الثلاثاء، 29 يناير 2019

مقطع من #رواية_رهينةٌ_في_العالم_السفلي للكاتبة #نادية_الجبوري / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,


بعد صراعاتٍ من التفكير المطوّل، جاء أحد الأيام الذي قررّتُ فيه ودون ترددٍ أن أحاور ذلك المجهول الذي اتخذ من يميني مسكناً له دون إذنٍ من مالكتها..
كان يوماً ممطراً من أيام فصل الشتاء الباردة، جلست فيه وحيدة، بين جدران إحدى غرف المنزل، وهي تطلّ على حديقتنا التي لم تعد شبه جرداء بعد الآن، فقد أصبحت بعد مرور السنوات مخضرّة، تزخر أرضها بالعشب. كما أنها تخلّت عن شُجيرتَي الرازقيّ والجمال وكذلك عجوز النارنج، واستبدلتها بسورٍ منتظمٍ من شجيرات الياس الكثيفة المتراصّة، التي تحيط بالحديقة من ثلاث جهات. ناهيك عن شجيراتٍ من زهور الكاردينيا البيضاء، التي يداعب عطرها الساحر أنفاس المارة.
وعندما حلّ وقت الظهيرة، صار جميع أفراد عائلتي قائلين، وعمّ الهدوء في أرجاء المنزل.. حيث لا أسمع سوى صوت ارتطام قطرات المطر الغزير التي كنت أشاهدها عبر نوافذ الغرفة، واستمتع بمنظرها وهي تتهاطل على عشب الحديقة، وتغسل أوراق الياس؛ لتتركني أتأمّل لونها الأخضر الداكن، وبريق لمعانها.
هذا الهدوء، هو ما جعل الوقت مناسباً جداً للمجازفة ومعرفة هوية ذلك المستعمر المجهول دون أن تتم مقاطعة ما سأقوم به من قبل أحدهم. ولقد اخترت ذلك الوقت الهادئ والوَحدة لسببين:
الأول، هو لأنني لا أريد أن يرتعب أحدٌ من أهلي حين يرى حركات يدي اللاإرادية، فلم يكن جميع من في المنزل يعلمون بأمر يدي، فهنالك من لا يعرف بأمرها مطلقاً.
أما السبب الثاني، فلأنني لا أعرف ما الذي سيحدث حين أبدأ بالتواصل مع المجهول، ولست متأكدة من نجاح طريقة التواصل تلك.
وفي كل الأحول، لم تكن تهمّني عواقب تلك المجازفة أبداً، فقد قرّرت أن أستحضر وأحادث من في يدي، ولا أعلم إن كانت هي روحاً واحدةً أم أكثر.. كل ما كان يرتاد ذهني آنذاك، هو أن أجرّب وأدسّ قلماً بين أصابعي الثلاث: الإبهام، السبابة والوسطى؛ لأرى ردّة فعل ذلك المستعمر..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق