الثلاثاء، 23 يناير 2018

قصة قصيرة ءءءءءءءءءء ذاكرة مرهقة / سرحان الركابي / العراق ,,,,,,,,,,,,,



قصة قصيرة
ءءءءءءءءءء
ذاكرة مرهقة
ءءءءءءءءءءء
ءءءءءءءءءءء
.
. ها انا اتلمس جعبة ايامي المهروسة تحت عجلة الزمن الزاحف ببشاعة وقسوة متناهية , وكلي يقين ان ما يختض برأسي الان ليس سوى حقائق عشت تفاصيلها في يوم من الايام , اذ لم تكن مجرد احداث مهلهلة مرت كطيف عابر وانتهت بصمت , وعلى الرغم من انها لم تعد سوى شريط ممزق مركون في زاوية معتمة من الذاكرة الا انها تبدو لي في احيان كثيرة كوصمة عار تلاحق تاريخي المجهول والمنسي او كلعبة صبيانية جديرة بالاحتقار والتجاهل ,
. بيدين راعشتين وقلب راجف افتح فرجة صغيرة في الباب وأقف مترصدا ومتربصا , بعد فترة من الزمن قد تطول او تقصر يفتح الباب الموارب لبيتنا , وتطل ليلى برأسها كحمامة وديعة تنظر في اتجاهي تماما , وكأنها متأكدة من وجودي , وما ان تغمرني نشوة حضورها الباهر حتى اتسمر في مكاني كتمثال مصلوب في زمن متحجر , يتوقف الزمن وتتوقف معه الرغبات الصبيانية المندفعة كطوفان جارف , تخبو هواجسي وتنطفيْ تحت سطوة الخجل والتردد المريرة , لكنني وفي محاولة يائسة للخروج من ذلك الوضع المقرف ارسم ابتسامة بلهاء على وجهي , تبتسم لي بملامح طفولية مشرقة , فاتشظى امام انهمار موجات السحر ولحظة الظفر الحاسمة , اتسامى واسيح في عالم موشى باحلام خيالية لاحدود لها ,
كانت تعرف اني موجود واراقبها من مكان ما , تمد عنقها لتتفحص الشارع , فيندفع جسدها الى الامام ليغدو عرضة لنظراتي المتلهفة والخجولة , تنكشف مفاتن جسدها المنحوت بدقة , وتبرق عينيها السوداوين وهما تراقبان بلهفة حذرة , وتتضح مدى دقة ولطافة اصابع يديها الناعمة وهي تمسك بحافة الباب النصف مفتوح , ويتهادى شعرها الاسود الكثيف المنسدل على كتفيها كأنه موجة من موجات بحر هائج , كل تفاصيل جسدها المنحوت بعناية الهية تبدو جلية وواضحة لي , المسافة التي تفصلني عنها لا تتعدى الامتار القليلة وبامكانها ان تسمعني لو ناديتها , لكن انى يكون لي ذلك وانا تمثال مصلوب في زمن متحجر ومتوقف عند عقارب وهمية تبدو مثل كابوس مروع
. ما كنت استطيع فعله هو تلك الابتسامة البلهاء العجفاء التي تيبست فوق ملامحي مثل خارطة ثقيلة , فابدو مثل كائن غريب الاطوار وخائر القوى
. وعند تكرار تلك اللعبة المؤلمة والمقيتة اكتشفت انني كائن مسحوق ورعديد يخشى ان يراه الناس وهو يغازل ابنة الجيران , ولن استطيع التفوه بكلمة واحدة , اذ ان مجرد حضورها الساحر بالقرب من عالمي المنكمش يلقي بظلاله الثقيلة فيشل حركتي ويخرس لساني ويميت هواجسي ورغباتي ,
لقد تراجعت جذوة الاحلام والهواجس التي كنت اجري خلفها كارتعاشات سراب خادع , فرحت اتشبث واقبض باستماتة على اطراف نهايات لعبتي المريرة والحزينة , وتحت وطأة هزيمتي وفشلي المروع فضلت او بالاحرى اضطررت ان اراقب من بعيد كي التقط الاشارات والايماءات التي تصدر عنها والتي اخذت تتضاءل وتفتر حماستها رويدا رويدا بفعل بلادتي وشرودي , وقبل ان تنفلت خيوط لعبتي من بين اصابعي رحت اتخبط في اوحال هزيمتي متشبثا بكل الوسائل التي توصلني اليها , وكانت وسائلي وطرقي تنجرف دائما الى مسارات خجولة ومعتمة , كلماتي التي رحت اخطها على الورق ما هي الا لغة صامتة ومضللة وبعيدة عن الوضوح والمباشرة , الرسائل لغة العاجزين عن المواجهة والمشافهة العلنية , خطابي الذي انوي ايصاله اليها هو في الحقيقة وسيلة فاشلة لاجتياز عقبة الامتار الضئيلة التي تفصلني عنها , والذي عجزت محاولاتي المستميتة عن اجتيازه , فرحت الوح لها باوراقي الاخيرة ووسيلتي الباقية لارى ابتسامتها البائسة التي تيبست على شفتيها الذابلتين , وجسدها الذاوي وغمامة الحزن التي ترتسم على وجهها الطفولي كلما لاحت لها صورتي البليدة وانا الوح برسائلي التي لم تصل اليها
. لقد هدأت جذوة رغباتها الجامحة وماتت بفعل غبائي وترددي وشرودي , وكانت محاولاتي الاخيرة لايقاظ رغباتها المنكسرة عبثية وضائعة فقد رحلت بعيدا , لا اعلم ما اذا كانت قد تزوجت ام ذهبت الى مكان مجهول لن ترى فيه ابتسامتي الباهتة ولا يدي الراعشة وهي تلوح باخر الكلمات المقنعة والصامتة , لكنها تركت لي بابا نصف مفتوح ورسائل باردة وغير مقروءة ومحفوظة في ملفات حفظ علاها الغبار والاهمال ومسافات فاصلة ضئيلة لكنها كانت تبدو شاسعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق