السبت، 9 يناير 2016

دفء يتكئ على الباب / بقلمي: رفاه زاير جونه بغداد العراق

دفء يتكئ على الباب
بقلمي: رفاه زاير جونه
بغداد العراق
الشمس كانت اكثر جمالا وقت الشروق من الغروب ،أوراق الأشجار خارج نافذة غرفتي تبدو رائعة بشكل استثنائي إنها كغريب تقترب مني بعد ظلام طويل من الاستغراق في الذات والخوف والخجل من حياتي التي أعيشها تلك الأشياء جميلة لأنها لا تعتمد على كوارثنا باستمرار، تحافظ على دقتها العملية ووفرتها الإبداعية التي تحققها دون جهد من سمات خصوصية الطبيعة ....الطبيعة هذا الصباح تبدو رائعة جدا ، الجو صافي من تلبد الغيوم حيث يمكن تحديده بأنه ذلك الشيء الذي يوجد دون شعور بالإثم ،إن كل شيء يتعلق بنا وبما حولنا كان جميلا ،مع هذا فإن ثمة شيء ما يبعدنا عنها كتيار الماء المندفع للأعلى الذي يمنعنا من ملامسة القاع الرملي رقراق يضيء بأجزاء هلالية من قشرة المحار الواضحة للعيون . طائر يحط على الغصن خارج نافذتي يبدو ثابتا للحظات منطبعا في الفضاء الأبيض فوق المستنقع اني أراه مانعا نفسي من متابعة سلسلة أفكاري. مددت يدي عبر الزجاج أمسكته... أوراق العنب ذهبية ،مصفرة اللون تأخذ ضوء الشمس دون ان تعكسه محولة الضوء المحض بجموع أطيافه ومصدره الحياتي إلى لون اصفر. هنا وهناك ثمة ذبول يشع في لون برتقالي متوهج واللون الأخضر للأوراق التي لا زالت طرية تواصل اخضرارها حتى الخريف. ..اذا تطلعنا محدقين عبر ضوء الشمس فأننا نرى الخضرة الشاحبة للعروق الدقيقة. ظلال هذه الأوراق تسقط على بعضها ،إنها مضطربة غير منتظمة الريح ترسل خشخشة كانسة مسرعة منطوية على إيحاءات متوحشة انها غير شريرة توحي بالإيواء ،الانفتاح. الدفء ،النسيم. يدعواني إلى الخارج ،عيناي ترتادان ،إنني محاط بالأوراق ،الأشجار النخيل مأخوذا بالهدوء والكون متوهج بالأوراق ...ثمة شيء يجرني للخلف عائد بي إلى عتمتي الداخلية ...الأحداث بحاجة إلى إيضاح ،تصرفت بعبثية أعترف بأنني أخطأت ،النمو الصاخب والغير معتنى به سيشذب. ماذا إذن ؟أليس هذا رجوع زائف ؟ ام مقدور أرواحنا دخلت ملاذ زمن الفناء ... اننا نقف في تقاطع مملكتين ...ليس ثمة تقدم او تقهقر ،فقط حافة دقت حيث نقف... أتذكر بوضوح حاد سواد ثوب زوجتي عندما غادرت منزلنا لتحصل على الطلاق كانت تبدو فاتنة ،انه شحوبها ينسجم مع هذا الصباح كانت رائعة ،كان وجهها أشهب كليا .متعب ،جسدها ذلك الشيء العائد للطبيعة متجاهلا كارثتنا ظل مظهرها كما إيماءاتها اعتيادية دون تنافر قبلتني بشكل خفيف ،غادرت. كنت راضيا ،دارسا لوضع أطفالي بعيني شخص تركهم فاحصا منزلي كشخص يسترجع لقطات فوتوغرافية لزمن لا يستعاد، صرت كرجل يرتدي سترة واقية يقطع طريقه عبر النار ،كنت أتوقع بان زوجتي تبكي إلا انها كانت تبتسم مذهولة ،أحسست برعب لم اقدر على إيقافه، العتمة الداخلية مزقت أحشائي وأحاطت بكلينا ،غرقت حبن .ارتد قلبي للخلف، العالم الطبيعي الذي تشكل فيه حبنا كفّ عن الوجود. مسكت ظهر زوجتي، سحبتها من سواد ثوبها ناحيتي، ثم تأهبت للألم. لم يتوقف الهاتف عن الرنين كل يوم كنت أتوقع ان يفكّ بعضا من هذا الاشتباك الجديد ،جئت للاختفاء في هذا المنزل، لكن ثمة اصوات ترعبني... الريح، الغصون الأشجار، الحيوانات غير مرئية مشحونة بصمتها الكهربائي، الريح واصل ضوء الشمس السير خارج المنزل، المستنقع يمتد كسجادة انه مخطط باللون الأخضر الداكن وسط مسحة من اللون البني، في الجانب البعيد من الأرض ترتفع فوق مستوى المياه تحت نافذتي يبدو المرج أخضرا بأعشاب هزيلة يمتزج بالأوراق المتساقطة من شجرة صغيرة، اني أتذكر كيف جئت في المرة الأولى لهذا المنزل، معتقدا بأنني تركت منزلي ورائي ،ذهبت للسرير وحيدا شرعت في القراءة، كشخص يقرأ كتب متفرقة في منزل مستعار، بضع أوراق من طبعة قديمة.نومي متقلب ،لدرجة اني خلال اليقظة شعرت كأنني ما زلت أقراء في الكتاب ...ضوء القمر يرتجف عبر الأغصان العارية لشجرة فتية يبدو أنني كنت متفتح بشكل كلي وضائع كامرأة مشوبة العاطفة ،حرة واقعة في الحب ،دون ظل كانت يقظة رائعة ،لكن في الليلة القادمة عدت إلى منزلي ...حيث الظلال المتوحشة الجاثمة على أوراق العنب انتقلت، زاوية الرؤية تبدلت ،اني أتخيل الدفء يتكئ على الباب، افتح له الباب لأدعه يدخل !!ضوء الشمس يسقط على قدميّ كشخص نادم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق