من العراق
رسالةٌ من جنديّ أميركي إلى صديقتِه . . .
إنبوبةُ حرب
سكبوا فيها لا إنسانيّةَ الإنسان . . .
أغلقوها بصمّامٍ
لا يُفتحُ إلآ بشفرةٍ من موت . . .
ستذهبُ مُخلّفاً قلبَك قريباً من شُلّةِ أُنس مُتمرّدة. . .
لا تبريرَ لِما تفعل
الحديثُ المُتّسخ
لا تسمعُهُ أُذنٌ
تشغلُها الموسيقى . . .
العيونُ الملوّنة
لا ترى الحربَ كذلك . . .
لا تكترثْ لِما تفعلُهُ البنادق
حينَ تمارسُ هوايةَ الصّيدِ البشريّ . . .
أو رأيتَ السّماءَ تمطرُ حِمَماً . . .
أرضاً
اتشحتْ بأحمرَ قانٍ . . .
عيونُ الحربِ تعشَق
كنْ معشوقاً لها . . .
فكنتُ يا صديقتي
تلكَ الأنبوبةَ الخشبةَ العاشقة !
. . . . .
صديقتي
لا تنتظري عودتي بخير . . .
لم أعدْ
أعرفُ شيئاً
إسمهُ الحبّ
فقد قتلتْهُ مع أوّلِ رصاصةٍ
قتلتْ رجلاً . . .
الدّنيا هنا بارودٌ
تشربُهُ المآذنُ والكنائسُ معاً . . .
ضعي كُلَّ الذّكرياتِ في سلّةِ القَمامة
هي تفاهاتٌ
كما قالَ السّيدُ الرّئيس . . .
اذهبي مع صديقٍ في نُزهة . . .
لعرضِ فلمٍ رومانسيّ . . .
ضاجعيهِ إنْ شئتِ . . .
فقد غارَ كُلُّ شئٍ تحتَ حذائي الآسن . . .
. . . . .
النّاسُ هنا
يعشقون الجّمالَ برفيفِ فَراشة
بحُمرةِ شَفة
بقصيدة
بصوتِ مِئذنة
بناقوسٍ يُقرَع . . .
يُفتّتونَ قلوبَهم تحتَ الشّمس
ويزرعون الحياةَ
ولو أنَّ الموتَ على قربِ وريد . . .
لكنّنا لم ندعْهم يفعلونَ ذلك . . .
الحبُّ في بلدي جميلٌ كذلك
لكنّ سادتي على وجههِ
نثروا بثورَ الحروب . . .
فكانَ الأقبح !
. . . . .
العصافيرُ
كم كنتُ أُحبّ . . .
على الأغصانِ
تتركُ الآنَ أصواتَها
لتفوزَ بجناحٍ
يرسمُ في الفضاءِ قصيدةَ انعتاق . . .
الزّهورُ التي كنّا نقطفُها معاً
صرتُ
أدوسُها من غيرِ أسف . . .
يبدو أنَّ شكلي أصبحَ مُقرفاً
فقدتُ كُلَّ لونٍ أبيضَ في عالمٍ
اسودّتْ فيهِ تباشيرُ الصّباح . . .
عيونُ الموتى
تلاحقُني حتى في شربِ الماء . . .
تحولتُ من فتىً راقصٍ
يستبطنُهُ الصّخبُ في كُلِّ الأوقات
إلى قاتلٍ مُحترفٍ
يتشهّى دماءَ ضحاياه . . .
ليس بيني وبينَ العُتْهِ سوى خطوةِ طفلٍ صغير . . .
لا تُصلّي من أجلي . . .
الغُزاةُ
لا يستحقونَ الآ بصقةً على بابِ حانةٍ من رجلٍ مخمور . . .
. . . . .
خطبَ آمرُنا ذاتَ صباح . . .
جئنا هنا
لنمحوَ حروفَ الابتداء
نرسمُ بينَهم وبينَ أمسِهم خطَّ رماد . . .
ليسكنوا الصّفيح
ليملأَ الإنتظارُ بطونَهم أرغفةً من جوع . . .
هم ضارعون دوماً إلى السّماء
يرتقبونَ مائدةً
تحملُهُا أجنحةُ السّحاب . . .
إنَّهم
يبذرونَ مالا عودَ ينبُتُ لهُ في حَرث . . .
لكنَّ أصحابَ العَقدِ عندَهم
ميّالون إلى الإنتفاخِ السّريع . . .
يختلفونَ إلى مخادعِهم أكثرَ من ساحاتٍ
تموجُ بالتّعساء . . .
ما لُهم ومالُ غدٍ أسعدَ للصّغار . . .
شطبوا على مقولةٍ توارثوها
زرعوا فأكلنا . . .
هم سيّئون
لكنْ
ليسَ علينا بالتأكيد . . .
الوطنيّةُ
عندهم ثوبٌ يسرُّ النّاظرين
لكنَّهُ معروضٌ بأبخسِ الأثمان . . .
أعطِهم بعضَ شئ
خُذْ منهم كُلَّ شئ !
. . . . .
مازالوا هم
وما ملكتْ أيمانُهم في أعلى الجّبل
ليكنِ الطّوفان !
حقّاً إنَّهم دمىً لطيفة
تُتقنُ حركاتِ القرقوز بذكاءٍ
كالذي يُريدُهُ المخرجُ أنْ يكونَ
مسرحيّةً
تبدأُ بحكايةٍ من حكاياتِ جُحا
لتنتهي بذبحِ المعمدان ! *
السيناريست
يُلقي في جوفِهِ آخرَ ما تبقّى من شرابِهِ المُعتّق . . .
اللّمسةُ الأخيرةُ
أفرغَ فيها نهايةَ مشهدِ الأنحدار . . .
سأقتلُكَ
لأنَّكَ غيري !
العرضُ مُستمرّ بلا أقنعة . . .
. . . . .
أمكانٌ
فُضّتْ بهِ بِكارةُ الأرضِ
يحيا بلا ذاكرة ؟
تاريخٌ
نراهُ نائماً
لكنّهُ يرمقُنا بعينٍ
لا ترى فينا إلآ نسخةً من أقدامٍ تتريّةٍ
مرّتْ من هنا ذاتَ زمنٍ
تزاحمتْ فيهِ الأضداد . . .
إنّي أراني لنْ أعودَ إليكِ مُحمّلاً بعطورِ الشّرق . . .
فأصحابُ الأرضِ
ليسوا حَساءاً بارداً
كما في خُطبةِ الرّقيب . . .
إنّهم من الصّعبِ أنْ تلينَ لهم قناة . . .
عندما يلبسونَ الموت
نغصُّ نحنُ بحروفِ العصا الغليظة . . .
الرّصاصةُ
تموتُ بفمِ البُندقيّة . . .
لأصحابِنا منهم
يفتلُ شاربَهُ حفّارُ القبور !
. . . . .
عبد الجبار الفياض
تموز / 2019
* هو يحيى النّبيّ الذي ذبحه الملك هيرودس إرضاءً لسالومي الجميلة بعد رقصة الموت الشهيرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق