السبت، 20 يوليو 2019

من العراق رسالةٌ من جنديّ أميركي إلى صديقتِه ./ عبد الجبار الفياض / العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,,

من العراق
رسالةٌ من جنديّ أميركي إلى صديقتِه . . .
إنبوبةُ حرب 
سكبوا فيها لا إنسانيّةَ الإنسان . . .
أغلقوها بصمّامٍ 
لا يُفتحُ إلآ بشفرةٍ من موت . . .
إنّكَ الرّجلُ الخَشبة !
ستذهبُ مُخلّفاً قلبَك قريباً من شُلّةِ أُنس مُتمرّدة. . .
لا تبريرَ لِما تفعل 
الحديثُ المُتّسخ 
لا تسمعُهُ أُذنٌ 
تشغلُها الموسيقى . . . 
العيونُ الملوّنة 
لا ترى الحربَ كذلك . . .
لا تكترثْ لِما تفعلُهُ البنادق 
حينَ تمارسُ هوايةَ الصّيدِ البشريّ . . . 
أو رأيتَ السّماءَ تمطرُ حِمَماً . . .
أرضاً 
اتشحتْ بأحمرَ قانٍ . . .
عيونُ الحربِ تعشَق 
كنْ معشوقاً لها . . . 
فكنتُ يا صديقتي
تلكَ الأنبوبةَ الخشبةَ العاشقة !
. . . . .
صديقتي 
لا تنتظري عودتي بخير . . . 
لم أعدْ 
أعرفُ شيئاً 
إسمهُ الحبّ 
فقد قتلتْهُ مع أوّلِ رصاصةٍ 
قتلتْ رجلاً . . . 
الدّنيا هنا بارودٌ
تشربُهُ المآذنُ والكنائسُ معاً . . . 
ضعي كُلَّ الذّكرياتِ في سلّةِ القَمامة
هي تفاهاتٌ 
كما قالَ السّيدُ الرّئيس . . .
اذهبي مع صديقٍ في نُزهة . . .
لعرضِ فلمٍ رومانسيّ . . . 
ضاجعيهِ إنْ شئتِ . . .
فقد غارَ كُلُّ شئٍ تحتَ حذائي الآسن . . .
. . . . . 
النّاسُ هنا 
يعشقون الجّمالَ برفيفِ فَراشة 
بحُمرةِ شَفة
بقصيدة
بصوتِ مِئذنة 
بناقوسٍ يُقرَع . . .
يُفتّتونَ قلوبَهم تحتَ الشّمس 
ويزرعون الحياةَ 
ولو أنَّ الموتَ على قربِ وريد . . . 
لكنّنا لم ندعْهم يفعلونَ ذلك . . . 
الحبُّ في بلدي جميلٌ كذلك 
لكنّ سادتي على وجههِ 
نثروا بثورَ الحروب . . .
فكانَ الأقبح !
. . . . . 
العصافيرُ 
كم كنتُ أُحبّ . . . 
على الأغصانِ 
تتركُ الآنَ أصواتَها 
لتفوزَ بجناحٍ 
يرسمُ في الفضاءِ قصيدةَ انعتاق . . .
الزّهورُ التي كنّا نقطفُها معاً
صرتُ 
أدوسُها من غيرِ أسف . . . 
يبدو أنَّ شكلي أصبحَ مُقرفاً 
فقدتُ كُلَّ لونٍ أبيضَ في عالمٍ 
اسودّتْ فيهِ تباشيرُ الصّباح . . .
عيونُ الموتى 
تلاحقُني حتى في شربِ الماء . . .
تحولتُ من فتىً راقصٍ 
يستبطنُهُ الصّخبُ في كُلِّ الأوقات 
إلى قاتلٍ مُحترفٍ
يتشهّى دماءَ ضحاياه . . . 
ليس بيني وبينَ العُتْهِ سوى خطوةِ طفلٍ صغير . . . 
لا تُصلّي من أجلي . . .
الغُزاةُ 
لا يستحقونَ الآ بصقةً على بابِ حانةٍ من رجلٍ مخمور . . .
. . . . . 
خطبَ آمرُنا ذاتَ صباح . . .
جئنا هنا 
لنمحوَ حروفَ الابتداء 
نرسمُ بينَهم وبينَ أمسِهم خطَّ رماد . . . 
ليسكنوا الصّفيح
ليملأَ الإنتظارُ بطونَهم أرغفةً من جوع . . .
هم ضارعون دوماً إلى السّماء
يرتقبونَ مائدةً
تحملُهُا أجنحةُ السّحاب . . . 
إنَّهم 
يبذرونَ مالا عودَ ينبُتُ لهُ في حَرث . . . 
لكنَّ أصحابَ العَقدِ عندَهم 
ميّالون إلى الإنتفاخِ السّريع . . . 
يختلفونَ إلى مخادعِهم أكثرَ من ساحاتٍ
تموجُ بالتّعساء . . .
ما لُهم ومالُ غدٍ أسعدَ للصّغار . . .
شطبوا على مقولةٍ توارثوها
زرعوا فأكلنا . . . 
هم سيّئون 
لكنْ 
ليسَ علينا بالتأكيد . . .
الوطنيّةُ
عندهم ثوبٌ يسرُّ النّاظرين 
لكنَّهُ معروضٌ بأبخسِ الأثمان . . .
أعطِهم بعضَ شئ
خُذْ منهم كُلَّ شئ !
. . . . .
مازالوا هم 
وما ملكتْ أيمانُهم في أعلى الجّبل 
ليكنِ الطّوفان !
حقّاً إنَّهم دمىً لطيفة
تُتقنُ حركاتِ القرقوز بذكاءٍ
كالذي يُريدُهُ المخرجُ أنْ يكونَ 
مسرحيّةً 
تبدأُ بحكايةٍ من حكاياتِ جُحا
لتنتهي بذبحِ المعمدان ! *
السيناريست 
يُلقي في جوفِهِ آخرَ ما تبقّى من شرابِهِ المُعتّق . . . 
اللّمسةُ الأخيرةُ 
أفرغَ فيها نهايةَ مشهدِ الأنحدار . . .
سأقتلُكَ 
لأنَّكَ غيري !
العرضُ مُستمرّ بلا أقنعة . . .
. . . . .
أمكانٌ 
فُضّتْ بهِ بِكارةُ الأرضِ
يحيا بلا ذاكرة ؟ 
تاريخٌ 
نراهُ نائماً 
لكنّهُ يرمقُنا بعينٍ 
لا ترى فينا إلآ نسخةً من أقدامٍ تتريّةٍ 
مرّتْ من هنا ذاتَ زمنٍ
تزاحمتْ فيهِ الأضداد . . .
إنّي أراني لنْ أعودَ إليكِ مُحمّلاً بعطورِ الشّرق . . . 
فأصحابُ الأرضِ 
ليسوا حَساءاً بارداً 
كما في خُطبةِ الرّقيب . . .
إنّهم من الصّعبِ أنْ تلينَ لهم قناة . . .
عندما يلبسونَ الموت 
نغصُّ نحنُ بحروفِ العصا الغليظة . . . 
الرّصاصةُ 
تموتُ بفمِ البُندقيّة . . . 
لأصحابِنا منهم
يفتلُ شاربَهُ حفّارُ القبور !
. . . . .

عبد الجبار الفياض 
تموز / 2019

* هو يحيى النّبيّ الذي ذبحه الملك هيرودس إرضاءً لسالومي الجميلة بعد رقصة الموت الشهيرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق