الخميس، 19 فبراير 2015

رسائل / قصيدة / ادارة مؤسسة فنون الثقافية / القديرة خديجة السعدي / العراق ....

رسائل
خديجة السعدي
انتظرتُ مجيئَكَ طويلاً.
سبحتُ مع النجومِ والخرافِ في السماء،
ملأتُ الأوراقَ على الطاولةِ بكلماتٍ ورسومٍ رديئة،
ومع بزوغِ الفجرِ
صدَحَتْ عصافيرُ شجرةِ الجيران
ومآذنُ المدينةِ الكثيرة...
لكنّكَ لم تأتِ.
أبحثُ عنكَ في قطراتِ المطر
إذ تعزفُ على نافذتي أغنيةَ الشتاء؛
في همسِ الأشجارِ وهي تحكي أسرارَها الخريفية،
في ظلالِ المارّةِ على الرصيف...
أبحثُ عنكَ في الحُلمِ واليقظة.
تجيءُ كما يجيءُ الصيف،
متأخراً وشديدَ الحرارة.
وما أنْ تصِلَ
حتى تتفتّحَ براعمي
وتبدأَ عصافيرُ أحلامي بالزقزقة.
كلّما حاولتُ النسيان
أحسستُ بيدِكَ تداعبُ شَعري
وحرارةِ أنفاسِكَ اللاهثةِ على رقبتي.
مرّةً أخرى تعتذرُ
ومرةً أخرى أغفرُ لك.
أتقافزُ حولَكَ كطفلة حين تصِلُ:
كأنّي لم أكبرْ قطُّ،
كأنَّ الشعرَ الأبيضّ في رأسي
ضفائرُ العيدِ الملوّنة.
أحدّثكَ عن كلِّ ما فاتَكَ وأنتَ هناك
تحدّقُ من وراءِ زجاجِ نافذتِكَ المغطّى بالضباب
باتجاهِ الجنوب.
حينَ أفكّرُ فيكَ
أحسُّ بالأرضِ تتأرجحُ بي،
وكلّما نطقَ أحدُهم باسمِكَ
تفتّحتْ زهرةٌ على شفتيَّ
لأسقيَها بدموعٍ تتحدّى الانحباس.
بيني وبينكَ
أعوامٌ من الرقصِ والأحلام
والكلماتِ التي لم تُقَلْ.
لم أغضبْ منكَ يومَها:
ربّما كنتَ محقّاً،
ربمّا كنتُ..
لا يَهُمُّ.
فما يربطُنا
حبلٌ سرّيٌّ
لم تقطعْهُ المُمرّضة.
أغنّي للأزهارِ والأشجار،
أستحمُّ في المطر،
وأشربُ قهوةً باردةً على الشرفة
أراقب انشغالَ المدينةِ عنّي...
كم أحبُّك!
تهيمُ روحي في الظُلمةِ
تبحثُ عن نجمِك:
وحدتي طريقي إليك.
لا أريدُ سوى أن تكونَ معي
في السريرِ أو على الشرفة
حين يطلُعُ الفجر.
لماذا تركتَ لي نظراتِكَ
تلاحقُني في زوايا البيت؟
لماذا لم تأخذْ كلَّ أشلائِكَ
وما تبقّى من أمل؟
ما بالُ ذاكرتي
كلّما هرِمَتْ
ازدادتْ حدّةً؟!
تغيبُ لياليَ طِوالاً
لكنّي أعرف أنّكَ ستعود
في نغمةٍ أو نسمة،
في التفاتةِ غريبٍ أو غيمةٍ عابرة...
إلى لقاءٍ قريب!
أرسلُ لكَ قبلةً
قبلَ أن أنام؛
أغمضُ عينيّ وأحسُّ بشفتيك
تطبعانِ قبلةً على خديَّ الأيسر:
هكذا يبدأُ الحلمُ كلَّ ليلة.
بكلِّ صمت العارفينَ أحبُّك،
وبكلِّ شقاءِ الصمتِ أعرفُ
أنّكَ تحبُّني.
يعرفُ الجميعُ أنّكَ مُلهمي
وأنّكَ حبّيَ الأوحدْ.
ما لا يعرفونهُ
هو أنّكَ كذلك
حُلُمي الأزليُّ الذي أجترُّه بصمت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق