(الشام في مرايا البوح وثنائية الوطن والأنثى ) دراسة لقصيدة (يا شام )للشاعرة هيام منور ………
كثيرة هي القصائد التي استمدت وهج حروفها من فتنة الشام وكثيرون هم الشعراء الذين سحرتهم الشام مدينة نهرا أهلا وعراقة حضارة .ولن تكون هيام آخرهم . لذا لا بد من وضع القصيدة في سياقها الأدبي بين القصائد التي تناولت المدينة .وإذا كانت العاشقة هيام والمعشوقة الشام فليس لنا إلا أن نثمل بحروفها من غير مدام .
ومن حمأة الوله الذي تضج به القصيدة نستطيع القول .إن حروفها بالكامل لا تخرج عن تضاريس هذاالجوى.بل إن سحائب العشق هي التي أمطرت الشام حبا …
وفي ثنائية واضحة تضج بها القصيدة تبدأ خيوطها من العتبة الأولى للفعل الشعري ..من العنونة (يا شام ) فهناك صلة رحمية بين العنونة والنص ففي هذا النداء المتبوع بكلمة شام بما في الاسم من مد (الألف ) هذه الألف التي تعطي الروح توقا لتصل آخر حبة رمل في بيداء الشام امتدادا وحتى أعالي قاسيون صعودا بل قمم جبالنا السورية السامقة بما يتناسب مع شموخ دمشق وهذا النداء الذي يبدو كصوت صارخ في فضاءات حياتنا ..أن تعلقوا بالمدينة الأقدس .أقيموا سبل عظمتها ..هو نداء خرج إلى معاني التحبب والتودد..كأنه بخور يفوح عطرا فوق قداسة المكان .وفي هذا النداء يختلط الحابل بالنابل (فيما يخص ثنائيةالشام ..المدينة والمعشوقة )فلا نكاد نتبين الخيط الأبيض من الأسود..فالنداء يمكن أن تخاطب به دمشق ..مدينة ومعشوقة ..حتى أن معاني البيت لا تخرج عن دائرة هذا الخلط ….فالحبيبة غمام عشق لا يروي ظمأ الحبيب إلاها .وهذا العشق في القصيدة وإن خرج إلى تعالق الذكر والأنثى في الظاهر إلا أنه في العمق هو عشق للمدينة ومن ورائه عشق للوطن وأمجاده وهو بالتالي وإن بدا عشقا للجسد الأنثى ..المدينة .إنما يتقصد القيم النبيلة التي ينطوي عليها هذا الكيان المادي ……….
تبدأ الشاعرة قصيدتها بنجوى تتكئ على التقريرية بعد النداء يا شام ليأتي القول الفصل .أنت غمام العشق ينسكب وليس إلاه يروي ظمئي…
وتدخل لغة الحوار في خطابها فتطرح سؤالا ظلت مقاصده في حضرة الغياب وفي حالة ضبابية إلا أن الإجابة التي أفاد بها سلسبيل بردى تشي بمراميه .. فالشوق للشام مرده الى الماء المتدفق من شرايين بردى
وفي قولها سألت عنك …أي بحثت عن سر تعلق الأفئدة بك وبلفتة ذكية تخبرنا أن الشام مدينة الياسمين والفل هي مدينة السلام والمحبة وما يجذبها نحو المدينة المعشوقة هي هذه الورود …والياسمين رمز الطهر والنقاء … ومن قاسيون غزلت شعرها أغنية للنصر وتطلق زفرة تألم فتقول .. كم تألمت لما حل بك فجرحك هذا آلمني وما يجعلني أتعالى على جراحي ما تتمتعين به من مجد رفيع فصبرا إذ لا بد أن ينجلي ليل الألم ويشرق صبح النصر والفرح …. فانتصارك يلوح من قلب الآلام والتضحيات كالعطر لا يفوح إلا من خلال جراح الورد حماك الله يا شام فليكتمل مجدك بانتصاراتك التي تزداد يوما بعد يوم …
تلتمع المحاور الدلالية للنص من خلال مجموعة من الحقول الدلالية الطافحة في القصيدة .. من مثل .. حقل الوطن والأنثى .. جماليات الشام … مواساة الشام … وقد تضافرت هذه الحقول لتبرز البؤرة الدلالية المؤسسة على العشق للشام والتعلق بجمالياتها والشعور الوطني ..وذوبان الأنا ….. ومن الأبيات نلمح الإذابة التامة حيث ذابت ..أنا الشاعرة …في الموضوع من خلال مصهر الوجد وهو ما يؤكد أن عشقها للوطن ليس غيمة صيف بل وله قائم على أس العقل المتكئ على سنديان سورية وبازلت تاريخها الذي يبرعم إيمانا عميقا وينفجر فيض القلب قصائد تنداح جوى وغراما.. ونلحظ منذ البدء كيف توزع الشاعرة تقاسيمها وهي تعزف لحن العشق للشام بين دمشق الأنثى المعشوقة وبين دمشق المدينة …. الوطن
ونتبين كيف تركت الأبيات (1، 3، 5) في حالة من الضبابية بحيث يمكن أن يكون الخطاب موجها للمعشوقة الأنثى أما الأبيات (2، 4، 6، 7 ، فهي واضحة التوجه إلى الشام الوطن وبالعودة الى أعمد ة الشعر الذين تغنوا بالشام يبرز صوت الخالد الجواهري الذي يقيم تخوما بين الشام الوطن والشام الأنثى إذ يقول ….
وسرت قصدك لا كالمشتهي بلدا …..لكن كم يتشهّى وجه من عشقا
فالشام في نظره تظل المدينة التي ينعشه أن يشتم عبير ثراها
شممت تربك لا زلفا ولا ملقا …… وسرت قصدك لا خبا ولا مذقا
ولم يخرج أمير الشعراء شوقي عن هذا المسار فيرى الشام المدينة العريقة صاحبة المجد والحضارة …. حيث يأتيه السلام من أنسام بردى رقيقا
سلام من صبا بردى أرق ….. ودمع لا يكفكف يا دمشق
وعند خيمة الراحل الكبير نزار نضع رحالنا فهو أكثر من ماهى بين دمشق والأنثى وهذا المزج بين الأنثى والمدينة أو الوطن أو الأرض لم يأت من فراغ بل هو نتيجة لما بينهما من التقاء وتشابه فكلتاهما رمز للخصب والنماء وهما رمز للحياة والوعاء الذي يحوي بذورها ….والبدء الإنساني يتم بالخروج من رحم الأنثى ويكون الانتهاء دخولا في رحم الأرض …
فنزار يرى في دمشق ميسون …أتراها تحبني ميسون …
ويسقط عليها حالة المعشوقة بكل أبعادها لذا فقد لا تبادله الحب هذه الشام
…فالنساء ظنون …. وكم أرسل في خطب ودها فعاد الرسل وقد فتنوا بعيونها …
كم رسول أرسلته لأبيها ….. ذبحته تحت النقاب العيون
وهي ابنة العم …يا ابنة العم والهوى أموي …. وفي مكان آخر يماهي بين الشام والحبيبة فيقول ..
حبيبتي أنت فاستلقي كأغنية ……على ذراعي ولا تستوضحي السببا
كثيرة هي القصائد التي استمدت وهج حروفها من فتنة الشام وكثيرون هم الشعراء الذين سحرتهم الشام مدينة نهرا أهلا وعراقة حضارة .ولن تكون هيام آخرهم . لذا لا بد من وضع القصيدة في سياقها الأدبي بين القصائد التي تناولت المدينة .وإذا كانت العاشقة هيام والمعشوقة الشام فليس لنا إلا أن نثمل بحروفها من غير مدام .
ومن حمأة الوله الذي تضج به القصيدة نستطيع القول .إن حروفها بالكامل لا تخرج عن تضاريس هذاالجوى.بل إن سحائب العشق هي التي أمطرت الشام حبا …
وفي ثنائية واضحة تضج بها القصيدة تبدأ خيوطها من العتبة الأولى للفعل الشعري ..من العنونة (يا شام ) فهناك صلة رحمية بين العنونة والنص ففي هذا النداء المتبوع بكلمة شام بما في الاسم من مد (الألف ) هذه الألف التي تعطي الروح توقا لتصل آخر حبة رمل في بيداء الشام امتدادا وحتى أعالي قاسيون صعودا بل قمم جبالنا السورية السامقة بما يتناسب مع شموخ دمشق وهذا النداء الذي يبدو كصوت صارخ في فضاءات حياتنا ..أن تعلقوا بالمدينة الأقدس .أقيموا سبل عظمتها ..هو نداء خرج إلى معاني التحبب والتودد..كأنه بخور يفوح عطرا فوق قداسة المكان .وفي هذا النداء يختلط الحابل بالنابل (فيما يخص ثنائيةالشام ..المدينة والمعشوقة )فلا نكاد نتبين الخيط الأبيض من الأسود..فالنداء يمكن أن تخاطب به دمشق ..مدينة ومعشوقة ..حتى أن معاني البيت لا تخرج عن دائرة هذا الخلط ….فالحبيبة غمام عشق لا يروي ظمأ الحبيب إلاها .وهذا العشق في القصيدة وإن خرج إلى تعالق الذكر والأنثى في الظاهر إلا أنه في العمق هو عشق للمدينة ومن ورائه عشق للوطن وأمجاده وهو بالتالي وإن بدا عشقا للجسد الأنثى ..المدينة .إنما يتقصد القيم النبيلة التي ينطوي عليها هذا الكيان المادي ……….
تبدأ الشاعرة قصيدتها بنجوى تتكئ على التقريرية بعد النداء يا شام ليأتي القول الفصل .أنت غمام العشق ينسكب وليس إلاه يروي ظمئي…
وتدخل لغة الحوار في خطابها فتطرح سؤالا ظلت مقاصده في حضرة الغياب وفي حالة ضبابية إلا أن الإجابة التي أفاد بها سلسبيل بردى تشي بمراميه .. فالشوق للشام مرده الى الماء المتدفق من شرايين بردى
وفي قولها سألت عنك …أي بحثت عن سر تعلق الأفئدة بك وبلفتة ذكية تخبرنا أن الشام مدينة الياسمين والفل هي مدينة السلام والمحبة وما يجذبها نحو المدينة المعشوقة هي هذه الورود …والياسمين رمز الطهر والنقاء … ومن قاسيون غزلت شعرها أغنية للنصر وتطلق زفرة تألم فتقول .. كم تألمت لما حل بك فجرحك هذا آلمني وما يجعلني أتعالى على جراحي ما تتمتعين به من مجد رفيع فصبرا إذ لا بد أن ينجلي ليل الألم ويشرق صبح النصر والفرح …. فانتصارك يلوح من قلب الآلام والتضحيات كالعطر لا يفوح إلا من خلال جراح الورد حماك الله يا شام فليكتمل مجدك بانتصاراتك التي تزداد يوما بعد يوم …
تلتمع المحاور الدلالية للنص من خلال مجموعة من الحقول الدلالية الطافحة في القصيدة .. من مثل .. حقل الوطن والأنثى .. جماليات الشام … مواساة الشام … وقد تضافرت هذه الحقول لتبرز البؤرة الدلالية المؤسسة على العشق للشام والتعلق بجمالياتها والشعور الوطني ..وذوبان الأنا ….. ومن الأبيات نلمح الإذابة التامة حيث ذابت ..أنا الشاعرة …في الموضوع من خلال مصهر الوجد وهو ما يؤكد أن عشقها للوطن ليس غيمة صيف بل وله قائم على أس العقل المتكئ على سنديان سورية وبازلت تاريخها الذي يبرعم إيمانا عميقا وينفجر فيض القلب قصائد تنداح جوى وغراما.. ونلحظ منذ البدء كيف توزع الشاعرة تقاسيمها وهي تعزف لحن العشق للشام بين دمشق الأنثى المعشوقة وبين دمشق المدينة …. الوطن
ونتبين كيف تركت الأبيات (1، 3، 5) في حالة من الضبابية بحيث يمكن أن يكون الخطاب موجها للمعشوقة الأنثى أما الأبيات (2، 4، 6، 7 ، فهي واضحة التوجه إلى الشام الوطن وبالعودة الى أعمد ة الشعر الذين تغنوا بالشام يبرز صوت الخالد الجواهري الذي يقيم تخوما بين الشام الوطن والشام الأنثى إذ يقول ….
وسرت قصدك لا كالمشتهي بلدا …..لكن كم يتشهّى وجه من عشقا
فالشام في نظره تظل المدينة التي ينعشه أن يشتم عبير ثراها
شممت تربك لا زلفا ولا ملقا …… وسرت قصدك لا خبا ولا مذقا
ولم يخرج أمير الشعراء شوقي عن هذا المسار فيرى الشام المدينة العريقة صاحبة المجد والحضارة …. حيث يأتيه السلام من أنسام بردى رقيقا
سلام من صبا بردى أرق ….. ودمع لا يكفكف يا دمشق
وعند خيمة الراحل الكبير نزار نضع رحالنا فهو أكثر من ماهى بين دمشق والأنثى وهذا المزج بين الأنثى والمدينة أو الوطن أو الأرض لم يأت من فراغ بل هو نتيجة لما بينهما من التقاء وتشابه فكلتاهما رمز للخصب والنماء وهما رمز للحياة والوعاء الذي يحوي بذورها ….والبدء الإنساني يتم بالخروج من رحم الأنثى ويكون الانتهاء دخولا في رحم الأرض …
فنزار يرى في دمشق ميسون …أتراها تحبني ميسون …
ويسقط عليها حالة المعشوقة بكل أبعادها لذا فقد لا تبادله الحب هذه الشام
…فالنساء ظنون …. وكم أرسل في خطب ودها فعاد الرسل وقد فتنوا بعيونها …
كم رسول أرسلته لأبيها ….. ذبحته تحت النقاب العيون
وهي ابنة العم …يا ابنة العم والهوى أموي …. وفي مكان آخر يماهي بين الشام والحبيبة فيقول ..
حبيبتي أنت فاستلقي كأغنية ……على ذراعي ولا تستوضحي السببا
وهي أميرة حبه التي جن ولها بها ….شام يا شام يا أميرة حبي …كيف ينسى غرامه المجنون …. ونصل أخيرا إلى زبدة الكلام فالشام هي قصيدة النار والورد وبمجدها تتغنى القرون ….
وبخفة ورشاقة ينسل الشاعر من خطابه للشام كانثى ليبني الجدران فالأحياء والحارات ويقيم هيكل المدينة (الوطن )
يا زواريب حارتي خبئيني …بين جفنيك فالزمان ضنين
ويرى فيها الوطن بكامل مجده
وطني يا قصيدة النار والورد ….. تغنت بما فعلت القرون
وبخفة ورشاقة ينسل الشاعر من خطابه لها كأنثى ليبني الجدران والأحياء والحارات ويقيم هيكل المدينة ..الوطن ..
يا زواريب حارتي خبّئيني ….بين جفنيك فالزمان ضنين
ونرى كم من تقارب بين شاعرتنا هيام والشاعر الكبير نزار من حيث اعتبار الشام معشوقة …في قولها …
يا شام أنت غمام العشق منسكبا …….إذا ظمئت فمن إلاك يرويني
ونلحظ كيف تنزلق المسافة وتنكمش خارطة الأبعاد بين العشيقة والوطن .
فتتماهى كينونة العشيقة بمرتسمات المدينة..الوطن ..هو ذا التماهي قاب قلبين أو أدنى ..إذ يفصل من دمشق حبيبة ولا أحلى نكاد نشتم عطرها ورائحة أنفاسها من خلال حروفه ويبهرك سحر أنوثتها من ياسمين الحارات وحافات بردى وتحس ضجيج حركاتها من تموجات النهر وهي ذلك العبق الممتد من أقاصي الحلم حتى سدرة الروح
وتنسل شاعرتنا برشاقة ..كما نزار ..من خطاب الحبيبة إلى جماليات المدينة ..فتقول ..
سألت عنك . فقال الماء في بردى …..هل ينبع الشوق إلّا من شراييني ؟
أي نفس حميم ينبثق من هذه الحروف ؟؟
خطاب هو سليل حضارة المكان ودفء العلاقات وأريج بردى ..
خطاب يتقصّد الحيز المضيء من خارطة الوجود الكوني ..
إنها تقيم هيكل المدينة على أثافيها الثلاث .. الحضارة ..وقيم الأهل
..وروعة المكان ..
حروف تصهل بأنغام الوله والمجد تبرعم انتعاش براري الروح
كلمات تجيء حبلى بالمشاعر الطاغية ومحاولة جادة لأنسنة المدينة
وبالانتقال إلى المحور الدلالي الثاني …الشام وبواعث التعلق بها ..
نلحظ شوقي يركز مثلا على رقة نسيمها وعذوبة مائها وكثرة خضرتها وعراقة حضارتها ..
وتحت جنانك الأنهار تجري ….وملء رباك أورق وورق
ويضيف شاعرنا نزار إلى كل ذلك ذكرياته الدافئة فيها
يا سريري ويا شراشف أمي …يا عصافير يا شذا يا غصون
كما يمر الجواهري على مثل هذه الذكريات
دمشق عشتك ريانا وخافقة … ولمة والعيون السود والأرق
وتفصل الشاعرة هيام في جماليات الشام .
أساور الفل تغريني بمعصمها …والياسمين صباح النور يهديني
وما تزال الشام تغري بفتنتها وسمو مجدها الشعراء ليسكبوا عبير أرواحهم بوحا يطرب الفؤاد …وهم كثر ..وكيف لنا أن نمر بهم جميعا وهم يتغنون ببوابة التاريخ ..بالمجد الذي لا يغيب ….شآم ما المجد ..أ نت المجد لم يغب …فنشتم عطر الشام يفوح من قصائد الشعراء الشباب …
فهذا الشاعر بشار الجهني يمد الشام بنسغ الحياة المتجددة من خلال الاتكاء على الموروث الأسطوري فيجعل من دمشق طائر الفينيق ..
فالشام كطائر الفينيق خالدة ……لا ضير ما خربوا فيها وما احترق
وهذا الشاعر محمد سعيد العتيق الذي يحيل مشاعره شراعا على ساحل الكلام فيرى دمشق جنة الله على الأرض …
وتمطر شامنا قمرا وعطرا …ويورق عزّها شمما وزهرا
وتجد الشاعرة ازدهار رسلان في الشام …الحضارة والمجد ..
يا شام يا درة المكنون من عبق ….أنت الضياء وأنت النور والنار
وبالانتقال إلى المحور الثالث …مواساة الشام والتألم لمصابها ..
نجد الجواهري يشد من أزر الشام …فالشدائد لا تغير من المعدن الأصيل
دمشق صبرا على البلوى فكم صهرت …سبائك الذهب الغالي فما احترق
وشوقي يحز في نفسه ما أصاب الشام ..
وبي مما رمتك به الليالي ..جراحات لها في القلب عمق
ونسمع شاعرتنا هيام تقول …
يظل جرحك يا فيحاء يوجعني ….كالعطر يبزغ من جرح الرياحين
إنها تعانق أفق الشوق لحدود الهيام حيث تتكشف الحقيقة ومنها يتسرب الجمال بثوب الفكر المتجدد والمتألق
هي تبعث الروح في العبارة فتغدو رشيقة وترفعها من أوصال حروفها حتى تلفظ أنفاسها شعرا ..أنهارا تنبجس من تموجات الحرف ..
فهي تشتغل على المضمون ..الوطني .. كما على الجانب الجمالي الإنشائي من خلال نفس عاطفي يميل إلى الحماسة .. هذا وقد نقلت الشاعرة أسلوبها بين الخبر والإنشاء كعزف موسيقي …فجاء الإنشاء قرارا ليأتي الخبر جوابا ..إذ تبدأ بالجملة الإنشائية يا شام .ويأتي الجواب جملة الخبر ..أنت غمام العشق( ..فمن إلاك ..يرويني ؟ )هل ينبع الشوق ..إلا من شراييني ؟؟..(..يا شام …يحملني ورد .)(..يا فيحاء …يظل جرحك )ونوعت في الإنشاء بين النداء الذي خرج إلى معنى التودد والتنبيه والتألم (يا فيحاء .. يظل جرحك )والاستفهام الاستنكاري هل ينبع الشوق إلا من شراييني ؟؟وقد أكثرت الشاعرة من الفعل المضارع الذي يوحي بحيوية الحركة والديناميكية ليبرز حالة الشاعرة الموصوفة بتأجج المشاعر (ينبع ..يحملني ..يشجيني ..تغريني .. يوجعني ..الخ.)
اعتمدت الشاعرة البحر البسيط بما فيه من موسيقا انسيابية ارتكزت على حروف المد الألف في 0(شام .غمام .إلاك .بردى .الهوى .الخ.)
والياء في (يرويني .يغريني .يوجعني .اكتملي …الخ..)هي غنائية تنساب في تموجات تكاد تبعد النص عن الخطابية المباشرة..فتتواشج أنساق الأدب ومفاصل التاريخ وفضاءات الجغرافية كي تعيد صياغة أبجدية القلوب على وقع موسيقا فيها الدفء والانسياب كمياه جدول رقراق .هذا وقد كان إيقاعها الصوتي حاضرا من خلال وجدانها اليقيني وعاطفتها الصادقة …
وتبرز صورها من السجل الغزلي تعبر عن كينونة التماهي بين جمال الأنثى وروعة المدينة .فأكثرت من التشبيه البليغ ..أنت غمام العشق ..والاستعارة المكنية ..يحملني ورد ..فقال الماء ..الشوق ينبع ..الفجر يبتسم ..وكانت وظيفة هذه الصور امتاعية وحققت البعد الجمالي والتعبيري مما يؤكد براعة الريشة الفنية للشاعرة أخيرا لا بد من التنويه إلى بعض الهنات في النص …….ففي قول الشاعرة سألت عنك ..فقال الماء في بردى ..الأفضل لو قالت أجاب الماء في بردى (فلكل سؤال يا هيام جواب )..وفي قولها ..حماك ربي يا فيحاء فاكتملي مجدا ……
كلمة اكتملي هنا غير موفقة لأن الاكتمال يفترض النقصان ..فحبذا لو قالت انبثقي أو أية كلمة أخرى …وفي قولها من حين إلى حين ..هنا تركت فواصل زمنية ..بين الحين والحين فلو قالت في كل الأحايين ..لكان المعنى أكمل ..أخير نقول شكرا لك شاعرتنا المبدعة …
هكذا هم الشعراء يتأبطون دائما وطنا يلونونه بريشة عاشقة تراقص اللون برغم حرائق المرحلة وتطامي الانكسارات يظل الشاعر عرافا يحدو لقافلة الأمل ….محمد رستم ……….
وبخفة ورشاقة ينسل الشاعر من خطابه للشام كانثى ليبني الجدران فالأحياء والحارات ويقيم هيكل المدينة (الوطن )
يا زواريب حارتي خبئيني …بين جفنيك فالزمان ضنين
ويرى فيها الوطن بكامل مجده
وطني يا قصيدة النار والورد ….. تغنت بما فعلت القرون
وبخفة ورشاقة ينسل الشاعر من خطابه لها كأنثى ليبني الجدران والأحياء والحارات ويقيم هيكل المدينة ..الوطن ..
يا زواريب حارتي خبّئيني ….بين جفنيك فالزمان ضنين
ونرى كم من تقارب بين شاعرتنا هيام والشاعر الكبير نزار من حيث اعتبار الشام معشوقة …في قولها …
يا شام أنت غمام العشق منسكبا …….إذا ظمئت فمن إلاك يرويني
ونلحظ كيف تنزلق المسافة وتنكمش خارطة الأبعاد بين العشيقة والوطن .
فتتماهى كينونة العشيقة بمرتسمات المدينة..الوطن ..هو ذا التماهي قاب قلبين أو أدنى ..إذ يفصل من دمشق حبيبة ولا أحلى نكاد نشتم عطرها ورائحة أنفاسها من خلال حروفه ويبهرك سحر أنوثتها من ياسمين الحارات وحافات بردى وتحس ضجيج حركاتها من تموجات النهر وهي ذلك العبق الممتد من أقاصي الحلم حتى سدرة الروح
وتنسل شاعرتنا برشاقة ..كما نزار ..من خطاب الحبيبة إلى جماليات المدينة ..فتقول ..
سألت عنك . فقال الماء في بردى …..هل ينبع الشوق إلّا من شراييني ؟
أي نفس حميم ينبثق من هذه الحروف ؟؟
خطاب هو سليل حضارة المكان ودفء العلاقات وأريج بردى ..
خطاب يتقصّد الحيز المضيء من خارطة الوجود الكوني ..
إنها تقيم هيكل المدينة على أثافيها الثلاث .. الحضارة ..وقيم الأهل
..وروعة المكان ..
حروف تصهل بأنغام الوله والمجد تبرعم انتعاش براري الروح
كلمات تجيء حبلى بالمشاعر الطاغية ومحاولة جادة لأنسنة المدينة
وبالانتقال إلى المحور الدلالي الثاني …الشام وبواعث التعلق بها ..
نلحظ شوقي يركز مثلا على رقة نسيمها وعذوبة مائها وكثرة خضرتها وعراقة حضارتها ..
وتحت جنانك الأنهار تجري ….وملء رباك أورق وورق
ويضيف شاعرنا نزار إلى كل ذلك ذكرياته الدافئة فيها
يا سريري ويا شراشف أمي …يا عصافير يا شذا يا غصون
كما يمر الجواهري على مثل هذه الذكريات
دمشق عشتك ريانا وخافقة … ولمة والعيون السود والأرق
وتفصل الشاعرة هيام في جماليات الشام .
أساور الفل تغريني بمعصمها …والياسمين صباح النور يهديني
وما تزال الشام تغري بفتنتها وسمو مجدها الشعراء ليسكبوا عبير أرواحهم بوحا يطرب الفؤاد …وهم كثر ..وكيف لنا أن نمر بهم جميعا وهم يتغنون ببوابة التاريخ ..بالمجد الذي لا يغيب ….شآم ما المجد ..أ نت المجد لم يغب …فنشتم عطر الشام يفوح من قصائد الشعراء الشباب …
فهذا الشاعر بشار الجهني يمد الشام بنسغ الحياة المتجددة من خلال الاتكاء على الموروث الأسطوري فيجعل من دمشق طائر الفينيق ..
فالشام كطائر الفينيق خالدة ……لا ضير ما خربوا فيها وما احترق
وهذا الشاعر محمد سعيد العتيق الذي يحيل مشاعره شراعا على ساحل الكلام فيرى دمشق جنة الله على الأرض …
وتمطر شامنا قمرا وعطرا …ويورق عزّها شمما وزهرا
وتجد الشاعرة ازدهار رسلان في الشام …الحضارة والمجد ..
يا شام يا درة المكنون من عبق ….أنت الضياء وأنت النور والنار
وبالانتقال إلى المحور الثالث …مواساة الشام والتألم لمصابها ..
نجد الجواهري يشد من أزر الشام …فالشدائد لا تغير من المعدن الأصيل
دمشق صبرا على البلوى فكم صهرت …سبائك الذهب الغالي فما احترق
وشوقي يحز في نفسه ما أصاب الشام ..
وبي مما رمتك به الليالي ..جراحات لها في القلب عمق
ونسمع شاعرتنا هيام تقول …
يظل جرحك يا فيحاء يوجعني ….كالعطر يبزغ من جرح الرياحين
إنها تعانق أفق الشوق لحدود الهيام حيث تتكشف الحقيقة ومنها يتسرب الجمال بثوب الفكر المتجدد والمتألق
هي تبعث الروح في العبارة فتغدو رشيقة وترفعها من أوصال حروفها حتى تلفظ أنفاسها شعرا ..أنهارا تنبجس من تموجات الحرف ..
فهي تشتغل على المضمون ..الوطني .. كما على الجانب الجمالي الإنشائي من خلال نفس عاطفي يميل إلى الحماسة .. هذا وقد نقلت الشاعرة أسلوبها بين الخبر والإنشاء كعزف موسيقي …فجاء الإنشاء قرارا ليأتي الخبر جوابا ..إذ تبدأ بالجملة الإنشائية يا شام .ويأتي الجواب جملة الخبر ..أنت غمام العشق( ..فمن إلاك ..يرويني ؟ )هل ينبع الشوق ..إلا من شراييني ؟؟..(..يا شام …يحملني ورد .)(..يا فيحاء …يظل جرحك )ونوعت في الإنشاء بين النداء الذي خرج إلى معنى التودد والتنبيه والتألم (يا فيحاء .. يظل جرحك )والاستفهام الاستنكاري هل ينبع الشوق إلا من شراييني ؟؟وقد أكثرت الشاعرة من الفعل المضارع الذي يوحي بحيوية الحركة والديناميكية ليبرز حالة الشاعرة الموصوفة بتأجج المشاعر (ينبع ..يحملني ..يشجيني ..تغريني .. يوجعني ..الخ.)
اعتمدت الشاعرة البحر البسيط بما فيه من موسيقا انسيابية ارتكزت على حروف المد الألف في 0(شام .غمام .إلاك .بردى .الهوى .الخ.)
والياء في (يرويني .يغريني .يوجعني .اكتملي …الخ..)هي غنائية تنساب في تموجات تكاد تبعد النص عن الخطابية المباشرة..فتتواشج أنساق الأدب ومفاصل التاريخ وفضاءات الجغرافية كي تعيد صياغة أبجدية القلوب على وقع موسيقا فيها الدفء والانسياب كمياه جدول رقراق .هذا وقد كان إيقاعها الصوتي حاضرا من خلال وجدانها اليقيني وعاطفتها الصادقة …
وتبرز صورها من السجل الغزلي تعبر عن كينونة التماهي بين جمال الأنثى وروعة المدينة .فأكثرت من التشبيه البليغ ..أنت غمام العشق ..والاستعارة المكنية ..يحملني ورد ..فقال الماء ..الشوق ينبع ..الفجر يبتسم ..وكانت وظيفة هذه الصور امتاعية وحققت البعد الجمالي والتعبيري مما يؤكد براعة الريشة الفنية للشاعرة أخيرا لا بد من التنويه إلى بعض الهنات في النص …….ففي قول الشاعرة سألت عنك ..فقال الماء في بردى ..الأفضل لو قالت أجاب الماء في بردى (فلكل سؤال يا هيام جواب )..وفي قولها ..حماك ربي يا فيحاء فاكتملي مجدا ……
كلمة اكتملي هنا غير موفقة لأن الاكتمال يفترض النقصان ..فحبذا لو قالت انبثقي أو أية كلمة أخرى …وفي قولها من حين إلى حين ..هنا تركت فواصل زمنية ..بين الحين والحين فلو قالت في كل الأحايين ..لكان المعنى أكمل ..أخير نقول شكرا لك شاعرتنا المبدعة …
هكذا هم الشعراء يتأبطون دائما وطنا يلونونه بريشة عاشقة تراقص اللون برغم حرائق المرحلة وتطامي الانكسارات يظل الشاعر عرافا يحدو لقافلة الأمل ….محمد رستم ……….
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق