........توهان......(2)
وقفت على بابها متردَدة...أمدَ يدي المرتجفة...أحاول قرعه فتنكمشُ خشية أن تصدَني...
ما أظنَها تغفر...كُلومها عميقة ونزفها لا يتوقَف...أرى الغضب على وجهها أخاديد...ركاما
يكتم الأنفاس...لا شكَ أنَها مجَت سلوكنا...نحن أبناؤها...طفح منَا الكيل وهي ترى تعبها يضيع
هدرا...لقد وصلت معنا إلى طريق مسدودة فلا قرب ولا مصالحة .
ارتجفت ركبتاي...تداعيتُ على حجر متآكل...اهتزَ أنينا ولسان حاله يقول : ما عادت فيَ قوَة
التَحمَل فقد أهدرتم كلَ شيء...تأسَفت وجثوت لكنَ وجه الأرض اكفهرَ... استحال أديمها رصاصا
مشوبا بحمرة ...
قلت: أمَي ...لقد تهت ولا خلاص لي إلَا في حضنك...ضمَيني إليك علَني أستردَ اليقين...بقايا
إنسان أنا...ضربت في المتاهة علَني أجد جنَتي فما نلت غير الخواء...َضمَيني أمَي فقد قلَص
الجليد أطرافي...احميني من الغول يسحبني إلى مستنقع الموت رويدا...
أشاحت بوجهها وازداد ترابها تيبَسا وسوادا...وعلى مقربة منَي يهتزَ الحجر ...يلملم شظاياه...
يتطبَب...والرَيح تسعفه...تملأ الثقوب غبارا...ترمَمه...
وفي الوجدان يزداد الكلم عمقا..وتعود الأسئلة موجعة حارقة...أيعقل أن يتأثَر الحجر وتتألم
الطبيعة في حين تتحجَر القلوب وتموت الإنسانية؟ وانسابت دموع الأسف والضَعف تحرق
الخدَين... تتناثر رذاذا من حولي وقد أحبط الجفاء كلَ إحساس .
وفي غمرة الوجع خارت القوى...ارتمى الجسد الخاوي يحضن سراب أمنية...يستجدي ضمَة
حضن نفور...وغامت الدنيا وانسدل ستار الظلمة على الجفنين....هكذا استمرَ الحال لفترة لا تقدَر...
حضور كالغياب...لقاء أقسى من الغربة... لهاث خلف راحة ولا اطمئنان.
لكني رأيتها تتمطى في غلالة الحلم...تشير بيديها...تغازل فيَ البصر فيصحَ وتنفلت الأحاسيس
نحوها..تمدَ يد التوق... تحضن رأسها ...تقبَل تراب قدميها وهي تبتسم...تبتسم...فيهدهدني
دفء أنفاسها وتسري في الجسد حرارة...تتحرَك الدَماء في الشَرايين وينتفض الكيان
الموهن.
فتحت عيني ...كانت شمس الضحى تداعب وجهي وحولي يمتد الدمار دون حدود...فجاة شدَ
بصري برعم أخضر صغير يشرئب برأسه من بين الركام فتتلقاه أشعَة الشَمس... تحيطه بهالة
قزحية الألوان...لوحة طبيعية تستقطب الوجدان ويتردَد صداها على اللَسان ...فأل خير إن شاء الله.
جميلة عطوي
تونس
وقفت على بابها متردَدة...أمدَ يدي المرتجفة...أحاول قرعه فتنكمشُ خشية أن تصدَني...
ما أظنَها تغفر...كُلومها عميقة ونزفها لا يتوقَف...أرى الغضب على وجهها أخاديد...ركاما
يكتم الأنفاس...لا شكَ أنَها مجَت سلوكنا...نحن أبناؤها...طفح منَا الكيل وهي ترى تعبها يضيع
هدرا...لقد وصلت معنا إلى طريق مسدودة فلا قرب ولا مصالحة .
ارتجفت ركبتاي...تداعيتُ على حجر متآكل...اهتزَ أنينا ولسان حاله يقول : ما عادت فيَ قوَة
التَحمَل فقد أهدرتم كلَ شيء...تأسَفت وجثوت لكنَ وجه الأرض اكفهرَ... استحال أديمها رصاصا
مشوبا بحمرة ...
قلت: أمَي ...لقد تهت ولا خلاص لي إلَا في حضنك...ضمَيني إليك علَني أستردَ اليقين...بقايا
إنسان أنا...ضربت في المتاهة علَني أجد جنَتي فما نلت غير الخواء...َضمَيني أمَي فقد قلَص
الجليد أطرافي...احميني من الغول يسحبني إلى مستنقع الموت رويدا...
أشاحت بوجهها وازداد ترابها تيبَسا وسوادا...وعلى مقربة منَي يهتزَ الحجر ...يلملم شظاياه...
يتطبَب...والرَيح تسعفه...تملأ الثقوب غبارا...ترمَمه...
وفي الوجدان يزداد الكلم عمقا..وتعود الأسئلة موجعة حارقة...أيعقل أن يتأثَر الحجر وتتألم
الطبيعة في حين تتحجَر القلوب وتموت الإنسانية؟ وانسابت دموع الأسف والضَعف تحرق
الخدَين... تتناثر رذاذا من حولي وقد أحبط الجفاء كلَ إحساس .
وفي غمرة الوجع خارت القوى...ارتمى الجسد الخاوي يحضن سراب أمنية...يستجدي ضمَة
حضن نفور...وغامت الدنيا وانسدل ستار الظلمة على الجفنين....هكذا استمرَ الحال لفترة لا تقدَر...
حضور كالغياب...لقاء أقسى من الغربة... لهاث خلف راحة ولا اطمئنان.
لكني رأيتها تتمطى في غلالة الحلم...تشير بيديها...تغازل فيَ البصر فيصحَ وتنفلت الأحاسيس
نحوها..تمدَ يد التوق... تحضن رأسها ...تقبَل تراب قدميها وهي تبتسم...تبتسم...فيهدهدني
دفء أنفاسها وتسري في الجسد حرارة...تتحرَك الدَماء في الشَرايين وينتفض الكيان
الموهن.
فتحت عيني ...كانت شمس الضحى تداعب وجهي وحولي يمتد الدمار دون حدود...فجاة شدَ
بصري برعم أخضر صغير يشرئب برأسه من بين الركام فتتلقاه أشعَة الشَمس... تحيطه بهالة
قزحية الألوان...لوحة طبيعية تستقطب الوجدان ويتردَد صداها على اللَسان ...فأل خير إن شاء الله.
جميلة عطوي
تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق