الخميس، 14 ديسمبر 2017

فوضى السكينة :/ كريمة حميدوش / المغرب,,,,,,,,,

فوضى السكينة :
مضت عشرون سنة و هو يدنس أراضيها بالصمت ... مضت عشرون سنة و هو يدنس أراضيها بالسحت ...أقسم يوما أنه سيرهق أفكارها و يكسر شموخها ...أقسم يوما انه سينتقم منها ... أضحوكة و اعجوبة الجهل ... اقسم أن ينتقم لان الأقدار اختزلت وجوده معها كزوج ... فاقسم ان ينتقم منها ...كان حاقدا كالذئب المسعور ...لأن حبه بريء وعقله خبيث ... لم يكن حبه إلا تملكا ...فزاد جنونا حين صارت لغيره...
أقسم و بقى على القسم عشرون سنة ...و هي تحاول أن تتماسك بأبسط الإيمان بالأمل المستحيل ... كان إيمانها يحارب الواقع و يقينها يقر للواقع الجمود ... أملها بغد أفضل ... براءة أم سذاجة ... كانت تؤمن بان الله لن يخذلها ..في كل عثرة ..تحتسب نعمة الخالق ... و ليس بينها و بينه إلا ظلمة الليل و الهدوء الموحش ...تتضرع له و تنيب إليه ...فتستعيد خطاها للرحيل ... لغد أفضل ...
كان يترقبها من قريب و من بعيد ...حتى يغتنم اجمل فرصة للإنتقام ... و في كل فرصة تتاح له يتعلق بها أكثر ... يحبها أكثر ...يزيد إعجابه بصلابتها ...و يزيد شراهة بالإنتقام ...
أشفقت لحالته .. فتقربت منه لتبرر الأقدار ...و كانت تلك اللحظة التي طالما انتظرها ... ماكرا حين ضن انه سيبقيها غبارا بالحياة...
فأهدته خنجر الإنتقام ..لتثبت له للمرة التالية أن حبه لم يكن إلا حالة جنون ارتجالي بلا حكمة و لا تعقل...
ذبحها من الوريد الى الوريد ... رماها ارضا و تنفس صعداء الإنتقام .... استراح اخيرا ... و شعر بهدوء الصخب بداخله ... شعر السعادة تغتريه وقد حقق الهدف الذي رام له طويلا ...
كسر شموخها ... و نفثها من الحياة ..
طريحة الأرض على شفاه الموت ... كانت تتبصره و تبتسم... لأن يقينها ان الذبح لم يكن إلا نهاية لفاصلة فضلى بين الأمس و الغد ...
كان يقينها كما تعودت دائما .... ان تمزق آمال السراب و تقطع حبال السعور ... و تنظف اراضيها من دنس الجنون ... حتى ترسم جغرافية نظيفة بحدود رصينة ... كما علمتها بفكرها و ايمانها دائما ...
هكذا ...من الأرض ...و بدماء الحياة رسمت اجمل لوحة لأمل حق يجاريه الواقع و القدر ...
ثم استدارت إليه و هو مثقل الخطوات يبتعد خطوة و ترده خطوة اخرى لأحظانها ... ابتسمت له قناعة و شفقة لفكره الشيطاني العليل بها ... و قالت بمخفض صوتها وكلها يقين بخطواتها نحو آفاق شقتها مسبقا ...
" كنت دائما جاهلا و حاقدا ...رسمت طريقك بظلي ... و ليست شمسي بأي جنب لترسم الظل ... عشرون سنة تسعى للضباب ... لتبرهن لنفسك انك الأتفه ... عشرون سنة لتبقى بحلقة العدم ... لأن و ببساطة ... نهاية مسارك هي بدايته ... و لن اكون لك لانها إرادتي ...أما انتقامك فليس إلا بداية لحياة ابدية أجمل ....
لا الوداع يليق ان يقال لاننا لم نلتقي يوما ... و لا السلام يليق بك لانك لن تجد السكينه اعماقك ... اما الصخب الذي انت به و كل ما يلمع .... ليس إلا نفثة خداع من مسعور بائس ... يقينا و قناعة... و هذا ظلي يتبعني ... و شمسي بالأفق الوسيط ترسمني ... و سبيلك الجحيم و ما همني" ...
قامت من الأرض متجملة بيقينها و قناعاتها ... لطالما تبصرت القدر ... و انابت الصبر ... فنالت سبيلا بورود الشموخ يحتضنها ... و ابتعدت و قلبه ينزف و ما انتقم ....
بقلمي : كريمة حميدوش
حقوق النشر محفوظة
...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق