جهاد مع الذات
بقلمي : رفاه زاير جونه
العراق : بغداد
الليلة ستقضي ليلتها وحيدة . سجينة هذه الجدران المتجهمة . ستقضي الفتاة الصغيرة ليلة العيد حزينة ..سوف تسافر بخيالها ونبضات قلبها إلى حيث الدفء الساكن هناك في بيتها مع أمها التي تحبها كثيراً ووالدها الذي يغمرها بشلال من حنان . لكن سرعان ما يصطدم الخيال بالواقع . وتجد نفسها وسط ثليج الوحدة خاصة بعد رحيل والديها أثر انفجار سيارة مفخخة .كانت تقضي أجازة العيد مع الأهل . وتهرب من وحدتها وآلامها مع تسلل الصباح وشروق الشمس .. تلقى بنفسها وسط الحدائق الواسعة المحيطة بالدار .. مع أصدقائها الذين لا تمل صحبتهم أبداً..في هذا الوقت فقط ينبعث الدفء من جديد في أوصالها .. وتسري حرارة الحياة في وجدانها .. وعندما تعود إلى غرفتها تكون قد امتلأت بمشاعر هؤلاء الأصدقاء , وغاصت في أفكارهم وأحلامهم . فتجلس .. وتكتب .هكذا كانت حياتها وسرعان ما تحولت طفولتها الى طفولة قاسية. وكانت في السادسة من عمرها في ذلك الوقت . وبعدما أنهت دراستها الابتدائية .وهناك أحست الصغيرة بانتزاع الدفء والأمان .. وعاشت الوحدة والقلق اللذين لازماها حتى آخر العمر. أدهشت الفتاة الصغيرة مدرساتها بتفوقها في دروسها وحبها الشديد للشعر .ويبدو أن فترة الطفولة التي عاشتها سيمتد تأثيرها على حياتها كلها بعد ذلك .. وستحفر بصماتها العميقة على تكوينها النفسي والإنساني بصفة خاصة.فقد عاشت سنوات الطفولة وبداية الشباب في كنف عمتها المعروفة بالشدة والحزم الذي يصل إلى حد القسوة أحياناً ..عاشت معظم سنوات طفولتها وحيدة بعيداً عن حنان الوالدين. ولأنها طفلة موهوبة , خُلِقت تحمل صفات النبوغ والتفرد فقد حولت أحزانها وحرمانها منذ طفولتها المبكرة إلى غوص عميق في دروب الفكر والثقافة ورغبة غير محدودة في الاكتشاف والمعرفة.تعلمت منذ البداية كيف تقهر مشاعرها , وتحاصرها .. وأمسكت بقوة لجام قلبها حتى لا يفلت من بين يديها . وينطلق صارخاً بآهاته وأناته .. بأحلامه وأوجاعه .وفي الوقت الذي فعلت فيه ذلك بقلبها . أطلقت لعقلها كل الحرية لينطلق ويفكر ويحلل ويكتشف ويبحر . وهنا مكمن مأساتها،التي احتلت مكانة لم تحتلها زميلاتها لكنها عاشت .الفجوة الرهيبة بين القلب والعقل ! الحصار زمن مخيف ،وانطلاق غير محدد للفكر. المحافظة الشديدة .. مع التمرد والتحرر على كل أنماط الحياة التقليدية . هكذا جمعت هند بين النقيضين .. ومن هذا التناقض الجوهري تولدت كل تناقضاتها الأخرى . وبسبب هذا الصراع الداخلي الرهيب انتهت حياتها المتوهجة بالفكر والنجاح والتألق لتلك النهاية المأساوية الحزينة . قصة تراجيدية بكل ما تحمله الكلمة . قصة امرأة توهجت كالشمس. التف حولها كبار المفكرين .. واحترم فكرها ونبوغها الأدباء والشعراء .. ووقع في حبها الكثيرون منهم .. وكان دائماً حباً من طرف واحد ! فقلبها كان دائماً مغلقاً .. بإحكام في وجه الجميع !! وانسحب هذا الشعور بعد ذلك على البشر وعلاقتها بالناس . فرغم الشهرة العظيمة التي حققتها وزحام الرجال من المفكرين والمبدعين الغارقين في حبها .. إلا أنها لم تشعر بالانتماء إلى أي واحد منهم !!لا شك أن سنوات طفولة (هند) كانت بالغة التأثير في حياتها كلها بعد ذلك .. وربما كانت الجوانب الإيجابية أيضاً خلال تلك الفترة قوية وعميقة .. فقد أجادت اللغة إجادة تامة وحفظت الكثير من الأشعار والروايات , وفي احد الايام كتبت في مذكراتها ما نصه: إلى العينين التي أطبقهما الموت قبل أن ألثمهما .. إلى الابتسامة التي لا أعرف منها إلا خيالاً .. إلى الاسم العذب الذي لا تهمس به شفتاي دون أ، تملأ عيني الدموع .. إلى امي مسكني وأبي موطني الذي رحل إلى خالقه ويتم فيّ عاطفة الحب الأبوي, فحرمني من حنو وقبلته وابتسامته ودمعته .. اليكما يا من تقاسمتما الأثير والثرى.أن الحياة تلقي بأثقالها وأوجاعها علي وكلما حاولت أن انسى همومي فلن تنساني
بقلمي : رفاه زاير جونه
العراق : بغداد
الليلة ستقضي ليلتها وحيدة . سجينة هذه الجدران المتجهمة . ستقضي الفتاة الصغيرة ليلة العيد حزينة ..سوف تسافر بخيالها ونبضات قلبها إلى حيث الدفء الساكن هناك في بيتها مع أمها التي تحبها كثيراً ووالدها الذي يغمرها بشلال من حنان . لكن سرعان ما يصطدم الخيال بالواقع . وتجد نفسها وسط ثليج الوحدة خاصة بعد رحيل والديها أثر انفجار سيارة مفخخة .كانت تقضي أجازة العيد مع الأهل . وتهرب من وحدتها وآلامها مع تسلل الصباح وشروق الشمس .. تلقى بنفسها وسط الحدائق الواسعة المحيطة بالدار .. مع أصدقائها الذين لا تمل صحبتهم أبداً..في هذا الوقت فقط ينبعث الدفء من جديد في أوصالها .. وتسري حرارة الحياة في وجدانها .. وعندما تعود إلى غرفتها تكون قد امتلأت بمشاعر هؤلاء الأصدقاء , وغاصت في أفكارهم وأحلامهم . فتجلس .. وتكتب .هكذا كانت حياتها وسرعان ما تحولت طفولتها الى طفولة قاسية. وكانت في السادسة من عمرها في ذلك الوقت . وبعدما أنهت دراستها الابتدائية .وهناك أحست الصغيرة بانتزاع الدفء والأمان .. وعاشت الوحدة والقلق اللذين لازماها حتى آخر العمر. أدهشت الفتاة الصغيرة مدرساتها بتفوقها في دروسها وحبها الشديد للشعر .ويبدو أن فترة الطفولة التي عاشتها سيمتد تأثيرها على حياتها كلها بعد ذلك .. وستحفر بصماتها العميقة على تكوينها النفسي والإنساني بصفة خاصة.فقد عاشت سنوات الطفولة وبداية الشباب في كنف عمتها المعروفة بالشدة والحزم الذي يصل إلى حد القسوة أحياناً ..عاشت معظم سنوات طفولتها وحيدة بعيداً عن حنان الوالدين. ولأنها طفلة موهوبة , خُلِقت تحمل صفات النبوغ والتفرد فقد حولت أحزانها وحرمانها منذ طفولتها المبكرة إلى غوص عميق في دروب الفكر والثقافة ورغبة غير محدودة في الاكتشاف والمعرفة.تعلمت منذ البداية كيف تقهر مشاعرها , وتحاصرها .. وأمسكت بقوة لجام قلبها حتى لا يفلت من بين يديها . وينطلق صارخاً بآهاته وأناته .. بأحلامه وأوجاعه .وفي الوقت الذي فعلت فيه ذلك بقلبها . أطلقت لعقلها كل الحرية لينطلق ويفكر ويحلل ويكتشف ويبحر . وهنا مكمن مأساتها،التي احتلت مكانة لم تحتلها زميلاتها لكنها عاشت .الفجوة الرهيبة بين القلب والعقل ! الحصار زمن مخيف ،وانطلاق غير محدد للفكر. المحافظة الشديدة .. مع التمرد والتحرر على كل أنماط الحياة التقليدية . هكذا جمعت هند بين النقيضين .. ومن هذا التناقض الجوهري تولدت كل تناقضاتها الأخرى . وبسبب هذا الصراع الداخلي الرهيب انتهت حياتها المتوهجة بالفكر والنجاح والتألق لتلك النهاية المأساوية الحزينة . قصة تراجيدية بكل ما تحمله الكلمة . قصة امرأة توهجت كالشمس. التف حولها كبار المفكرين .. واحترم فكرها ونبوغها الأدباء والشعراء .. ووقع في حبها الكثيرون منهم .. وكان دائماً حباً من طرف واحد ! فقلبها كان دائماً مغلقاً .. بإحكام في وجه الجميع !! وانسحب هذا الشعور بعد ذلك على البشر وعلاقتها بالناس . فرغم الشهرة العظيمة التي حققتها وزحام الرجال من المفكرين والمبدعين الغارقين في حبها .. إلا أنها لم تشعر بالانتماء إلى أي واحد منهم !!لا شك أن سنوات طفولة (هند) كانت بالغة التأثير في حياتها كلها بعد ذلك .. وربما كانت الجوانب الإيجابية أيضاً خلال تلك الفترة قوية وعميقة .. فقد أجادت اللغة إجادة تامة وحفظت الكثير من الأشعار والروايات , وفي احد الايام كتبت في مذكراتها ما نصه: إلى العينين التي أطبقهما الموت قبل أن ألثمهما .. إلى الابتسامة التي لا أعرف منها إلا خيالاً .. إلى الاسم العذب الذي لا تهمس به شفتاي دون أ، تملأ عيني الدموع .. إلى امي مسكني وأبي موطني الذي رحل إلى خالقه ويتم فيّ عاطفة الحب الأبوي, فحرمني من حنو وقبلته وابتسامته ودمعته .. اليكما يا من تقاسمتما الأثير والثرى.أن الحياة تلقي بأثقالها وأوجاعها علي وكلما حاولت أن انسى همومي فلن تنساني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق