الأربعاء، 26 سبتمبر 2018

حوار بين شهريار و شهرزاد تمليه القريحة الآنية ألف ليلة و ليلة / الليلة الثانية / نص فطوم عبيدي / تونس ,,,,,,,,,,,,,,,,,,

حوار بين شهريار و شهرزاد تمليه القريحة الآنية
ألف ليلة و ليلة

الليلة الثانية
تأتي الليلة الثانية من ألف ليلة و ليلة محملة بأشواق شهريار لمعرفة بقية الحكاية. تستعد شهرزاد للسرد الشيق. يوجد بجانبها السلطان الوقور. و قد ارتدى كلامهما أبهى الحلي تليق بليل رومانسي حالم و بحكاية أخاذة. يلذ فيها عنصر الشوق. وتزداد فيها لهفة الطوق للاستماع للمزيد من قصص جمال الذوق. حكايات طوت أطوارها ثنايا سالف العصور و الأزمان و سجلتها ذاكرة بوح الأنام..
يطل كوكب البدر منيرا. تتسلسل في صمت خصلات شعره اللجي. فيزيد من بريق الجواهر المرصعة على تاج الملك. و كذلك تنير تلك التي تربعت على رأس الملكة . و التي تضفي رقة و أناقة على رأس السحر. و تزداد طلعة شهرزاد بهجة وسحرا. تلامس أنفاسه عطر شهريار.
تـشهي العين التمتع بأناقة الملوك و الأمراء و السلاطين. و حاسة الشم تلامس, تستنشق و تلاطف عطرا جذابا. قد صنع من رحيق الورد البري ذات الرائحة الساحرة. فيبقى الطرف متأملا منبهرا. والعبق سيد الروح يتجلى في الفضاء بهاء.
تؤثث غرفة النوم موسيقى هادية تهدهد روحي الحبيبين. وتلهم شهرزاد أبهى الكلمات و أجلها.
تنطق شهرزاد: مولاي لقد تركنا الليلة الماضية الحكاية عند مشهد المرأة السائلة يجرها حراس البلاط. وهي تريد مقابلة السلطان قصد طلب الإعانة.
يجبيها شهريار: أجل يا سلطانة الزمان و جوهرة المكان.
تروي شهرزاد:
باتت المرأة على الجوى أمام القصر . وهي تفترش الأرض و تلتحف السماء. وعصافير بطنها تحتج من قسوة الجوع. بكت أشجار الدجى لحال الفقيرة. أتشد طير الليل نغما حزينا و تناغم معه مزمار الراعي الذي يمر ليلا من ناحية القصر. وهو يسوق أغنامه المتعبة من كثرة المشي بحثا عن المرعى.
المرأة رأت في منامها رجلا يرتدي لباسا أبيض اللون تبدو عليه علامات الوقار. انزعجت المسكينة. فهدأ الرجل الوقور من روعها. و قال لها تيأسي و لا تحزني سيأتيك رزقا من السماء. تهلل وجه المرأة . و دب في عروقها الأليمة شيئا من الاطمئنان. ثم غاب عن بصرها زائر الأحلام.
نهضت المرأة المتعبة من براثن الفاقة . وهي مازالت تنتظر طيف الأمل . لعل يحن قلب أحد حراس القصر. و يسمح لها بمقابلة الحاكم الجائر سلطان زمان مر. يعيش فيه الرعية جبروت أمبراطور. لا يرى إلا غزو وسبي أكثر عدد ممكن من البلدان في العالم.

تمالكت السيدة على نفسها . و قامت من الأرض خائرة القوى. وهي توهم جسدها . بأنها تتمنع بقوية فولاذية. و أرادت أن تحاول للمرة الثانية مقابلة السلطان . تقدمت المسكينة نحو الحارس . و الذي يقف أمام باب حديدي سميك الثنايا.
-سيدي هلا سمحت لي بمقابلة السلطان؟ . و أنت تعلم أن الفقر سكن حالي .و قهر فلذات أكبادي.

رق قلب الحارس الشاب لحال المرأة البائسة . و قرر أن يدخل على السلطان . و أن يتوصل له . لعله يلبي حاجة المرأة التي تنتظر عند باب القصر.
هنا تلتفت شهرزاد لشهريار قائلة:
-مولاي يا ترى هل سيقبل الإمبراطور الجائر مقابلة المرأة الفقيرة؟
حبيبتي لست متأكدا.
-حسنا سأكمل لك الحكاية غدا. مولاي أسمح لي بالنوم ألان . لقد شعرت بالتعب . خذني بين حضنك
-حسنا جميلتي تعالي.
ينام الحبيبان كملكين حميمين . يتخلل نسيم العطر أنفاسهما الحالمة . و يلف طيفهما ورع الحب الصادق.

يتبع
.© فطوم عبيدي
25.9.2018
١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق