ابن جلا في منامِهِ الأخير
ساعاتٌ
أُخفيتُها في غيابةِ نفسٍ
مالَ نجمُها نحو الغروب . . .
تخطّاها
على دفَّةِ أرقٍ
ما كنتُ أنا بالأمسِ فاعلُه . . .
ألقى على جَسدٍ مُثقّبٍ بعيونِ الضّحايا
خطايا بسخونةِ ما انتهتْ . . .
أنكرتُها . . .
لكنَّها
تجرّدتْ أمامي من ثيابِ زمانِها ومكانِها . . .
عُريٌ
لا تسترُهُ خِرقةُ ندَم . . .
لا اختباءَ خلفَ ضَعْفٍ
كانَ بطشاً . . .
. . . . .
لستُ كذلك
لم أكنْ بقبحِ ما انتهيتُ إليه . . .
لولا أنَّهم
نحتوني من طينةِ خوفِهم . . .
برعوا في تجميلِ عيوبي إلى حدِّ لم تكنْ !
حتى أُلقيَ في مُخيّلتيَ
أنّي ما رجمتُ للهِ بيتاً . . .
سفكتُ دمَاً
ولو لشاة . . .
أبدلتُ وعداً بوعيد . . .
ما أتيتُ قبيحةً
اسودَّ لها وجهُ يوم !
. . . . .
علَّموا كفّي
كيفَ يتبرعمُ فيها الموتُ سيْفاً
هجرَ غِمدَه . . .
مَنْ أكون ؟
لأمتطيَ بتراءَ من دونِ وجَل . . .
لو تجاوزتِ الأنفاسُ مجراها بعيداً
فهي في قبضةِ يدي . . .
غلّقتْ زليخةُ الأبوابَ للعشق . . .
غلّقتُها أنا للموت !
حظيتْ بنبيّ
حظيتُ بثمارٍ حانتْ لقِطاف . . .
قدّتِ القميصَ من دُبرٍ
قددْتُهُ من كُلِّ الجّهات . . .
كنتُ مُتردّداً
لكنَّ السّهمَ مَقتلاً أصاب
الدَّمُ أساسُ الحُكم . . .
. . . . .
أُفرغَ عليَّ ما أُفرغَ على ذي بَسطة . . .
ألقابٌ
نعوتٌ
ألبسونيها
وإنْ جاءتْ فضفاضةً على بدني . . .
عرّابٌ في جُبّةِ واعظ
شمالاً يدعو
يميناً يؤمِّن . . .
إنَّها لحظاتُ صُنعِ إله
تقتطعُ الزمنَ من نَفَسِ التّعساء . . .
يباركُها السّامريُّ عنِ رِضا . . .
عجلٌ بخوارٍ
تأنسُهُ ما تشابهَ بينَ البقرِ من قرون . . .
تهتزُّ ذيولُ شبعٍ أعمى . . .
. . . . .
لم أسمعْ غيرَ صداي في جماجمَ فارغة
لا يمرُّ بها إلآ أنا
وحكايا
بهُتتْ في فمِ التّكرار . . .
نُفخَ في جوفي
ما يُوصلُ لنزعِ الخُفّين !
فكنتُ فوقَ ما تعرفُهُ عنّي ثقيف
ودونَ ما أعرفُهُ أنا . . .
انزعوا عيونَكم . . .
دعوني أتعرّى
ليسَ بوسعِ نهارِكم أنْ يراني هكذا . . .
فماذا عن ليلِكم الذي شرِبَ كأساً من جوعٍ ونام ؟
. . . . .
هِتافٌ
يختمُ يومي . . .
يجرُّني لخطوطٍ حُمرٍ في نسيجِ المنايا
حتى تصلّبَ ما في داخلي صلَفاً
يُصعّرُ للنّاسِ خدّاً . . .
آمنتِ الجّدرانُ قبلَ أنْ يمسَها صوتٌ . . .
ليسَ لِما يخطُّهُ قلمي بيْن بيْن . . .
فبطشت
لا رادَّ لسيفٍ فقيه . . .
دمُ الشّاةِ بدراهمَ
دمُكمْ بشروى نقير . . .
لم أبخسِ الميزانَ قطْ
مذْ أصبحتْ كفّتاهُ عندي !
فهل أطرقُ بابَ شِدادٍ غِلاظٍ وحدي؟
. . . . .
نُبّئتُ
أنَّي ما لا يُسمّى عندَ عُميانٍ
يموتُ يومُهم تحتَ أقدامِهم ضارعين
ما لَهم
يذهبُ ودائعَ
لا تُردّ . . .
أيُّها الشُّقاةُ بأحمالِ غيرِكم
متى تهجرون متاحفَ الشّمعِ لمثاباتِ الشّمس ؟
حتامَ تحسبونَ السّرابَ بحراً ثقُلتْ شِباكُه؟
تعساً . . .
أدمنتُ اللّونَ الأحمر
أدمنتمْ رفعَ اليديْن . . .
أتراكمْ تخلعونَ عاريةَ ما نسجتْهُ العصافيرُ من أحلام؟
. . . . .
إنّي
أراني أحملُ وزراً
قد يقصمُ ظهرَ توبةٍ
تعاليتُ أنْ أُمسكَ لها طرفاً . . .
يستعجلُني شقٌّ موعود
مكبولاً بما جنيْت . . .
بابٌ
يُفتحُ بألفِ لسانٍ
طالما أغلقتُهُ بسبّابةٍ
لا تعرفُ إلآ مُبرمَ موت . . .
لكنْ
دعوني أرثُ صالحةً
علّها ترقّعُ لي فجوةً يومَ الحساب . . .
إنْ أقبلَ سامريٌّ عليكمْ يوماً
ولو بقناطيرَ من ذَهبٍ
ردّوهُ من حيثُ أتى
أو افصلوهُ عن الحياةِ الدّنيا . . .
لأكونَ أنا آخرَ ما صنعتْهُ أصابعُ خوفٍ
طلاسمُ وعّاظٍ
طاقيّةُ إخفاء . . .
وإنْ
فلاتَ عضٍّ على إصبعٍ بعد . . .
هُم . . .
ما لكمْ في مسارِ غدٍ من اسمٍ تُنادونَ به !!
. . . . .
عبد الجبار الفياض
5/ آيار /2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق