الجمعة، 24 أكتوبر 2014

نص و تحليل لاسامة حيدر


ناهدة الحلبي
خربشات على خاصرةِ امرأةٍ وبحرْ
_________________________
جفَّ على سنابل القمحِ الندى
فتناثرت حُبيْباتهُ أرضاً وبكى الترابْ
فمِلءُ عيوني دموعْ
وافترارُ الشِّفاهِ كان يومىءُ بالوداعْ
وبرودةُ يديهِ على جسدي تقولُ لا رجوعْ
قال كمن ينفضُ عن يديهِ الغبارْ
أريد هدنةً لشهرٍ وربَّما عامْ
لم يسمعِ الصرَخاتِ في قلبٍ يتيمْ
فمن يمسحُ عن الهُدبِ قطرةَ كبرياءْ
وكيفَ لا يبكي التُّراب!!

ومضى عامُ وأعوامْ
أمضغُ مرَّ الغيابْ
وأملأُ من حسرةِ الظمآنِ كأسي
وأخيطُ من عتمة الليلِ للقلبِ رداءْ
وعرفتُ أنَّ في القلبِ حبَّا جديداً
وامرأةً تصغرُني بأعوامْ
لكنَّ الطيرَ لا يطوي جناحيهِ إلاَّ لِيَقفَ على قِمَّةٍ
فطوى الحبيبُ أجنحتي
وحين همَّ بالرحيلِ تلقَّفتهُ البِحارْ
وما زلتُ أشتاقُ إليهِ حدَّ الوجعْ
وعلى خربشتها تلك أقول :
انظر إليها كيف جعلت الشوق وجعاً كالجرح النازف !!!! وكيف جعلت من لون الليل الأسود رداءً للقلب لتعبّر عن حزنه !!! وكيف ملأت من حسرة الظمآن كأسها المشبع بالحسرة !!!أيبكي التراب حقّاً ؟؟!! نعم يبكي عندها فقط لأنها رهينته بإخلاص . وانظر إلى البحر كيف يومىء بالموت ، الموتِ الذي سلب ما سلب من خلاّن فأردانا قتلى بموتاه .وكيف عبرت عن الرحيل الذي لاعودة بعده ببرودة اليدين على الجسد بكناية لاأروع ولا أجمل !!! وكيف طوى الحبيب أجنحتها ليطمئنّ عليها في القمّة ثمّ يرحل .لهذه الشاعرة قدرة فائقة على تحويل ماهو معنويّ إلى ماديّ من باب التجسيد :" فهي تمضغ مرّ الغياب " و " لم يسمع الصرخات في قلب يتيمٍ " ثمّ هاكم بعض الكنايات وهي نوعٌ من الصور لديها :" ينفض عن يديه الغبار / طوى الحبيب أجنحتي / جفّ على سنابل القمح الندى " ... ثمّ الاستعارة التشخيصيّة :" بكى التراب / تلقفته البحار / أخيط من عتمة الليل للقلب رداء / ..." ومن النادر أن نرى جملةً تخلو من صورة عندها ، وهذا إن دلّ فعلى قدرة فائقة وبراعة قلّ نظيرها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق