آخر الأخبار
(قراءة مسرحية)
رماد من قلب حازم عبد المجيد
* بقلم: محمد العامري
مسرحية رماد.. عرض مسرحي أكاديمي قدم على خشبة كلية الفنون الجميلة (العراق - البصرة) للصديق الفنان الدكتور حازم عبد المجيد مخرجا ومؤلفاً.. والذي جسده الدكتور الرائع الممثل مجيد الجبوري بدور الزوج العقيم والممثل المتميز مصطفى حسين بدور الأخ العاجز والرائعة الممثلة عسل سهيل التي غرقت بالوحدة والإهمال واللامبالاة من قبل الزوج.. البناء الدرامي ومنذ المشهد الأول الاستهلالي يجبر المتلقي للانتقال لعالم (رماد) عالم قاسي، كابوس واقع ، مسرح القسوة والاصطدام والمواجهة، صراعات تجعلك تصرخ بداخلك وبلحظة تشعر وكأنك أحد المذنبين أو الشاهد داخل خشبة المسرح التي صنع منها المخرج وبكل ذكاء محكمة لتطهير النفس ولكشف الحقيقة وتقبل مرارتها فحينما بدأ الزوج العقيم من خلال حواره مع زوجته التي تناساها بالإهمال واللامبالاة حتى سنحت الفرصة لأخيه أن يفترش فراشه واكتشاف ذلك بنفسه جعل البناء الدرامي أكثر قسوة علينا كمتفرجين حينما حاور زوجته وبدأ يحقق معها حتى اعترفت بخطيئتها وذنبها. ورغم المبررات التي زج بها المخرج لكل من الزوج والزوجة تجعلنا بأغلب الأوقات نقف مع الكفتين.. إذن استطاع العرض المسرحي ان يتقرب منا ويمتزج بنا من خلال الأداء المتميز والتقمص المسرحي من قبل الممثلين.
الزوج: ماذا أصابنا ؟ أنسينا؟ أم تناسينا؟ إن كل شئ ابتدأ من هنا .. كل الدنيا.. كان ينظر لنا .. نتعلم الدرس ، وكأننا وحدنا من كان يفكر لهم أما اليوم لا نعرف حتى أن ننظر لهم أصبحنا أكذوبة !!! ..
الزوجة: وانا ؟
الزوج : أكذوبة
الزوجة : والعمل
الزوج : أكذوبة
الزوجة : والوطن
الزوج : أكذوبة
الزوجة: العقل و الصبر
الزوج : أكذوبة الأكاذيب .. الجاهل تقمص دور العاقل والفاسق تلون بألوان الأصيل والقاتل اعتلى منصة القضاء ، الرعاة .. الرعاة ارتدوا لباس الأقوياء (يضحك) .. بطولة الموت .. أن نلعب أدواراً لا نستحقها ولا تنتمي لنا..
فلم تكن الزوجة بالنسبة للزوج كزوجة فقط.. بل انها الوطن، البيت الآمن، الأمل، والحب، والحقيقة، الاستقرار، لكن كل هذا اصطدم بالخيانة الزوجية ,, والخطيئة .. والقسوة والبشاعة .. ليطرح بنا المخرج زاوية أخرى زاوية (الوطن) وربط بين العقل الباطن للمثليين والمشاهدين فيما يشبه طقس شعائري، وطننا الذي نهش به كل من هب ودب.. وطن الخراب والدمار .. وطن أصبح القتل به مباح .. والشعب يعاني قسوة الإهمال من قبل الحكومات التي مررنا بها بلا حسب ولا رقيب.. حتى تصاعدت وتيرة الحبكة الدرامية في حوار الزوج لزوجته:
الزوج: أتعرفين كل المرايا لا تظهر أشكالنا إن أشكالنا لم تعد هي ما نحمل الأقنعة منعتها طهارة الجحيم
الزوجة : أقتلني
الزوج: الموت طهارة وأنتي لا تستحقين ذلك
الزوجة: شوه ملامحي
الزوج: هي هكذا شوهتها بيديك
الزوجة: لا تكن حاكما تتلذذ بمعاناة شعبك
الزوج: ولا تكوني قاتلاً متعبداً أو شعبا متمتعاً بسيادية حاكمه (يصرخ) اذهبي .. اذهبي وابحثي عن مكان بين أطفالك عسى أن تشمي رائحة خطيئتك بين بقاياه ..
فالقسوة بـ (رماد) تجسد عبر شكل مسرحي عنيف إبهاري يرتقي إلى مستوى كبير من خلال السينوغرافيا التي استغلها المخرج بكل ذكاء وتعامل معها الممثلون بحرفية عالية .. فالقطع الديكورية التي ملئت فضاء المسرح بأشكال مختلفة ومتنوعة خدمة العرض المسرحي والممثل لتجسيد الدور القاضي والداني.. فالحوار ما بين الزوج وأخيه العاجز تحت مقصلة الإعدام حضر الإعدام دون الموت، بل اصبحت مقصلة لتطهير النفس..
الأخ العاجز: انظر إليك لا اعرف ذنبي
الزوج : أنت ذاتك تنظر إلي وسكينك تخترق صدري .. آه ما أصابنا .. أخ الأمس الذي بيته و بيتي فأصبح فراشي يستباح منه غدراً
الاخ: اجننت .. اننا في بيت واحد ولك أخ واحد
الزوج : المصيبة ان البيت ماعاد واحداً ولا الاخ اخاً ولا الجار جار ولا الصديق صديقا الكل اعداء غرباء طفلاء مدينة كان يحميها الحب والوفاء وأبنائها لا حاجة للأبواب ولا دهاليزها غدت اليوم ابوابها مقفلة بدماء قتل وجباس .. آه .. آه .. زمان تائه منا وتهنا حتى يصل الى اخي ليفترش سريري برجولته المقيتة
الاخ: يا الهي
الزوج : أرجوك .. لا يصيبك ندماً الآن .. فليس اكتشاف الخطايا رغما عنك سببا لندمك .. فلا يمكن لأبواب السماء ان تفتح .. وفي يديك لغما تبغى فيه تجزئة جسد أخيك لأشلاء ثم تستغفل بذات اليدين للرفض
الاخ: ارحمني واسمعني
الزوج : نعم سأسمعك ولكن الرحمة عظيمة لا يملكها إلا من أعطى الدنيا حدها.. فما عادت الرحمة دستوراً يرجع الدنيا لعدل قد اختل توازنه.
الموسيقى التي استخدمت في العرض أخذت بعداً أخراً .. فكان صوتها يسمع من رحم المسرح.. أي أخذتنا العاطفة لا شعوريا لتسرقنا كما ذكرت سابقاً إلى العالم الذي أختلقه حازم عبد المجيد.. فكان كل شئ منسجما الأداء والديكور والإضاءة والموسيقى لتمتزج اجمعها ليأخذنا التصاعد الدرامي إلى نهاية العرض المسرحي بتساؤلات الزوج لأخيه
الزوج: ما خطيئتي
الاخ: انت اهملتها .. ونسيت بانها هنا
الزوج: العرض
اخ: تنجم
هو: الاجساد
الاخ: مفتحمة
الزوج: وابنائي الذين اعتقدتهم ابنائي من والدهم
الاخ: الخراب
الزوج: ومن امهم
الاخ: اللعنة
الزوج: ومن أنت ؟ ا
الاخ: انا .. تعرف
الزوج : أوهام .. أوهام .. (يصرخ) فما بات الضمير يحرك احد…!!! أدركنا الكذب لنصدق انه الحقيقة .. أوهام
وأخيراً يمكنني القول أن ما كسبناه من هذا العرض المسرحي الأكاديمي هو العودة الحميدة لشيخ الممثلين في البصرة الدكتور مجيد الجبوري بعد أقطاع لسنوات وولادة لطاقات شابة قادرة لإعلاء شأن المسرح العراقي والبصري خصوصاً.. وظهور مؤلف مسرحي اثبت جدارته بالنص المسرحي الذي ألهمنا من رماد كتابتهِ بعدما عرفناه مخرجاً مسرحياً فذاً.. فهنيئاً للبصرة مثل هكذا أعمال.
رماد من قلب حازم عبد المجيد
* بقلم: محمد العامري
مسرحية رماد.. عرض مسرحي أكاديمي قدم على خشبة كلية الفنون الجميلة (العراق - البصرة) للصديق الفنان الدكتور حازم عبد المجيد مخرجا ومؤلفاً.. والذي جسده الدكتور الرائع الممثل مجيد الجبوري بدور الزوج العقيم والممثل المتميز مصطفى حسين بدور الأخ العاجز والرائعة الممثلة عسل سهيل التي غرقت بالوحدة والإهمال واللامبالاة من قبل الزوج.. البناء الدرامي ومنذ المشهد الأول الاستهلالي يجبر المتلقي للانتقال لعالم (رماد) عالم قاسي، كابوس واقع ، مسرح القسوة والاصطدام والمواجهة، صراعات تجعلك تصرخ بداخلك وبلحظة تشعر وكأنك أحد المذنبين أو الشاهد داخل خشبة المسرح التي صنع منها المخرج وبكل ذكاء محكمة لتطهير النفس ولكشف الحقيقة وتقبل مرارتها فحينما بدأ الزوج العقيم من خلال حواره مع زوجته التي تناساها بالإهمال واللامبالاة حتى سنحت الفرصة لأخيه أن يفترش فراشه واكتشاف ذلك بنفسه جعل البناء الدرامي أكثر قسوة علينا كمتفرجين حينما حاور زوجته وبدأ يحقق معها حتى اعترفت بخطيئتها وذنبها. ورغم المبررات التي زج بها المخرج لكل من الزوج والزوجة تجعلنا بأغلب الأوقات نقف مع الكفتين.. إذن استطاع العرض المسرحي ان يتقرب منا ويمتزج بنا من خلال الأداء المتميز والتقمص المسرحي من قبل الممثلين.
الزوج: ماذا أصابنا ؟ أنسينا؟ أم تناسينا؟ إن كل شئ ابتدأ من هنا .. كل الدنيا.. كان ينظر لنا .. نتعلم الدرس ، وكأننا وحدنا من كان يفكر لهم أما اليوم لا نعرف حتى أن ننظر لهم أصبحنا أكذوبة !!! ..
الزوجة: وانا ؟
الزوج : أكذوبة
الزوجة : والعمل
الزوج : أكذوبة
الزوجة : والوطن
الزوج : أكذوبة
الزوجة: العقل و الصبر
الزوج : أكذوبة الأكاذيب .. الجاهل تقمص دور العاقل والفاسق تلون بألوان الأصيل والقاتل اعتلى منصة القضاء ، الرعاة .. الرعاة ارتدوا لباس الأقوياء (يضحك) .. بطولة الموت .. أن نلعب أدواراً لا نستحقها ولا تنتمي لنا..
فلم تكن الزوجة بالنسبة للزوج كزوجة فقط.. بل انها الوطن، البيت الآمن، الأمل، والحب، والحقيقة، الاستقرار، لكن كل هذا اصطدم بالخيانة الزوجية ,, والخطيئة .. والقسوة والبشاعة .. ليطرح بنا المخرج زاوية أخرى زاوية (الوطن) وربط بين العقل الباطن للمثليين والمشاهدين فيما يشبه طقس شعائري، وطننا الذي نهش به كل من هب ودب.. وطن الخراب والدمار .. وطن أصبح القتل به مباح .. والشعب يعاني قسوة الإهمال من قبل الحكومات التي مررنا بها بلا حسب ولا رقيب.. حتى تصاعدت وتيرة الحبكة الدرامية في حوار الزوج لزوجته:
الزوج: أتعرفين كل المرايا لا تظهر أشكالنا إن أشكالنا لم تعد هي ما نحمل الأقنعة منعتها طهارة الجحيم
الزوجة : أقتلني
الزوج: الموت طهارة وأنتي لا تستحقين ذلك
الزوجة: شوه ملامحي
الزوج: هي هكذا شوهتها بيديك
الزوجة: لا تكن حاكما تتلذذ بمعاناة شعبك
الزوج: ولا تكوني قاتلاً متعبداً أو شعبا متمتعاً بسيادية حاكمه (يصرخ) اذهبي .. اذهبي وابحثي عن مكان بين أطفالك عسى أن تشمي رائحة خطيئتك بين بقاياه ..
فالقسوة بـ (رماد) تجسد عبر شكل مسرحي عنيف إبهاري يرتقي إلى مستوى كبير من خلال السينوغرافيا التي استغلها المخرج بكل ذكاء وتعامل معها الممثلون بحرفية عالية .. فالقطع الديكورية التي ملئت فضاء المسرح بأشكال مختلفة ومتنوعة خدمة العرض المسرحي والممثل لتجسيد الدور القاضي والداني.. فالحوار ما بين الزوج وأخيه العاجز تحت مقصلة الإعدام حضر الإعدام دون الموت، بل اصبحت مقصلة لتطهير النفس..
الأخ العاجز: انظر إليك لا اعرف ذنبي
الزوج : أنت ذاتك تنظر إلي وسكينك تخترق صدري .. آه ما أصابنا .. أخ الأمس الذي بيته و بيتي فأصبح فراشي يستباح منه غدراً
الاخ: اجننت .. اننا في بيت واحد ولك أخ واحد
الزوج : المصيبة ان البيت ماعاد واحداً ولا الاخ اخاً ولا الجار جار ولا الصديق صديقا الكل اعداء غرباء طفلاء مدينة كان يحميها الحب والوفاء وأبنائها لا حاجة للأبواب ولا دهاليزها غدت اليوم ابوابها مقفلة بدماء قتل وجباس .. آه .. آه .. زمان تائه منا وتهنا حتى يصل الى اخي ليفترش سريري برجولته المقيتة
الاخ: يا الهي
الزوج : أرجوك .. لا يصيبك ندماً الآن .. فليس اكتشاف الخطايا رغما عنك سببا لندمك .. فلا يمكن لأبواب السماء ان تفتح .. وفي يديك لغما تبغى فيه تجزئة جسد أخيك لأشلاء ثم تستغفل بذات اليدين للرفض
الاخ: ارحمني واسمعني
الزوج : نعم سأسمعك ولكن الرحمة عظيمة لا يملكها إلا من أعطى الدنيا حدها.. فما عادت الرحمة دستوراً يرجع الدنيا لعدل قد اختل توازنه.
الموسيقى التي استخدمت في العرض أخذت بعداً أخراً .. فكان صوتها يسمع من رحم المسرح.. أي أخذتنا العاطفة لا شعوريا لتسرقنا كما ذكرت سابقاً إلى العالم الذي أختلقه حازم عبد المجيد.. فكان كل شئ منسجما الأداء والديكور والإضاءة والموسيقى لتمتزج اجمعها ليأخذنا التصاعد الدرامي إلى نهاية العرض المسرحي بتساؤلات الزوج لأخيه
الزوج: ما خطيئتي
الاخ: انت اهملتها .. ونسيت بانها هنا
الزوج: العرض
اخ: تنجم
هو: الاجساد
الاخ: مفتحمة
الزوج: وابنائي الذين اعتقدتهم ابنائي من والدهم
الاخ: الخراب
الزوج: ومن امهم
الاخ: اللعنة
الزوج: ومن أنت ؟ ا
الاخ: انا .. تعرف
الزوج : أوهام .. أوهام .. (يصرخ) فما بات الضمير يحرك احد…!!! أدركنا الكذب لنصدق انه الحقيقة .. أوهام
وأخيراً يمكنني القول أن ما كسبناه من هذا العرض المسرحي الأكاديمي هو العودة الحميدة لشيخ الممثلين في البصرة الدكتور مجيد الجبوري بعد أقطاع لسنوات وولادة لطاقات شابة قادرة لإعلاء شأن المسرح العراقي والبصري خصوصاً.. وظهور مؤلف مسرحي اثبت جدارته بالنص المسرحي الذي ألهمنا من رماد كتابتهِ بعدما عرفناه مخرجاً مسرحياً فذاً.. فهنيئاً للبصرة مثل هكذا أعمال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق