دراستي النقدية لرواية شظية في مكان حساس للروائي وارد بدر السالم المنشورة في جريدة الدستور ليوم 4-8-2019
الجرأة والموضوعية في ... شظية في مكان حساس
دراسة نقدية يوسف عبود جويعد
عندما تشتدد مسؤولية الروائي، وتكون مهامه الكتابية صعبة وقلقة وحساسة، لأنها تمس جانب من حياتنا ظل مستوراً ومخفياً ولا يمكن كشفه وإظهاره أمام الملأ، لأنه من (التابوات) الحرجة التي تحتاج الى جرأة كبيرة ومغامرة لا تحمد عقباها إذا ما أتقن الروائي توظيفه كعمل روائي سوف يكون في متناول الجميع، ويكون مباحاً لكل متلق دون حجاب، من هنا أدرك الروائي وارد بد السالم ومن خلال روايته (شظية في مكان حساس) مع عنوان ثانوي (انفجار آخر مفخخة في بغداد)، أنه أمام مهمة تحتاج رفع الغطاء عن ممارسات حياتية طبيعية،نمارسها كل يوم، ونعيشها كل يوم، وهي جزء لا يتجزء من طبيعة حياتنا، الا إننا لانريدها أن تظهر في العراء، ونفضلها خلف أبواب مغلقة لا يرانا أحد من خلالها، تلك هي العلاقة الزوجية التي يظهر ما نريده أن يظهر، ونخفي ما نريده أن يختفي، هذا هو العالم الاحمر الذي يجمع المرأة والرجل تحت غطاء واحد،وبما أن أحداث هذا النص السردي يحمل رؤاً تدخل في إطار الغرائبية الواقعية، لأن الشظايا التي تتطايرت أثر الإنفجارات الكبيرة والكثيرة والمؤلمة والمروعة، والتي حدثت في بغداد، قتلت واعاقت ودمرت الكثير من الناس، وأصابتهم في اماكن متفرقة من أعضاء جسمهم، ومن الطبيعي أن تكون تلك الشظايا قد اصابت وإستقرت في اماكن حساسة جداً من جسم الإنسان، وهي أماكن تعتبر سر متعة الحياة ونشوتها وجمالها، ومن أجل إظهار بشاعة وقسوة وظلم وطاغوت هذه الإنفجارات وما خلفته من أضرار لأبناء هذا البلد نساءاً ورجالاً واطفالاً وشيوخاً وعجائزاً،ظهر منها ماظهر واختفى الذي لايمكن الوصول اليه أو كشفه حتى لاقرب الناس لنا لما يحمل من صعوبة في كشفه والحديث عنه، لأنه يدخل ضمن هذا العالم الاحمر الذي نفضله دائماً خلف الحجرات، ولكن الروائي وجد أمر السكوت عن حالات مثل هذه يعد سكوت عن الحق، ومجاباة الحرب وأضرارها، لذا فأنه يقدم لنا وعبر هذا النص السردي حالة يجب الكشف عنها رغم حرجها وحساسيتها التي وصلت الى حد أن بطل هذا النص لايمكن أن يتحدث عنه حتى لاقرب الناس منه ، الا الذين لهم دور في معالجته، ولكنه وبثقة عالية يختار المتلقي صديق عزيز ودود، ويجد ثقة لحمل أعباء هذا السر فيكاشفه في هذا السر الذي سبب ارباك كبير في حياة الاسرة، والتي تعرضت زوجته لحادثة إنفجار، وأصابتها بالكثير من الشظايا الناعمة التي تم إخراجها الا شظية ناعمة إستقرت في مكان حساس جداً:
(بعدما تمكنت من أن تثق بجسدها، تنهض، وتمشي، وتستحم، وتمارس الحياة الطبيعية في البيت، غير أنّ انفراج ساقيها هو ما ظل يلفت نظري بعد زوال المحنة كما لو أنها تخفي شيئاً بين فخذيها، وكنت اعرف ذلك المخفي الطائش الدقيق الذي حوّل نور الى إمرأة ثانية كما لو انها تحمل الحرب كلها في لحمة غير مرئية بحجم رأس الإصبع الصغير.) ص 21
وهكذا فإن هذه الشظية الناعمة الملعونة أصابت لحمة المرأة وإستقرت في بظرها، الأمر الذي أخل بنوع العلاقة الجنسية بين الزوجين، كونها وبسبب تحرك الشظية وعدم إستقرارها في هذا المكان الحساس سبب لها ارباك كبير في تكوينها الانثوي، فهي تحتاج الى زوجها أن يظل معها وأن يمارس هذه العملية بأستمرار ودون ملل وكلل بسبب الاوجاع التي المت بها، وكذلك بسبب إثارة مكامن الشهوة داخلها، الأمر الذي وجدها زوجها عملية مضنية وقاسية وصعبة وغير طبيعية، كما أنه أحس أن زوجته باتت غير طبيعية وتتصرف دون حياء وخجل وتطلب ذلك دون خجل، وهي التي يعرفها متحفظة وخجولة قبل هذا الحادث:
( كان جسدها اجتماعياً ومقدساً لأنه جسد سري، والمرأة اكثر من الرجل تحافظ على هذا السر، لكنه تبعثر في الانفجار وانسلخ عنه الحياء قسراً في الفحوصات والمعالجات والاسعافات والادوية والخياطة والترميم والترقيع، فأزالوا عنه الحشمة كثيراً أو قليلاً، ففقد استقلاليته ليموت مؤقتاً، لهذا تناضل المدام ليبقى جسدها حياً مهما كان الثمن لأنها امرأة تعي حالتها بطريقتها الاجتماعية لكنها لا تعي فداحة الأضرار التي شبب بها جسدها المشاع وهذه نصف المشكلة با أخي..)
وهكذا فإن البناء الفني لهذا النص السردي، يتطلب من الروائي حذر شديد ووعي كبير وثقافة عالية من أجل ان لايسهب في التفاصيل الجنسية ويجعلها رخيصة ومبتذلة واباحية وخادشة للحياء، لأن مهمته لم تكن مخاطبة المتلقي من الجانب الجنسي، ولكنه وجد من الضروري أن يكون خطاباً إنساني واجتماعياً، وإدانة كبيرة للحروب والانفجارات وما خلفته من أضرار بليغة أصابت وأضرت حتى بهذا الجانب المهم والحيوي في حياة الإنسان، وهكذا فإن الروائي إختار سياق فني ولغة واعية من أجل أن لا تكون خادشة للحياء ولا تكون مبتذلة ولا تكون لها ايحياءاً جنسياً يثير الغريزة الجنسية، ورغم وجود تلك الممارسات الا أنها لم تثير هذا الجانب، ولكنها تلقي بظلالها لتثير التعاطف مع تلك المرأة التي إنقلب واقع ما تعيشه الى حالة تحركها تلك الشظية الناعمة التي استقرت في لحمتها، كما نجد هذا الحياء والخجل من طرح معاناة تلك الاسرة الذي يتمثل بالزوجة، فالروائي وثق بالمتلقي كصديق حميم يحبه ويريده معه لمتابعة الاحداث، ووثق بالاطباء المعالجين أما بقية شخوص الرواية فلم يكن لهم علم بتلك الاحداث، الا صديق وهو مديره بالعمل الذي اضطر أن يكشف ما الم به، من اجل مساعدته والسماح له بالخروج من الدائرة قبل ساعة من انتهاء الدوام:
( سألت المرأة بفضول معتاد في حالات كهذه :
- وشبيها الحُرمة الله يكفيها الشر.
اطالت الشابة التحديق بي:
- ما بيها شي.. شظية بـ.. براسها..)ص 139
هذه الاصابة التي حدثت للزوجة أربكت الاسرة وغيرت نظام الحياة لديهم، فالزوج لم يستطيع اداء واجباته الزوجية في تلك الممارسة التي تتطلب منه الاستعداد لاكثر من مرة في اليوم، ووجدها حالة روتينية وعلاجية مقيتة ومزعجة مما اضطره بالاستعانة بالمنشطات الجنسية ومعرفة اتواعها الغالية منها والرخيصة الا انها احدثت لديه اضرار جانبية في صحته، منها وجع المفاصل، وخفقان القلب،:
( ازدادت الأمور سوءاً.
تحولتُ الى كائن لا معنى له ولا اقوى على فعل شيء
ضعيف وبائس ويائس ومسكين وحزين ورأسي مفرّغ من كل طاقة، حتى بتُ لا استطيع التفكير بحل اخير ينقذ بيتي من هذه الورطة الغريبة التي صارت تفوح منها رائحة العرق والمني والحمّام والعطور الدخيلة والحبوب الجنسية متعددة الالوان والحجوم والعيارات)ص 205
وقد ساءت حالت الزوجة وصارت صعبة المزاج وتتطالب بالكثير، وتتوجع وتتأوه وتصرخ ولا تسكت الا باسعاف طلبها، وكان لابد من ايجاد حلول تنقذ الاسرة وبدأ بالطبيبة النفسية التي اكتشف من خلالها ان تلك الشظية الناعمة المستقرة داخلها سببت لها زيادة تتدفق الهرمونات الانثوية، وحالة من الهياج والشبق الدائم وعليه أن يكون معها ولا يتركها، وعندما وجد ان العلاج النفسي لا يجدي نفعاً لجأ الى العلاج الجراحي، وتم فحص الزوجة وتبين لدى الطبيب الجراحي ان لاحل لها سوى الختان، وهذا سوف يتسبب في فقدان الكثير من انثوتها.
( قلت لها بألم وأنا اغالب دمعاً:
- العملية ستعني ختانك.. وفي الختان تنتهي الآلام.
كانت عينا الديك فيها خافتتين وتفيضان بالدمع.
ضممتها الى صدري بحب وأنا أهمس بصوت كان عليها ان تسمعه بوضوح:
- هذه هي الحرب حبيبتي نور.. تقصُّ فينا اعز ما نملك .. فأستعدي لختانك.)
وهكذا نكتشف من الضروري والمهم الذي يجب على السارد أن يقوم به ، هو بحث عن كل ماهو مثير ومهم لكي يواصل دربه في مسيرة التجديد والحداثة، وفي هذا النص وبالرغم من تعرية المرأة امامنا وكشف المستور فيها، الا إننا لم نرى ذلك وانما نرى تعرية واضحة ومكشوفة وادانة صريحة للحروب والانفجارات الملعونة التي تسببت بأضرار كبيرة في البلد وأبناءه، وسوف يخطر في بالنا في الحال اعداد الناس الذين اصيبوا بهذه الاصابة، وكيف تكون حياتهم؟، وما خلفته تلك الاصابات اللعينة من تدمير كامل لحياتهم واسرهم، وهكذا فإن الجرأة والصدق والاحساس بالانسانية هو الامر الذي حدى بالروائي أن يضع امامنا هذه الحالة والتي سنجد الكثير منها، هم ضحايا لتلك الحروب المشتعلة والانفجارات المستمرة.
من اصدرات مؤسسة ثائر العصامي – للنشر والتوزيع لعام 2019
دراسة نقدية يوسف عبود جويعد
عندما تشتدد مسؤولية الروائي، وتكون مهامه الكتابية صعبة وقلقة وحساسة، لأنها تمس جانب من حياتنا ظل مستوراً ومخفياً ولا يمكن كشفه وإظهاره أمام الملأ، لأنه من (التابوات) الحرجة التي تحتاج الى جرأة كبيرة ومغامرة لا تحمد عقباها إذا ما أتقن الروائي توظيفه كعمل روائي سوف يكون في متناول الجميع، ويكون مباحاً لكل متلق دون حجاب، من هنا أدرك الروائي وارد بد السالم ومن خلال روايته (شظية في مكان حساس) مع عنوان ثانوي (انفجار آخر مفخخة في بغداد)، أنه أمام مهمة تحتاج رفع الغطاء عن ممارسات حياتية طبيعية،نمارسها كل يوم، ونعيشها كل يوم، وهي جزء لا يتجزء من طبيعة حياتنا، الا إننا لانريدها أن تظهر في العراء، ونفضلها خلف أبواب مغلقة لا يرانا أحد من خلالها، تلك هي العلاقة الزوجية التي يظهر ما نريده أن يظهر، ونخفي ما نريده أن يختفي، هذا هو العالم الاحمر الذي يجمع المرأة والرجل تحت غطاء واحد،وبما أن أحداث هذا النص السردي يحمل رؤاً تدخل في إطار الغرائبية الواقعية، لأن الشظايا التي تتطايرت أثر الإنفجارات الكبيرة والكثيرة والمؤلمة والمروعة، والتي حدثت في بغداد، قتلت واعاقت ودمرت الكثير من الناس، وأصابتهم في اماكن متفرقة من أعضاء جسمهم، ومن الطبيعي أن تكون تلك الشظايا قد اصابت وإستقرت في اماكن حساسة جداً من جسم الإنسان، وهي أماكن تعتبر سر متعة الحياة ونشوتها وجمالها، ومن أجل إظهار بشاعة وقسوة وظلم وطاغوت هذه الإنفجارات وما خلفته من أضرار لأبناء هذا البلد نساءاً ورجالاً واطفالاً وشيوخاً وعجائزاً،ظهر منها ماظهر واختفى الذي لايمكن الوصول اليه أو كشفه حتى لاقرب الناس لنا لما يحمل من صعوبة في كشفه والحديث عنه، لأنه يدخل ضمن هذا العالم الاحمر الذي نفضله دائماً خلف الحجرات، ولكن الروائي وجد أمر السكوت عن حالات مثل هذه يعد سكوت عن الحق، ومجاباة الحرب وأضرارها، لذا فأنه يقدم لنا وعبر هذا النص السردي حالة يجب الكشف عنها رغم حرجها وحساسيتها التي وصلت الى حد أن بطل هذا النص لايمكن أن يتحدث عنه حتى لاقرب الناس منه ، الا الذين لهم دور في معالجته، ولكنه وبثقة عالية يختار المتلقي صديق عزيز ودود، ويجد ثقة لحمل أعباء هذا السر فيكاشفه في هذا السر الذي سبب ارباك كبير في حياة الاسرة، والتي تعرضت زوجته لحادثة إنفجار، وأصابتها بالكثير من الشظايا الناعمة التي تم إخراجها الا شظية ناعمة إستقرت في مكان حساس جداً:
(بعدما تمكنت من أن تثق بجسدها، تنهض، وتمشي، وتستحم، وتمارس الحياة الطبيعية في البيت، غير أنّ انفراج ساقيها هو ما ظل يلفت نظري بعد زوال المحنة كما لو أنها تخفي شيئاً بين فخذيها، وكنت اعرف ذلك المخفي الطائش الدقيق الذي حوّل نور الى إمرأة ثانية كما لو انها تحمل الحرب كلها في لحمة غير مرئية بحجم رأس الإصبع الصغير.) ص 21
وهكذا فإن هذه الشظية الناعمة الملعونة أصابت لحمة المرأة وإستقرت في بظرها، الأمر الذي أخل بنوع العلاقة الجنسية بين الزوجين، كونها وبسبب تحرك الشظية وعدم إستقرارها في هذا المكان الحساس سبب لها ارباك كبير في تكوينها الانثوي، فهي تحتاج الى زوجها أن يظل معها وأن يمارس هذه العملية بأستمرار ودون ملل وكلل بسبب الاوجاع التي المت بها، وكذلك بسبب إثارة مكامن الشهوة داخلها، الأمر الذي وجدها زوجها عملية مضنية وقاسية وصعبة وغير طبيعية، كما أنه أحس أن زوجته باتت غير طبيعية وتتصرف دون حياء وخجل وتطلب ذلك دون خجل، وهي التي يعرفها متحفظة وخجولة قبل هذا الحادث:
( كان جسدها اجتماعياً ومقدساً لأنه جسد سري، والمرأة اكثر من الرجل تحافظ على هذا السر، لكنه تبعثر في الانفجار وانسلخ عنه الحياء قسراً في الفحوصات والمعالجات والاسعافات والادوية والخياطة والترميم والترقيع، فأزالوا عنه الحشمة كثيراً أو قليلاً، ففقد استقلاليته ليموت مؤقتاً، لهذا تناضل المدام ليبقى جسدها حياً مهما كان الثمن لأنها امرأة تعي حالتها بطريقتها الاجتماعية لكنها لا تعي فداحة الأضرار التي شبب بها جسدها المشاع وهذه نصف المشكلة با أخي..)
وهكذا فإن البناء الفني لهذا النص السردي، يتطلب من الروائي حذر شديد ووعي كبير وثقافة عالية من أجل ان لايسهب في التفاصيل الجنسية ويجعلها رخيصة ومبتذلة واباحية وخادشة للحياء، لأن مهمته لم تكن مخاطبة المتلقي من الجانب الجنسي، ولكنه وجد من الضروري أن يكون خطاباً إنساني واجتماعياً، وإدانة كبيرة للحروب والانفجارات وما خلفته من أضرار بليغة أصابت وأضرت حتى بهذا الجانب المهم والحيوي في حياة الإنسان، وهكذا فإن الروائي إختار سياق فني ولغة واعية من أجل أن لا تكون خادشة للحياء ولا تكون مبتذلة ولا تكون لها ايحياءاً جنسياً يثير الغريزة الجنسية، ورغم وجود تلك الممارسات الا أنها لم تثير هذا الجانب، ولكنها تلقي بظلالها لتثير التعاطف مع تلك المرأة التي إنقلب واقع ما تعيشه الى حالة تحركها تلك الشظية الناعمة التي استقرت في لحمتها، كما نجد هذا الحياء والخجل من طرح معاناة تلك الاسرة الذي يتمثل بالزوجة، فالروائي وثق بالمتلقي كصديق حميم يحبه ويريده معه لمتابعة الاحداث، ووثق بالاطباء المعالجين أما بقية شخوص الرواية فلم يكن لهم علم بتلك الاحداث، الا صديق وهو مديره بالعمل الذي اضطر أن يكشف ما الم به، من اجل مساعدته والسماح له بالخروج من الدائرة قبل ساعة من انتهاء الدوام:
( سألت المرأة بفضول معتاد في حالات كهذه :
- وشبيها الحُرمة الله يكفيها الشر.
اطالت الشابة التحديق بي:
- ما بيها شي.. شظية بـ.. براسها..)ص 139
هذه الاصابة التي حدثت للزوجة أربكت الاسرة وغيرت نظام الحياة لديهم، فالزوج لم يستطيع اداء واجباته الزوجية في تلك الممارسة التي تتطلب منه الاستعداد لاكثر من مرة في اليوم، ووجدها حالة روتينية وعلاجية مقيتة ومزعجة مما اضطره بالاستعانة بالمنشطات الجنسية ومعرفة اتواعها الغالية منها والرخيصة الا انها احدثت لديه اضرار جانبية في صحته، منها وجع المفاصل، وخفقان القلب،:
( ازدادت الأمور سوءاً.
تحولتُ الى كائن لا معنى له ولا اقوى على فعل شيء
ضعيف وبائس ويائس ومسكين وحزين ورأسي مفرّغ من كل طاقة، حتى بتُ لا استطيع التفكير بحل اخير ينقذ بيتي من هذه الورطة الغريبة التي صارت تفوح منها رائحة العرق والمني والحمّام والعطور الدخيلة والحبوب الجنسية متعددة الالوان والحجوم والعيارات)ص 205
وقد ساءت حالت الزوجة وصارت صعبة المزاج وتتطالب بالكثير، وتتوجع وتتأوه وتصرخ ولا تسكت الا باسعاف طلبها، وكان لابد من ايجاد حلول تنقذ الاسرة وبدأ بالطبيبة النفسية التي اكتشف من خلالها ان تلك الشظية الناعمة المستقرة داخلها سببت لها زيادة تتدفق الهرمونات الانثوية، وحالة من الهياج والشبق الدائم وعليه أن يكون معها ولا يتركها، وعندما وجد ان العلاج النفسي لا يجدي نفعاً لجأ الى العلاج الجراحي، وتم فحص الزوجة وتبين لدى الطبيب الجراحي ان لاحل لها سوى الختان، وهذا سوف يتسبب في فقدان الكثير من انثوتها.
( قلت لها بألم وأنا اغالب دمعاً:
- العملية ستعني ختانك.. وفي الختان تنتهي الآلام.
كانت عينا الديك فيها خافتتين وتفيضان بالدمع.
ضممتها الى صدري بحب وأنا أهمس بصوت كان عليها ان تسمعه بوضوح:
- هذه هي الحرب حبيبتي نور.. تقصُّ فينا اعز ما نملك .. فأستعدي لختانك.)
وهكذا نكتشف من الضروري والمهم الذي يجب على السارد أن يقوم به ، هو بحث عن كل ماهو مثير ومهم لكي يواصل دربه في مسيرة التجديد والحداثة، وفي هذا النص وبالرغم من تعرية المرأة امامنا وكشف المستور فيها، الا إننا لم نرى ذلك وانما نرى تعرية واضحة ومكشوفة وادانة صريحة للحروب والانفجارات الملعونة التي تسببت بأضرار كبيرة في البلد وأبناءه، وسوف يخطر في بالنا في الحال اعداد الناس الذين اصيبوا بهذه الاصابة، وكيف تكون حياتهم؟، وما خلفته تلك الاصابات اللعينة من تدمير كامل لحياتهم واسرهم، وهكذا فإن الجرأة والصدق والاحساس بالانسانية هو الامر الذي حدى بالروائي أن يضع امامنا هذه الحالة والتي سنجد الكثير منها، هم ضحايا لتلك الحروب المشتعلة والانفجارات المستمرة.
من اصدرات مؤسسة ثائر العصامي – للنشر والتوزيع لعام 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق