ن(الكتل اللونية والفن البصري – الخطاب التشكيلي للفنان " محمد سوادي" انموذجا)شكرا للاستاذ مؤيد البصام.
الكتل اللونية والفن البصري – الخطاب التشكيلي للفنان " محمد سوادي" انموذجا
قراءة : داود سلمان الشويلي
الفن جزء مهم من حركة المجتمع وهو يلعب دورا مهما في المجتمعات ، وقد ك
وينهض الفن التشكيلي في الاونة الاخيرة على مجموعة من العناصر التي تحاول توصيل هذا الفن الى المتلقي ، ومن اهم هذه العناصر هو اللون ، المادة الاساسية في فن التشكيل منذ الازل ، لكنه الان وفي هذه اللوحات ياخذ له مسارا جديدا ، حيث يعتمد استخدامه على مجموعة من العوامل التي تساعده على ان يقوم بعمله في اللوحة وينتج شيفراته ورسائله الخاصة به.
من اهم هذه العوامل هو خارطة توزيعه ضمن كتل لونية عديدة ومتنوعة وبالكميات التي يرى الفنان انها قادرة على حمل خطابه، مما يعطيه قدرة على امتلاء فضاء اللوحة لتكوّن بذلك الشيفرة التي على المتلقي حلها ، لتنتج في ذائقته ردة فعل جمالية.
وللفن البصري المعتمد على اللون خاصة ، تاريخ طويل في ذائقة الفنان و المتلقي على السواء ، ولكنه في الفن الحديث يؤسس لان يكون فنا مستقبليا من خلال كمية الالوان المستخدمة في اللوحة والعلاقة فيما بينها ، والتي هي علاقة تجاور و تحاور و تفضي فيما بعد ، وعلى اللوحة ،الى علاقة اقتران وتلاقي ، مما توحي بسحرية هذا الاقتران في عين المتلقي ومن ثم لتفكيره لتحركة نحو التفسير والتأويل.
ان الانساق اللونية ، وعدد الالوان ، والحدود الفاصلة بينها ، وكذلك التوزيع الهارموني لها ، و ابعادها الزمانية والمكانية الموضوعة على فضاء ( كنفاص ) اللوحة ، كلها ترسل شيفراتها السحرية لعين المتلقي فتتكامل الصورة البصرية عنده ، عندها يتكامل خطاب الفنان التشكيلي في التفاعل مع تفكيرالمتلقي .
امامنا تجربة فنية لواحد من فنانينا الشباب الذي يعبر بما يبدعه عن رؤى جمالية يبثها في نصوص بصرية لونية ، ذلك هو الفنان التشكيلي محمد سوادي ومنجزه الفني التي توزع على مجموعة من اللوحات المعتمدة على توزيع اللون على ( كنفاس ) اللوحة ليؤسس خطابه الفني التشكيلي الذي يضم مجموعة من الرؤى الفلسفية – الجمالية ، وما تمنحة من ذائقة ابداعية تتجاوب وذائقة المتقي .
المرتكزات الاساسية التي اعتمدها الفنان محمد سوادي والتي قدم من خلالها خطابة التشكيلي بكل ما يحمله من هواجس ومشاعر واحاسيس وانفعالات التي صاغ منها مضامين تعبق بكل ما هو انساني غني واصيل ، هذه المرتكزات هي :
- الوعي الكلي بفلسفة اللون وتجاوبه مع الحس الانساني للمبدع والمتلقي.
- معرفة تامة بالفضاء الحاف للوحة التي سينجز عليها الخطاب التشكيلي الموجه للمتلقي.
- معرفة حساسية ذائقة المتلقي وتجاوبها مع اللون، وحدود تكونه ،وتدرجه بين الظل والضوء .
- الابعاد السيميائية التي تشكلها الالوان على اللوحة .
- الحدود اللامرئية للالوان وتشكلاتها .
ولكي نكون قريبين من تجربة الفنان التشكيلي محمد سوادي، سنتفحص منجزه الفني المتمثل بلوحاته الفنية التي تجاوزت الاربعين لوحة ، والتي وزعت ضمن مجاميع لاجل الدراسة هذه.
***
يتخذ توزيع الموضوع المنتقى رسمه ليشكل خطاب الفنان الى عدة انواع ، فقد استخدم الفنان محمد سودي اسلوب توزيع اللون في مجموعة من اللوحات بطريقة عمودية ، وخير مثال على ذلك اللوحة رقم / 22 حيث وضع في الجهة اليمنى للوحة كتلة اللون الابيض ثم تحرك الى اليسار ليتخذ هذا اللون اكثر دكانة حتي يصل في نهاية الثلث الاول من اللوحة فيصطبغ باللون الاحمر الفاتح على شكل ضربات قليلة من الفرشاة على ارضية اتخذت اشكال عشوائية من تدرجات اللون الاسود لينتهي بالثلث الاخير من اللوحة باللون الاصفر وتدرجاته مع القليل من اللون الاحمر الفاتح ، والاسود الفاتح ، مع وجود فجوة في المركز من الاسفل بصورة ترتفع الى الاعلى لتتداخل معها دوائر الاسود لتنتهي في المركز.
هذه اللوحة اللونية البصرية ، وحسب ذائقتي الفنية كمتلق ، تنتج خطابها الفني الموجه باتقان على انها - اللوحة - تقرا من اليسار الى اليمين ، ويفهم منها انها عبارة عن تصوير ما يجيش في نفسية المتلقي ( والفنان ضمنيا ) من مخاوف وتوجس يبدأ باللون الاصفر حيث جيشان النفس البشرية،وتنتهي بالابيض،حيث الانفراج وهدوء النفس ، مارا بالمنتصف حيث تتلاقى كل المشاعر والاحاسيس ، وبمخاض هذا الانفراج التي تمثله كتلة اللون الابيض من الاسفل ، وما تخسره النفس من هذا الصراع الذي تم في الوسط ، حيث تمثلت هذه الخسائر بضربات الفرشلة الحمراء.
اذن الفنان يريد من خطابه التشكيلي الذي ارسله للمتلقي ان يقول : ان الانسان بلا خسارات يومية ، وبلا اضطراب للاحاسيس والمشاعر لا يمكنه ان يبقى صامدا ، ويعيش حياته بامان.
هذه فلسفة اللون المعبرة عنها - كدال ومدلول – في هذا الخطاب التشكيلي على الانسان المعاصر ، والمحاصر والمستلب بخسائر نفسية وشعورية هو هذا.
***
ويتدرج توزيع الكتل اللونية في لوحات عدة من الاسفل الى الاعلى ، وخير ما تمثله لهذه المجموعة اللوحة/ 31 .
لا اعرف كيف ان الفنان محمد سوادي ، ومن خلال قراءتي لخطابه التشكيلي ، راح يلعب لعبته الفنية مع دواخل النفس البشرية وفي مجاهلها البعيدة ، وفي العقل البشري الذي يكون فيه الشعور واللاشعور هما وجهي عملة ، فعبر بفرشاته المحملة بالوانه عن عالم النفس والعقل ، فاحال الانسان اليهما ،فمرة يجعل هذه الانسان - بنفسه وعقله – صفحة بيضاء تأخذ الالوان فيها مدلول يرمز الى دال لتنثر في فضاء اللوحة من اليسار الى اليمين او بالعكس ، او ان تتصاعد هذه الالوان من الاسفل الى الاعلى كما في لوحتنا الذي اتخذناها مثالا لمجموعة من اللوحات من انجاز الفنان.
تبدأ الكتلة اللونية الداكنة – السوداء والزرقاء – من الربع الاول في اسفل اللوحة ، لتنتهي بشحوب احد تدرجات اللون الاصفر، مارة بما تجيش به النفس واللاشعور البشريان من مشاعر واحاسيس تصدمنا بحدة لتتركنا وتفكيرنا ماخوذ بهذا التوزيع اللوني المسيطر عليه من قبل فنان مقتدر كمحمد سوادي.
هذه اللوحة التي تكون كتل الالوان المتعددة بين الابيض وتدرجاته، والاصفر وتدرجاته ، والوان اخرى وتدرجاتها ، والتي امتلأ بها الربع الثاني من اسفل اللوحة ، تتفاعل هذه الالوان بصراع يشبه صراع سماء ملبدة بمجموعة من الغيوم المتحركة ، تحيل مباشرة الى النصف الثاني للوحة من الاعلى الذي ينفتح على اللون الاصفرالذي يبدأ اكثر انفتاحا لينتهي الى الداكن منه.
والرسالة التي تحملها هذه اللوحة ولوحات اخرى من المجموعة هو: ان الانسان الذي ابعدعن كل لوحات الفنان وفسح المجال لاحاسيسه ومشاعره، تتحرك وتضطرب في نفسه وعقله نوازع وافكار كثيرة في صراع قوي بين القبول والرفض لكل القيم والسلوكيات الاتية من المجتمع ، لتصل في النهاية الى القول بحيادية الاجابة.
***
اذا كان توزيع الكتل اللونية في اللوحات السابقة تبدأ من اطراف اللوحة، فانه في هذا التوزيع ينشأ امتلاء كامل للوحة، واللوحة / 13 تمثل هذا التوزيع الهرموني للالوان في فضائها.
تتوزع الكتل اللونية في هذه اللوحة باتقان كامل ، وبهارمونية اخاذة تجذب اليها المتلقي، فتجمد عنده النفس والعقل بتجلياته الشعورية واللاشعورية ، ليقف مبهورا بهذا التوزيع ، بين اللون الاسود من الاعلى ومن الاسفل الذي يعبر عن القيود التي تكبل الانسان (اللون الاسود)، وفي الوسط الوان فاتحة للتعبير عن حركة الانسان الدائرية بين القيدين .
كذلك هو في اغلب لوحات الفنان في هذه المجموعة.
هذه اللوحة تنقل لنا نحن المتلقين رسالة الفنان في اننا لا يمكن الانفكاك من قيود المجتمع ، وما الامال ، والامنيات الا سوى احلام تبقى مقيدة غير قابلة للتحقق.
***
هذه قراءة لمجموعة من اللوحات التي اخترتها من بين لوحات الفنان، والتي تمثل اللوحات الاخرى المتبقية الى حد ما،اردت من هذه القراة ان اصل الى خطاب الفنان محمد سوادي التشكيلي.
لذا فالمعاني والصور التي تولدها في ذهن القارئ قراءة نصوص الخطاب التشكيلي للقنان محمد سوادي ، تعتمد – المعاني هذه - على الصلة التي تربط المتلقي باللغة اللونية للوحة،والبيئة الزمكانية التي يوجد فيها الاثنان.
انسان محمد سوادي ، رغم عدم تشخيصه في اللوحة وانما يمثل الغياب الفني له ، يبدو انه انسان مقيد ،تقيده مجموعة من التابوات المجتمعية ، فيظل يدور في مكانه كحمار الناعور ، النقطة التي يبدأ منها يعود لها .
هكذا يبدو الانسان عند الفنان محمد سوادي ، حيث استخدم الكتل اللونية في التعبير عن مشاعره واحاسيسه ، وتبقى تاويلات وتفسيرات المتلقي الاخر متاحة في قراءة هذا الخطاب الفني الجمالي ، دون ان تصادرها هذه الدراسة منه.
ان الفن سابقا يؤكد على القيم الانسانية والجمال الطبيعي وعلى القيم الالهية، وكان له دور في تاكيد الروح المعنوية للانسان.الكتل اللونية والفن البصري – الخطاب التشكيلي للفنان " محمد سوادي" انموذجا
قراءة : داود سلمان الشويلي
الفن جزء مهم من حركة المجتمع وهو يلعب دورا مهما في المجتمعات ، وقد ك
وينهض الفن التشكيلي في الاونة الاخيرة على مجموعة من العناصر التي تحاول توصيل هذا الفن الى المتلقي ، ومن اهم هذه العناصر هو اللون ، المادة الاساسية في فن التشكيل منذ الازل ، لكنه الان وفي هذه اللوحات ياخذ له مسارا جديدا ، حيث يعتمد استخدامه على مجموعة من العوامل التي تساعده على ان يقوم بعمله في اللوحة وينتج شيفراته ورسائله الخاصة به.
من اهم هذه العوامل هو خارطة توزيعه ضمن كتل لونية عديدة ومتنوعة وبالكميات التي يرى الفنان انها قادرة على حمل خطابه، مما يعطيه قدرة على امتلاء فضاء اللوحة لتكوّن بذلك الشيفرة التي على المتلقي حلها ، لتنتج في ذائقته ردة فعل جمالية.
وللفن البصري المعتمد على اللون خاصة ، تاريخ طويل في ذائقة الفنان و المتلقي على السواء ، ولكنه في الفن الحديث يؤسس لان يكون فنا مستقبليا من خلال كمية الالوان المستخدمة في اللوحة والعلاقة فيما بينها ، والتي هي علاقة تجاور و تحاور و تفضي فيما بعد ، وعلى اللوحة ،الى علاقة اقتران وتلاقي ، مما توحي بسحرية هذا الاقتران في عين المتلقي ومن ثم لتفكيره لتحركة نحو التفسير والتأويل.
ان الانساق اللونية ، وعدد الالوان ، والحدود الفاصلة بينها ، وكذلك التوزيع الهارموني لها ، و ابعادها الزمانية والمكانية الموضوعة على فضاء ( كنفاص ) اللوحة ، كلها ترسل شيفراتها السحرية لعين المتلقي فتتكامل الصورة البصرية عنده ، عندها يتكامل خطاب الفنان التشكيلي في التفاعل مع تفكيرالمتلقي .
امامنا تجربة فنية لواحد من فنانينا الشباب الذي يعبر بما يبدعه عن رؤى جمالية يبثها في نصوص بصرية لونية ، ذلك هو الفنان التشكيلي محمد سوادي ومنجزه الفني التي توزع على مجموعة من اللوحات المعتمدة على توزيع اللون على ( كنفاس ) اللوحة ليؤسس خطابه الفني التشكيلي الذي يضم مجموعة من الرؤى الفلسفية – الجمالية ، وما تمنحة من ذائقة ابداعية تتجاوب وذائقة المتقي .
المرتكزات الاساسية التي اعتمدها الفنان محمد سوادي والتي قدم من خلالها خطابة التشكيلي بكل ما يحمله من هواجس ومشاعر واحاسيس وانفعالات التي صاغ منها مضامين تعبق بكل ما هو انساني غني واصيل ، هذه المرتكزات هي :
- الوعي الكلي بفلسفة اللون وتجاوبه مع الحس الانساني للمبدع والمتلقي.
- معرفة تامة بالفضاء الحاف للوحة التي سينجز عليها الخطاب التشكيلي الموجه للمتلقي.
- معرفة حساسية ذائقة المتلقي وتجاوبها مع اللون، وحدود تكونه ،وتدرجه بين الظل والضوء .
- الابعاد السيميائية التي تشكلها الالوان على اللوحة .
- الحدود اللامرئية للالوان وتشكلاتها .
ولكي نكون قريبين من تجربة الفنان التشكيلي محمد سوادي، سنتفحص منجزه الفني المتمثل بلوحاته الفنية التي تجاوزت الاربعين لوحة ، والتي وزعت ضمن مجاميع لاجل الدراسة هذه.
***
يتخذ توزيع الموضوع المنتقى رسمه ليشكل خطاب الفنان الى عدة انواع ، فقد استخدم الفنان محمد سودي اسلوب توزيع اللون في مجموعة من اللوحات بطريقة عمودية ، وخير مثال على ذلك اللوحة رقم / 22 حيث وضع في الجهة اليمنى للوحة كتلة اللون الابيض ثم تحرك الى اليسار ليتخذ هذا اللون اكثر دكانة حتي يصل في نهاية الثلث الاول من اللوحة فيصطبغ باللون الاحمر الفاتح على شكل ضربات قليلة من الفرشاة على ارضية اتخذت اشكال عشوائية من تدرجات اللون الاسود لينتهي بالثلث الاخير من اللوحة باللون الاصفر وتدرجاته مع القليل من اللون الاحمر الفاتح ، والاسود الفاتح ، مع وجود فجوة في المركز من الاسفل بصورة ترتفع الى الاعلى لتتداخل معها دوائر الاسود لتنتهي في المركز.
هذه اللوحة اللونية البصرية ، وحسب ذائقتي الفنية كمتلق ، تنتج خطابها الفني الموجه باتقان على انها - اللوحة - تقرا من اليسار الى اليمين ، ويفهم منها انها عبارة عن تصوير ما يجيش في نفسية المتلقي ( والفنان ضمنيا ) من مخاوف وتوجس يبدأ باللون الاصفر حيث جيشان النفس البشرية،وتنتهي بالابيض،حيث الانفراج وهدوء النفس ، مارا بالمنتصف حيث تتلاقى كل المشاعر والاحاسيس ، وبمخاض هذا الانفراج التي تمثله كتلة اللون الابيض من الاسفل ، وما تخسره النفس من هذا الصراع الذي تم في الوسط ، حيث تمثلت هذه الخسائر بضربات الفرشلة الحمراء.
اذن الفنان يريد من خطابه التشكيلي الذي ارسله للمتلقي ان يقول : ان الانسان بلا خسارات يومية ، وبلا اضطراب للاحاسيس والمشاعر لا يمكنه ان يبقى صامدا ، ويعيش حياته بامان.
هذه فلسفة اللون المعبرة عنها - كدال ومدلول – في هذا الخطاب التشكيلي على الانسان المعاصر ، والمحاصر والمستلب بخسائر نفسية وشعورية هو هذا.
***
ويتدرج توزيع الكتل اللونية في لوحات عدة من الاسفل الى الاعلى ، وخير ما تمثله لهذه المجموعة اللوحة/ 31 .
لا اعرف كيف ان الفنان محمد سوادي ، ومن خلال قراءتي لخطابه التشكيلي ، راح يلعب لعبته الفنية مع دواخل النفس البشرية وفي مجاهلها البعيدة ، وفي العقل البشري الذي يكون فيه الشعور واللاشعور هما وجهي عملة ، فعبر بفرشاته المحملة بالوانه عن عالم النفس والعقل ، فاحال الانسان اليهما ،فمرة يجعل هذه الانسان - بنفسه وعقله – صفحة بيضاء تأخذ الالوان فيها مدلول يرمز الى دال لتنثر في فضاء اللوحة من اليسار الى اليمين او بالعكس ، او ان تتصاعد هذه الالوان من الاسفل الى الاعلى كما في لوحتنا الذي اتخذناها مثالا لمجموعة من اللوحات من انجاز الفنان.
تبدأ الكتلة اللونية الداكنة – السوداء والزرقاء – من الربع الاول في اسفل اللوحة ، لتنتهي بشحوب احد تدرجات اللون الاصفر، مارة بما تجيش به النفس واللاشعور البشريان من مشاعر واحاسيس تصدمنا بحدة لتتركنا وتفكيرنا ماخوذ بهذا التوزيع اللوني المسيطر عليه من قبل فنان مقتدر كمحمد سوادي.
هذه اللوحة التي تكون كتل الالوان المتعددة بين الابيض وتدرجاته، والاصفر وتدرجاته ، والوان اخرى وتدرجاتها ، والتي امتلأ بها الربع الثاني من اسفل اللوحة ، تتفاعل هذه الالوان بصراع يشبه صراع سماء ملبدة بمجموعة من الغيوم المتحركة ، تحيل مباشرة الى النصف الثاني للوحة من الاعلى الذي ينفتح على اللون الاصفرالذي يبدأ اكثر انفتاحا لينتهي الى الداكن منه.
والرسالة التي تحملها هذه اللوحة ولوحات اخرى من المجموعة هو: ان الانسان الذي ابعدعن كل لوحات الفنان وفسح المجال لاحاسيسه ومشاعره، تتحرك وتضطرب في نفسه وعقله نوازع وافكار كثيرة في صراع قوي بين القبول والرفض لكل القيم والسلوكيات الاتية من المجتمع ، لتصل في النهاية الى القول بحيادية الاجابة.
***
اذا كان توزيع الكتل اللونية في اللوحات السابقة تبدأ من اطراف اللوحة، فانه في هذا التوزيع ينشأ امتلاء كامل للوحة، واللوحة / 13 تمثل هذا التوزيع الهرموني للالوان في فضائها.
تتوزع الكتل اللونية في هذه اللوحة باتقان كامل ، وبهارمونية اخاذة تجذب اليها المتلقي، فتجمد عنده النفس والعقل بتجلياته الشعورية واللاشعورية ، ليقف مبهورا بهذا التوزيع ، بين اللون الاسود من الاعلى ومن الاسفل الذي يعبر عن القيود التي تكبل الانسان (اللون الاسود)، وفي الوسط الوان فاتحة للتعبير عن حركة الانسان الدائرية بين القيدين .
كذلك هو في اغلب لوحات الفنان في هذه المجموعة.
هذه اللوحة تنقل لنا نحن المتلقين رسالة الفنان في اننا لا يمكن الانفكاك من قيود المجتمع ، وما الامال ، والامنيات الا سوى احلام تبقى مقيدة غير قابلة للتحقق.
***
هذه قراءة لمجموعة من اللوحات التي اخترتها من بين لوحات الفنان، والتي تمثل اللوحات الاخرى المتبقية الى حد ما،اردت من هذه القراة ان اصل الى خطاب الفنان محمد سوادي التشكيلي.
لذا فالمعاني والصور التي تولدها في ذهن القارئ قراءة نصوص الخطاب التشكيلي للقنان محمد سوادي ، تعتمد – المعاني هذه - على الصلة التي تربط المتلقي باللغة اللونية للوحة،والبيئة الزمكانية التي يوجد فيها الاثنان.
انسان محمد سوادي ، رغم عدم تشخيصه في اللوحة وانما يمثل الغياب الفني له ، يبدو انه انسان مقيد ،تقيده مجموعة من التابوات المجتمعية ، فيظل يدور في مكانه كحمار الناعور ، النقطة التي يبدأ منها يعود لها .
هكذا يبدو الانسان عند الفنان محمد سوادي ، حيث استخدم الكتل اللونية في التعبير عن مشاعره واحاسيسه ، وتبقى تاويلات وتفسيرات المتلقي الاخر متاحة في قراءة هذا الخطاب الفني الجمالي ، دون ان تصادرها هذه الدراسة منه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق