الثلاثاء، 20 يناير 2015

( ترتيلة الموت والقراءات الثلاث ) قراءة في قصيدة الشاعرة السورية جانيت لطوف ------------------------------------------------------------------ الشاعر الناقد هاني عقيل

تمت إضافة ‏2‏ صورة جديدة من قبل ‏‎Hani Akeel‎‏.
( ترتيلة الموت والقراءات الثلاث )
قراءة في قصيدة الشاعرة السورية جانيت لطوف
------------------------------------------------------------------ الشاعر الناقد هاني عقيل
------------------------------------------------------------------------------------------------
لابد لعملية النقد ان تتوخى المعايير النقدية الرصينة ذات المرتكزات الضاربة في عمق البناء الفني للعمل الادبي والا لايكون النقد نقدا *
ومما لاشك فيه ان التطور الهائل في قصيدة النثر لم يواكبه تطورٌ في النقد لذا نرى ان الناقد اخذ يهاجس القصيدة من وراء ستار مبهم وكما قيل في الموروث ( فسر الماء بعد الجهد بالماءِ )
فالنقد الان لا يعدوا عن كونه شرح لقصيدة النثر لفظا لامعنى هذا اذ عرفنا ان قصيدة النثر هي عوالم غائره في عمق المعنى تختفي خلف ستار من الالفاظ ذات مدلولات مكثفة فهي لاترفع هذا الستار لاي شاعرٍ او ناقد بسهوله فهي عصية على من غض قلمه
لابد ان يملك الشاعر والناقد على حد سواء خيالا فوضويا يحاكي خيال القصيدة الفوضوي
ليتسنى لهما الغوص في عمق المعنى ليخرجا لنا مايدهشنا شعرا ونقدا
والشاعرة المبدعة( جانيت لطوف)
هي احدى الشواعر اللواتي تمكن وبحرفية بالغة من ولوج عوالم قصيدة النثر الحدثاوية
فهي في كل نص تهامس وبشفافية عاليه كوامن الالم في دواخلنا حيث اقبية الروح وحيث فضاءات الغرف المشرقه* وباسلوب ثري قل نضيره وهذا مانجده في قصيدتها من خلال القراءات التاليه
( القراءة الاولى)
ان( ترتيلة العدم ) بوح تجريدي يضرب جذره عميقا في غور النفس البشرية فالصمت يمزق ضجيج الوجع اذ هي معركة للروح وطعنات الالم والوجع حيث يتحشد وله ضجيج
ولكنه يصلبها على خشبة جنونه فهي تقبع في منزلة بين المنزلتين كما يقال بين ضجيج الوجع وصلبها على خشبة الجنون وهذا النبي الذي يهب لها عوالمها المؤلمه
المتوهجة وبرسم لها قلبا من لهب هاهو ثالوث من الالم لجانيت لطوف (الوجع / الصلب/ قلب من لهب ) وتسترسل الشاعره المبدعه شهي كان لون القبل المحرقة بعينيك فملحمة اللهب لا تتوقف عند الشاعرة عند هذا الثالوث الملتهب فها هي ترسم لنا قبلا محروقة توقظ اوراق ايلول اليابسه الباكية من حنين ينداح في قلبها فها هي ستائر الليل ذات الاوراق اليابسة الباكية يتخللها سؤال مبهم حيث لا جواب مَنْ انتظر بقطارات العدم هو الحنين لمواسم الكرز ولكن متى تأتي هذه المواسم التي تورق فيها اوراق ايلول حتما لن يأتي فما هو سوى ذكرى نزيف الغياب !
وتتصاعد حدة السؤال من اشعل البخور؟ ومن احرق النذور لمعابد مغلقه ؟
هل هو من ارتدى قميص المساء ام هو من طوى حنين البحر تحت جناحي نورسة
نجتْ من غريق *
ويدوي تساؤل اخر لازلت تسأل الزبد عن توقيت الشجن / وهل للشجن توقيت حقا ما اروعك وما اروع قلبك الذي لاتبتليه الا الجراح فهو هبة فينوس لروحك الطاهرة ولقلبك الذي يرتق بوجع الايحتمل وارصفة للحلم تسمرك على خشبة العدم
وحرفك المتنعم بشجن يذاق بالوجع ايتها المتبتلة بقداس الهي يتلو العدم
( القراءة الثانية )
1- الشاعرة لطوف بدأت قصيدتها من مدخل زمني ( كان ) فيه الكثير من التوكيد المعنوي ذات ايقاع مؤلم تجسدت فيه حركة ديناميكية فتحت ابواب القصيدة امام المتلقي بقولها
كان صمتي
يمزق ضجيج الوجع
يصلبني على خشبة جنوني
حين هب نبي من بين ضلوعي
يرسم قلباً من لهب
شهي كان لون القبل المحرقة
بعينيك
2- الشاعرة لطوف وبحرفية قل نظيرها كشفت الحوار المكثف اللامترابط بكثرة البياضات الضاربة بين عوالم القصيدة وحددت كتلة وحجم القصيدة
3- انتقلت لطوف بين اجزاء القصيدة المفككة لفظا المترابطة معنى اذ تميزت قصيدتها باللاغرضية فهي تنتقل من الشجن الى الضجيج الى اوراق ايلول اليابسه والمعابد المغلقة الى ارصفة الحلم ذات المدى الفسيح
4- ارتسمت صورة قصيدة النثر بابهى صورها في قصيدة لطوف باسلوبها المخملي الرائع بسطورها المتناسقة اذ هي ذات اسطر متعددة وبذا خرجت من كونها شظية فلسفية
5- استخدمت لطوف الاستقطاب وبشكل حرفي في قولها
كان صمتي
يمزق ضجيج الوجع
وقولها
هو الحنين لموسم الكرز
يذكرني نزيف الغياب!
وقولها
لازلت تسأل الزبد عن توقيت الشجن وقولها
من محبة الشجن يجود حرفي بوصف الالم
6- لم ترسم لطوف حدودا لقصيدتها وهذا ما يميز قصيدة النثر حيث لاحدود فيها بل فضاءات مفتوحة لاتميل لتأطيرها بحدود ثابته ونجد ذلك في قولها
لازلت تسأل الزبد عن زمن توقبت الشجن
من يهبنا قلبا لاتبكيه الجراح؟
من يرتق قلبا شقه الالم ؟
هل اسألك عن زمن لاياتي؟
وحدها ارصفة الحلم تسمرني على خشبة العدم
من محبة الشجن يجود حرفي بوصف الالم
ترى باي قديس
يتلو العدم
( القراءة الثالثة )
1- مزجت لطوف بين مرتكزات قصيدة النثر والتفعيلة كضربات استقطاب
في قولها
- من يرتق قلبا شقه الالم؟
- وحدها ارصفة الحلم تسمرني على خشبة العدم
- من محبة الشجن يجود حرفي بوصف الالم
وهذا يُحسب لها لاعليها اذا ابدعت اسلوبا خاصا بها لايتكرر عند غيرها
2- استخدمت الموروث الديني بقولها
- يصلبني على خشبة
-ترتيلة عدم
- حين هب نبي
-من اشعل البخور واحرق النذور والمعابد المغلقة
-ترى باي قديس يتلو العدم
3_استخدمت البعد اللوني في ( لون اللهب / لون القبل المحرقة / لون الاوراق / البحر / الليل / الكرز / )
4- البعد الحركي في قولها ( كان صمتي يمزق ضجيج الوجع / يصلبني على خشبة جنوني / يوقظ اوراق ايلول / اشعل البخور / احرق النذور/ ارتدى قميص المساء )
5- البعد الزمني في قولها ( حين هب نبي من بين الضلوع )
( يوقظ اوراق ايلول اليابسة الباكية )
( من انتظر بقطارات العدم )
( ارتدى قميص المساء )
( هل اسالك عن زمن لايأتي )
---------------------------------------------------------------------------------------------
الخلاصة
جانيت لطوف شاعرة سورية قديرة لايستهان بها فهي ذات قصائد اقصر مبنى واعمق معنى جزلة الالفاظ متوقدة الحرف تمتلك ثراء فكري وموروث مغدق وخيال خصب
وحرفية قل نظيرها لطالما ادهشتني بصورها وعوالمها التي تفتح ابوابها امام ناظريك الى عوالم اخرى حيث لا نهاية *
شكري وتقديري ( لترتيلة العدم ) التي اوجدت واقعا حسيا فينا وداعبت خوالجنا المبهمة
شكري وتقديري للشاعرة المبدعة جانيت لطوف ومزيدا من الالق
----------------------------------------------------------------------------------
---------------------- الشاعر الناقد / هاني عقيل / العراق واسط
------------------------------- الاثنين / 19/1/2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق