الاثنين، 11 فبراير 2019

غواية / سرد وقصة قصيرة / محررة ومراسلة صحيفة فنون الثقافية / الاستاذة هدى كريد /: تونس ,,,,,,,,,,,,,,,

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏مشروب‏، و‏‏فنجان قهوة‏، و‏طعام‏‏‏ و‏منظر داخلي‏‏‏
غواية
استقرّ بي المقام في مدينة سوسة التي أدمنت حبّها ..عشق المدن كعشق النّساء لا يفسّر...في زيارتي اليوم كنت لاجئة..احمل حقائب الحرمان .لم ألاحظ صاحب العينين المغويتين ..كان يلاحقني يقفو أثري بنهم...بهذا أسرّ لي حين توطّدت بيننا العرى...واتّخذت مكاني في قلب المدينة النّابض بالحفاوة..المدينة العتيقة .لكم عشقتها وناجيت أسوارها واصغيت فيها الى قعقعة السّيوف وغنج النّساء في الخدور.. تحتشد الذّوات والوقائع فيّ..اغدو جمعا في صيغة مفرد..قطع صوته الحاسم تامّلاتي :
_ الغريب للغريب حبيب .. أتسمحين لي بالمجالسة حتّى أبدّد شيئا من وحشتك؟ ثمّ إنّي لا أستطيع أن آكل بمفردي. أردت أن أرفض و لكنّي اصطدمت بتينك العينين المغويتين ..
و كان مهدي سليل ملوك النّظرات .
قلت في حزم مصطنع:
لا أحبّ مؤاكلة الغرباء .. جهدت ألّا تنفضح دقّات قلبي المرحّبة ... هيروشيما داخلي دكّتها آلاف القنابل . أنا بقايا سفينة مثقوبة و هو الربّان .
لجّ في البقاء متوسّلا :
_ سيّدتي لا أحبّ التطفّل و لكن اتركيني أصلّ قليلا في محرابك و إن أزعجتك أطرديني من جنّتك إلى الأبد . تذكّرته فجأة . ظهر أمامي طيفا يقف حاجزا بيني و بينه .. يؤنّبني في صمت يقول كلمات لا أسمعها و مع ذلك أستشعر حدّتها : كيف تتجاسرين على هذا؟ من هذا الوغد الذي سوّلت له نفسه أن يأخذ مكاني... سأفاتحه عندما أعود في موضوع الطّلاق مجدّدا .. هذا أفضل لنا .. لست خائنة و ما كان عندي من أهل الخيانة و الغدر ... حزمت حقائبي لآخر اليوم الثالث وودّعت مهدي بعين كسيرة.. اخترت أن تكون السّفرة ليليّة .. عيناي ألفتا التستّر تحت جناح الظّلام. و في القطار قال قاطع التّذاكر بفجاجة: تذكرتك.. أأنت مصابة بصمم أم ببكم ؟
كدت أجيبه بنابيّ الكلام غير أنّي خشيت الدّخول في معركة خاسرة ... سيظنّ بي الظّنون و تختزن ذاكرته الرّجاليّة صفحات كثيرة عن نساء سيّئات السّمعة .. لن يفهم حتما طبيعة رحلتي اللّيليّة .
مددت يدي بالتّذكرة في لا مبالاة.. فليذهب إلى الجحيم مجرّد واحد يفكّر برأس مقلوب .. كم أودّ أن يكون للقطاف أوان فأحتزّ الرؤوس المقلوبة .
أنهيت الرّحلة الّتي استنزفت جنودي و فتحت الباب .. الظّلام دامس .. بالكاد تحسّست طريقي إلى مفتاح النّور.. إنّه ينام نوما طفوليّا و لعلّه لا يفكّر بالدّسائس الّتي تحاك بيني و بين الظّلام ...
هدى كريد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق