السبت، 6 يناير 2018

باسم عبد الكريم الفضلي {التجنيس والنوع الادبي لنص / ضجيج ضوء} للاديب الشاعر والقاص المغربي ـ حسين الباز ـ النص ( ضجيج ضوء ) **********"*********

قراءة نقدية/ للأديب الناقد العراقي

باسم عبد الكريم الفضلي
{التجنيس والنوع الادبي لنص / ضجيج ضوء}
للاديب الشاعر والقاص المغربي ـ حسين الباز ـ
النص ( ضجيج ضوء )
**********"*********
..أسدل عليه الستار،،يحب النور معاقرة الظلام لينطفئ،ضجيج مكرومغناطيسي يتسرب لأذنيه ، كان شعاع ضوء خافت يعبر شق نافذته،، أخذ يتقلب بين الروح والجسد، فقد البوصلة إلى روحها..!
_تعري لأراك موطني..! (قال لها)
_ لا موطن بصدرك لجسدي.!(ردت عليه)
..العشق جسد ممتد على سرير، يأوي الرعشة، ينبض القلب،يطيل عمر الوقت، دائم
العطش، يهوى الهمس و اللمس ...!
.. ضوء متسرب لضميره،، خفقان أشرعة العرف تتدلى،، يجذف للريح بأجنحة متكسرة ، على رضابه انتحر الكلام موجة لليم،، أضاع شفاهها..!
..غرف سرمدية بنوافذ للأمل مشرعة،، و لا يبزغ منها غير ضجيج أمس،، كل الأقدار
مترصدة، واقفة دونما كلل،لا تعبق باليائس، بالمنتحر، بالفاشل، تقف له سدا منيعا،،
تقلب مواجعه، تفتح الأبواب غرة،، يمر من يمر، و تقفل..!
..ما يعكر صفو الضمير فهو ضجيج،، و لو كان خرم ضوء من عتمة إبرة..!
_حسين الباز/المغرب_
....................................
الدراسة :
********
القراءة الأولية لهذا الأثر الأدبي ، تكشف لنا عن خصائص بنيته الفنية التالية :
1 ـ توفر عنصر الموضوع : وهو مستمد هنا من ثقافة الكاتب
2 ـ وجود فكرة : اساسها وجهة نظر الكاتب وموقفه من الحياة بما فيها من متناقضات ومشكلات انسانية متعددة ( فكرية ، سوسيولوجية ، سياسية .. الخ ) ، يريد الكاتب ايصالها للمتلقي
3 ـ سردية الاسلوب، ببنية لغوية متعددة العناصرمثل/ التكثيف الوصفي والصوري، أنسنة الأشياء، الخيال ، الرمز ،الإيماء والتلميح
4 ـ وحدة الحدث ، والمكان والزمان ،
5 ـ تحقق عنصر الحبكة ، وان بنوعها ( المفكك ) فلهذا قصدٌ دلالي كما سأوضحه لاحقاً
6 ـ وجود عنصر الصراع ، وهو هنا داخلي ( معتمل في اعماق الشخصية المحورية في النص )، وهو صراع ادّى بتشابكه الى خلق ( عقدة ) ، مهيمنة على عموم النص ( عقدة ممتدة) / بلا حل ( نهاية مفتوحة ) ، لغاية سأتطرق اليها لاحقاً ايضاً
7 ـ وجود شخصية / بطل القصة : المشار اليه بضمير الغائب المتصل مرةً ، كما في
( عليه ، أذنيه ، نافذته ،ضميره ، رضابه ، له ،مواجعه ) ، والضمير المستتر بتقدير/ هو، مرةً اخرى كما في الفعلين ( اخذ ، فقدَ )،
7 ـ وجود الحوار ( وان كان يتيماً ) المكثف الاشارات وبازاحات حادة
8 ـ سطح النص متعدد المقاطع ، بأطوال مختلفة / تعددية الايقاعات البصرية

ان توفر كل هذه الخصائص الفنية ، في هذا الاثر الادبي ،تجعله متقاطعاً لغةً فنية
وبنيةً اسلوبية مع هذه الاجناس الادبية :
* قصيدة النثر فهي بإيجاز : قطعة نثرية موجزة ، موحّدة، ، بإيحائيه غير محدودة ، لها إيقاعها الخاص وموسيقاها الداخلية، والتي تعتمد على تتابعية الألفاظ ، وتكاملية الصور .
*الخاطرة الشعرية لانها : تعبير عما يجول في خاطر الكاتب ورَوعه من مشاعر وعواطفَ خاصة بالكاتب ( انفعالاته الوجدانية ) ،في شكلٍ أدبي يكثر فيه استخدام التزويق اللفظي والتصوير المكثف ، والايحاء ، فهي وليدة لحظتها، حيث انها تُكتبُ عند حدوث الشيء أوبعده بقليل . والغاية منها التأثير على مشاعر المتلقي ، لذا فانها
يمكن ان تُلقى منبرياً لإحداث ذلك التاثير بصورة اسرع واوسع.
* الأقصوصةً : كونها غاية بالقِصَر في الغالب ، لاتتجاوز كتابتها سطراً
واحداً او اسطراً قليلة ،فهي أشبه بالومضة ،الخاطرة او اللقطة القصصية ، وعناصربنيتها الأسلوبية : الإيحاء ، شدة التكثيف و الأختزال .
غائية مضمونها ، يغلب عليها طابعَا السخرية ( الهجاء اللاذع و الفكاهة السوداء ) والمفارقة ( جمع المتضادين / النقيضين )، ليشكلا اهم مركبات بنية رسائلها الخطابية المنتقدة للظواهر والاحداث (العامة / الخاصة ) السلبية والاستلابية للمعاني الانسانية .
لوجود كل هذه التقاطعات البنيوية و الخطابية ، فإن التجنيس الأدبي لذلك النص هوانه ( قصة قصيرة )
وبغية التعرف على نوعها سأقوم بتحليل نصها اعلاه وتفكيك اشاراته وبنيته الدلالية :
وسابدأ بعتبة القصة / عنوانها ( ضجيج ضوء ) :
القراءة السطحية للجملة بدلالتها النحوية تشير الى / شبه اضافة ، فالمفردتين نكرتين تولَّدَ من تقاربهما معنى شبه معلوم ، فالضجيج غير معروف المصدر ولادرجة شدته وكذا الضوء ،الذي جهلنا لونه بالاضافة لما سبق ، كما ان هذين المتضايفين لم تنشأ بينهما اية علاقة معرفية ، تاريخية او آلية ، مما يحققها التضايف الحقيقي ، كما ان حذف (المبتدأ) من جملة ( العتبة )..زاد من ضعف تخصيص الخبر ( ضجيجُ ) بما بعدها ( ضوء ) ،اما الدلالة المعنوية للاشارتين / ضجيج ، ضوء فتفكيكهما :
ـ ضجيج : دال مدلوله اللغوي : جعجعة ، ضوضاء عالية من الأصوات غير المفهومة
غير مرغوب فيها ، وهي اشارة إحالية خارجية ( خارج السياق النصي ) ، سياقها
العلمي / علم البيئة يحدد دلالته : انه من ملوّثات البيئة / التلوث الضوضائي
المقاربة الدلالية : فوضى / عدم اتساق صوتي يثير النفرة والانزعاج
ـ ضوء : دال مدلوله : النور ، فضوء الشمس : ما يشيعُ منها من الانبلاج حتى المغيب
وهي اشارة احلية خارجية ايضا ، سياقها العلمي / الفيزياء يعرفه :
هو طاقة مشعة تجعل الاشياء مرئية ،اي انه مسؤول عن حاسة الإبصار.
المقاربة الدلالية : انتظام / اتساق اشعائي يُسبب الرؤية ( لولا انتظام الاشعاع لما حدث الابصارالواضح )
بتجميع الدلالات المتحصلة من التفكيك :
فوضى / لااتساق صوتي مسموع + انتظام / اتساق اشعائي مرءٍ = تقابل نقيضين
المعنى الظاهر للعتبة : لا دلالة معنوية لها / لغة بيضاء
اما تاويل المعنى العميق لها :
الضجيج والضوء مثيران متباعدان ، لحاستين مختلفتين / السمع والبصر ، شبه تضايفهما في العتبة ، اخرجهما لغةً من السياق الدلالي المعنوي ، الى لاسياقية ايحائية ، رسَمَ / شكّل صورةً ( صوت مرئية ) خيالية منفلتة من منطقية الوعي ، بإحداث تداخل ( تراسل ) حسي ، بين اشارتين مختلفتي الدلالة مما يجعل العتبة ميتاواقعية القصد ، عبثية الرسالة ، لاتمثل مفتاحية نصية للقارئ ، مما يوحي اليه انه سيدخل عالم قصة مختلفة موضوعاً وفكرة مع ما عرفه سائداً من مضامين ورؤى فيما قرأه من قصص قبلها ،وان البنية الدلالية لهكذا عنوان ( ضجيج ضوء ) متقاطعة مع المألوف ، لغةَ ، اتساقاً دلالياً و تركيبيا ،و مارقةً من حدود جمالياتها الفنية ، و هذا التركيب العبثي للعتبة وما تبعثه من ايحاء هو من خصائص القصة السريالية ،فهل نحن امام قصة من هذا النوع ؟ سأعرض ادناه ،على عجالة، الخصائص الفنية لبنية القصة
السريانية ، ومن ثم اقوم بعقد المقارنة بينها وبين الخصائص الفنية لقصتنا التي ستحددها قراءتي اياها لاحقاً . فان تحقق التقارب بينهما ، فهذا يعني ان القصة سريالية ، وان لم ، فسيكون لقصتنا تصنيف نوعيٌّ اخر .
خصائص بنية القصة السريالية :
1 ـ مواضيع القصص السريالية وهيكليتها الفنية :
تدور حول ابراز التناقض في الحياة الواعية ، و التحرر من سيطرة العقل ومنطقية احكامه وقياساته الفكرية ( الايديولوجيا ) في التعاطي مع الاخر الموضوعي ، لذا فليس هناك (مواضيع) وفق ماهو محدد في الفن القصصي المعروف ، وعناوينها لا تمت بصلة اليها ( عتبة اللاعتبة ) فهي هذيان ، في عوالم غرائبية منفلتة الخيال ، كاسرة لحدود الواقعي / اللاواقعي ، لاهيكلية فنية لها ، اذ لاوجود لوحدة العمل الادبي ، ان هو إلا مزاج انفعالي يسود فضاء القصة، ومقدمتها / المطلع ، منقطع عما بعده ولايمهد له ، لانهاية ، عموم الشكل فوضى بنائية لايفهم منها شيئا الا بتأويل اشاراتها و رموزها انطباعيا بعيدا عن كل منهجية تحليلية
2ـ افكار واحداث القصة :
البحث عن ( الحقيقة)، باللجوء الى اللاوعي / اللاعقلانية ، فهي عندهم مكبوتة في اعماق النفس البشرية قابعة في العقل الباطن للفرد وأحلامه وذاكرته ، و إبعاد اي وجود للعالم الخارجي / الآخر( الجمعي والافكار الموروثة) ، فهي افكار منغلقة ، لاتواصلية ، لامعنى لها غرائبية الاشارات والدلالة فهي مثلا تؤنسن غير العاقل و الفاقد الحياة ، وبالعكس ، وتُنطقُ ما لاينطق ، الخ
3ـ اللغة وبنيتها الفنية :
تلقائية آلية دون تدخل الوعي ، متدفقة بلا منطقية او انتظام سياقي لغوي او دلالي فهي خارج نطاق الجماليات والاخلاقيات وضوابط الرقيب الداخلي ( الانا العليا ) او الخارجي ( الاحكام والقياسات المؤسساتية ) الممثلة بالقواعد والمعجمية اللغوية ، لذا فهي ترفضها وتثورعليها من خلال افقادها معناها، وهدم سياقاتها الزمكانية والصوتية ( لاايقاعات منتظمة وفوضوية نبرية / صوت الحروف في الكلمة) وغيرها ، وكسر علاقة الدوال بمدلولاتها
ومن خصائصها الدلالية :
العبث، الفوضى،الهدم، العدمية،التضاد ، اعتماد التداخل الحسي والخروج بالواقعي الى مافوق الواقعي وبالعكس ، لرسم صورها
4ـ بؤرة ثيمة القصة السريالية ( موقفها من الاخر ) : رفض العالم و النظام الاجتماعي
لانهما يصادران ( الحقيقة ) ويكبلان الوجود الفردي باغلال أحكامهما وقياساتهما العقلية الاخلاقية القامعة لحريته الكاملة
قراءة بنية القصة بقصد تحديد خصائصها الفنية :
تبدأ القصة بجملة فعلية مبنية للمجهول :
* "أسدل عليه الستائر"
القراءة السطحية لبنيتها النحوية :
الاشارة الفعلية / أُسدل : دالة حدثية ماضوية البدء مستمرة الحضور انياً
دلالة على تواصل الاثر وديمومة حدوثة /
المقصود بإشارة (الضمير المتصل / الهاء ) مؤجل الهوية ، غير محدد الملامح
قراءتها العميقة ( التحتانية ):
مطلع او مقدمة القصة غير مفهوم ، غامض ، لايمهد او يؤسس لبناء توقعٍ ما، لما
سيلي من احداث/ بداية توحي بالتمرد على هيكلية البناء القصصي المتعارف عليها .
مما يقربها من الخصيصة السريالية رقم /1 ( المقدمة لاتمهد لما بعدها )
ثم تأتي بعدها العبارة :
* "يحب النور معاقرة الظلام لينطفئ "
فراءة سطحها :
الاشارتان / يحب ، معاقرة ، احاليتان خارجيتان ، سياقهما الاجتماعي ينسبهما الى جملة الافعال الانسانية ( مع اعتبار ان الانسان ارتقى بمفهوم الحب من مرتبة الحاجات
الغرائزية البحتة ،الى مصاف العواطف ، مما لم يغادره الحيوان )، الكاتب اذاً قام ( بأنسنة) ماهوغير حي / النور ، بجعله يشارك الانسان فعلَين من أفعاله الحصرية ( يحب ، معاقرة من / يعاقر ) ،
القراءة التحتانية : النور بدلالاته المتعددة يبحث عن الانطفاء /اي نقيضه ، عن طريق الهروب بالمعاقرة / عاقر : فعل تحولي من الواقع الى اللاواقع باللجوء الى وسيلة واعية ( تناول الخمر) ، الصورة هنا :
غير منطقية مركبة من ركنين متقابلين / لاواقعية المعنى
مقاربة القراءتين معنوياً :
لاعلاقة سببية او ارتباطية بين العبارتين السابقتين ، حيث لايوجد مسوغ لإعتبار ذلك الضمير المتصل يعود على ( النور ) ، فالإنسدال يكون على مصدر النور لا ( عليه )
وهنا تقارب ملموس مع ذات الخصيصة السابقة ( لاوجود للوحدة الفنية ) وكذلك مع
الخصيصة 2 ( انسنة غير العاقل او الحي) و3 ( الخروج بالواقعي الى اللاواقعي ، الهدم )
واذا ما حللنا سطح بنية العبارة الثالثة :
" ضجيج مكرومغناطيسي يتسرب لأذنيه " .
نجد ان الاذنين تحولتا لجهاز استقبال اصغر موجات الاتصال ، يتسرب ضجيجها اليهما من لامكان !! مع مجهولية المصدر، و الفحوى ، مما يغرق العبارة بالغموض / خلل واضح في بُنيَتَيها النحوية والدلالية / افتقاد العبارة للجمالية التعبرية
كما أن علو صوت و نشازية وقع حروف مفردة ( مكرومغناطيسي ) ، لاسيما اصوات حروفها ( الكاف ، الغين ، الطاء ) في سياق العبارة الصوتي ،سبب نفور و فوضى ايقاعية مع صوت ( الجيم / اخر حرف في المفردة التي قبلها ) ،حيث طغى صوت الكاف على صوت الميم قبلها ، وكذلك التعثر النغمي الذي تستشعره الاذن عند الانتقال من الوقف عند اخر حروفها ( الياء الساكنة ) الى انسيابية الصوت عند تلفظ ( الياء ،التاء وسين / المتتاليات والمتحركات بذات الحركة / الفتحة ) في المفردة التي بعدها / يَتَسَرب
مع كثرة التوقفات الايقاعية الداخلية بين حروفها ( وجود الوقف بالسكون بين كل حرفين فيها وكما يلي بعد فك تشديد يائها قبل الاخير : مكْروْمغْناْطيْسيْيةْ )، هذه التوقفات المطفئة لإنسيابية نطقها تجعل بنيته صوتية ( اعني سلوب إيّاه )مضطربة الاتساق بشكل تمجه اذن القارئ / لاجمالية ايقاعية
القراءة العميقة :
لاجمالية تعبيرية + لاجمالية صوتية ( فينولوجية ) = تركيب دلالي صوتي مشوّه وغير مفهوم المعنى ، وصورة رسمها خيال منفلت من كل ضابط او مقياس جمالي او فني .
وهذه القراءة متقاطعة مع ذائقة المتلقي ،
هنا تقارب شديد مع الخواص 2( غرائبية الاشارة والدلالة ) و3 ( هدم السياق
الصوتي / فوضوية نبرية )
وتستمر قراءتنا لتصل العبارات المتتالية :
* " كان شعاع ضوء خافت يعبر شق نافذته " ،"أخذ يتقلب بين الروح و الجسد "،" فقد
البوصلة إلى روحها..!"
البنية الدلالية :
الاشارة / خافت متعارضة مع الاشارة / يعبر = ضعف البنية التركيبية / حبكة العبارة مهلهلة
فعبور ( شق ) يتطلب شدة الشعاع
الاشارتين / الروح ، / الجسد : معرفتان غير مخصوصتين ، فتعريفهما (بأل) لم يزل
مجهولية من يعودان عليه ؛ جسد وروح من ؟ مع فقدان الترابط الدلالي بين هذه العبارة
والعبارة التي قبلها / كسر الترابط الحدثي ،
الاشارتين / البوصلة ، روح : أحاليتان خارجيتان ،سياق الالى الفيزيقي متعارض مع سياق الثانية الميتا فيزيقي / الغيبي ( الروح مفردة افتراضية الدلالة، غير علمية )
الاشارة ( ها) / ضمير الغائبة المتصل : دال ( حَرْفي ) بلا مدلول / لااحالة داخلية ماقبلية ولا مابعدية ، تحدد ماهية الغائبة التي يعود عليها / ضعف البنية النحوية ، وانعدام الترابط الدلالي مع العبارة ماقبلها
العبارات الثلاث فيها تقارب بين مع الخصيصة 2 / لاتواصلية دلالية، لامعنى لها ،
والخصيصة 3( لا منطقية ، لا انتظام سياقي لغوي او دلالي / هدم / تضاد )
وما ان نستأنف قراءتنا حتى يباغتنا هذا المقطع الحواري :
_تعري لأراك موطني..! (قال لها)
_ لا موطن بصدرك لجسدي.!(ردت عليه)
فنتفاجأ ببنية لغوية عقلانية الاتساق ، مترابطة دلالياً مما يجعلها متعارضة مع لاواقعية بنى الحدث ، وعبثية الدلالات المعنوية ،في مجمل لغة المقاطع السابقة
فالاشارة ( المحاورة) تعني لغةً :
الديالكتيك / الجدل المنطقي ، بين طرفين ،يدافع كلا منها من خلاله عن وجهة نظره
في موضوع ما ، حيال الاخر، اي انها فعل عقلاني تشاركي غائي اختار الكاتب للتدليل عليه طرفين / اشارتين ، خارجيَّتي الإحالة / سياق معجمي ، هما :
ــ محاوِر(هو) / الاشارة( قال) : من فعل القَوْل وهو : الكلام / اللفظ ، قال به اللسان على ترتيب .
الترتيب = السياق / الانتظام العقلاني ، وهو مقابل الفوضى / فهو غير سريالي
ــ محاوِرة (الضميرالمستتر/هي) ، فاعل ( ردتْ على ) ،وهذه اشارة فعلية مركبة من:
ردَّ + تاء التأنيث + على
حيث تعدى الفعل بحرف الجر ( على ) الذي( حدد معناه) وجعله فعل اجابة ، لذا اصبحت دلالته :
رَدَّ ت عَليه : أجابَتْهُ
المقاربة الدلالية للمحاورة اعلاه :
جدلية منطقية غائية = هو / عاقل + هي / عاقلة ( لان إنتفاء صفة العقلانيه عن احدهما ينفي صفة المنطقية عن المحاورة) فتفقد معناها ،مما يعني ان الجدلية منطقية وليست سريالية.
فهل اراد الكاتب ان يختبر لاانطباعية قراءتنا، و موضوعية تحليلنا لمقاطع القصة ،
فجاء بهذا المقطع ككابح ، لنحد من سرعة تكوين قناعاتنا النهائية في تحديد نوع قصته
ومدى سريلتها من عدمه ، واذا ما فرغنا من قراءة مقاطعها اللاحقة ، وقد تحصلنا منها على ذات التقاربات مع القصة السريالية ( كما حصل مع المقاطع السابقة ) ،فهذا يستدعينا الى اعتبار ذلك المقطع ( بؤرةَ القصة ) / كونه يشكل اضيق مجالاًتعبيرياً يختزل بكثافة رؤية الكاتب ( الكاتب هنا حاضر في القصة بدور الراوي بدلالة استخدامه الضمائر الغائبة المتصلة والمستترة للمذكر والمؤنث كما تطرقتُ لذلك قبل قليل ) مما سيمكننا تحليلها / تفكيكها ، لاحقاً ، من توليد مقاربات دلالية تسهم ، من خلال تضادياتها / تواصليتها ، مع التقاربات المقطعية اعلاه، في تعرفنا على ملامح موضوع القصة والاستدلال على فكرتها ومعناها النهائي ، مما يجعلنا اكثر موضوعية عند تحديد نوعها .
و سأقوم بقراءة مقاطع الجزء مابعد البؤري ادناه ، قراءة يصح معها تعميم نتائجها
ومقارباتها الدلالية والمعنوية ، على باقي مقاطع القصة ، لتشابه البنى اللغوية والاسلوبية بينها ، الا ماتقتضيه الحاجة للاستشهاد ببعض فقراتها في القسم الاخير من الدراسة :
(..العشق جسد ممتد على سرير، يأوي الرعشة، ينبض القلب،يطيل عمر الوقت، دائم
العطش، يهوى الهمس و اللمس ...!) :
"لسهولة الاشارة لكل مقطع ساقوم بترقيمه بوضع/ حرف م ورقم يدل على تسلسله في هذه
القطعة كما يلي : المقطع الاول : م1 / الثاني : م2 ....الى اخر مقطع / م6"
اولا - القراءة التحليلية للبنى الدلالية :
أ - م1
تفكيك الاشارة / العشق :
هو دال حسي فرعي ( مُنتَج ) ، يوحي بدال اصيل ( منتِج ) له مركب :
عاشق + معشوق
له اكثر من مدلول منها :
*مدلول لغوي فرعي معناه : شعور جارف بالمحبة نحو ( محبوب ما ) ، يوحي بمدلوله اللغوي الاصيل : الحب بعنف وشدة
دالة الحب = شعور تشاركي ( متبادل) بين المحب والمحبوب معاً ، كل منهما ينتجه ( يولّده ) في وجدان الاخر
المقاربة المعنوية :
العشق مُنتَج عاطفي ( انفعال شعوري ) ينتج عن:
مثير / باعث له ( معشوق )+ مستجيب / مستلم له ( العاشق )
*مدلول إحالي خارجي / سياق علمي ( سايكو ـ بايولوجي ) :
يُعرَّف علمياً: هو توتر انفعالي داخلي في الذات الانسانية ( تولُّدُ إثارةً الغريزة الجنسية تزيح الاستقرار/ باعثة للتوتر) بسبب شدة شهوة (حاجة شديدة لاشباع تلك الغريزة ) عاشق/ مثار جنسياً ، لنيل المراد ( بلوغ الاستقرار الداخلي المزاح)
من خلال اتصاله ( مواقعته جنسياً ااشباع حاجته تلك ) بالمعشوقة / المثيرة / المسببة لاثارته بعينها الدلالة المعنوية : عاشق (محب ) + معشوق (محبوب) = عشق (شعور مفرط بالمحبة )
- المعنى المكوَّن من اعادة تركيب الدلالات المتحصل عليها من التفكيك :
هناك خلل في بنية الدلالة التركيبية للمقطع المذكور ( م1 )، مردّه عدم تناسقية مدلول
( العشق ) الفرعي والاصلي الخارجيين ( الخارجي ( شدة الشهوة لنيل المراد ..) وكذلك مقاربتهما المعنوية ( نيل المراد من المعشوق / دوام السعي واستمرارية المحاولة للوصول لحالة الاشباع الغريزي ) ، مع الاشارتين ( ممتدّ / متمطٍ : خمول وكسل ) و ( سرير / الانطفاء الحركي )
المذكورتين في سياق هذه البنية ، فهما متضادتان .
ب - من / م2 ... الى / م6 :
- لاملامح للبنية الزمنية ، ماخلا مراوحة اشارات ( الآن) / يأوي ، ينبض ، يطيل ، يهوى) بدلالات ماقبلية المعاني، بجمودية ايحائية / لارمزية ، وانعدام الزمن في / م1
- لا ايحائية اشاراتية ، خواء الدلالات اللغوية ،
ثانياً ـ عدم اتساق البنية الدلالية السياقية :
اللاتماثل / لاتقارب الدلالي بين اشاراتها ، كما في :
العشق ( حسي غير مرءٍ ) / جسد ( مادي مرءٍ)
العشق ( اشارة لحركة مستمرة ) / ممتد ( اشارة للكسل والخمول )
العشق ../ يأوي الرعشة = لارابط دلالي ، علاقة كيفية بين اشارتين متباعدتي
الدلالة تضادية مع الاحالة الخارجية السياق العلمي المذكور اعلاه :
العشق / الرعشة = فعل / نتيحة : العشق يسبب الرعشة عند التعبير عنه جنسياً
ثالثاً - فوضى البنية الصوتية :
الايقاع النبري للحروف المهموسة الاكثر تكرارا في مفردات المقاطع الستة وهي: ( س ، ق . ش )
ليس على نسق نغمي منسجم مع ايقاع تلك المجهورة :
( ل ، ، د ، ط ، ع ، ر )
على سبيل الاستشهاد : كما في ( العشـ/ق/ /جـ/ـسد ) توالي ( القاف ـ الجيم ) وقْعٌ صوتي ثقيل ممجوج ،
مع خنق الصوت ( قمع الاسترسال وتوالي الايقاع ) بكثرة الوقف بالتسكين :
لو كنبتا مفردات ستة المقاطع كما نافظها ( تكرار الحرف المشدد وحذف همزة الوصل وكتابة نون ساكنة بدل حركة التنوين ) فستظهر تلك الوقفات المقطعة للسياق الصوتي لغاية عبثية لاتخدم الترابط ( الصوت معنوي ) للمفردة ، وعموم سياقها المقطعي ، وتهدم جمالية تعانق البعدين ( المرئي / المسموع ) لصورها المتخيلة ،وهذا ما ستوضحه كتابة تلك المفردات كمايلي :
(..الْعِشْقُ جَسَدُن ممْتدُدُنْ علىْ سريْرِنْ، يأْوِرْ رَعْشَهْ، ينْبضُلْ قلْبْ،يطيْلُ عُمْرلْ وقْتْ،
دائمًلْ عَطشْ، يهوَلْ همْسَ ولْ لَمْسْ ...!)
نجد تقارب البنى اعلاه مع خصائص اللغة القصية السريالية التالية :
- خصيصة رقم ا : التحرر من سيطرة العقل واحكامه المنطقية / لاوحدة فنية للعمل الادبي / لاهيكلية فنية
- خصيصة رقم 2 : غرائبية الاشارات والدلالة / لامعنى
- خصيصة 3 : اللغة لامنتظمة نحوياً ولاسياقياً / خارج نطاق المعجمية المعنوية ، والجماليات البلاغية / لاسياق زمكاني / فوضوية بنيتها الصوتية
وهذا التقارب مع مضمون وهيكلية القصة السريالية وبنيتها اللغوية ، سيجده القارئ
في باقي مقاطع القصة حتى نهايتها المفتوحة المنسجمة مع لامضمونها و( لاعتبة) عتبتها ،
وهذه التقاربات هي ذات ماتحقق مع المقاطع السابقة ،
قراءة تفكيكية تكميلية لبؤرة القصة :
عطفاً على ماتوصلت اليه ، فيما تقدم ، من مقاربة دلالية لحوارية البؤرة ،
ساقوم بتفكيك بنية اشاراتها ومن ثم اعادة تركيب الدلالات للحصول على مقاربات معنوية تساعدنا في تحديد معناها التحتاني ، مما سيمكننا من التعرف على ملامح موضوع القصة والاستدلال على فكرتها ومعناها النهائي ، وهذا سيجعلنا اكثر موضوعية عند تحديد نوعها
كقصة قصيرة : .
[ ــ تعرَّي لأراكِ موطني..! (قال لها) ]
(هو ) / وفق قراءة تحليلية لتلك البؤرة :
اشارة لأي غائب ( الغياب هنا مقصود لغرض التعمبم وعدم حصر القصد بمخاطب محدد )
- التعري : خلع الملبوس / مايحجب الجسد ، التجرَّد منه . التخلَّصَ .
وهو اشارة للتخلي عن شئ ملحوظ او محسوس / التخلي عن خلق او عادةٍ ما
- ضمير المخاطبة / الكاف ، له دلالة رمزية بدليل تعدد اشاراتها :
هي عارية = وطن مرءٍ
اذاً / هي محجوبة = وطن محجوب
بازاحة المتغير والابقاء على الثابت بكون معنى الرمز:
هي = وطن
لكن / هي ضمير يعود على كائن حي وهو زائل (بالموت) غير دائم ، على العكس من الوطن
لذا ( هي ) هنا = قيمة مطلقة وبما انها لاترى الا بالتخلي عما يحجبها ( وهذا الفعل يحتاج ارادة بالتخلص من الحجاب ) فالمقاربة الدلالية تكون :
هي = ثورة
القراءة بالارتكاز على هذه المقاربة
( هو ) يبحث عن وطن عارٍ عن كل ما يحجبه عنه ، ومن مرادفات هذا الفعل / يمنع ، يصد ، يَحْرم
فمن يمنع هذا الغائب عن الوطن ويحرمه منه ؟ هنا تتولد مقاربة دلالية اخرى :
هو العاشق لوطنه = مثيرباعث لقلق ( اخر ) فيحرمه من معشوقه/ يُغيّبه عنه
ومن يملك ارادة التغييب عن الاوطان لابد ان يكون سلطوي / زعيم اوحاكم طاغٍ ( فهو يحارب عشاق الوطن والوطن في عرفه ملك له وحده )
بإختزال المقاربة :
هو = دعوة للثورة على الطغاة
فتكون المقاربة القرائية لماقاله ( لها ) :
هو ( يدعوها ) لخلع جلباب الخنوع والخور ، والثورة على حكامٍ طغاة يذلون الوطن
والناس ، ويطبل ويزمر لهم اعوانهم و اتباعهم ويعلون ضجيج (المفردة العتباتية الاولى ) زعيقهم مسبيحين بإسمه ، مهللين لملاحم بطولاته وامجاده ، فهو ضوء( المفردة العتباتية الثانية ) الحق والعدالة ، يشع امناً ومحبة ، فيبدد ظلمات الخوف
فتجيبه متعجبةً ( ! ) بقصد استفزازه :
[ ـ لا موطن بصدرك لجسدي.!(ردت عليه) ]
النفي يقلع اليقين من جذوره بالحرف ( لا ) الذي ينفي جنس المنفي بعده ( موطن )
فهي تشك ان يكون قادراً على حمايتها ( من الدلالات المقابلة للتعري / التجرد مما يقي الجسد) ،فهو ( غائب ) / الغياب مكافئوه الدلالي : ترك المكان
ولانه عاشق مثير لحنق من امتلك الوطن ( المقاربة الدلالية اعلاه ) ، فغيابه كان اضطراراً لا اختياراً .. لكنها ... عدَّته هروباً :
المقاربة الدلالية /
عاشق تخلى عن معشوقه = خذلانه وخيانته اياها
الشاهد النصي (فقدَ البوصلةَ الى روحها )
فان تعرت له عما يحجبها ، وبانت لعينيهِ بكل تفاصيل اسرارها ، لن يكون مؤتمناً على عهدها، فعشقه ( الاشارة اليه : صدرك / مستودع المشاعر) غير جديران يكون دريئةً وملاذاً لها يمنع عنها من يصادرها ويستبيحها ، فهو عشق لايجيد القُبل / مقاربته :
ترجمة الشعارات الى افعال  على رضابه انتحر الكلام .....، أضاع شفاهها..! )
لتبقى اسيرة زنازين سماسرة عهر الطغاة :
(..غرف سرمدية بنوافذ للأمل مشرعة،، و لا يبزغ منها غير ضجيج أمس،)
وبين ( قال .. ) و ( ردت عليه ) تستمر جدلية الثورة المؤجلة ، وتظل ابواب الرهان على قدوم بروميثيوس ، لاتُفتح إلا لمن ينهش جسدها في تلك الغرف الزنزانية :
( تفتح الأبواب غرة،، يمر من يمر، و تقفل..! )
تحديد نوع القصة :
علينا الاقرار ان الكاتب تعمد زرع تلك ( البؤرة ) في جسد قصته المتشظي دلاليا ، اللامنتمي لعقلانية وهيكلية الفن القصص ، وجماليته الفنية ، ليرسم لها ملامح نوعٍ قصصي جديد ، اميل الى تسميته ( القصة مابعد السريالية ) ، فهي بسائر عناصرها الفنية ، و ادواتها التعبيرية وبنيتها الاسلوبية ، ترتدي لبوس السريلة للنفاذ من حواجز الرقيب الذي يُخدع بعبثية مظهرها الخارجي ، وجنون ثرثرتها اللغوية، المفككة عبارةً ، الممسوخة دلالةً ، المقطعة سياقاً، الآفلة زماناً وتزمناً ، على متون خرائب هيكلها الفني ، فيرفع لها عارضة ممنوعاته، لتجتاز حدود محرماته بهدوء ، دون ان يجد حاجةً لتكليف عيونه بتقصي سجل حُسنِ ( سيرتها وسلوكها ) ، ولاتدقيق اوراقها الثبوتية ، فلا خوفاً من مضمونها ولا افكارها على المؤسسات السلطوية ، او شمولية الحكام ، فدوالها شاردةٌ مدلولاتها من المعاجم ، عدمية المعنى ،عبثية ، منغلقة ، لاتواصلية ، مضيَّعَةُ العنوان فلا عتبة لها، لابداية ولانهاية ، تنفذ بأمان .. لتدخل الوعي فتبوح له بسرها الرافض لكل ما في الحياة من زيف وخداع ، ومصادرة للاوطان والانسان ،
ـ باسم عبد الكريم الفضلي / العراق ـ
5 / ك2 / 2018ر
تعليق وشكر:
وكأني بك أيها الناقد العبقري تستنطق الحرف كيما يبوح لك عن كنهه..! وكأني بك تروض اللغة فتقدم لك ولاءها بتعريها عن (حجابها) : شفراتها ورموزها وإشاراتها وألغازها...
فوصلت بتحليلك العبقري لمعرفة جنسها (قصة سريالية) وهذا ما اختلفت فيه مع الناقد نجيب العوفي الذي استنتج بمفهومه الخاص بأنها عبارة عن (نص) أو (خاطرة) على حد قوله، /الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية/ ولكنه بقي بالنسبة لها (للقصة السريالية) بعيد الفهم والدراية (وهذا ليس بغريب عن كثير من المدارس التي تعتبر السريالية أو الفانتازية مجرد أدب الرتبة الثانية) وهذا أكبر غلط لأن هذا النوع الأدبي (السريالي) عميق لدراسته وتحليله ويحتاج لبدل جهود فكرية ومعرفية (عن رصيد ثقافي واسع) للولوج إلى فك أسراره (الغرض الذي استخدم من أجله) وغالبا ما يكون هذا السر/الشفرة وراء رسالة ما يود الكاتب إيصالها للمتلقي الجيد في خفاء...
كان الحوار في القصيصة (ضجيج ضوء) مقحما عن قصد /وعي تام وبحضور (العقل/الراوي) وهو الحوار و المحور، الحاضر /الغائب، البطل/المتمرد على الواقع.. وكان الحوار هو المقود بحيث يعقلن اللاشعور ليتجه به في النهاية إلى فتح سؤال (خرم إبرة) وتركه مفتوحا للقراءات المتعددة..
بعبقريتك المعهودة كأديب قارئ متمرس مددت قارب النجاة لهذا النص بالذات ولباقي مجموعتي القصصية (السريالية) وأوصلته بيد أمينة نزيهة إلى بر الأمان/ إلى ما بعد السريالية.
شكري العميق الأعز باسم عبد الكريم الفضلي وامتناني لمجهودك القيم الذي أضاف ولا زال يضيف للبنك الثقافي رصيدا فكريا جديدا.. شكري وتقديري الخالصين للأديب العراقي الباسم الباسل...
حسين الباز/المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق