غيمة بلون امرأة
بدأت مؤخرة الغيمة البيضاء تهطل ،تساقطت قطرات الماء على وجوه الذكور في المدينة ،فبدأ المئات من أصحاب الدرجّات والسيارات يطلقون زماميرهم ،وكان أحدهم يلاحق حبات المطر وهو يلعن ويشتم قلة أدب الغيمة .
كان رجال الأمن يتضاحكون ، الناس تركض في الشارع يتصايحون بملء أشداقهم ،أصيب من أصيب بحالة ذهول شديد ،دخل العديد في حالة شبق هستيري ، تدافع الجميع من أجل نثلة يتذوقها ، فأطلقت النساء روائح خاصة ، وبين القيل والقال قيل مالا يقال :
- لو قرعوا بابي لفرشت لهم ما يوقف جنونهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كان رجل عجوز يتحسس طريقه وراء الغيمة ،يسرق خطاه وحيدا في أخر الشارع ،رغم تقدم عمره رقص الفرح في قلبه ، هتف وأخرج كل شهوته من عكازه " عائشة ...عائشة " ، توقف مبهورا مشدودا للغيمة الخارجة لتطفئ ظمأ العطاشى ، يضحك " الحطب الجاف يشتعل بسرعة " ، هز رأسه أين يمضي في هذا السباق العنيف .
الناس تركض جماعات ، وتلك الشتائم "صباح الخير يا سافرة " ،لماذا هذا التصلب وكل واحد يحمل عاطفة نداوة الجسد ،عظم شعور العجوز بالمرأة الكامنة في الغيمة ،غاب بشرود لذيذ لا يعرف السأم ،فشع وجهه المنكمش ، ودبت الليونة في التجاعيد المتخشبة ،فتح عينية اللتين بالكاد تتبينا في محياه ، وكلما تفحص في الغيمة كبرت الرغبات وتوهجت ،كان بوسعه أن يحدد في غياب الضمير وطأ ساقيها البيضاويتين ،لقد ولدت المرأة في الغيمة لتطلق رائحة المسلخ في سراويل الرجال .
تساءل أحد المهرولين :
-يجب إقامة الحد عليها
بصق رجل متدين لعاب شهوته ،وأشار إلى الغيمة التي تسير بغنج نحو البحر .
-ارجموا الغيمة ....إنها غير نظيفة
كانت الغيمة ذات جمال خارق ،وكلما أطال العجوز النظر فيها ،ملأت لطائف الغيمة عينيه كأنها هي العالم بحد ذاته ،لكنه يعتقد أيضا أن المرأة ولدت ملاك ،قال :
- عائشة الحب والفرح وضحكة الدنيا
- قد يكون ما قاله الملتحي أكثر صدقا
الآن المرأة في الغيمة ،وكل امرأة يمكن أن تكون غيمة ،وكل غيمة يمكن أن تلعب مع الهواء ،يحمل العجوز أحلام ترقص تحت لحاف فراشه حافية القدمين، تدور عائشة وتدور في عيونه الخمسة ، تُنْهِض اللقى من تراب الموت، ينفلت العجوز من وقاره ،ويصرخ :
- عائشة ...عائشة ، لا تغادري اليابسة نحو البحر
تشير له :
- تعال أنت
يشرب العجوز كأس النداء ،يأتي العشق مرة واحدة إلى قلب الإنسان ،يفترش وجه عائشة فوق الغيمة ، نظر...ابتسم ...ركض ...ترك كل عمره وركض ..صرخ ..جن جنون العجوز :
- عائشة ...عائشة
ردت الغيمة :
-حبيبي العجوز..
تلك المرة الأولى التي يكون صادقا فيها مع نفسه، ضرب الهرج صفوف الموتورين ، تطاير رذاذ من كهف التاريخ :
- ارجموا العجوز ..
مات وأثار الأحذية على رأسه ،في كل زمان عاشق وفي كل زمان موت ،نادت الغيمة :
- اخرج من موتك وتعال إلي
عاد صوت من الماضي السحيق :
- ارجموا الغيمة
أخرجوا بنادقهم من تحت ثيابهم ،بددت الرصاصات قطرات المطر في الغيمة ، بكت عائشة ... فانهمر المطر من حرقتها وهي تغادر اليابسة نحو البحر .
فؤاد حسن محمد – جبلة - سوريا
بدأت مؤخرة الغيمة البيضاء تهطل ،تساقطت قطرات الماء على وجوه الذكور في المدينة ،فبدأ المئات من أصحاب الدرجّات والسيارات يطلقون زماميرهم ،وكان أحدهم يلاحق حبات المطر وهو يلعن ويشتم قلة أدب الغيمة .
كان رجال الأمن يتضاحكون ، الناس تركض في الشارع يتصايحون بملء أشداقهم ،أصيب من أصيب بحالة ذهول شديد ،دخل العديد في حالة شبق هستيري ، تدافع الجميع من أجل نثلة يتذوقها ، فأطلقت النساء روائح خاصة ، وبين القيل والقال قيل مالا يقال :
- لو قرعوا بابي لفرشت لهم ما يوقف جنونهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كان رجل عجوز يتحسس طريقه وراء الغيمة ،يسرق خطاه وحيدا في أخر الشارع ،رغم تقدم عمره رقص الفرح في قلبه ، هتف وأخرج كل شهوته من عكازه " عائشة ...عائشة " ، توقف مبهورا مشدودا للغيمة الخارجة لتطفئ ظمأ العطاشى ، يضحك " الحطب الجاف يشتعل بسرعة " ، هز رأسه أين يمضي في هذا السباق العنيف .
الناس تركض جماعات ، وتلك الشتائم "صباح الخير يا سافرة " ،لماذا هذا التصلب وكل واحد يحمل عاطفة نداوة الجسد ،عظم شعور العجوز بالمرأة الكامنة في الغيمة ،غاب بشرود لذيذ لا يعرف السأم ،فشع وجهه المنكمش ، ودبت الليونة في التجاعيد المتخشبة ،فتح عينية اللتين بالكاد تتبينا في محياه ، وكلما تفحص في الغيمة كبرت الرغبات وتوهجت ،كان بوسعه أن يحدد في غياب الضمير وطأ ساقيها البيضاويتين ،لقد ولدت المرأة في الغيمة لتطلق رائحة المسلخ في سراويل الرجال .
تساءل أحد المهرولين :
-يجب إقامة الحد عليها
بصق رجل متدين لعاب شهوته ،وأشار إلى الغيمة التي تسير بغنج نحو البحر .
-ارجموا الغيمة ....إنها غير نظيفة
كانت الغيمة ذات جمال خارق ،وكلما أطال العجوز النظر فيها ،ملأت لطائف الغيمة عينيه كأنها هي العالم بحد ذاته ،لكنه يعتقد أيضا أن المرأة ولدت ملاك ،قال :
- عائشة الحب والفرح وضحكة الدنيا
- قد يكون ما قاله الملتحي أكثر صدقا
الآن المرأة في الغيمة ،وكل امرأة يمكن أن تكون غيمة ،وكل غيمة يمكن أن تلعب مع الهواء ،يحمل العجوز أحلام ترقص تحت لحاف فراشه حافية القدمين، تدور عائشة وتدور في عيونه الخمسة ، تُنْهِض اللقى من تراب الموت، ينفلت العجوز من وقاره ،ويصرخ :
- عائشة ...عائشة ، لا تغادري اليابسة نحو البحر
تشير له :
- تعال أنت
يشرب العجوز كأس النداء ،يأتي العشق مرة واحدة إلى قلب الإنسان ،يفترش وجه عائشة فوق الغيمة ، نظر...ابتسم ...ركض ...ترك كل عمره وركض ..صرخ ..جن جنون العجوز :
- عائشة ...عائشة
ردت الغيمة :
-حبيبي العجوز..
تلك المرة الأولى التي يكون صادقا فيها مع نفسه، ضرب الهرج صفوف الموتورين ، تطاير رذاذ من كهف التاريخ :
- ارجموا العجوز ..
مات وأثار الأحذية على رأسه ،في كل زمان عاشق وفي كل زمان موت ،نادت الغيمة :
- اخرج من موتك وتعال إلي
عاد صوت من الماضي السحيق :
- ارجموا الغيمة
أخرجوا بنادقهم من تحت ثيابهم ،بددت الرصاصات قطرات المطر في الغيمة ، بكت عائشة ... فانهمر المطر من حرقتها وهي تغادر اليابسة نحو البحر .
فؤاد حسن محمد – جبلة - سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق