ما معنى الضجيج? / مقالة
.. الشائع حول معنى الضجيج هو استخدام الأصوات غير المرغوب فيها ، والضوضاء عموما من بين ملوثات البيئة ، بحيث يحول دون الوصول إلى مبتغى الفرد المطلوب ألا وهو الأمن والسكينة ، كما يعيق في الوقت نفسه التجديد والإستمرارية ، فكل ما يؤدي إلى تشويش العقل فهو ضجيج ، بدءا من التشويش الذي يطرأ في الاتصالات السلكية واللاسلكية المباشرة وغير المباشرة ، ومرورا بسوء التربية الأخلاقية ثم وصولا للإعلانات غير الهادفة كيفما كان نوعها أدبيا اجتماعيا سياسيا اقتصاديا.
1/ الضجيج الأدبي: ينم هذا النوع من الضجيج عن سوء سلوك الكتاب في العلاقات ، فيطغى جانب الحقد على جانب المنافسة ، وتشب الصراعات بين المدارس بسبب عدم الانفتاح والانصات للرأي الآخر ، ومن ثم انقسامها إلى أحزاب واتحادات مسيسة مزمتة ، ناهيك عن سوء الكتابة والنقد والطباعة والنشر ، واحتكار اللوبي النخبوي على حصة الأسد في التشجيع ، ولا تنضم إليه إلا الفئة المؤطرة أكاديميا للسير على منواله ، أو الغنية ماديا للتأكيد على سوء دور النشر من خلاله أو من خلال كتاب النفوذ أو كاتبات الفنادق بخمسة نجوم بسرير واحد.
2/ الضجيج الاجتماعي : العصبية القبلية من بين مسبباته الرئيسية لما تخلقه من ضجيج الفوارق الاجتماعية ، وتقديس الأعراف والتقاليد وتلويث البيئة النفسية والطبيعية والصحية ، ويؤسس للفقر والجهل والمرض ، يكاد المجتمع كله يحتاج إلى مصحات عقلية من جراء طنين الآلات والقنابل والأسواق والمقاهي وهتاف دساتير المنابر بخلافها.
3/ الضجيج السياسي: لسهر الساسة على تطبيق قانون دستور (فرق تسود) ، وبالتالي تسود الضوضاء، ويفنى العدل ، ويأكل القوي الضعيف ، ويتنازل هذا الأخير عن حقه عنوة في العيش والبوح والإبداع.
4/ الضجيج الإقتصادي : بعد تدهور أي أمة أخلاقيا واجتماعيا وسياسيا ، يكون اقتصادها على شفة حفرة السقوط ، وما الإعلانات والإشهارات وازدياد الغني في غناه والفقير في فقره سوى أرضية صلبة لضجيج بات من ضروريات التأقلم معه بدل الفرار منه إلى جبل ، فلا عاصم لنا منه إلا الإبداع وسطه .
كاذب على نفسه من يزعم طقوس الخلوة في الكتابة وبنفسه ضجيج أيضا خلفته الركائز الأربع التي تحدثنا عنها، هي أوتاد لو تضرر واحد منها تضررت سائر الأوتاد ، فلا تستغربوا قولنا: الإبداع وسط الضجيج أو تحسبوه ضدنا ، فمن يزعم طقوس الخلوة إما أنه يعيش بعيدا عن الواقع أو لأنه يجهل معنى الضجيج.
حسين الباز / المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق