يوميات في اسطنبول/ نص / خالد الشيخ / العراق ....

يوميات في اسطنبول
.............................
1 
في اسطنبول...
كنت على وشك الرحيل
وترك ورائي
هذا الوطن القتيل
لكنني في النهاية
قررت العودة الى أهلي وأصدقائي
وحمل السلاح بوجه
كل غريب وعميل
2
كانت الحافلة
تسير على طول الطريق
وكان المطر ينزل
على الجبال والسهول
بشكل أنيق
لم أر الجيوش
والمدافع..
ونقاط تفتيش..
على الطريق
غير الشمس
والغيوم
والمطر
والأزهار
والأشجار
ومدن من الزمرد والعقيق
3
في حديقة سطان احمد
من الجمال
والفرح
والألوان
في كل دقيقة الحياة تتجدد
4
في جميع الأشهر والفصول
نساء تركيا
طرية...
زاهية...
جميلة الطول
شعرهن كحقول ديار بكر
عيونهن كشواطئ انطاليا
خدودهن كحرير اسطنبول
5
على شواطئ البحر
رسمت صورة للبواخر
وهي ترقص من الفرح
تحت زخات المطر
6
في الليل اسطنبول
تشبه مملكة النحل
على الرصيف جرائد صفراء
مزينة بالصور
وجوارب وألبسة وعطور
وفواكه وأعشاب وبخور
ومقاعد من الساج والزهور
تجلس عليها نساء مصنوعة
من الجوز واللوز والسكر
الشوارع والارصفة والساحات
في اسطنبول
تعج بالناس بالعرض والطول
هذا يرسم وذاك يغني ويعزف
على الة الطنبور
7
على الرصيف
جلست اتأمل في كل الزوايا
في الشوارع ..
في الجوامع..
في المباني..
في الأسواق..
في الناس وهي تمشي كالخلايا
رأيت العراقيات والسوريات
يتسولن هنا وهناك
ويحملن الجوع
والألم
والخجل
تحت عباءة العروبة يامولايا
8
أنا وحدي..
هنا في هذه الغرفة المنفردة
أحاول بكل جهدي
كتابة قصيدة
عن الفرق بين هذا الوطن الفقير
الذي حولوه الى زمردة
وبين وطني الغني
الذي سرقوه..واحرقوه
وحولوه الى مقبرة لدفن الازهار
والشمس والانسان
كيف حولوه الى امرأة عجوزة
من الاحاسيس متجردة
9
في شوارع اسطنبول الالوان
يسرحون..
يمرحون..
يسكرون..
يرقصون
هنا حرية وقيمة الإنسان
اما في شوارع بغداد الأحزان
يلوثون..
يذبحون..
يقتلون..
يغتصبون ضمير الإنسان
10
حين سافرت الى بلاد
العثمانيين
أدركت الفرق الواسع بيننا
وبين الغرب
كيف أنهم حولوا ترابهم
الى ذهب وحرير وبساتين
ونحن مازلنا كالأغبياء
كالمجانين
نعيش في حضارة الطين
ننهش بعضنا
ونقتل بعضنا
ونسلب بعضنا
باسم الدين
...................... بقلم خالد الشيخ