الأربعاء، 16 يناير 2019

قراءة في قصيدة ( عناق الصبر ) للشاعرة التونسية " نجلاء عطية " هاشم خليل عبدالغني - الأردن,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

قراءة في قصيدة ( عناق الصبر )
للشاعرة التونسية " نجلاء عطية "
هاشم خليل عبدالغني - الأردن
تبدأ الشاعرة " نجلاء عطية " نصها (عناق الصبر ) بكلمة عناق لهذه الكلمة دلالة خاصة .. فالعناق : " ضم العنق للعنق والصدر للصدر بمحبة وشوق وود " فللعناق دلالات متعددة من أبرزها الدعم والمساندة ، ومنها أنا معك في السراء والضراء ، وهو دليل الاحتواء والحماية من المحن . وكما قيل:( إن العناق لغة لا يفهمها إلا العشاق ولا تحتاج لكلام، فوحدها تعبر عن المشاعر ) سنلقي الضوء فيما يلي على قصيدة عناق الصبر .
تقول الشاعرة نجلاء عطية عانق " الصبر الأمل " فالعناق تم بين الصبر" بمعناه الواسع من تجلد وحسن احتمال وصبر على المكروه دون جزع " وبين الأمل "بما يحمله من رجاء قوي وتفاؤل شديد " .
تعانق "الصبر والأمل "عناقا حارا على حافة زمن تجاوزته الأحداث , بصرف النظر عن طوله أو قصره ....وأثناء العناق دمعت عيون الصبر تأثراً وانفعالا متضرعاً إلى الله طلباً منه العون ، كابتهال أيوب عليه السلام لربه الذي (اشتهر بصبره على فقد أهله وماله وما أصابه من أمراض فردّ الله عليه صحّته وماله ورزْقه وأولاده ...يقال يا صبر أيوب ) .مبتهلا أن يحفظ الله معذبي القلب والجسد والروح .
إذا كان الصبر يبكي ويبتهل ليحفظ الله المعذب المعنى ...فإن الأمل يضحك ساخرا من طول طريق المعاناة والألم ، ورغم ذلك استطاع الأمل انتزاع البهجة والمتعة ، من ذاكرة الغفلة والنسيان ،وفقدان الذاكرة والاضمحلال ، انتزعها من زمن طاغٍ متكبر صعب .... (( نلاحظ موقفان متضادان بين الصبر والأمل في مواجهة نفس الموقف )).
" عناق
عانق الصبر
الأمل
على خاصرة الزمن
بكى الأول مبتهلا أيوب
ليحفظ المعنى
ضحك الثاني من طول الطريق
واقتلع زهرة النسيان
من ذاكرة الزمن العنيد "
وتشير الشاعرة إلى أن ( الصبر والأمل ) نظرا معاً ، من خلف المرايا الكئيبة المعتمة (الحزينة ) لأوضاعنا البائسة وظروفنا القاسية على كافة الأصعدة ، فرأيا المنفذ الذي سيعلمنا و يحررنا من واقعنا المرير على هيئة غراب ، ( في اقتباس من القرآن الكريم لقصة قابيل وهابيل والغراب ) علما أن التاريخ علمنا أن المنقذ الوحيد هو الشعب .
" ونظرا من خلف المرايا الحزينة
إلى غراب جديد
قادما من بعيد "
يبذر بذور الحب المنزه عن الصغائر والأمل القادم " في أرض الأحلام وضفائر الأمهات المضطربة المترددة
كما تؤكد الشاعرة أن الغراب المنقذ " المصلح المعلم " سيكون له دور في تعزيز الإخاء ومقاومة الوهن الذي يعيق التغيير والإصلاح .. وسَيُعَلمُ مفكرينا ومصلحينا ، حمل مشاعل الهداية والتغيير ، وليكونوا صمام الأمان لمجتمعنا من الهلاك والتخلف ، بتعرية ونزع ما يغطي المستور من عوراتنا ، من قبح وفساد وشر ونقص ، لا تخفى على أحد .
" يزرع شجرا مقدسا
في جدائل الأمهات
الحائرة
ويعلم نبيا كيف يعري
سوءة الألم
والتردي "
في إشارة من الشاعرة إلى ضرورة أخذ الدروس والعبر والإفادة من تجارب الماضي ، كي نغلق باب التراجع والنكوص. وَلِنُحسِنَ طريقة التعامل مع المواقف الحرجة .. التي تتطلب موقفا صلباً ثابتا، لذا علينا الحافظ على انجازاتنا التي حققناها من الاختراق أو التقهقر. وتجدر الإشارة إلى أن الشاعرة اقتبست من القرآن الكريم قصة خروج ادم وحواء من الجنة ... ولنتذكر القول المأثور " حلاوةُ الظفر تمحو مرارة الصّبر" .
يعلم الأوجاع بلاغة الأنين
و كيف يقضم آدم تفاحة
أمام باب جنة
موصدا لحين
مجمل القول ربطت الشاعرة " نجلاء عطية " بين الصبر والأمل
وأكدت أن الأمل ليس حلماً بل (طريقة لجعل الحلم حقيقة ، فالعقل القوي دائم الأمل ) كما أكدت أن الإنجاز (لا يقوم إلا على ساق الصبر )... فالأحلام تتحقق دائما بالصبر .
نص الشاعرة " نجلاء عطية " نص شعري يتسم بالرصانة والشفافية ، واللغة البسيطة المعبرة ، ويمتاز برهافة التعبير وبأسلوب شاعري خاص ، تعبر فيه الشاعرة عن تجربة إنسانية حية متشابكة مع الحياة والوعي والوجع . ، وأخيرا أتمنى مزيدًا من العطاء والإبداع والتألق المتواصل للشاعرة " نجلاء عطية " .
هاشم خليل عبدالغني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق