مقتل بائع الكتب تنافس على البوكر
سننتظر النتيجة..
أعيد نشر مقالة الاستاذ حميد الحريزي
أعيد نشر مقالة الاستاذ حميد الحريزي
البعد الفكري لرواية ((مقتل بائع الكتب ))
للروائي
سعد محمد رحيم
للروائي
سعد محمد رحيم
حميد الحريـــــــــــــــــزي
متى تختفي المباغي ويصير الحب حرية ؟؟؟
كتب الكثير من الأستاذة النقاد والأدباء حول رواية (( مقتل بائع الكتب)) للروائي الأستاذ سعد محمد رحيم ، والتي صدرت طبعتها الرابعة من قبل دار سطور للطباعة والنشر ، ورشحت لقائمة بوكر العربي القصيرة ، مع خمس روايات عربية اخرى .
الرواية جذبت أنظار القراء نظرا لأهمية الموضوع المطروح والتعاطف الكبير من قبل القاريء الواعي العراقي والعربي مع الكتاب وبائع وكاتب وقاريي الكتاب في ظل واقع سيادة الجهل والتجهيل والأمية الأبجدية والثقافية المرافقة للأسف مع ما سمي ب((الربيع) العربي ، الذي انتزع الواقع المعاش منه زهوره ليلبسه رداء الخريف الأصفر ولون غروب شمس الأمن والحرية ، وخطف أرواح العديد من المفكرين والأدباء والكتاب او نفاهم الي بلدان عالم المهجر وسيادة أوضاعا لا تقل سوءا ولا قهرا ان لم تزد على حالهم في ظل الحكومات الديكتاتورية ،حيث انتقل عدائهم من سلطة الدولة القامعة الي سلطة المجتمع المتشظي والمشبع بروح الكراهية العرقية والطائفية ، فأصبح رأسه مطلوبا من قبل ذئاب هائجة متعطشة للدم بدعوى القربة الي الله ...
وقد اهتم اغلب الكتاب بالحبكة السردية ونزعة التجديد السردي في الرواية ، مع مرور خاطف على المنحى الفكري للرواية ومضمون الرسالة او الرسائل التي أراد الكاتب إيصالها للقاريء عبر روايته ، مما استوجب ان نجتهد في إلقاء الضوء على هذه الرسائل حسب قراءتنا الخاصة للنص والتي ربما تختلف عن رؤية الكاتب ورؤية العديد من القراء ...
السؤال الأول الذي يتبادر للذهن هو :-
من هو الرجل الهرم الذي اتصل هاتفيا بالكاتب ((ماجد البغدادي)) طالبا منه تقصي الدوافع وراء مقتل (( محمود المرزوق ))، وتوثيق حياته الحافلة بالإحداث والمفارقات والتي تصلح ان تكون رواية مميزة ؟؟
لم يفصح الكاتب خلال السرد عن الاسم الصريح لهذه الشخصية التي تكلفت مصاريف الكاتب ، وتكلفت دفع كلفة طباعة مؤلفه عن ((محمود المرزوق )) ولكنه تسا ؤل على لسان الصحفي في نهاية الرواية عمن يكون هذا المهتم بمقتل وحياة المرزوق حيث يقول
(( أفكر بالرجل الهرم الغامض..ذاك اختلف مع المرزوق كما اخبرني في أول مكالمة له معي – قبل أكثر من عشرين سنة ...
في ذلك الوقت أين كان المرزوق؟؟
في باريس..
ليس ثمة ذكر لصديق عراقي للمرزوق في فرنسا كلها في كتاباته التي اطلعت عليها.. لكنه ذهب أواخر مدة وجده بباريس – وهذه المرة الوحيدة التي غادر فيها فرنسا قبل العودة الي بلاده- الي براغ.. في براغ التقى .....))
يترك الكاتب الإجابة عن هذا السؤال الذي نجد الإجابة عليه في الصفحة 135 من الرواية ، حيث التقى المرزوق بكل من احد رفاقه القدامى (( حسين اللامي )) والذي قاده الي ((امجد مسعود ))الذي اختلف معه يوما وكان سببا في اعتقاله واعتقال صديقته مثار الشبهة من قبل المخابرات البلغارية ((نتاشا )).
فهو لم يختلف قط مع حسين اللامي ولكن خلافه كان مع (( امجد مسعود))، مما يجعلنا نستنتج وبقوة ان الرجل الهرم الذي طالب الصحفي ((ماجد البغدادي)) بالكتابة عن ((محمود المرزوق )) هو ((امجد مسعود ))وليس شخصا آخر غيره .
ولكن يظل هناك سؤال قائم يطالب بالإجابة وهو :-
ما هي الأسباب الكامنة وراء طلب ((امجد مسعود)) للكتابة عن ((محمود المرزوق)) والتحري وراء الأسباب الحقيقية لمقتله ، ومعرفة هوية القاتل والتضحية بمبلغ ليس هينا من المال لتحقيق رغبته هذه؟؟؟
هل هي محاولة من امجد مسعود لغسل أثم ما ارتكبه من خطأ بحق المرزوق وعشيقته ناتلشا في بلغاريا ؟؟؟
هل هو اعترافا بأهمية المرزوق كمثقف ومناضل يجب ان لا تمر جريمة قتله كما تمر جريمة قتل أي إنسان عادي في العراق ؟؟؟
هل هي محاولة لتكون حياة المرزوق ومقتله درسا للعراقيين حول حقيقة المناضل اليساري ولا قدسيته ، كونه يعيش حياة كحياة الآخرين يصمد ، ويضعف ، يغامر ، يرتكب الأخطاء ، يحب النساء والموسيقى والخمرة والكتب؟؟
هلل حاول من خلال شخصية وسلوكيات ومواقف المرزوق أراد كشف الستار عن أخطاء وهفوات الحركة الشيوعية العالمية ، وأخطاء بعض مواقف الحزب الشيوعي العراق بالذات في الماضي والحاضر ؟؟؟
وبعد ماذا أراد الكاتب ان يقول من خلال روايته ؟؟
هناك حدث هام الا وهو انهيار المعسكر الاشتراكي وما رافقه من وما تبعه من إحداث تخص الشيوعية كفكر وكتنظيمات سياسية ربما لم تأخذ حيزا كافيا من الاهتمامات الأدبية وخصوصا الروائية منها وهي الأقدر والأرحب لتناول هذه الأحداث ... فمن خلال الرواية وشخصية المرزوق صاحب منهج التفكير الماركسي والغير مرتبط تنظيما وهذا أمر هام حيث يرسل رسالة مفادها :-
ان المثقف اليساري والماركسي تحديدا لايمكن ان يحتويه تنظيم سياسي ، فهو يريد ان يظل طليقا في فكره وتفكره وسلوكه متمثلا المنهج الماركسي ولكنه ليس مقيدا بقيود الحزب الذي كثيرا ما يقود الي التبلد الفكري والعقائدية الفجة كما هو الحال بالنسبة لأمجد مسعود وأمثاله .
وقد تمكن من خلال ذلك ان ينتقد الموقف السياسي والفكري للحزب في دخوله للجبهة الوطنية مع حزب البعث في 1973 .
ونقده اللاذع لدخول الحزب لمجلس الحكم بعد انهيار الديكتاتورية وهيمنة القوى الإسلاموية والعرقية على سدة الحكم تحت قيادة المحتل الأمريكي وهو خطأ فادح على مستوى السياسة والفكر الماركسي وا كذلك هناك غمز ضمن الرواية تقول بلا جدوى الفكر الماركسي ولا جدوى للتضحية وبذل العرق والدم والتشرد في مثل تلك البلدان ، خصوصا وقد فقد الفكر مصداقيته عبر تجربة الاتحاد السوفياتي والبلدان الاشتراكية الأخرى في العالم ، فالإنسان لازال قيد القمع والتعذيب والاغتصاب والقتل في مثل هذه البلدان وما تعرض له المرزوق وعشيقته (( ناتاشا )) الا مثالا واضحا على هذه الممارسات فمن يطلب الأمن الحرية يجب ان يفتش عنها عبر وسيلة وطريق أخر غير طريق وأسلوب الفكر الشيوعي وتنظيمات الأحزاب الشيوعية ، والذي ن امثلتها العقائدي المتصلب ((امجد مسعود))، والمتهاوي ((المرتد)) المتاسلم ((الحاج منصور )) رفيق المرزوق في سجن نقرة السلمان .
((اقتربت من الماركسية كثيرا ولم أؤمن بالتنظيم، بالكفاح المسلح ، بالحقد والكفاح الطبقيين.. قلت لرفيق عراقي هارب مثلي، متأنق متحذلق في براغ ، لا اعتقد ان الصراع الطبقي هو محرك التاريخ ألان .. ما يصنع التاريخ الآن ويحركه هو الآتي ، الفاشيات والمافيات والعقائد الجامدة والمسمومة والتطرف والإعلام الديماغوجي والدعاية السياسية الخداعة والمصالح الفردية الضيقة...) ص155-156
وهنا نجد مغازلة ذكية من قبل الكاتب لدعاة موت الشيوعية وأحزابها سواء في الشرق او الغرب ، وعدم جدوى النظرية الماركسية في تفسير التاريخ على ضوء نظرية الصراع الطبقي التي اثبت الواقع المعاش وخصوصا في بلدان العالم الثالث لا واقعيتها ولا علميتها
هل سيكون هذا الموقف في تعرية بعض ممارسات الأحزاب الشيوعية هو جواز مرور الرواية لتفوز بالبوكر العربي تماشيا مع دعاة موت الشيوعية ، وفساد أحزابها والدعوة للفكر اللبرالي الحر تماشيا مع موجة العولمة الرأسمالية والنيولبرالية الجديدة ؟؟؟
كما انه أرسل رسالة بليغة وان كانت قصيرة مفادها ان أمريكا لها يد طولي في نشر ورعاية الإرهاب في العراق وذلك لمصادرة حق المقاومة الوطنية المشروعة من أيدي الوطنين العراقيين الأحرار عبر تشويه وجه المقاومة من قبل المنظمات الإرهابية كالقاعدة وداعش وأخواتها ، مؤيدا الرأي القائل ان الاستعمار الامبريالي الأمريكي امتلك خاصية ربما لم يقدم عليها إي استعمار سابق الا وهي انه جلب معه للبلاد المستعمرة معارضته المسلحة فهو من صنعها وهو من سلحها وهو من طبل لها ومدها بالخبرة والمال ، لقطع الطريق أمام المقاومة الأصيلة الصادقة عبر خلط الأوراق:-
(( لماذا لا يكونون صناعة مؤسسة أجنبية لخلط الحابل بالنابل، ولكي لا تكون ثمة مقاومة وطنية حقيقية ضدهم )) ص59
كان هذا رد المرزوق على تساؤلات محدثه حول الطبيعة الهمجية للقوى المسلحة واستهدافها الاطفال والشيوخ والنساء الأبرياء والكسبة بدعوى المقاومة
((لماذا يقتلون الاطفال أيضا ؟ من هؤلاء؟ من إي مستنقع نتن للشر خرجا؟ إي سواد هذا الذي في عقولهم وضمائرهم ؟؟)) ص59.
وقد كانت فرنسا اللبرالية الرأسمالية هي موطن الحرية الموهوم بعد أفول الفكر اليساري والفكر الوجودي الماركسي بعد سارتر وسيموت دي بوفار .كما كان يتصور فرنسا جنة على الأرض التي كان واقعها صادما له أيضا
(( ان الزمان غير الزمان والحال مختلف، لم يكن في مقهى فلور البير كامي وسيموت دي بوفوار وجان بول سارتر.. رأيت فقراء حقيقيين، عربا وأفارقة ولا تينين وعاهرات قادمات من كل بقاع الأرض ، شابات وفي سن الكهولة ، وتلمست في أكثر من مناسبة نظرة الازدراء العنصرية عند بعضهم ) ص157
بمعنى لا شرق بقي شرقا ولا الغرب غربا كل العالم يتسربل بالقهر والظلم والضياع والظلم ، لا الشيوعية ، ولا الرأسمالية ، ولا القومانية الهتلرية الصدامية والناصرية ، انقذت العالم من محنته ، وها هي الإسلاموية التي فاقت الجميع في التطرف والإرهاب والخراب في كل العالم .
فهل سيرضي هذا الموقف أنصار النيولبرالية الجديدة ، وقد وزنت الواقع بميزان العدل والموضوعية ، أم أنهم سيستعملون ضدها حق الفيتو الأدبي ويو قفونها ضمن حدود الست روايات ضمن القائمة القصيرة لكي لتتمادى أكثر ؟؟؟
ستعلن النتائج غدا وان غدا لناظره قريب ؟؟؟
فما هو الحل إذن ؟؟
هل هي دعوة للعدمية واللا التزام واللامبالاة في عالم مضطرب تسوده الكراهية والتمييز العنصري والديني والعرقي ؟؟؟
يرد الكاتب على هذا السؤال برد مكثف مختزل ولكنه بليغ بالقول على لسان محمود المرزوق :-
((التاريخ يسير على السكة الخاطئة، ولن يوضع على السكة الصحيحة الا إذا اختفت المناغي ، وصار الحب حرية)) ص34.
فالمناغي لا تختفي الا باختفاء التمايز الطبقي ، المناغي لا تختفي الا باختفاء أساليب القهر وامتلاك الإنسان ذاته ، بمعنى ان يتحرر من قيد الضرورة ليمرح في فضاء الحرية ...
أما كيف ومتى فهذا أمر مرهون بالصيرورة التاريخية ، بمدى وعي الإنسانية لذاتها وان ترتفع الي إنسانيتها ، متخلصة من بقايا ثقافة الغاب والوحشية والأنانية الضيقة القاتلة ، بمعنى موت الرأسمالية المتوحشة ، واختيار نظام جديد، لا يكون الا حيزا للحرية على مختلف المستويات، ان يكون الفكر ممارسة حرة غير مقيدة كما عاشها ((محمود المرزوق )) بالطول والعرض
وحول ما نحن عليه الآن ، هل نحن ألان نحن أحرار ، هل امتلكنا زمام حياتنا ، هل نعيش الحرية والديمقراطية كما يقال لنا وكما أرادوه ((محررينا)) لنا يقول :-
(( لا تظن ياصاحبي انك اكتسبت الحرية .. أمامنا سنوات طويلة قادمة حتى نكون بشرا أحرارا. وفي ذلك اليوم لن نكون أنا وأنت موجودين، وربما لن يتذكرنا احد )) ص35.
ينتصر الكاتب لقضية الحرية ويرى حتمية تحققها ولو بعد حين ولكنها بالتأكيد لا تاتي الا بعد ان يأتي جيل يؤمن بها ينزع أكفان الماضي المتحجر ، والفكر الشمولي المتجبر ، جيل يعي لاوعيه ويحوك خيوط الحرية بالعلم والعمل .
وأخيرا أقول ان الروائي سعد محمد رحيم تمكن من تحريك حالة السكون والركود في الفكر ، وظهر الكثير من علامات الاستفهام والتعجب الي السطح لتكون محط اهتمام أحرار العالم ومنهم أحرار العراق لتأسيس مشغل فكري للتفكر والتدبر فيما نحن عليه وكد العقل والجسد من اجل بناء عالم أفضل ...
— with سعد محمد رحيم.
الرواية جذبت أنظار القراء نظرا لأهمية الموضوع المطروح والتعاطف الكبير من قبل القاريء الواعي العراقي والعربي مع الكتاب وبائع وكاتب وقاريي الكتاب في ظل واقع سيادة الجهل والتجهيل والأمية الأبجدية والثقافية المرافقة للأسف مع ما سمي ب((الربيع) العربي ، الذي انتزع الواقع المعاش منه زهوره ليلبسه رداء الخريف الأصفر ولون غروب شمس الأمن والحرية ، وخطف أرواح العديد من المفكرين والأدباء والكتاب او نفاهم الي بلدان عالم المهجر وسيادة أوضاعا لا تقل سوءا ولا قهرا ان لم تزد على حالهم في ظل الحكومات الديكتاتورية ،حيث انتقل عدائهم من سلطة الدولة القامعة الي سلطة المجتمع المتشظي والمشبع بروح الكراهية العرقية والطائفية ، فأصبح رأسه مطلوبا من قبل ذئاب هائجة متعطشة للدم بدعوى القربة الي الله ...
وقد اهتم اغلب الكتاب بالحبكة السردية ونزعة التجديد السردي في الرواية ، مع مرور خاطف على المنحى الفكري للرواية ومضمون الرسالة او الرسائل التي أراد الكاتب إيصالها للقاريء عبر روايته ، مما استوجب ان نجتهد في إلقاء الضوء على هذه الرسائل حسب قراءتنا الخاصة للنص والتي ربما تختلف عن رؤية الكاتب ورؤية العديد من القراء ...
السؤال الأول الذي يتبادر للذهن هو :-
من هو الرجل الهرم الذي اتصل هاتفيا بالكاتب ((ماجد البغدادي)) طالبا منه تقصي الدوافع وراء مقتل (( محمود المرزوق ))، وتوثيق حياته الحافلة بالإحداث والمفارقات والتي تصلح ان تكون رواية مميزة ؟؟
لم يفصح الكاتب خلال السرد عن الاسم الصريح لهذه الشخصية التي تكلفت مصاريف الكاتب ، وتكلفت دفع كلفة طباعة مؤلفه عن ((محمود المرزوق )) ولكنه تسا ؤل على لسان الصحفي في نهاية الرواية عمن يكون هذا المهتم بمقتل وحياة المرزوق حيث يقول
(( أفكر بالرجل الهرم الغامض..ذاك اختلف مع المرزوق كما اخبرني في أول مكالمة له معي – قبل أكثر من عشرين سنة ...
في ذلك الوقت أين كان المرزوق؟؟
في باريس..
ليس ثمة ذكر لصديق عراقي للمرزوق في فرنسا كلها في كتاباته التي اطلعت عليها.. لكنه ذهب أواخر مدة وجده بباريس – وهذه المرة الوحيدة التي غادر فيها فرنسا قبل العودة الي بلاده- الي براغ.. في براغ التقى .....))
يترك الكاتب الإجابة عن هذا السؤال الذي نجد الإجابة عليه في الصفحة 135 من الرواية ، حيث التقى المرزوق بكل من احد رفاقه القدامى (( حسين اللامي )) والذي قاده الي ((امجد مسعود ))الذي اختلف معه يوما وكان سببا في اعتقاله واعتقال صديقته مثار الشبهة من قبل المخابرات البلغارية ((نتاشا )).
فهو لم يختلف قط مع حسين اللامي ولكن خلافه كان مع (( امجد مسعود))، مما يجعلنا نستنتج وبقوة ان الرجل الهرم الذي طالب الصحفي ((ماجد البغدادي)) بالكتابة عن ((محمود المرزوق )) هو ((امجد مسعود ))وليس شخصا آخر غيره .
ولكن يظل هناك سؤال قائم يطالب بالإجابة وهو :-
ما هي الأسباب الكامنة وراء طلب ((امجد مسعود)) للكتابة عن ((محمود المرزوق)) والتحري وراء الأسباب الحقيقية لمقتله ، ومعرفة هوية القاتل والتضحية بمبلغ ليس هينا من المال لتحقيق رغبته هذه؟؟؟
هل هي محاولة من امجد مسعود لغسل أثم ما ارتكبه من خطأ بحق المرزوق وعشيقته ناتلشا في بلغاريا ؟؟؟
هل هو اعترافا بأهمية المرزوق كمثقف ومناضل يجب ان لا تمر جريمة قتله كما تمر جريمة قتل أي إنسان عادي في العراق ؟؟؟
هل هي محاولة لتكون حياة المرزوق ومقتله درسا للعراقيين حول حقيقة المناضل اليساري ولا قدسيته ، كونه يعيش حياة كحياة الآخرين يصمد ، ويضعف ، يغامر ، يرتكب الأخطاء ، يحب النساء والموسيقى والخمرة والكتب؟؟
هلل حاول من خلال شخصية وسلوكيات ومواقف المرزوق أراد كشف الستار عن أخطاء وهفوات الحركة الشيوعية العالمية ، وأخطاء بعض مواقف الحزب الشيوعي العراق بالذات في الماضي والحاضر ؟؟؟
وبعد ماذا أراد الكاتب ان يقول من خلال روايته ؟؟
هناك حدث هام الا وهو انهيار المعسكر الاشتراكي وما رافقه من وما تبعه من إحداث تخص الشيوعية كفكر وكتنظيمات سياسية ربما لم تأخذ حيزا كافيا من الاهتمامات الأدبية وخصوصا الروائية منها وهي الأقدر والأرحب لتناول هذه الأحداث ... فمن خلال الرواية وشخصية المرزوق صاحب منهج التفكير الماركسي والغير مرتبط تنظيما وهذا أمر هام حيث يرسل رسالة مفادها :-
ان المثقف اليساري والماركسي تحديدا لايمكن ان يحتويه تنظيم سياسي ، فهو يريد ان يظل طليقا في فكره وتفكره وسلوكه متمثلا المنهج الماركسي ولكنه ليس مقيدا بقيود الحزب الذي كثيرا ما يقود الي التبلد الفكري والعقائدية الفجة كما هو الحال بالنسبة لأمجد مسعود وأمثاله .
وقد تمكن من خلال ذلك ان ينتقد الموقف السياسي والفكري للحزب في دخوله للجبهة الوطنية مع حزب البعث في 1973 .
ونقده اللاذع لدخول الحزب لمجلس الحكم بعد انهيار الديكتاتورية وهيمنة القوى الإسلاموية والعرقية على سدة الحكم تحت قيادة المحتل الأمريكي وهو خطأ فادح على مستوى السياسة والفكر الماركسي وا كذلك هناك غمز ضمن الرواية تقول بلا جدوى الفكر الماركسي ولا جدوى للتضحية وبذل العرق والدم والتشرد في مثل تلك البلدان ، خصوصا وقد فقد الفكر مصداقيته عبر تجربة الاتحاد السوفياتي والبلدان الاشتراكية الأخرى في العالم ، فالإنسان لازال قيد القمع والتعذيب والاغتصاب والقتل في مثل هذه البلدان وما تعرض له المرزوق وعشيقته (( ناتاشا )) الا مثالا واضحا على هذه الممارسات فمن يطلب الأمن الحرية يجب ان يفتش عنها عبر وسيلة وطريق أخر غير طريق وأسلوب الفكر الشيوعي وتنظيمات الأحزاب الشيوعية ، والذي ن امثلتها العقائدي المتصلب ((امجد مسعود))، والمتهاوي ((المرتد)) المتاسلم ((الحاج منصور )) رفيق المرزوق في سجن نقرة السلمان .
((اقتربت من الماركسية كثيرا ولم أؤمن بالتنظيم، بالكفاح المسلح ، بالحقد والكفاح الطبقيين.. قلت لرفيق عراقي هارب مثلي، متأنق متحذلق في براغ ، لا اعتقد ان الصراع الطبقي هو محرك التاريخ ألان .. ما يصنع التاريخ الآن ويحركه هو الآتي ، الفاشيات والمافيات والعقائد الجامدة والمسمومة والتطرف والإعلام الديماغوجي والدعاية السياسية الخداعة والمصالح الفردية الضيقة...) ص155-156
وهنا نجد مغازلة ذكية من قبل الكاتب لدعاة موت الشيوعية وأحزابها سواء في الشرق او الغرب ، وعدم جدوى النظرية الماركسية في تفسير التاريخ على ضوء نظرية الصراع الطبقي التي اثبت الواقع المعاش وخصوصا في بلدان العالم الثالث لا واقعيتها ولا علميتها
هل سيكون هذا الموقف في تعرية بعض ممارسات الأحزاب الشيوعية هو جواز مرور الرواية لتفوز بالبوكر العربي تماشيا مع دعاة موت الشيوعية ، وفساد أحزابها والدعوة للفكر اللبرالي الحر تماشيا مع موجة العولمة الرأسمالية والنيولبرالية الجديدة ؟؟؟
كما انه أرسل رسالة بليغة وان كانت قصيرة مفادها ان أمريكا لها يد طولي في نشر ورعاية الإرهاب في العراق وذلك لمصادرة حق المقاومة الوطنية المشروعة من أيدي الوطنين العراقيين الأحرار عبر تشويه وجه المقاومة من قبل المنظمات الإرهابية كالقاعدة وداعش وأخواتها ، مؤيدا الرأي القائل ان الاستعمار الامبريالي الأمريكي امتلك خاصية ربما لم يقدم عليها إي استعمار سابق الا وهي انه جلب معه للبلاد المستعمرة معارضته المسلحة فهو من صنعها وهو من سلحها وهو من طبل لها ومدها بالخبرة والمال ، لقطع الطريق أمام المقاومة الأصيلة الصادقة عبر خلط الأوراق:-
(( لماذا لا يكونون صناعة مؤسسة أجنبية لخلط الحابل بالنابل، ولكي لا تكون ثمة مقاومة وطنية حقيقية ضدهم )) ص59
كان هذا رد المرزوق على تساؤلات محدثه حول الطبيعة الهمجية للقوى المسلحة واستهدافها الاطفال والشيوخ والنساء الأبرياء والكسبة بدعوى المقاومة
((لماذا يقتلون الاطفال أيضا ؟ من هؤلاء؟ من إي مستنقع نتن للشر خرجا؟ إي سواد هذا الذي في عقولهم وضمائرهم ؟؟)) ص59.
وقد كانت فرنسا اللبرالية الرأسمالية هي موطن الحرية الموهوم بعد أفول الفكر اليساري والفكر الوجودي الماركسي بعد سارتر وسيموت دي بوفار .كما كان يتصور فرنسا جنة على الأرض التي كان واقعها صادما له أيضا
(( ان الزمان غير الزمان والحال مختلف، لم يكن في مقهى فلور البير كامي وسيموت دي بوفوار وجان بول سارتر.. رأيت فقراء حقيقيين، عربا وأفارقة ولا تينين وعاهرات قادمات من كل بقاع الأرض ، شابات وفي سن الكهولة ، وتلمست في أكثر من مناسبة نظرة الازدراء العنصرية عند بعضهم ) ص157
بمعنى لا شرق بقي شرقا ولا الغرب غربا كل العالم يتسربل بالقهر والظلم والضياع والظلم ، لا الشيوعية ، ولا الرأسمالية ، ولا القومانية الهتلرية الصدامية والناصرية ، انقذت العالم من محنته ، وها هي الإسلاموية التي فاقت الجميع في التطرف والإرهاب والخراب في كل العالم .
فهل سيرضي هذا الموقف أنصار النيولبرالية الجديدة ، وقد وزنت الواقع بميزان العدل والموضوعية ، أم أنهم سيستعملون ضدها حق الفيتو الأدبي ويو قفونها ضمن حدود الست روايات ضمن القائمة القصيرة لكي لتتمادى أكثر ؟؟؟
ستعلن النتائج غدا وان غدا لناظره قريب ؟؟؟
فما هو الحل إذن ؟؟
هل هي دعوة للعدمية واللا التزام واللامبالاة في عالم مضطرب تسوده الكراهية والتمييز العنصري والديني والعرقي ؟؟؟
يرد الكاتب على هذا السؤال برد مكثف مختزل ولكنه بليغ بالقول على لسان محمود المرزوق :-
((التاريخ يسير على السكة الخاطئة، ولن يوضع على السكة الصحيحة الا إذا اختفت المناغي ، وصار الحب حرية)) ص34.
فالمناغي لا تختفي الا باختفاء التمايز الطبقي ، المناغي لا تختفي الا باختفاء أساليب القهر وامتلاك الإنسان ذاته ، بمعنى ان يتحرر من قيد الضرورة ليمرح في فضاء الحرية ...
أما كيف ومتى فهذا أمر مرهون بالصيرورة التاريخية ، بمدى وعي الإنسانية لذاتها وان ترتفع الي إنسانيتها ، متخلصة من بقايا ثقافة الغاب والوحشية والأنانية الضيقة القاتلة ، بمعنى موت الرأسمالية المتوحشة ، واختيار نظام جديد، لا يكون الا حيزا للحرية على مختلف المستويات، ان يكون الفكر ممارسة حرة غير مقيدة كما عاشها ((محمود المرزوق )) بالطول والعرض
وحول ما نحن عليه الآن ، هل نحن ألان نحن أحرار ، هل امتلكنا زمام حياتنا ، هل نعيش الحرية والديمقراطية كما يقال لنا وكما أرادوه ((محررينا)) لنا يقول :-
(( لا تظن ياصاحبي انك اكتسبت الحرية .. أمامنا سنوات طويلة قادمة حتى نكون بشرا أحرارا. وفي ذلك اليوم لن نكون أنا وأنت موجودين، وربما لن يتذكرنا احد )) ص35.
ينتصر الكاتب لقضية الحرية ويرى حتمية تحققها ولو بعد حين ولكنها بالتأكيد لا تاتي الا بعد ان يأتي جيل يؤمن بها ينزع أكفان الماضي المتحجر ، والفكر الشمولي المتجبر ، جيل يعي لاوعيه ويحوك خيوط الحرية بالعلم والعمل .
وأخيرا أقول ان الروائي سعد محمد رحيم تمكن من تحريك حالة السكون والركود في الفكر ، وظهر الكثير من علامات الاستفهام والتعجب الي السطح لتكون محط اهتمام أحرار العالم ومنهم أحرار العراق لتأسيس مشغل فكري للتفكر والتدبر فيما نحن عليه وكد العقل والجسد من اجل بناء عالم أفضل ...
— with سعد محمد رحيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق