الأحد، 26 مارس 2017

السفر على دخان الاحزان/ د. المفرجي الحسيني / العراق ,,,

السفر على دخان الاحزان
----------------------------
أخي ... الحنون
بعد الذي حدث
لا شيء يُنبئ 
بالتغيير هنا
لا شيء يبدو لنا
فَتَّشتُ
لم أعثر على شيء
سوى الأطلال
رمادٌ 
اختفت رِمالٌ
تناثرت فوق الهضاب
لنستدل
به على الحياة
يتنبأنا 
بحدوث الأشياء
لا شيء يشرق
كل في غروب
...............
مقهى الحي محاصر بالصياح
صخب وأصوات فوضى
ودخان السكائر والنارجيلات
يغزو أنفاسنا بلا استئذان
رجال يحرقون الوقت بالنرد
وجدالهم في شيءٍ لا زال لا شيء
منذ الميلاد آتي إلى هذا المكان
أحصي أيام فصول حياتي
أتأمل الماضي بشوكة الأحلام
تغيرت المعالم والمواقع
والنهر أضحى كئيباً عما ألفناه
كنا نلامسه بأجسامنا
ونُسيّر فيه زوارق الورق
ونجمع من شاطئهِ الأصداف
كان هنا وهناك على الضفة
أغلى الأصدقاء
هاجروا
قُتِلوا
اختطفوا 
توزعوا في كل اتجاه
لم يعودوا
لم يبقَ من الآثار
إلاّ خِضر إلياس 
تُلوّح قبتهُ الخضراء
للناس بالدعاء
في مقهى الحي
لا زلتُ، أسافر، دون سفر
في ملاعب طفولتي
في شوارع الأسواق
..............................
كل شيء في سكون
كل شيء في خنوع
لم تعد الريح تهز سعف النخيل
والمراسي تغوص في الشط
لم يعط للشموع نور يهتز
وللقمر ضياء
لم يعد في الكانون نار
ولا في تنّور جدّتي رماد
لم يعد البُلبل يغرد على شجرة التوت
ومات الفخت على شجرة التين
باب جدي عندما يفتح له صرير
وقفله يختنق بالبكاء الحبيس
يملأ الغبار الأحمر غربال أمي
وصينية أختي تملؤها بقايا الشاي
دخان مصباح أبي النفطي
يملأ باحة الدار
دخان... دخان يملأ السقف والأجواء
..............................................
منتصف الهزيع
فتحت نافذة غرفتي
برائحة الأحزان
قطفت النجوم المتدلية
من قبة السماء
تناثرت متهرئة
ماتت في أول الليل
زهور البستان
أذابها الحزن المطبق
شارع القرية المظلم
يمتد... ويمتد
 إلى الأحزان... شوقاً

د.المفرجي الحسيني
-----------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق