الثلاثاء، 19 فبراير 2019

قراء في القصة / زوجا وحبة قمح / للقاص علي غازي / حنان بدران ,,,,,,,,,,,,,,,,

قراءة اقدمها للأستاذ علي غازي للقصة القصيرة جدا ....
زوجا وحبة قمح
في الليلة التي اكتمل فيها القمر ،ابتسمت نورة،وهمست في أذنه:
-أنا حبلى ...
رقص...وغنت هي ...ثم زرعت فسيلة وقالت:سيتفيأ تحتها ولدنا عندما تكبر ...
ومنذ خمسة عشر عاما،يحمل الدلاء ...يسقي شجرته ونورة،التي لا تزال تبتسم وتهمس في أذنه:
أنا حبلى ...
علي غازي
___________________________________________________
قصة قصيرة جدا كتبت بلغة سردية شعرية مكثفة بنيت على ثلاث مفاصل ...
ليلة القمر
الزراعة
والإنتظار
ليلة القمر
_________
بليلة القمر كان الإنتظار الكاذب الصادق فيها ...
أن ننتظر أحلامنا لتربو وتكبر ونصدق الحلم على أمل، وقد يكون ضائعا ولكننا في لحظة اليأس نزرعه
ونعاود إنتظاره تحت وهج القمر .
المفصل الثاني
========
الزراعة ...
_______
واستصلاح الحال اليأس نزرع منه الحلم الضائع
ليربو ويكبر ونرقص ونغني حوله وكأنه يقول اكثرنا يحترف التخدير عن الحقيقة الموجعة ولكن أقلة من ينهض من التخدير كالاصحاء المعذبون ليرقص بالأمل والتفاؤل .
هذه المرأة هي ليست سايكوبيتيك ؟
هي تدرك أنها غارقة بمكان المحال ولكنها لم تستسلم ولم يمنعها المحال من تمزيق واقعها الواعي هو بداية الخلاص
فهي لم تكن إلا إمرأة ناضجة متمردة .
هذا التمرد الواعي بدل أن تهرب إلى تخوم الجنون رحلت لتؤسس بالزراعة حلما وأملا
وحبة القمح دلالة واضحة محددة
إذ قال الله تعالى في كتابه العزيز ...
(كمثل حبة أنبتت سبع سنابل )
الأمل نضج وجدية الشخصية لم تستعجل الأمل ولم تكن عاجزة عن تنفيذه ولم تكن فاقدة الطموح فيه ولم تكن إنسانة غير منسجمة مع واقعها ،ولم تكن عاجزة عن التعاطي مع معطياته.
البداية بالعمل وبالمنتصف ....الصبر .....وبالنهاية
الأنتظار ليتحقق الحلم .
المفصل الثالث
الأنتظار
=====
وضعته مفصلا ثالثا. ...لأن الإنتظار هو الزمن وجل أمانينا وأمنياتنا لا تتحقق إلا بالصبر على الزمن .
خمسة عشر عاما ولم تفقد الأمل والصبر عليه وهي كما زرعت،هنا لم تخاف الزمن ولكنها خافت من توقف الزمن،إنها إمرأة عرفت كيف تستخدم دماغها،وهي إمرأة لم تخضع للعبة المجتمع الذي جعلها لذة تولد في السادسة عشرة وتموت بعد الثلاثين وحرموا عليها أستخدام دماغها وارغموها على توظيف (رحمها)فقط،وحين يكف رحم المرأة عن تقديم الخدمات يعلنون انتهاء حياتها !!!!
السنون هنا كانت المفارقة وحدات زمن قياسية لم تتعامل معها إلا بالتفاؤل والصبر ،كانت إمرأة العطاء،إمرأة وعيت للوقت كفتاة من مجتمع يخطط لها سلفا مسار حياتها وحتى عدد أولادها،وكانت تشعر بالرعب،لكنها لم تستسلم للعبة التي محكوم عليها بالاعدام سلفا منذ لحظة ولادتها،ألمها كونها عاقر جعلها تواجه ذاتها الحقيقية وحقيقة من حولها،رفضت أن تحدق بعين الألم وقلب ينبض،وعقلها يرفض الأقراص المنومة،فاخترعت له مباهج صغيرة الإنتظار تحولت فيها لفسيلة أمل تنمو وتكبر وكانت معادلة توظيف الألم تعادل نتيجة الهزائم والخيبات حولت الأمنية إلى حلم لا شيء فيها تحقق لأن أي شيء يحقق يحترق،رفضت الاحتراق،والحلم عليه أن يبقى حلما كي يكون.
لكن بالمقابل أعطت لزوجها رغبته في تحقيق الأمنية التي تتوالد دونما نهاية خوف أن تخمد.
قراءة حول النص بالكامل
================
في عصرنا الحالي أرى أن أسوأ ما يمكن أن نستورده هو العبودية تحت قناع التحرر الزائف لم تكن المرأة سوى ملك لزوجها لتنجب له الأولاد كما شجرة التفاح التي تطرح االثمر لمالكها،ألم يجعل نابليون من المرأة المتزوجة ملك لزوجها وتحت وصايته لتنجب له الأولاد !!؟؟؟
أن وجود المرأة بحياة الرجل في مؤسسة الزواج المهترئة التي نتعايشها ونعيشها مقترنة بانحطاط العلاقات لدينا بين المرأة والرجل من صعيد إنساني إلى صعيد بهيمي ؟
نحن لا نفهم من المرأة سوى أن تكون فقط حاضنة للرجل وحاضنة لابنائه،وعكاز في حالة العجز وممرضة في حالة المرض،وننسى أن أي علاقة بالأساس يجب أن تكون قائمة علاقة إنسانية حقيقية مع إمرأة رفيقة علاقة كاملة جسديا وفكريا،أليس المطلوب أولا إطلاق سلاح طاقات المرأة لتتحرر من المرأة كي تكون حقا الشريك الفكري للرجل،وحتى لا يتحول هذا الزواج إلى شراكة إرغامية مزيفة!؟
ومن هنا انطلق الكاتب ا.علي غازي الذي أوجد مشكلة عدم الإنجاب في مؤسسة الزواج،ولكن بالوعي أدرك أي نموذج من النساء كتب ولربما أدرك أنا أيضا ولكن أعرف تماما أن أي إمرأة ملكت زمام عقلها وفكرها وهي لم تكن إمرأة تقليدية كالأمهات اللواتي يستخدمن أمومتهن كأسلحة للسيطرة على الرجل وهذا ما يدور حقيقة في البيوت الشرعية حرب مصالح لا أخلاقية في بيوت شرعية وفي مؤسسات الزواج وفي حال أي خلاف أول سلاح يشهر بوجه الرجل هو الأطفال ...
وهنا تنكسر العلاقة الإنسانية فينا وعلاقتنا في عش الزوجية السذاجة أن تكون العلاقة قائمة على هذا أستمرار العلاقة المنتهية تحت سيف الكمبيالة المصرفية التي على الرجل بدفع الثمن حتى الموت أو الطلاق .
هنا النموذج كان مختلفا تماما المرأة عاقر وهذا نموذج طبيعي عادي الشكل ولكن بما أنها عاقر هل هذا يجعلها عاقر بفكرها وبعلاقتها مع الآخر بالنهاية؟
بالطبع لا من هنا بدأت أهمية ما كتب في هذا النموذج الاقصوصي أنه التحدي ما مدى التحدي الذي كان من هذا الفارس وتلك الفارسة ؟
إنهم وقفة الاعتداد والتصميم ،أنا اؤمن بأن التحدي هو التضحية التي لا مفر منها لكل ذي عقيدة ومبدأ ولكل حالم يعيش في الحياة يكافح بزراعة الحلم،وأدرك بالمقابل أن دائما في زمننا الحالي والسابق كانت المرأة هي الضحية التي يجب أن تدفع ثمن المخاض حيرة وتشتتا وبحثا مخلصا وانكفاء وأحيانا لا مفر أن ندفع بالأم كي تلد طفلا جميلا وسليما ...ولا مفر من وقفات التحدي المشرفة..
ولهذا أعجبت بهذا النموذج من المرأة التي لم تنفي خبر هربها من أنها عاقر ولم تهرب من المعركة. ..بل بكل اعتداد وبكل تحدي .
وبنظري تتويج لمرحلة القناعة واداء طقس الزراعة تحت ضوء القمر وهو قمة الالتقاء الإنساني بينهما الذي نسجه ضوء القمر ولم يتمزقا إنتظارا طوال خمسة عشر عاما ،والدليل أنه قضى هذا العمر يسقي الشجرة ،ونورة ما زالت حية لم يمزقها عذابها النفسي المرير ولم يقتلها اليأس .
قرأت في عمق العلاقة الإنسانية التي جمعت الإثنان معا،إنهما شكلا بالنسبة لي قصة حب حقيقية تحمل كل صفات الحب الجوهرية لغة مشتركة،لحظة تفرغ مطلقة متبادلة ،محاولة التقاء،محاولة معرفة،محاولة انتماء حقيقية .
ولم يكن ألم عدم إنجاب الأطفال سوى نتيجة محتومة للوعي ،بل كان الألم هو طفل الالتحام بين الحلم وبين العالم الموضوعي ،بين صدقك وبشاعة الأشياء حولك ،او كأبتها أو هشاشتها .
ومن هنا قرأت هذه القصة بأن أي شراكة في مؤسسة الزواج عليه أن يذكرنا بأن شراكة الفراش تبدأ بالمعنى الإنساني أولا ....نتيجة للقاء انسانين على صعيد فكري وروحي قبل أن تكون الغاية من اللقاء مجرد تفقيس الأطفال لحفظ البقاء ،الأمر الذي ممكن أن يوفره التلقيح الصناعي أو أنابيب أو أو الخ دون الحاجة إلى استعباد أحد الطرفين لهذا الغرض .
أليس علينا أن نعي أن التقدم هو يبدأ من إكتشاف الحقيقة الإنسانية في الجنس أليس المطلوب إقامة حوار علني حول علاقة الرجل الشرقي بالمرأة .
أليس المطلوب إقامة حوار علني حول علاقتنا الإنسانية .
رغم أن الأديان والتشريعات البدائية قد كرست تبعية المرأة وتخلفها وقضت عليها بالا تكون لها مهمة غير الانسال.
أن ما يرغب بالعلاقات هو أننا لا ندرك أن المرأة ليست مضيفة زوجية ولا آلة تفقيس أطفال،ولا مؤسسة ضمان ضد الشيخوخة ،الزواج بحد ذاته وبمفهومه هو الذي يرعبني.
أن إيجاد علاقة إنسانية المفروض أن تكون هي المبرر الأساسي للزواج وأذا كان ذلك مستحيلا لهذا النموذج القصصي كان واقعيا .
فالعلاقة الإنسانية لا يمكن أن تكون عبودية إلا إذا اسأنا فهمها .
فهذه علاقة نمت تحت الشمس واستمرت ،فقط لأنه ينتظر الأمل وبقرارة ذاته هو يدرك أن الأمل قد لا يتحقق أبدا... ومع هذا إستمر يسقي الشجرة واستمرت تهمس في إذنه : أنا حبلى .
إذا ما الذي جمعهما ؟
الجواب
الحب الحقيقي هو ما جمعهما .
فالحب الحقيقي يحرر الإنسان من الخوف والظلمة والحس بالذنب الضمني مع القيم الاجتماعية السائدة،....الحب كطوفان نوح يغسل الإنسان ويعيده نقيا حقيقيا دامعا ،متعبا،نظيفا كما لم يكن قط .
تحياتي وتقديري لك ا.علي غازي على ما قرأت .
رؤيا من زاوية أخرى للنص لربما ....ولربما كانت بذات رؤيتك .
كل الشكر والتقدير والامتنان لك.
بقلم : حنان بدران .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق