الثلاثاء، 19 مارس 2019

متابعات / كتبت ادارة صحيفة فنون الثقافية / نيران باقر / ما فوق الواقع في الفنون والآداب / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

مؤسسة فنون الثقافية العربية
صحيفة فنون الثقافية العربية
تغطية فنية / خاص فنون
متابعات / نيران باقر
****** ما فوق الواقع في الفنون والآداب *******
عندما نذكر كلمة (سريالي) فربما الأغلبية العظمى منا ستظن أنها اللوحات التشكيلية الغامضة والمعقدة التي تطلب توضيحا أكثر من قبل الرسام وربما هذا المفهوم يحمل نوعا ما جزءا من الحقيقة ولكن إذا تطرقنا للمعنى الحقيقي للسريالية وهي كلمة فرنسية(surrealism)ومعناها باللغة العربية " فوق الواقع" سنجد أنها مدرسة بنيت على نظريات الكاتب والأديب والشاعر الفرنسي أندريه بريتون (Andre Breton) ولقيت رواجا كبيرا بلغ ذروته في العقد الثاني من القرن العشرين وهدفها الارتقاء بالأشكال الواقعية وإعادة صياغتها الى أشكال تعكس مضامين فكرية وانفعالية وربما فلسفية ورمزية في العقل الباطن لتنقلها الى الواقع المرئي لنا بصورة أخرى إبداعية حسية يستطيع الجمهور المتذوق أن يدرك مغزاها. ومن انطلاقة هذه النظريات ولدت المدرسة السريالية الفنية ومن روادها الفنان سلفادور دالي ورينيه مارغريت وماكس أرنست وغيرهم..
وإذا تطرقنا الى عالمنا العربي وأذكر السعودية وقارنا هذا المفهوم به سنجد العديد من الكتابات الأدبية والشعرية التي واكبت الفنون التشكيلية تضمن المفهوم السريالي سواء في النص الأدبي أو الشعري. فعلى سبيل المثال كثيرا من كتابات الكاتبة والأديبة "د. خيرية السقاف " تحمل هذا المضمون فقصتها " اغتيال الضوء عند مجرى النهر" مثال حي على ان الضوء هو في اللاواقع وغير المرئي يرمز الى الإنسان وكذلك النهر الذي ربما يعني الأمل في عالم الكاتبة الخيالي .وينطبق هذا على بعض من كتابات الروائية "أميمة الخميس" في روايتها " الوارفة" ومعناها ورقة الشجر الخضراء العريضة التي يستظل بها الإنسان وقصدت بها الكاتبة الأمومة أو المرأة وبذا ترجمت الكاتبة عالم أحلامها الى واقع أو العكس. ولعل أغلب كتابات الأديبة الجزائرية "أحلام مستغانمي" تميل الى هذا الحس السريالي في التعبير ومن قرأ رواية " ذاكرة الجسد" سيجد نصوصا تعبيرية غاية في الروعة تنقلنا من عالم الواقع الى عالم حالم فتغذي العقل بتداعيات نابعة من اللاشعور بأسلوب منطقي منمق.
وإذا أشرنا الى عدد من النصوص في مجال الشعر العربي فلم تكن السريالية غريبة عليه منذ القدم فكثير ما تضمنت نصوص شعراء العهد الجاهلي أبياتا شعرية تحمل مضامين خيالية سريالية عميقة ولا يسع المقال ان يتطرق لها وربما نذكر نصوص بعض من شعرائنا المعاصرين. فمثلا كلمات الشاعر الأمير خالد الفيصل "استريحي يا الظنون الثايرة لا تشبين الحرايق في الخضر" قد حول هنا الشاعر ظنونه في عالمه الحالم الى شعلة من النار تحرق كل أخضر وليس يابسا اي ان حتى اللون وهو " الأخضر" قد أضاف للتعبير اللاواقعي قوة. كما في قصيدة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن " ثلاثة جدران" التي ترمز الى المرحلة العمرية التي يمر بها الإنسان من خلال وصف ما يرى على جدران بيت وترك لخيال القارئ ان يترجم عدد أفراد أسرة هذا البيت وأعمارهم والمأساة التي عاصروها متخذا فقط المفردات الرمزية السريالية التعبيرية في الكتابة.
ولم تكن السريالية غريبة أيضا على الفنون الأخرى مثل المسرح والسينما ولكنها تطلب من المشاهد رؤيتها أكثر من مرة لكي يستوعب الهدف منها.
ونستخلص من هذا ان السمات السريالية مترابطة سواء في مجال التأليف أو التعبير فهي عند سواهما نقلة للمشاهد أو عبور من عالمي الواقع والحلم الى عالم آخر يتسم بالإبداع الذهني الخالص وغالبا ما يكون أصدق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق