الأحد، 19 أكتوبر 2014

قصيدة و مداخلة ل أسامة حيدر

الّلون كرمز في "خربشات ناهدة" تقول الشاعرة ناهدة الحلبي :
____________
تزاوِرُني في ظُلمةِ الليلِ يدٌ تِشرينيَّةٌ
فتنسربُ روحي من جسدي
أحدِّقُ في وحشةِ الموتِ علَّني
أجدُ لي ملجأً تحت الترابْ
رجلٌ يمتصُّ أعوامي
ينهشُ في كُريَّاتِ دمي
يطفىءُ فيه سجائرهُ
وختامُ جريمتهِ بسمةٌ تحتفي بما اقترفتْ يداهْ
فأبكي بصمتٍ كبريائي
وأُخفي في وجعي وجعَ النساءْ
فهذا الرجلُ الشرقيُّ أجاد حقن الروحِ بالزئبقِ
صرتُ قاحلةً كما الصحراء
باهتةً كالسكونِ....خراباً
فالياسمين الدمشقيُّ ما عاد يُعانقُ غرفتي
ولا يعطِّر الروحَ شذى الزنبقِ
وقال لي
تسألين عن العشقِ والهوى قبل الوصالِ
الحبُّ عندنا يا حبيبتي يبدِّل ثوبهُ بعد كلِّ وِصالٍ أوَّلِ
إلى ثقةٍ وليالٍ حميميَّةٍ !
فشعرتُ بالغثيان
وأتيتُ بشواهد عثرتي
مزَّقتها
ومشيتُ في شفقِ الغروبِ أجرُّ خيبتي
أستقي من الصبر صبراً
وأكتفي بعدِّ أصابعي !
ممّا لا شكّ فيه أنّ الألوان تحتلّ مكانةً ساميةً في حياتنا ؛ فهي مبعث للنشاط كماهي مبعثٌ للراحة و السكينة و الهدوء ، وفوق ذلك كلّه هي المعبّرةُ الأولى عن مشاعرنا من فرح وحزن وألم ويأس ....
وعلى العموم فالأبيض يرمز للنهار و النور فيما يرمز . والأحمر يرمز للدم و القرابين و الحروب ... والأخضر لونٌ مستقرّ يشير إلى الماء والحياة ....
وإن وقفنا عند اللون الأبيض في خربشاتها وأردنا أن نظهر علاقة المسميات بأسمائها فالأبيض لفظٌ يدل على الإشعاع و الانطلاق ، وهو يثير الشعور بالهدوء . ويحتوي على الياء وهو حرف الاتساع . والضاد وهو حرف النُّفُورِ والانفلات . أمّا الأحمر فهو مرتبط بالدم حيناً وألوان الفرح حيناً آخر ، وهو لون العنف ، مخيفٌ نفسياً وهذا يأتي من توهج الحاء فيه . وللحقيقة أنّ الشاعرة لم تقف عند الدالّ بل تعدته إلى المدلول ( الياسمين ، الدمّ ، الشفق ) أي ( الأبيض ، الأحمر ، ثمّ الأحمر ثانيةً ) .
لن أتحدث عن ألوان أخرى ونصوصٍ أخرى بل عن نصّها هذا الذي ذكرت فيه (الياسمين =الأبيض ) وهي تعبّر فيه كرمز عن النقاء و الصفاء والبراءة و الطهر .... و( الدم =الأحمر ) : وهي تعبّر فيه عن الموت و الحزن . ويأتي الشفق وهو حمرةٌ بين الغروب و العشاء ليؤكّد اللون الأحمر وكأنّه انتصارٌ للحزن على الفرح و النقاء و الصفاء . ولَعَمْري إنّه كذلك ... أما رحل الياسمينُ وأجاد الرجلُ الشرقيّ حقن الروح بالزئبق ؟ ألم يبدل الحبُّ ثوبَه بعد كلّ وصال ؟ ألم تصبح قاحلةً كما الصحراء ؟ باهتةً كالسكون خراباً ؟ تحيةً لقلم أجاد وأبدع وصوّر المرأة العربيّة كما هي في واقع حالها دون زيف أو بهارج ......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق