الثلاثاء، 27 أغسطس 2019

خاص : فنون / كتبت محررة صحيفة فنون الثقافية الاستاذة / خولة محمد فاضل/ مقال / أدب الاستهلاك : الجزائر ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

العنوان : أدب الاستهلاك
مقال بقلم الأديبة سحر القوافي
__________________________
في أيامنا العجاف حيث أقام القحط والجفاف..وعميت البصائر وزاغت الأبصار والضمائر وكثر المتسلقون والانتهازيون والمفتشون عن الشهرة والباحثون عن المتعة ..وحلت المجاملات الفارغة الجوفاء محل الرأي الصريح والنقد البناء..انهار سلم القيم وانقلبت الموازين ..وطفت الفقاقيع الفارغة شامخة الرؤوس مشرئبة الأعناق لعناق المجد.تنهق كالحمير أو تصيح كالديوك المنفوشة الريش أو تنقنق كالضفادع..المهم في كل هذا أن يسمع صوتها النشاز وتسيل حبر أشباه النقاد و الكتاب ..بل وتكرم من أشخاص يدعون أنهم أعلاما في الأدب والنقد والحقيقة التي يجهلها كثير منا أنهم فعلا متميزون في النعيق والنباح..والتملق ..أشباه النقاد وأنصاف المثقفين تسلقوا سلم الذوق المائع الفاسد بامتياز حتى بلغوا منتهاه..
..أقيمت على شرفهم الولائم ووزعت عليهم الهدايا والغنائم ..وحظيوا بالتكريم والدعم من الساسة والحكام..وفتح لهم الإعلام ماداموا يصفقون وينحنون لسيديهم السلطان..فراحوا يتبخترون في سوق الأدب وينتقون ما وضع منه وكسد..فرفعوا على أكتافهم أدب الغرائز والمواخير..أدب الجنس والإغراء والكلام الفاحش المخل بالأخلاق والٱداب..وأجلسوا ذات النهدين العاريين والفخدين المكشوفين.قلم الشهوة واللذة .الأنثى العارية الجسد والروح..التي رمت بالحياء واعتنقت العري سبيلا ومذهبا ورسالة تكرس لها نفسها ووقتها وجهدها وقلمها وموهبتها ..أجلسوها ملكة في مملكة الشعر والنثر وهي لا تحسن كتابة سطر سليم أو أن تلم بمعنى جديد أو بديع ..فهي متمكنة في البدع لا في الإبداع ..في اللذة والامتاع ..لا علاقة لها بقواعد اللغة وأصول البلاغة العربية..لا تفهم من علم البديع والبيان شيئا ..فلا يوجد في قاموسها المعرفي والثقافي شيء اسمه القافية أو الموسيقى أو الصورة الشعرية أو القيم الأخلاقية وخصوصية المجتمعات العربية ..ترى الإبداع حمارا يركب وكلام دلال وغنج يكتب..إلى درجة أن إحداهن سألتني ذات مرة عن ماهية الجنس الأدبي الذي تكتبه؟!..فيالها من طامة كبرى وكارثة عظمى ضربت كيان الإبداع فزلزلته وانشقت جدرانه وبتنا نخشى أن ينهار وتتداعى حصونه ..تدعي أنها مبدعة وأدبية راقية وهي لا تفرق بين الخاطرة والرواية والقصة والقصيدة..لا تميز ألوان الشعر وأغراضه من فنون النثر وأبوابه..ورأيتها تكرم وتمنح لها الأوسمة والجوائز والشهادات وتنشر خرباشتها وهذيانها في المنتديات الأدبيه وفي الصحف والمجلات ولا أريد هنا أن أذكر بعض الأسماء أو أنقل بعض النماذج الهابطة تجنبا للحرج ..لكن إذا عرف السبب بطل العجب..
في زمن الرداءة أصبحت المعرفة الشخصية والمرافقة الوجدانية والجسدية إن صح التعبير جواز سفر النص الأدبي والقصيدة الشعرية نحو النشر والشهرة..فتبوأوا منزلة غير منزلتهم وسطوا على حقوق غيرهم ..فيالها من حقارة وخسة..وياله من انحطاط فكري وأخلاقي لم يسبق له مثيل ولم يشهد له التاريخ سابقة!!
إنها لطامة كبرى ضربت ديوان العرب وعتمت أفق الأدب..فإلى متى سيستمر عصف هذه الريح السموم التي انتشرت رائحة عفنها في وسط الأدب والثقافة..لقد شاع أدب المواخير والنزوات والشهوات وتتبع اللذائذ والفجور والموبقات..يكتبونه بأسلوب ركيك وكلام صريح دون تعريض أو تلميح..المهم أن تنعق وتصبح سيدة الحرف والكلم الجديدة..في هذه المجلة أو تلك الجريدة من غير قيود أو اعتبارات خلقية بينما المبدعة الحقيقية مجهولة شريدة..
فواحسرتاه على الأقلام المبدعة الراقية الراسية في الأعماق..الدرر التي لم تبلغها الأيدي الملوثة والعقول المخدرة والعيون الكفيفة..لأنها تلمع في وقار وهدوء وحشمة ..بعيدا عن العربدة والمجون ..فعن أي أدب نسوي يمكننا أن نتحدث أو أي تقييم موضوعي نطمئن إليه..ونحن نرى الأديبة الحقيقية مغمورة مجهولة دفينة قبروها في رمس من التجاهل والنكران ..وينعتنونها بالمتحجرة والمتخلفة والمتفلسفة والمحافظة..؟!
وليس ما ذكرناه كافيا وافيا عن حالة الأدب النسائي فبعضهمن ركبن موجة التطاول على كتاب الله ومس قديسية القرٱن الكريم في فسق وفجور تطوع ٱياته الكريمة في التعبير عن نزواتها وانزلاقها الخلقي بدعوى الحداثة والرمزية وغيرها من الحجج الباطلة الواهية..ككسر حاجز الأعراف والتقاليد البالية التي تحجر الخواطر وتقيدها بسلاسلها الفولاذية إلى التخلف والتطرف ..فياللعجب من هذه الحداثة المفتراة والعولمة المدعاة ومواكبة العصر والتحضر وغيرها من الخزعبلات والمغالطات التي تطالعنا كل يوم من أبواق لا علاقة لها بالأدب والفنون؟!..أقلام تائهة في عقدها النفسية ونرجسيتها..وتعجرفها وتماديها في الغي والضلالة بدعوى التجديد وادهاش المتلقي ..فتعري نزواتها وهواجسها وعربدتها ومجونها..
انظروا وتفكروا فيما تضيع رسالة الأدب النبيلة" وإنه من البيان لسحرا"..فأين نحن من المفهوم الصحيح للحديث النبوي الشريف..وكأنه لم تكفنا صور العري والإباحية المتدفقة علينا كالسيل الجارف بغزوها الأرعن الشديد حتى نضيف إليها أدبا يرسمها ويدعمها ويصورها أحسن تصوير ويرغب فيها وفي مدلولاتها وعوالمها ويجعلها غايته..ولكن العتب ليس فقط على هذه الأنثى التي تدعي الإبداع والتجديد ومواكبة روح العصر في الانحلال والعهر لتجلس عارية كالبغي بين الحروف والسطور إنما العتب على من يجاملها ويحتفل بها ويبجلها ويمجدها ويهلل لها ويصفق من غير كلل أو ملل يسوق لها المديح والاطراء ويرفعها عاليا لغاية في نفسه الضالة وعينيه الزائغنين وذوقه الفاسد..فهو يستعبد نفسه لحاجة صغيرة في نفسه يقضيها فيستبدل صغائر الأمور بعظائمها..من غير حرج ..فخلق دوقا لا ينجذب الا لأدب الغريزة و الإغراء..هذا ما نعلمه وظهر جليا أما ما نجهله وخفي واستتر فهو كثير..فمن غير المعقول أن تسيطر الغرائز على الأذواق والبصائر وتطمس الفضائل والضمائر ..من المؤسف أن يكرم قلم الإغراء والمجون والزندقة..ويفوز في المسابقات ويعظم لغاية سافلة وضيعة ..ومن الذي يقف خلف هذه المؤامرة الدنيئة التي تمس الأدب العربي وتعصف بالقيم والمبادئ السامية ؟!..من هو الداعم الحقيقي والممول لهكذا مسابقات ؟!..من المستفيد من هذه الصاعقة التي ضربت ديوان العرب؟!..ولماذا نترك هذه السموم تتغلغل إلى أفكارنا ومجتمعنا لتنافس أو لتقتل قيمنا الاجتماعية العربية الجميلة..؟!من المسؤول عن هذه الطامة..؟!
رغم هذه الخطوب والذنوب مازلنا نقف مكتوفي الأيدي نتفرج على هذا المشهد الدرامي الموجع دون أن نحرك ساكنا..أين الناقد الموضوعي الذي يقول لا لهذه الوضاعة..الذي يميز المعادن النفيسة من الزائفة الذي يعيد الموازين والقيم إلى وضعها وطبيعتها..الذي سيعالج فساد الأذواق ..؟! إنها لمهازل وعار يسكن رؤوس من يحسبون نفوسهم كبارا ويمثلون أنفسهم كتابا ونقادا ويقلدون نحور الجواري وينصبوهن أميرات وفارسات وملكات للشعر والأدب..
والويل لأمة ترفع الوضيع وتبجله وتغفل عن الجدير بالتبجيل وتحقره وتهمله ..لا فرق عندها بين المعدن الاصيل والزائف مادام فيهما البريق..ولكن علينا أن لا ننسى أن بريق الزائف قصير الأمد ومثلما رفعته الأبدان ستنزله الخواطر والأقلام يوما ما سوف يصحو النيام ويعيدون تقويم التقييم والأحكام..
فمن السخافة أن نتحدث عن التكريمات التي تلوثها المصالح والشبهات..وأن نذيع أخبارها ونباركها فنحن بذلك نشارك في هذه المهازل والجرائم في حق القلم والإبداع
فلا خير في أمة عندما تتخذ الجسد معيارا في تقييم الأدب..فليكبر عليها أربعا وسلام عليكم ياعرب في زمن الرداءة أصبحت قاعدة الشهرة تقول..إن أردت البروز وحرق المراحل فما عليك إلا أن تكتب أدب المواخير والرقص والمجون والسكر والليالي الحمر
_________________________________
مقال بقلم الأديبة الجزائرية سحر القوافي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق