الأربعاء، 9 يناير 2019

قراءة في قصيدة " أحلام مغلقة " للشاعرة " هدى كريد " هاشم خليل عبدالغني - الأردن,,,,,,,,,,,,,,,,,,,


قراءة في قصيدة " أحلام مغلقة "
للشاعرة " هدى كريد "
هاشم خليل عبدالغني - الأردن
أحلام معلقة " بالقياس الاستدلالي " هل هي أحلام ملتبسًة مضطربة بعيدة عن الواقع ،أم فشل في تحقيق شيء منها فكانت مجرد أحلام بلا طائل، فظلت هذه الأحلام معلقة بين نعم ولا ... قلقة مرتبكة مهزوزة .. ومعلقة .
نتعرّف على الإحساس الغريب الذي شعرت الشاعرة " هدى كريد " به وهو يلامس ندف روحها "ندف أحلامها معلقة ". كما تحفل القصيدة بإشارات رمزية معظمها مأخوذ من حكايا ( ألف ليلة وليلة ) .
تبدأ الشاعرة النص بسؤال عن الطموح الكبير وانعدام الإمكانات
لتحقيقه ، الراحة ليست دائماً في تحقيق ما تريد ، بل في مدى إدراكك لما تستطيع تحقيقه .....ثم تتحدث الشاعرة عن أمانٍ اشتدت رغبتها في تحقيقها بُغْية مرجوَّة منها ، أي ما يتمنّاه الإنسانُ ويشتهيه فالشاعرة تحتاج لغيبوبة عشق لتظفر بمعاملة لطيفة رقيقة " كهمس عصفور صغير " وقبلة صادقة بريئة معطرة بأخلاط الطيب .
حين تكون أحلامك
بالسّماء
وقدماك
في الأوحال ؟
أشتهي سكرةَ أمنية
على درب بعيد
وهمسةَ عصفور صغير
وقبلة رضيع مضمّخة
بذاك العبير.
في هذا الجو الودي الفرح تنوي الشاعرة التنقل من مكان إِلى آخر بركوب " بساط الريح " لتتنقل بين (حكايا السند باد)، ضاحكة بملء إرادتها بكل فرح وابتهاج ساخرة من عسس الليل الذين يسلبون الناس آمالهم وأحلامهم .
تشير الشاعرة إلى قصة" شهريار " الذي قرر الانتقام من كل النساء بالقتل لأنه اكتشف خيانة زوجته له ، فنزيف دماؤهن عالق في حياة الشاعرة روحياً وذهنياً ، هذه الصورة المأسوية تطاردها أينما توجهت مادياً وحسياً .
أنتوي ركوب بساط الرّيح
لأسافر بين حكايا السند باد
وأضحك ملء سعادتي
من عسس الأحلام
يسجّلون بحقّ الحالمين
أقدس جريمة.
نزيفُ سبايا شهريار
في روحي الحائمة
حول خطى الرّاقصين
وحلقات المريدين ...
تعود الشاعرة " هدى كريد " بعد جولتها على بساط الريح في حكايا السند باد ، للحديث عن أحلامها الشاردة وأمانيها السابحة في الأوهام، تلك التي تسير على غير هدى ، فيسرح خاطرها وتغفل عمن حولها ...في صحراء التيه والضياع ، ففي هذا التيه الصحراوي ..هل تمتلك الشاعرة خارطة للعودة ومفاتيح الغرف مرصودة بحراسها الجان ، وغمغمة خرافية من محبس قمقم مستور للعفاريت والشياطين ،العودة في إشارة لصعوبة العودة فالطريق مرصود مسحور .
يا حلمي الشّارد
في صحراء التّيه
هل تملك خارطة الرّجوع
ومفاتيح كلّ الغرف المرصودة
وتمتمات القماقم المخبوء
في صدري ؟
تقول الشاعرة قبل الآن اختارني الضمير الوعي ( القمر ) من بين جمع من القلوب التي يربطها رباط المحبة والوئام ...همس مبشراً (بخبر سار ومفرح في جسم يشتعل ناراً متقدة )، بمواسم الحصاد التي سيعقبها مواسم عطاء وتجديد ، في زمن مختلف زمن الشموخ والعزة ، زمن لن يكبر ولن يشيخ ولن يختفي من الوجدان .
قبل الآن
اصطفاني القمر
من بين الجموع
ووشوش في جمر الضّلوع
أنتِ بشائر الصّباح
ومواسم الأمطار المباركة
في زمن هامته مرفوعة
لا يشيب
ولا يغيب.
كما تؤكد الشاعرة أن القمر قام بالإيحاء لها بأمور معينة منها: أن لا تصغي لصياح ونعيب غربان التخلف أعداء الحرية والحياة ، وهذا الأمر أثار إعجاب الشاعرة.. لذا هي فهي في غاية الفرح السعادة ، بما بثه القمر من أفكار غير مألوفة ومعروفة في نفسيتها
أوحيتَ إليّ
ألاّ أسمع يوما
أيّ نعيب.
كنتُ جَذْلى
مجنونة بالنّبإ العجيب
والسّرّ الغريب.
مع متغيرات متسارعة تبدل الحال فالشاعرة تقول : الأشواق تعصرني توجعني بلا جدوى أو فائدة مرجوة ، في ظل تبدل الحال أرتعش وأرتعد خوفاً وفزعاً... فأوضاعي مزرية مبهمة ، مع تعرضي لامتحان وابتلاء غير معهود ، فالصداع طال وأشتد .
الآن
تعصرني الأشواق
ولا أعصر خمرا
ترتجف يداي
ولا أعقد أمرا.
جفناي ينغلقان بلا نوم
وجسدي مسجّى
يختبر الموت كلّ لحظة.
الصّداعُ مزمن
من أوجاع الأبد.
تقول الشاعرة تحيط بي ومن كل جانب مقدمات الخراب والدمار يطاردني القتلة ، على أثر ذلك تجمدت وسكنت الدموع في عيني ، وعلت النفس قروح من كثرة وشدة النوائب والكوارث... تعود الشاعرة لتطلب من الحلم والأمل أن يأتي مجردا من القيود (الأمور والنواهي ) حتى لا يقضى عليها حية .
أشباح القتلى تحاصرني.
تشتهي دمائي المقصلةُ.
تجمّدت الدّموع في المآقي
فتقرّحت النّفوس
من جَلْد الدّواهي.
يا حلمي المجنون
تعال دون الأوامر والنّواهي
حتّى تكون
ولا توأد حيّا.
تقول الشاعرة رأيتك أيها الحلم في أحوال متعددة ، منها البراءة والوداعة كبراءة طفل رضيع ، يكبر وحين القطاف يرحل بلا استئذان ، باحثاً عن نظير جديد لا تبدده الظلمة .
رأيتك أخضر
وزهريّا.. رأيت بريّا
وبحريّا.. رضيعا
يشرب كلّ الرّحيق
فيكبر فجأة
ويرحل بلا استئذان
يبحث عن قرين جديد
لا تبتلعه الظّلمة.
تخاطب الشاعرة قلبها لماذا تخليت عن نصرتي ، وحملتني على الفشل ولماذا توقفت ولم تتركني أقاوم لأخر نبض في عروقي ! يا قلب لم تعد قلبي آلة جوفاء أنت... أصبحت امرأة بلهاء لا تمييز ،وتعلن الشاعرة أخيرا أنها وارت أحلامها الثرى بطرقتها الخاصة ، ولكن ليس على طريقة قابيل وهابيل التي ورد ذكرها في القرآن الكريم .
خذلتَني يا خافقي
وتوقّفت عن النّبض.
صرتُ أحمل آلة خرساء
صرتُ بلهاء
الآن
غيّبتُ أمنياتي
في تجاويف الحفر
وواريتُ سوأتها دون غراب
نص شعري يجمع بين التعلق بالحلم والواقع مع أحساس متنامي بالغربة غربة ألروح، الغربة الداخلية وما يصاحبها من شعور بالمرارة والفقد. يأتي استخدام الشاعرة للكلمات بطريقة تعمق إحساسها الحزين بالغربة.
السيرة الذاتيّة
- متحصّلة على الإجازة في اللّغة والآداب العربيّة
- عضو في عديد المنتديات الأدبيّة الافتراضيّة كالرّابطة العربيّة للومضة القصصيّة وقد صدر عنها الكتاب الرّابع من كنوز القصّة الومضة 2018 متضمّنا ومضات لها
- قدّمت مداخلات في إطار معرض أدب الطّفل عن قصص عبد التوّاب يوسف ومجدي صابر وقراءات حول بعض الشعراء والمفكّرين مثل شوقي بزيع
- صدرت لها مجموعة شعريّة بعنوان "أجمل هزائمي" 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق