هذا المساء المرير..
وصوتك والغدق وأشواقي
وأحلام الطفولة والبطولة..
وأنين الزمهرير..
يبعثر حروفي وأوراقي
وفي المدى البعيد.. هناك
عند مدافن الاغتراب
حيث يتجلى الحضور والغياب
يتردد صهيل أطواقي..
وذاك الليل الضرير..
يزحف متثاقلا إلى وكن أحداقي
مغبشا بالسهاد والأسى
أنظر حولي فلا أرى..
غير ذكرياتي الغامدة بالسلوان
ترتسم في الصمت والجدران
ووجهك هناك... يضمخ المكان
ووجهي الغافي في الأحزان
وجهي المكدود..
ونوح جراحي الغبرة بالأشجان..
وأيامك الحبلى بالفواجع والدخان..
وأيامي الغبراء العجاف..
وفصولك حالت فيها الألوان..
وفصولي قد هدها القحط والجفاف
ووجهك الخريفي خلف الحجب..
ووجهي الغريب تنوح منه الغرب
وغسق هذا الليل الغشيم..
يطوق الروح ويمزق الوتين..
جرحك.. جرحي..
وأنا هنا.. وأنت هناك..
فقدنا الظلال...
وطوقت روحينا المقامع والأغلال
وخلف أسوار الخذلان والوجع..
وقلاع الخيانة والفجيعة والوهن
قلاع حضرة السلطان..
نتفرس وجوههنا المنسية في المرايا
وفي وجوه الأيتام والضحايا
في وجوه لفعوها بالنسيان
لا شيء هنا..
لا شيء غير البقايا
ومرافئ الاغتراب وآلام الرزايا
وسوط الجلاد يرتوي من دمائنا
ينهش أوشاجنا..
وينفث أحلامنا في السراب
وأشباحنا من خلف الأبواب..
و المرايا.. .
تتوق لقطرة مزن..
لضجة غيرة ونبرة عتاب..
لصهيل فرس عربية..
وحرف يهز صرح الأبجدية
وزند أسمر وبندقية
يرمم امجادنا المطوية
وهناك.. بعيدا في المدى..
بين الردم والأطلال..
والصخور والسراب..
تتفتق وردة الرمال..
وتسري رعشة الحياة في الأوصال
أوصالك.. أوصالي.. أوصالنا..
وجه الطفلة.. وجه القديس.
وجوه الأبطال..
وجوهنا المنسية ..
منهل الأحلام...
وتعود إلى نخيلنا الظلال..
تتكاثف في المدى..
يتردد فيها نشيج ابتهالاتنا والصدى
وتنفك عن أرواحنا الأغلال..
وينبجس منها النور والشلال
***بقلم الأديبة الجزائرية :سحر القوافي ***ديوان ظلال من ريح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق