فارس الجوهرة
إمتطى حصانه، وانطلق كالبرق يغادر القلعة ، و كله حزم و إصرار و كأنه يتحدى نفسه حين يتحدى الطبيعة بظلمة الإعصار، يتحدى الوجود حين تنقش حذافر حصانه الأرض مصرة لنيل الهدف ، و ليس الهدف إلا جوهرة نادرة بأدغال الحياة ... ذلكم هو الفارس حين يعزم تحدي المصير ، من أجل التغيير او التفاني للقدر و القدير ... قطع المسافات ، و تسلل قمم الجبال الشامخات ، قطع البحور و الأنهار... و مر بالمدن و القفار ... أياما مرت إحتوتها السنين و لا يزال بحثا عن الجوهرة ...تعرض للأمطار قوة الإعصار ،صامدا واجهها و كله إصرار... تعرض للجوع و العطش و جاهد بحثا في سبيله صيدا يسد حاجاته من الجوع و المشرب ...و زاده إصرار و استلذ الجوهرة لا لقيمتها بل لقيمة السعي لها ... تعرض لقطاع الطرق ، وكان سيفه الحكم لمصير مجهو ل في ان يجابه السبيل الى الهدف ... فواجه شيخا طاعن السن يقطع طريقه ... و يسأله عن سبيله ...نزل إليه احتراما لشيبة رأسه... كيف لا يفعل و هو فارس الزمان و الأقدار ... أرى بعينيك بريق التحدي ، و أعماقك حيرة للتصدي ، أراك على الحصان عزم و ثبات ،لتصل لهدف تجهل ما يحويه من ويلات ، و تقر نيله إيمانا و إصرارا للممات ، هكذا كان قول الشيخ ، فرد الفارس مذهولا : و ما أدراك بشأني ، ومن أرسلك تراقبني ، ... إبتسم الشيخ و رد عليه : ألست فارس قلعة الذات ، أليست شيوخ مجالس الحياة من أعلنوا رحلة بحث عن الجوهرة بالفلات ، واختاروك فارسا لنيل جوهرة الحياة، فارس ملثم مجهول لدى الجموع لا يعرف تراجعا امام الممات ، قال الفارس مذهولا أمام كذا أقوال :و ما أدراك بشيوخنا و مجالسنا ، و ما أدراك بي و من أكون ... رد الشيخ و البسمة لا تفارقه : كيف تغيب عني قلعة البشر و انا من رسم الزمن و له القدر ، كيف لا أدرك أعماق الفارس النبيل و قد نقشت بأنفاسه خصال الحسن و كل جميل ، و هديته حمل السبيل ، لضمير يبحث عنه و له إكليل ، للحياة و الممات نبراسا ثقيل ... يقول الفارس و قد نسج الغضب انفاسه: ماذا تقصد بذا القول ، فالشيبة شفعتك عند سيفي وكلامك لغز بالعقول يجول ... و تأسف الشيخ و رد : تبحث عن جوهرة الحياة ..بالدنيا مدن و فلاة ، تصمد للرياح و الوحوش للممات ... و هي مغروسة أعماقك مثل كومة نار بأعماق بحر العروس .. تنتظر ضمير الفارس ، ليحطها بتاج النفوس ، و يتوجها ملك أخلاق العبير ... هي أعماقك سكناها ، فصقلتها صمودا و جهاد ،و جلاها ليس إلا بفارس جواد ... هي النفس حين تصمد لرياح الدنيا خشية من خالقها يتوجها الضمير ...
بقلم كريمة حميدوش
بقلم كريمة حميدوش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق