الأربعاء، 17 أبريل 2019

كتبت الاستاذة وهيبة محمد سكر / الفن التشكيلي العراقي وصناعة الجمال / جمهورية منصر العربية ,,,,,,,,,,,,,,

مؤسسة فنون الثقافية العربية :
صحيفة فنون الثقافية العربية :
وكالة إخبارية أدبية فنية شاملة :
_________________
الفن التشكيلي العراقي وصناعة الجمال
__________________
وهيبة سكر / جمهورية مصر العربية
_________________
الفن التشكيلي العراقي: جذور في الإبداع وصراع من أجل صناعة الجمال
لا يمكن مغافلة الجهد التشكيلي العراقي وما كان له من خطوات كبيرة في سبيل توضيح المشهد الفني فضلا عن رسم المشهدية السياسية للواقع. وربما يكون الفن واحدا من أهم الملامح التي تشير إلى هذه الواقعية التي تأطرت بالسلبيات السياسية أكثر منها في الايجابيات، وهو ما أثّر كثيرا على الوعي الجمعي للفنانين، وكذلك الحركة الفكرية للفنان بشكل خاص، حين لا يعلم أو يعلم تتحول الفكرة من المواجهة مع سلبيات الواقع السياسي إلى مرحلة التأطير للمخيلة التأملية ومن ثم إلى مركز المواجهة مع السوداوية ـ وحتى الانطلاق من نقطة السخرية للتعبير عن الذات سواء كانت ذات منفردة أو مجتمعة.
الفن التشكيلي ربما كان الأكثر اقترابا من التنوع والمحاكاة للواقع والأكثر حرية من الفنون الأخرى سواء منها الفنية التمثيلية كالمسرح والدراما التلفزيونية أو حتى الفنون البصرية الأخرى كالتصوير الذي وجد أيضا مساحة كبرى في التحليق في المجالات الإبداعية التي ساهمت بشكل أو بآخر بحصول العديد من المصورين على جوائز عالمية مختلفة.
تاريخ عميق:
لذا فإن الفن ربما هو الوحيد الذي يعبر الحدود دون خوف أو وجل أو يكون له محاسبة إذا ما عبر أو تجاوز الخطوط الحمر التي وقعت فيها بعض الفنون الإبداعية بسبب التغيرات التي طالت الفن وحسبه البعض حراما أو أنه يجب أن يكون ضمن المفهوم الاجتماعي الجديد الذي انسحب على الفنون جميعا رغم تاريخ وجذور الفن العراقي.
الفن التشكيلي العراقي له تاريخ عميق جدا وهو موغل بالقدم ويرتبط بالحضارات التي شهدها العراق سواء في سومر أو أكد أو بابل أو النمرود حيث كانت الكهوف مليئة بتلك الرسومات التي تعبر عن التحضر المجتمعي في تلك العصور التي عدت الفن سبيلا من سبل تمدنها وحضارتها وانفتاحها على العالم. وهو الأمر الذي انسحب على كل العصور التالية حتى العصور الإسلامية المتأخرة، وما يأتيها من تطورات في المدارس في القرن العشرين. والأهم تلك المدارس التي أنتجها العقد الخمسيني من القرن الماضي والتي ساهمت فيها في اكتشاف وتنوع الأساليب والتقنيات مما أثرى هذا الفن المرموق لينتج إبداعا هو خالد بخلود الحضارة العراقية،
وأصبحت هناك أسماء عراقية عريقة من مثل فائق حسن وجواد سليم وحافظ الدروبي وشاكر حسن آل سعيد وإسماعيل الشيخلي ومحمود صبري وزيد صالح وغيرهم من الذين تخطّت أعمالهم المحلية والعربية إلى العالمية.. ولو تتبعنا الأمر لوجدنا كما تقول المصادر إن الجماعات الفنية بدأت بـ (جماعة الرواد) التي ترأسها الفنان فائق حسن حيث كانت الجماعة الفنية الأولى عام 1950 والتي جاءت بتأثير من دراساتهم في العالم الغربي وراحوا يحولون تلك المتغيرات أو الحداثة أو المدارس الفنية الحديثة إلى متغير تشكيلي عراقي حديث.
ومن هذه المجموعة تشكلت أيضا (جماعة بغداد للفن الحديث) التي شكلها الفنان الراحل جواد سليم بعد عودته من بريطانيا التي أكمل فيها دراسته وكان ذلك عام 1951 والتي ضمت رسامين ونحاتين فالمؤسس رسام ونحات، وهو صاحب نصب الحرية في قلب العاصمة العراقية بغداد. وهم لم يغادروا موضوعة استلهام الواقع العراقي ولكن بأسلوب حداثوي لا يعتمد على الرسم الانطباعي أو الواقعي بل بما جاءوا به متسلحين من الدراسة والتجربة في أوروبا. ولكنهم لم يتناسوا في المرحلة التالية للتأسيس تاريخ العراق والحضارة الإسلامية وأدخل الحرف والمنمنمات التي شكلت رؤية جديدة للفن التشكيلي العراقي
ليأتي عام 1953 ليشهد تأسيس (جماعة الانطباعيين) التي أسسها الفنان حافظ الدروبي. وهذه الجماعة كانت متأثرة بالمدرسة الانطباعية بشكل كبير، متخذين من الموقف القومي لفنهم أسلوبا ليكون الفن التشكيلي مزدهرا في ذلك العقد الخمسيني الذي شهد إقامة المعارض العديدة سواء منها الفردية أو المشتركة أو التي تقام في معاهد ودار المعلمين، مثلما شهد هذا العقد إقامة معارض مشتركة بين فنانين عراقيين وأوربيين ونظمت معارض في الخارج في أوروبا والصين والهند وبيروت وهو ما يعني أن النشاط التشكيلي كان مميزا وساهم في تنوع المدارس مثلما ساهم بولادة العديد من الفنانين العراقيين من أجيال مختلفة
لتأتي بعدها مرحلة السبعينيات التي كانت أكثر فترة زمنية فنية في العراق التي تحولت فيها الطاقات إلى إشباع المدارس العراقية بطرق فنية.
حرية ناقصة:
خلال السنوات التي أعقبت عام 2003 وجد الفنانون أنفسهم أمام واقع جديد وحياة جديدة فكان عليهم الولوج إلى أسلوب جديد لطرح الفكرة وإعطائها مفهوما جديدا فتعددت المدارس وصار الكثير من الفنانين يسعون إلى إقامة المعارض الفنية لكنهم اكتشفوا إن هذه الحرية في بعض مفاصلها مغلفة بالخطوط الحمر وأن التابوات لم تزل مسيطرة في رؤاها على المشهد الفني العام، رغم أن التابو السلطوي غادر منطقة الخوف منها. ولكن على الجهة المقابلة يكاد يكون الفن التشكيلي الفن الوحيد مع الفن الموسيقي ربما، الذي لا يمكن مراقبته من أي جهة كونه رسالة فنية خاصة تحتاج إلى فهم فنان. وهو لا يملك خطابا مباشرا
كما المسرح مثلا أو حتى الرواية والشعر. وهو ما يؤكده الفنان التشكيلي فاضل ضامد بقوله.. إنه بالرغم من تاريخانية الفن التشكيلي الذي له بعد واع ومتطور يحدده اسم الفنان وشخصيته وتاريخه ولهذا فإن أكثر المعارض التي أقيمت كانت قادرة على أرشفة تاريخها باعتبارها امتدادا لماضٍ تشكيلي مهم . واكثرها تشتغل باصطفاف لتكثيف بيئة حقيقية ومكان في خضم التواتر المجتمعي الديني الذي اعتمدته سياسة الدولة. ولهذا نرى أن هناك خطوات جيدة لتأسيس حركة تشكيلية جديدة لحث المتلقي ليتأمل حياته المقبلة.
ويشير إلى أن المساحة اللونية على المربع الصغير هي طلاسم تحتاج إلى ترجمة نتركها لعقل المتلقي الوسيط بين الانسان العادي والمثقف. وبالتالي فإن الفنان يسعى دائما لخلق مساحة متقاربة بينه وبين المتلقي. ويضيف الفنان ضامد إلى أن الحركة التشكيلية جيدة وكانت زاخرة ومتواصلة، فمثلا أقيم خلال عام 2017 أكثر من 30 معرضا وهو عدد كبير يضاف لها المعارض التي أقيمت في الخارج سواء في الأردن أو تونس أو مصر أو لبنان وأوروبا لفنانين عراقيين في الداخل العراقي أو المهجر.
ولكنه يستدرك بقوله إن هذا لا يمنع من وجود مشاكل حقيقة ومعوقات تتمثل بعدم وجود قاعات عرض حرّة وعدم وجود دعم حقيقي مادي. ويشير إلى أن المعارض تحتاج إلى مساحات أكبر وتوفير جوّ ملائم يساهم في تنمية الذائقة الفنية لدى المتلقي وتخليص الفنان من إقامة المعارض من التمويل الذاتي.
ويوضح أنه إذا ما أردنا أن نفهم أن الفن رسالة تصنع الحضارة والفن التشكيلي هو الأكثر قبولا في العالم لأنه لا يحتاج إلى وسيط مترجم.
ويقول إن الواقع الذي يعيشه العراق ربما ساهم بتراجع الذائقة الفنية وهو أمر مهم جعل كل هذه الفعاليات تصطدم بعدم وجود الجمهور الخاص، ذاكرا مثلا أن كربلاء شهدت معرضين للفن التشكيلي الجماعي وأكثر من ثلاثة معارض فردية ولكن الجمهور هو ذاته هو جمهور الفنانين أنفسهم، ولهذا لا نجد تسويقا للوحات الفنية في العراق على العكس مما يحصل في الخارج حيث سعى بعض الفنانين إلى حمل لوحاته إلى دول أخرى لبيعها.
ربما يكون الفن التشكيلي قد خرج من رقبة الخوف لكنه ظل حبيس الجمهور النخبوي كما هو شأن الفعاليات الأخرى في العراق الذي يصارع فيه المبدعون لكي تكون لهم لوحة وصورة وكلمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق