السبت، 4 مارس 2017

ــــــــــــ ألف ليلة وليلتان ـــــــــ/ للناقد والشاعر / شاهين دواجي / المغرب ,,,,

ــــــــــــ ألف ليلة وليلتان ـــــــــ
كنت قد استسلمت لإغفاءةٍ خفيفةٍ حين سمعْت طرق الوصيفة : " مولاتي تناديك " .
"...نعم يا مولاتي ... أرجو أن تكوني بخير "
قالت الملكة : " قالو أنّ القرب أجلّ أنواع العذاب... فإذا كان هذا فكيف النّأي والهجر "؟ 
قلت : بلغني أيّتها الملكة السعيدة أنّ هذا الكلام  من لغة الإشارة، ذات النّكت ... فلا سبيل إلى معناه إلّا بذوق سليم ،يضع الأشارات مواضعها ... وهذا أُجاب بعضهم عنه من وجهين :
فمن جهة اللّسان فـ :" الجلال" حين اِنضاف إلى : "العذاب" خرج بالسيّاق عن شبهة العقوبة والألم والغبن إلى ساحِ اللّذة والتهتّك فهو من باب :
لئن ساءني أن نلتني بمساءةٍ *** لقد سرّني أنّي خطرْت ببالكَ.
وأمّا من جهة المآل فإنّ العاشق حين ينْفرد بالمعشوق على بساط الأنس ، يفتح شرفة الأضلع لهطول الغواية ،فلا أرض تسع ولا جُرْمٌ يطال... في غمرة هذاالبثّ يغترف من تراتيل القدّيسين ، وصلاة المتبتّلين نورا هو طينة الصّفاء الأوّلى ،وخلاصة العشق كما فهمها المتهتّكون ، هذا كلّه في صمتٍ مطْبقٍ ، وهيجان للروح من قبْلة الوصل كالبحر يهيج من قبْلة الرّيح ....في غمرة هذا يدخل على الفؤاد وارد " الفَقْدِ "... إذْ المعشوق فانٍ غيرخالد ، ولذّة الوصل نغّصها توقّع الفقْد فاِستحال القرب عذابا ،وربّما كان البُعد نعمة، من هنا قال الحذّاق :
أَتاني هواها قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ الهوى,**** فصادفَ قلباً خالياً فتمكنا.
فإنّ التّعود على النوازل يخفّف وطأتها .
كان أكثر اللّيل قد مضى ، ولابد أنّ جلالتها أحست بهذا فأذنتْ لي بالانسحاب ، وحقّا ...لاحت تباشير الصّباح ،فتوقّفت عن الكلام المباح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق