اسم الرجل (...) ورقمه التقاعدي الطويل(.....) وعنوان السكن (....) ووظيفته السابقة (بروفسور) ورقم الهاتف (....) وتاريخ تولده (1948 ) , وعلى الوجه الآخر تفاصيل متشابهة , سوى أن اسم الوكيل (زمن).)
ولم يتوقف الأمر على هذه الالتفاته, بل هناك عتبة نصية موازية اخرى رغم إختزالها الى كلمات قليلة الا أنها تدخل ضمن بناءالنص كحالة تعريفية تساهم في هذه الرحلة .
الحزنُ:
أن تستيقظ قبلَ دموعِكَ
فتجد الصباحَ راحلاً
وقد رافق تلك الرحلة الى الحديقة العامة, المطر الذي ينزل من الغيوم التي غطت وجه السماء ويتصاعد تدريجياً مع مسار الأحداث , ويشكل وجود المطر ضمن مسار الاحداث حالة من إرتباط الماضي بالحاضر , وإستحضار لهذا الزمن الطويل
( " المطر جزءٌ من جمال الطبيعة, لكنه ليس هو الطبيعة"
" أحبُ المطر . يشعرني بأنني سعيدة, وأن المستقبل يصنعه المطر"
" لا تكون شاعرة كثيراً. الشعر مخادع .إنه إلهام غير معروف المصدر"
" كلما يأتي هذا الموسم تتبدل روحي , وينبت في داخلي عشبٌ أبيض وطيورشقراء ") ص 22 .
وقد قسم الروائي هذا النص الى فصول قصيرة تتراوح بين اثنين وثلاثة الى عشرة صفحات وحسب متطلبات محطات الرحلة واماكنها وتأثيراتها, وجعلها بعنوان متصلة كجزء مهم من وحدة موضوع الفصل .
تتخلل مسيرة الاحداث حوارات تدور بينهما , لكنها تنتمي الى عملية التكثيف الجمعية التي ذكرتها سالفاً , كما إنها تصور ملامح الشخصية ووعيها وثقافتها وتختزل الكثير من الاحداث فهما على كاهلهما تاريخ طويل يخص علاقتهما ويخص المتغيرات التي حدثت في البلد .
( " الفن مسؤولية وشهادة , وأي تزوير فيه تزوير لتاريخ البلاد"
" الحياة ليست هي الحرب . الحياة هي الجمال واللون والنظام"
"أحياناً يموت الجنود من أجل قضية ليست مهمة"
" الفراغات هي الحياة التي يجب أن نملأها بالجمال"
" لا فن بلا فراغ ولا فيزياء بلا فراغ ولا حب بلا فراغ "
" عندما ينتشر الجمال , يحل على الارض السلام") ص 35
وبما أننا في رفقة كهلين كبار السن ,فإننا سنواجه من خلال المتابعة تلك التصرفات التي تخص كبار السن , مثل المزاج السيء الضيق , وقلة الحيلة والصبر , كما أن الزوج يضع سماعة في إذنه لضعف سمعه , كما نرى تلك الحالة التي تتسم بها الزوجة الشرقية دون سواها , وهي إتصالها وارتباطها والتصاقها بزوجها روحاً وجسداً, وتكون على دراية تامة بكل المتغيرات التي تحدث لديه في حديثه او مسيره او سلوكه وطبائعه وتآثره على نفسها .
( تمتض شيئاً من عصبيته قليلاً:
- الظروف تغيرت والأنفاس كثرت.. ماذا تريد من مكان داس عليه الملايين منذ خمسين سنة ؟
سكت على مضض
قالت السيدة تختصر انفعالات العجوز :
- كل زمن له نظافته وله وساخته .
- لا اريد من الزمن غير أن يبقى كما هو في ذاكرتي .) ص 47
وهكذا نكتشف أن مهمة الروائي في هذا النص عسيرة , كونه سيكون مع شخصيتين فقط , وعليه أن يراعي مهمات كثيرة أثناء تدوين هذا النص , فقد راعى فيه جانب الحس التصاعدي لمسيرة السرد , وكذلك جعل هاتين الشخصيتين تنوءان بحمل ثقل هذا الزمن الطويل , وجعله مضمراً ضمن الاحداث المرئية ليكون النص السردي يحمل عمق متداخل يقودنا الى ما يحدث في البلد والإنسان وهو يعيش في كنفه بشكل نكاد أن نلمسه بين ثنايا هذا النص .
وكذلك كانت المهمة عسيرة للزوجين في حضورهما لهذه الحديقة , والبحث عن الزمن فيها , وقد وجدا المتغيرات كبيرة وكثيرة , وأن الاشجار التي كتبا عليهما اسمائهما ورسما قلوب الحب عليها كانت قبل خمسين سنة صغيرة , فكيف حالها الآن؟. وكيف سيجدوها؟.
( ثمة جذوع قليلة مطروحة قريبة منها, تركت بعض الفراغات الواضحة , وبقيت في أماكنها دكّات مدورة ملساء ملأها شباب عابرون بذكريات سريعة أو شخابيط لا معنى لها في كثير من الأحيان) ص 51
وهكذا فإنهما اتجها في إتجاهين مختلفين, بحثاً عن زمن يخصهما , وماض عزيز على قلوبهما , وحكاية حب وزواج , فتوغلا كل منهما في إتجاهه .
( لذا بقيت أنظارها تتجه إلى كل مكان , بحثاً عن العجوز الذي اختفى بين أشجار الغابة .
كان الظلام الأول يخيفها .
أمسكت قلبها النابض بعنف .
وبقيت تتطلع الى أكثر من جهة ) ص 110
وهكذا أن توغله في الغابة والبحث عن تلك الأشجار بدقة , جعله يعثر على جذع اقتطع من الغابة ليكون قنطرة للعبور .
(اقترب أكثر , ووضع ركبتيه على الطين , وهو يعيد قراءة الحرف المنسرح برشاقة , ويخرج قليلاً من القلب المحفور , ونقطته تتلألأ فيها الشمس الغاربة كحفرة ناعمة تمتص قليلاً من الشمس الذهبية .
ارتبك قليلاً وهو يقبض على الذاكرة البعيدة بطريقة المصادفة النادرة , فصاح بلا إتجاه محدد , والشمس التي تنزل متمهلة سحبت معها الضوءالذهبي قليلاً:
- زمن .. زمن .. تعالي زمن .. وجدته
وهي ايضاً قد وجدت جذعها المنشود , لكن يدها اليسرى ترتعش على قلبها المضطرب , تتشبث بجذع مذبوح وحرف قديم . ص 114 .
وهكذا قد كانت مهمة البحث عن ذاك الزمن وذاك التاريخ , وذاك المكان , وعن عمر طويل ,وحب وعاطفة وحرب , وبلد تتغير فيه الموازين والانظمة , سبباً في ضياعهما في ضياع الضياع
رواية (امرأة ... بنقطة واحدة ) للروائي وارد بدر السالم , نص سردي يضع أمام المتلقي معنى التكثيف العام الذي يشمل كل أدوات السرد , ويقدم حكاية من حكاياتنا في هذا البلد الذي كثرت فيه الحكايات .
من إصدارات دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع
البحث عن الزمن وسط الخراب في ... امرأة ... بنقطة واحدة
دراسة نقدية يوسف عبود جويعد
بالرغم من أن عدد صفحات رواية (إمرأة ... بنقطة واحدة) للروائي وارد بدر السالم , تبلغ مئة واربعة عشر صفحة, وتعد من الروايات القصيرة , الا أنها تحمل مضمون ورؤى فلسفية وثقافية وأدبية , تضاهي فيه الروايات الطويلة , لما تحمل من إختزال كبير ,وتكثيف في وحدة بناء النص وأدواته السردية المستخدمة لإعداده , وليس في اللغة السردية التي أعدها للمسار السردي , وإنما شمل ذلك الزمان والمكان والشخوص والأحداث والثيمة ليصل الى الحد الذي يمنح المتلقي فرصة إستكشافية للغوص في مكامن هذا التكثيف كونه سيجدها بين الأنثيالاته السردية المتناغمة وعبر الاحداث التي تخطت نصف قرن من الزمن لتصل إليه, من خلال شخصيتين هما محور هذ النص , والذين سوف يقوداننا الى دورة الأحداث من خلال الحوار الدائر بينهما , والذي اولاه الروائي أهمية في صناعته لهذه الرواية,أو من خلال السارد العليم الذي تارة يتلبس شخصية البطل إستاذ علم الجمال المتقاعد , واخرى يكون مع الزوجة زمن , لينقل لنا الوصف تحت تأثير هذا الزمن الذي أمتد لنصف قرن, وهو زمن علاقتهما العاطفية والزوجية , فقد قررا الزوجين الاحتفال بعيد ميلاد زواجهما في المكان الاول الذي التقيا به , وحفرا حروف أسمائهما على جذوع الاشجار في الحديقة العامة , بعد أن بلغ بهما العمر عتيا, وهنا تجدر الإشارة إن إختيار السارد العليم الذي يكون مقارب لصفات وطبائع وسلوك وافكار شخوص النص سوف يساهم في إنضاج النص وتوصيل مضمونه بشكل ينسجم والسياق الفني المتبع فيه , ونجد أيضاً أن الروائي عمد الى إقتطاع نهاية أحداث هذا النص , ليجعل مستهل ومدخل وعتبة نصية نبدأ من خلالها رحلتنا لمسار السرد , والذي سوف يجعلنا في أكثر من حالة ذهنية , اولاها التشوق والمتعة لمواصلة المتابعة, ثم إستكشاف البناء الفني للنص, ثم التساؤل عن حكايتهما وما حصل لهما, وأخيراً حتى نعيش الاحداث منذ إنطلاقتها .
( غير أن أحد الشابين المرتبكين , وقد تلعثم الكلام في فمه, تشجع إلى حد ما وهو ينحني على الرجل الممدد في الطين, ليستلّ من جيب سترته الداخلي أوراقه الشخصية .
كان صاحبه قد ركن الكمان مقطوع الأوتار على جذع الشجرة, ووجّه حزمة ضوء ناعمة من مصباح الموبايل, فقرأ الآخر بعُجالة اسم الرجل (...) ورقمه التقاعدي الطويل(.....) وعنوان السكن (....) ووظيفته السابقة (بروفسور) ورقم الهاتف (....) وتاريخ تولده (1948 ) , وعلى الوجه الآخر تفاصيل متشابهة , سوى أن اسم الوكيل (زمن).)
ولم يتوقف الأمر على هذه الالتفاته, بل هناك عتبة نصية موازية اخرى رغم إختزالها الى كلمات قليلة الا أنها تدخل ضمن بناءالنص كحالة تعريفية تساهم في هذه الرحلة .
الحزنُ:
أن تستيقظ قبلَ دموعِكَ
فتجد الصباحَ راحلاً
وقد رافق تلك الرحلة الى الحديقة العامة, المطر الذي ينزل من الغيوم التي غطت وجه السماء ويتصاعد تدريجياً مع مسار الأحداث , ويشكل وجود المطر ضمن مسار الاحداث حالة من إرتباط الماضي بالحاضر , وإستحضار لهذا الزمن الطويل
( " المطر جزءٌ من جمال الطبيعة, لكنه ليس هو الطبيعة"
" أحبُ المطر . يشعرني بأنني سعيدة, وأن المستقبل يصنعه المطر"
" لا تكون شاعرة كثيراً. الشعر مخادع .إنه إلهام غير معروف المصدر"
" كلما يأتي هذا الموسم تتبدل روحي , وينبت في داخلي عشبٌ أبيض وطيورشقراء ") ص 22 .
وقد قسم الروائي هذا النص الى فصول قصيرة تتراوح بين اثنين وثلاثة الى عشرة صفحات وحسب متطلبات محطات الرحلة واماكنها وتأثيراتها, وجعلها بعنوان متصلة كجزء مهم من وحدة موضوع الفصل .
تتخلل مسيرة الاحداث حوارات تدور بينهما , لكنها تنتمي الى عملية التكثيف الجمعية التي ذكرتها سالفاً , كما إنها تصور ملامح الشخصية ووعيها وثقافتها وتختزل الكثير من الاحداث فهما على كاهلهما تاريخ طويل يخص علاقتهما ويخص المتغيرات التي حدثت في البلد .
( " الفن مسؤولية وشهادة , وأي تزوير فيه تزوير لتاريخ البلاد"
" الحياة ليست هي الحرب . الحياة هي الجمال واللون والنظام"
"أحياناً يموت الجنود من أجل قضية ليست مهمة"
" الفراغات هي الحياة التي يجب أن نملأها بالجمال"
" لا فن بلا فراغ ولا فيزياء بلا فراغ ولا حب بلا فراغ "
" عندما ينتشر الجمال , يحل على الارض السلام") ص 35
وبما أننا في رفقة كهلين كبار السن ,فإننا سنواجه من خلال المتابعة تلك التصرفات التي تخص كبار السن , مثل المزاج السيء الضيق , وقلة الحيلة والصبر , كما أن الزوج يضع سماعة في إذنه لضعف سمعه , كما نرى تلك الحالة التي تتسم بها الزوجة الشرقية دون سواها , وهي إتصالها وارتباطها والتصاقها بزوجها روحاً وجسداً, وتكون على دراية تامة بكل المتغيرات التي تحدث لديه في حديثه او مسيره او سلوكه وطبائعه وتآثره على نفسها .
( تمتض شيئاً من عصبيته قليلاً:
- الظروف تغيرت والأنفاس كثرت.. ماذا تريد من مكان داس عليه الملايين منذ خمسين سنة ؟
سكت على مضض
قالت السيدة تختصر انفعالات العجوز :
- كل زمن له نظافته وله وساخته .
- لا اريد من الزمن غير أن يبقى كما هو في ذاكرتي .) ص 47
وهكذا نكتشف أن مهمة الروائي في هذا النص عسيرة , كونه سيكون مع شخصيتين فقط , وعليه أن يراعي مهمات كثيرة أثناء تدوين هذا النص , فقد راعى فيه جانب الحس التصاعدي لمسيرة السرد , وكذلك جعل هاتين الشخصيتين تنوءان بحمل ثقل هذا الزمن الطويل , وجعله مضمراً ضمن الاحداث المرئية ليكون النص السردي يحمل عمق متداخل يقودنا الى ما يحدث في البلد والإنسان وهو يعيش في كنفه بشكل نكاد أن نلمسه بين ثنايا هذا النص .
وكذلك كانت المهمة عسيرة للزوجين في حضورهما لهذه الحديقة , والبحث عن الزمن فيها , وقد وجدا المتغيرات كبيرة وكثيرة , وأن الاشجار التي كتبا عليهما اسمائهما ورسما قلوب الحب عليها كانت قبل خمسين سنة صغيرة , فكيف حالها الآن؟. وكيف سيجدوها؟.
( ثمة جذوع قليلة مطروحة قريبة منها, تركت بعض الفراغات الواضحة , وبقيت في أماكنها دكّات مدورة ملساء ملأها شباب عابرون بذكريات سريعة أو شخابيط لا معنى لها في كثير من الأحيان) ص 51
وهكذا فإنهما اتجها في إتجاهين مختلفين, بحثاً عن زمن يخصهما , وماض عزيز على قلوبهما , وحكاية حب وزواج , فتوغلا كل منهما في إتجاهه .
( لذا بقيت أنظارها تتجه إلى كل مكان , بحثاً عن العجوز الذي اختفى بين أشجار الغابة .
كان الظلام الأول يخيفها .
أمسكت قلبها النابض بعنف .
وبقيت تتطلع الى أكثر من جهة ) ص 110
وهكذا أن توغله في الغابة والبحث عن تلك الأشجار بدقة , جعله يعثر على جذع اقتطع من الغابة ليكون قنطرة للعبور .
(اقترب أكثر , ووضع ركبتيه على الطين , وهو يعيد قراءة الحرف المنسرح برشاقة , ويخرج قليلاً من القلب المحفور , ونقطته تتلألأ فيها الشمس الغاربة كحفرة ناعمة تمتص قليلاً من الشمس الذهبية .
ارتبك قليلاً وهو يقبض على الذاكرة البعيدة بطريقة المصادفة النادرة , فصاح بلا إتجاه محدد , والشمس التي تنزل متمهلة سحبت معها الضوءالذهبي قليلاً:
- زمن .. زمن .. تعالي زمن .. وجدته
وهي ايضاً قد وجدت جذعها المنشود , لكن يدها اليسرى ترتعش على قلبها المضطرب , تتشبث بجذع مذبوح وحرف قديم . ص 114 .
وهكذا قد كانت مهمة البحث عن ذاك الزمن وذاك التاريخ , وذاك المكان , وعن عمر طويل ,وحب وعاطفة وحرب , وبلد تتغير فيه الموازين والانظمة , سبباً في ضياعهما في ضياع الضياع
رواية (امرأة ... بنقطة واحدة ) للروائي وارد بدر السالم , نص سردي يضع أمام المتلقي معنى التكثيف العام الذي يشمل كل أدوات السرد , ويقدم حكاية من حكاياتنا في هذا البلد الذي كثرت فيه الحكايات .
من إصدارات دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق