بين الظلم والقدر
خِيام من الأعمدة المهترئة مغطاة بثياب خلِقة لا تكاد تحمي ساكنيها من حرّ الصّيف و قرّ الشتاء نصبها الهاربون من ضرب المدافع و براميل الموت المشتعلة التي تُلقيها قوّات النظام على أهالي القرية المنكوبة التي اتُّهم أهلها باحتضان الإرهاب فقرّروا الهروب من ساحة الحرب الدّامية ومن طوفان الموت الذي بات يلاحق الجميع إلى الجانب الآخر الذي لم تدنّسه الحضارة بضوضائها ولم يلْحقها صوت المدافع.
بين هذه الخيمات نُصبتْ خيمة لعجوز مع زوجته المسنّة التي اخترق جسدها الدّاء فغدَت مُقْعدة، إنّهما يعيشان على مساعدة وعطاء المحيطين بهما.
نهض إلى خارج الخيمة كعادته يعانق نسائم الصّبح إذ به يلاحظ اقتراب سحب داكنة تغمر سماء القرية، شعر برجْفة البرد تهزّ كيانه، دخل مرتعدا إلى زوجته القابعة في ركن الخيمة..
_ ما بك.. هل سيلقي الطيران براميل النار علينا؟
_ براميل من صنف أخر.. عاصفة كبيرة تقترب منا وأخشى أن تصلنا موجة الثلوج التي غمرت المنطقة، يا له من مشهد لم أره منذ سنوات!
حطّ اللّيل بأجنحته المخيفة عم الهدوء المكان لولا رعشات خفيفة بدأت تسري في جسد المريضة..
_ ما بك.. هل تشعرين بالبرد؟
انحنى يدثّرها ببعض أغطية ثم هرع خارج الخيْمة يجلب الحطب، بدأت أصابعه تتحسّس الكومة وسط الظلام الدامس محاولا حمل ما يكفيه إلى الداخل ليوقد النار فتدفأ عظامها، بعث بيده.. بيديه الاثنتين، أحسّ ببرودة تلامس أصابعه.. يا الهي إنّه الثلج؟ أعاد الكرّة مرّات ومرّات لكن دون جدوى، لقد غابت أعواد الحطب تحت الكتل الجليدية، عاد إلى الداخل يجرّ أذيال الخيبة.. أسرع إليها بباقي الأغطية واقترب منها ملْصِقا جسدا منهكا إلى جسدها ونام.
كشف الصّباح عن جثّة هامدة و جسدٍ متيبّس من البرد..
صالحة بورخيص
خِيام من الأعمدة المهترئة مغطاة بثياب خلِقة لا تكاد تحمي ساكنيها من حرّ الصّيف و قرّ الشتاء نصبها الهاربون من ضرب المدافع و براميل الموت المشتعلة التي تُلقيها قوّات النظام على أهالي القرية المنكوبة التي اتُّهم أهلها باحتضان الإرهاب فقرّروا الهروب من ساحة الحرب الدّامية ومن طوفان الموت الذي بات يلاحق الجميع إلى الجانب الآخر الذي لم تدنّسه الحضارة بضوضائها ولم يلْحقها صوت المدافع.
بين هذه الخيمات نُصبتْ خيمة لعجوز مع زوجته المسنّة التي اخترق جسدها الدّاء فغدَت مُقْعدة، إنّهما يعيشان على مساعدة وعطاء المحيطين بهما.
نهض إلى خارج الخيمة كعادته يعانق نسائم الصّبح إذ به يلاحظ اقتراب سحب داكنة تغمر سماء القرية، شعر برجْفة البرد تهزّ كيانه، دخل مرتعدا إلى زوجته القابعة في ركن الخيمة..
_ ما بك.. هل سيلقي الطيران براميل النار علينا؟
_ براميل من صنف أخر.. عاصفة كبيرة تقترب منا وأخشى أن تصلنا موجة الثلوج التي غمرت المنطقة، يا له من مشهد لم أره منذ سنوات!
حطّ اللّيل بأجنحته المخيفة عم الهدوء المكان لولا رعشات خفيفة بدأت تسري في جسد المريضة..
_ ما بك.. هل تشعرين بالبرد؟
انحنى يدثّرها ببعض أغطية ثم هرع خارج الخيْمة يجلب الحطب، بدأت أصابعه تتحسّس الكومة وسط الظلام الدامس محاولا حمل ما يكفيه إلى الداخل ليوقد النار فتدفأ عظامها، بعث بيده.. بيديه الاثنتين، أحسّ ببرودة تلامس أصابعه.. يا الهي إنّه الثلج؟ أعاد الكرّة مرّات ومرّات لكن دون جدوى، لقد غابت أعواد الحطب تحت الكتل الجليدية، عاد إلى الداخل يجرّ أذيال الخيبة.. أسرع إليها بباقي الأغطية واقترب منها ملْصِقا جسدا منهكا إلى جسدها ونام.
كشف الصّباح عن جثّة هامدة و جسدٍ متيبّس من البرد..
صالحة بورخيص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق