قصة قصيرة
بعنوان ( كُن رجُلاً)
مقاعد بلاستيكية بأرجُلٍ معدنيّة مرصوصة ببعضها البعض مُشكّلةً دائرة كبيرة متقطّعة الأوصال أحياناً عند كل باب من أبواب الأطبّاء الذين يزاولون أعمالهم في تلك العيادة الطبيّة القديمة، رجالٌ ونِساء وأطفال كلٌّ له مقصدهُ من إحدى تلك الغرف، وكلُّ مريض (متضجور) يأتي دوره في نيل الفحص من الطبيبِ المقصود، يأخذُ وقتَه وكأنّه ينتقمُ لنفسهِ مستغلّاً كلّ دقيقةِ تأخّر في الانتظار وكلّ فلسٍ دفَعَهُ في سعر كُلفةِ الفحص، وصراخ الأطفال المرضى أو حتّى المرافقين لذويهم يصدحُ بأرجاء غرفة الانتظار المكتظّة، بينما الطّفل الصغير الذي يُعاني (الربو الحادّ) كان أكثرهم ألماً لنفسهِ ولذويه، ونوبات السُّعال التي تُلازمه مُستغلةً تمسك الطفل بالعويل المستمرّ، تكادُ أن تُجهِز عليه، وعلى أمّه التي تشعر بكلّ شكوى ألم من طفلها وكأنّها تقتُلها ألف مرّة، على عكس زوجها البارد باهتمامه والذي كان يُبرّر موقفة بأنّهُ مُحتسب بعد كلّ سؤال من زوجتهِ بأنّهُ رجلٌ وعليه إيجاد الحلّ ولو بشيءٍ بسيط من المساعدة لفلذة كبدها.
بعنوان ( كُن رجُلاً)
مقاعد بلاستيكية بأرجُلٍ معدنيّة مرصوصة ببعضها البعض مُشكّلةً دائرة كبيرة متقطّعة الأوصال أحياناً عند كل باب من أبواب الأطبّاء الذين يزاولون أعمالهم في تلك العيادة الطبيّة القديمة، رجالٌ ونِساء وأطفال كلٌّ له مقصدهُ من إحدى تلك الغرف، وكلُّ مريض (متضجور) يأتي دوره في نيل الفحص من الطبيبِ المقصود، يأخذُ وقتَه وكأنّه ينتقمُ لنفسهِ مستغلّاً كلّ دقيقةِ تأخّر في الانتظار وكلّ فلسٍ دفَعَهُ في سعر كُلفةِ الفحص، وصراخ الأطفال المرضى أو حتّى المرافقين لذويهم يصدحُ بأرجاء غرفة الانتظار المكتظّة، بينما الطّفل الصغير الذي يُعاني (الربو الحادّ) كان أكثرهم ألماً لنفسهِ ولذويه، ونوبات السُّعال التي تُلازمه مُستغلةً تمسك الطفل بالعويل المستمرّ، تكادُ أن تُجهِز عليه، وعلى أمّه التي تشعر بكلّ شكوى ألم من طفلها وكأنّها تقتُلها ألف مرّة، على عكس زوجها البارد باهتمامه والذي كان يُبرّر موقفة بأنّهُ مُحتسب بعد كلّ سؤال من زوجتهِ بأنّهُ رجلٌ وعليه إيجاد الحلّ ولو بشيءٍ بسيط من المساعدة لفلذة كبدها.
قامت إحدى المريضات
التي تنتظرُ دورها لبابٍ آخر غير مقصد ذوي الطفل، قاصدةً حمّام النّساء، من
رآها حَزر بإنّها انزعجت من صوتهِ اللّجوج كما الجميع، وخاصّةً مظهرها
يوحي لذلك المجتمع بأنّها ابنةُ دلالٍ لاتتحمّل الصّوت المزعج، وحقيبتها
الكبيرة المرافقة لها والتي لايُعرف مابداخلها سوى أنّ مظهرها الخارجيّ
يدلّ على بهض ثمنها،
استُغلّ مقعدها على الفور، فمن لايملك الصّبر لايبقى لهُ مكان، وفي خضم التأفّفِ وَالانزعاج، خرجَ من بين الحضور مُهرّجٌ ملوّنٌ بألوانٍ زاهيةً وأنفٍ أحمر كبير ومدوّر وهو يحملُ البالونات الملوّنة يقصد ذلك الطفل الباكي، انتبه له الطفل المريض باندهاش وكأنّ الألوان أنسَتهُ الحال الذي هو فيه، وبحركةٍ غير مدروسة لذلك المهرّج، احتضن والدة الطفل كي يمازحه بتحفيز غيرتهِ على أمّه، قفزَ الأب الثائر على زوجته من كومةِ الألوان ذاك وسدّد لهُ لكمةً كادَ أن يكسّر عظام وجهه، حاول الموجودين من بين المنتظرين أن يُبعدوا الرّجل عن المهرّج الوقح، وبين ضاحكٍ باستهزاء وبين معترضٍ بازدراء ومن وسط صُراخ الأطفال الخائفين على بطلِهم المهرّج، وقفَ الرّجل الملوّن كما الظاهر، ليخلع عن رأسهِ ذلك القناع، وإذا بها تلك الفتاة صاحبة الحقيبة الجميلة التي راهنَ الجميع بأنّها انزعجت من صوتِ الطفل تقول والدمُ يملأ شفتيها: آسفة سيدي كُنتُ أحاولُ أن أكونَ رجُلاً كي أُهدِّئَهُ.
٢٠١٨/٧/٥
هنـــد العميــــد/العــراق.
استُغلّ مقعدها على الفور، فمن لايملك الصّبر لايبقى لهُ مكان، وفي خضم التأفّفِ وَالانزعاج، خرجَ من بين الحضور مُهرّجٌ ملوّنٌ بألوانٍ زاهيةً وأنفٍ أحمر كبير ومدوّر وهو يحملُ البالونات الملوّنة يقصد ذلك الطفل الباكي، انتبه له الطفل المريض باندهاش وكأنّ الألوان أنسَتهُ الحال الذي هو فيه، وبحركةٍ غير مدروسة لذلك المهرّج، احتضن والدة الطفل كي يمازحه بتحفيز غيرتهِ على أمّه، قفزَ الأب الثائر على زوجته من كومةِ الألوان ذاك وسدّد لهُ لكمةً كادَ أن يكسّر عظام وجهه، حاول الموجودين من بين المنتظرين أن يُبعدوا الرّجل عن المهرّج الوقح، وبين ضاحكٍ باستهزاء وبين معترضٍ بازدراء ومن وسط صُراخ الأطفال الخائفين على بطلِهم المهرّج، وقفَ الرّجل الملوّن كما الظاهر، ليخلع عن رأسهِ ذلك القناع، وإذا بها تلك الفتاة صاحبة الحقيبة الجميلة التي راهنَ الجميع بأنّها انزعجت من صوتِ الطفل تقول والدمُ يملأ شفتيها: آسفة سيدي كُنتُ أحاولُ أن أكونَ رجُلاً كي أُهدِّئَهُ.
٢٠١٨/٧/٥
هنـــد العميــــد/العــراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق