الاثنين، 30 أكتوبر 2017

انوثة مؤجلة ./. قصة قصيرة / سهاد البندر ................./ العراق ,,,,,,,,,,,,,,,,

انوثة مؤجلة .. قصة قصيرة
سهاد البندر
.....................
على ارصفة الشوارع القائضة وبقايا دروب مثلومة ..تلملم ما تيسر لها من قماش يستر تلال صدرها الناهض وتصد اسراب اليمام التي تحوم حول منابعها الفائرة .
تجرجر عربتها ... عبر الازقة الضيقة لتسترد بعض ما سرقت منها الاقدار ومنحته لربات البيوت الفارهة 
على الضفة الاخرى من هذا القيض ... ً.............
ام علي بائع او بائعة النفط ...لا احد يعلم باسرار انوثتها
سوى تلك الثياب التي حجبت فورتها وتركت ضفائرها تطول في الخفاء... تجهدفي اخفاءها عن عيونهم لتبدو دائما بشخص ابو علي بائع النفط ..زوجها الذي رُفعت لوحته شهيدا آخر تزدان بها معارض السماء ..وتبقى وحيده مع طفليها ...
فاصرت على ان تكمل مشوار زوجها ابو علي لتصنع افقا جديدا .. لمستقبل ابناءها
..................
تسير (ابو علي ) بعربة صدئة يجرها حمار على طرقات الحي وهي ترتدي زي زوجها الشعبي (الدشداشة والحزام والسترة والجراوية) .. وتصيح (نفط ..نفط)
على ان بعض صبية المحلة لم يغفلوا انوثتها كان عطرها يتسرب اليهم عن بعد ويسمعونها بعض الكلمات الخادشة ...
وكان تزجرهم .. بنظراتها الصارمة ..
بعد عصر يوم صيفي سمع اهل الحي صراخ ونهيق وسيارات تزدحم .. تعلن عن حادث .. اصطدمت فيه عربة (ابو علي) بسيارة مسرعة .واردت الحمار جريحا فيما نقلت ام علي الى المستشفى . .
وهكذا تمر اكثر من الف سنة وهي مثل شبح ابيض فوق صفحة النهر الاسود
اكثر من الف سنة وحزنها الجميل يهمس بحكايتها الى الفصول فتصد الرياح بصدرها المتصلب ..وعلى جبينها المتعب خطوط رمادية ساخنة...
لم تسعفها ملابس ابو علي ولا حزامه ولا خشونة يديها في اخفاء ملامح انوثتها التي اسفرت عن حضورها اثر نقلها الى المستشفى وفك اربطتها
سقط غطاء رأسها وارتخت ضفائرها .
وفك الحزام عن خصرها بدا صدرها منتفضا ساخطا
يعلن بفخر عن حضوره الواعد ..
شاع الخبر بين اهالي الحي مندهشين (ابو علي طلع امرأة وليس رجلا)..
غادرت المستشفى وام علي تلملم شتاتها
اطفالها وعربتها وملابس ابو علي مع الحمار الجريح الوفي ..
تجر عربة المها وآمالها الذابلة التي كانت تختبئ في معطف الحرمان وملأت جيوبها خيبة وحسرة ..
وتعود الى دشداشتها تستر بها جسدها
لتعود الانثى الى السبات في مخدعها السري ...
تشرب وعورة الايام القادمات
وتتفيأ بظل طفليها الى مدينة اخرى والى حي اخر
لاجل ان تكبر ابنتها دون ان تتنكر لانوثتها و ان لا يسعى ولدها للتنقل بين شوارع الحي يبيع النفط 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق