آفاق التجريب المسرحي ؛ روح التأسيس و المعرفة الجمالية؛ مقاربة لنصوص سمير عدنان المطرود المسرحية ( نسمة عطر ,آدم وحواء - حارس المطخ-آلام قمر القرية) ...... بقلم الناقد : أحمد علي هلال
........................................
تشكّل نصوص الكاتب والناقد والشاعر سمير عدنان المطرود في الفضاء المسرحي، وفي طابعها التجريبي، مدخلاً ثرّاً لحقيقة النص الأدبي وخطابه، كما مقاربته لوعي جمالي قيمي يرتبط، أو يحيل لوعي فردي ـ جمعي بآن معاً فالمسرح في مساراته التراجيدية، وانعطافاته التاريخية، ما يزال يأخذنا إلى جدلية الفنون، في تماهيها وصيرورتها
لتترجمَ في أفعال، هي بالتأكيد أفعال الفن والحياة، بوساطة المعادل البصري ـ الرؤيوي، لندلف إلى ما يمكن أن نسمّيه بالزمن المسرحي الذي نعير إليه و فيه.
إذ تستعيد التجربة المسرحية بقدر ما هي كمونٌ ضروري لطقس فريد، هو طقس المسرح، وفي البدء كان المسرح إذا شئنا الذهاب في مقابسة أثيرة.
فالمسرح، ليس شكل الفكر وجسده فحسب، بل هو فعل حوار ومثاقفة وتأسيس يأخذنا إلى المشتركات الدّالة في التعبير الحضاري والثقافي والإنساني.
وبهذا المعنى فإن نصوص المسرحي سمير عدنان المطرود، "نسمة عطر، آلام قمر القرية، حارس المطخ"، بحدوس تجريبها، وتعبير رؤيتها، وصيرورتها الدرامية، واستبطاناتها السيكولوجية، هي المثال على صيرورة الهواجس الإبداعية الأساسية، وبوصفها معادلاً فنياً وفكرياً، لطالما شكّل ـ المسرح ـ في ذائقتنا، قيمة مضافة، لا سيما في انتقال النصوص إلى عوالم تكاد تمثّل الحياة وتفارقها في آن.
يجدّد سمير عدنان المطرود، في علاماته الثلاث، معنى المغامرة المسرحية، ليؤدي شرطاً معرفياً، وجمالياً، للمسرح ومعه تستعاد أدوات التحليل الثقافي، أي الروابط ما بين النص والقيم الثقافية التي امتصتها النصوص المسرحية، كما السياق الذي انتجت من خلاله، وذلك ما يمكّن الدارس والمتلقي من تكوين صورة للثقافة وكيف تتشكل بمعطياتها وأنساقها.
ففي نص " نسمة عطر " تبدو سونيتات شكسبير كنصوص موازية تفعّل دراما النصّ، ليجسّد الكاتب مشتركاً دالاً بين الثقافات الانسانية، على مستوى ثيماتها المشتركة " الرجل و المرأة، الحرية والسلطة " وذلك التركيب البصري ـ السردي بين سوناتات شكسبير المغناة و نسمة عطر، يحيلنا إلى جدلية الشعري والبصري، وكيف يرتقي بغنائية الروح، ليصنع خطاباً بصرياً بوصفه أداة من أدوات الإقناع والتواصل.
يفتتح الكاتب نصه بالسونيتة الثانية، ويختمه بالسونيتة الثانية عشر، فما الذي يجري بين آدم وحواء العاشقان، أثناء البروفات المسرحية، ثمة طقس مسرحي فيه راقصون وعروض؟!
والجدير بالذكر أن السونيته الثانية تحكي عن فعل الزمان في النفوس، كما فعل الخلود، لتنتهي بالقول: " رغم جورك سيحيا حبّي شاباً في شعري للأبد ".
ذلك أحد رهانات النص، على أن الشعر سيخلّد الحب وهي مأثرة الثقافات الانسانية، بامتياز، والراوي ـ الضمير ـ الذي يعلق مفسّراً مآل العلاقة بين آدم وحواء، سنراه واقفاً على خط الرؤية مع الحب الذي يرنو إلى الحياة بعين التفاؤل.
تأخذ ثيمة العشق جدلية الكائن في صراعه مصيره، وقدره، فالنص الذي يستلهم روح شكسبير، يضيف في سياق رؤية الكاتب ـ ما يجعل من حواء مضادة للبشاعة والقبح محبة للجمال والخير والحق، وما يمكن أن يمثّل مضايفة على النص من أداء الرقص وفعل الرقص، ليس مجرد وظيفة جمالية، ومفردة سينوغرافية، بل بوصف الرقص ذاته حامل لسياق فكري، تتبدى فعاليته في تشكيل بصري يستبطن متعة خالصة كأننا بها حركة الروح لتنفض أقنعة الحياة اليومية، يصبح المسرح هنا، أقرب إلى لمس الروح للجسد بالإثارة والتحدي، لتتخلّق فعالية الرقص في نسيج التكوين الدرامي لحركة الجسد، كدالّ تعبيري ـ ابداعي، وكصوت آخر محايث للأصوات الأخرى.
آدم هو الكاتب والمخرج المسرحي الذي ينزع إلى تشكيل شخصيته واكتشافها، وحواء شخصية درامية تكثّف فعل الغياب والحضور، الغياب الذي ترفضه في أدوارها المسرحية البائسة، في حالة التماهي ـ تلك ـ تقف سوناتات شكسبير " السادسة والحادية والثلاثين والثانية عشر والسابعة والعشرون " لتستأن ببنيتها المغنّاة الأفعال الدرامية لشخصيات نسمة عطر، حاملة لها، بخواطرها وأشجانها وقلقي، وعلى خطّ أفق الرؤيا تلتقي هواجس ـ الكاتب ـ بهواجس شكسبير، في الوجود، الموت والكآبة والوحشة، وفضاء الشعر المفتوح على دراما طليقة عابرة للزمان والمكان.
نسمة عطر نص مسرحي مترع بالشجن والتوق ومناهضة الشعور بالوحدة: " إن أبشع أنواع الفقر هو الشعور بالوحدة "، فضلاً عما يستثمره من تحفيز تأليفي وجمالي.
تحاول حواء أن تستعيد زوجها الذي حرمها ابنها، إلى حبهما المشترك وتتساءل " من أين ستأتي النسائم المقبلة إلى هذه الحياة؟! "
ويقول آدم: "حرّريني خلف جدران الألم وانثريني على خلايا الروح"، يتوسّل حواء أن تحرره في مفارقة ربطه بحبل، لتقول له أنها الحرية التي يبحث عنها... فليأخذها!
الراوي كقناع للمؤلف يقول: احمل جراحك، امضِ إلى الحلم، امتطي صهوة الوقت ورعشة القلوب الراجفة، خذ الموسيقا من أذني والشعر من صدري إنه رهان الشعر والموسيقا في نص مسرحي بادخ، وبتقنية روح تضيئه من الداخل.
وبالعودة إلى السونيتية الشكسبيرية الثانية عشر ـ مثلاً ـ يرى النقّاد أنها تمثّل خلاصة عصر النهضة الأوروبية، وبخاصة تلك التي يزعم فيها أصحابها، أن شعرهم في ممدوحيهم سوف يخلدهم إلى الأبد، وهذا ما تجلى واضحاً في نصّ " نسمة عطر " الذي امتصّ تلك القيم الثقافية، في نقطة تلاقٍ خلاّق بين ذائقته وثقافته وروح شكسبير العابرة للنصوص والأزمنة والأمكنة، لطالما مثّلت " السونيتات " بؤرة صراع بين الأنا والآخر، ومواجهة لاشكاليات القدر والزمن.
ليعاضد الكاتب منظومات ابداعية تتراسل في فضاء النص، الشعر والموسيقا وفعالية الميزانين ـ التشكيل الحركي ـ، والمقترحات السينوغرافية، التي تقرب منظورة للرؤيا الإخراجية التي يمكن لها أن تضع (المتفرج) المحتمل في النصّ تماماً، أو بوصفه جزء من مكونات العرض المسرحي وممكناته المنتظرة.
فجوهر تجريب الكاتب سمير عدنان المطرود يقوم على ثلاثية: الكلمة والممثل والمتفرج في حوارية تمتد إلى الثقافة ونسيجها الإنساني كفعل حوار، يتجاوز ويضيف في سياق تناغم دلالي مع مقولات السونيتات، وهنا ندرك لماذا اختار الكاتب من سوناتات شكسبير ما اختاره بالذات، استثماراً لتقابلها الدلالي وبعدها الحواري، " فالحب، حب طمأنينة، حب يأس، وكذلك العذوبة تمتزج باللوعة والعذاب امتزاج يأخذنا إلى أفعال التضاد في الماهية الدرامية للمسرح: الجمال والشهوة، المحبة المطلقة بالموت، والخوف من الزمن ينقذه الإيمان بفن الشعر ليأخذ نص " نسمة عطر " انفتاحاً دلالياً رحيباً على الحياة والوجود ومفارقاتهما الناجزة.
ولعل الشكل الأدبي في " حارس المطخ " من حيث فضاء الأصوات الحوارية وتلوين السرد، سيؤول بنا إلى تعددية، تعود بالنص لجدليته مع الأدب في وظيفته وبنيته، وكما يقال فإن المسرح " في بنيته الأساسية، هو النص الأدبي، وفي رؤيته للوجود، يقال عنها خطأ أنها رؤية مؤلف معين " بل إنها رؤية وجدان جمعي يقارب ما يؤرق من مآزق واشكاليات.
فشخصية "صالح" في نص حارس المطخ، هي المحور والحامل، صالح الهارب من واقعه نتيجة عدم قدرته التخلص من آثار ماضيه بسبب " ما فعله السرسوقي بوالدته، يهرب إلى أمريكا وليعود كأكبر طبيب جراح للقلب، حيث ينفتح مشهد عودته إلى القرية، على العديد من الأبعاد الأخلاقية والفكرية التي تجسد مقولة النص .
في "المطخ" كقاع اجتماعي وصورة حراك لمصائر حيوات، تتبادل الذكريات والتاريخ والذاكرة، العديد من الأدوار، يعود صالح ولا يجد أحداً في استقباله ربما أعادته رسالة فاعل خير مجهول! لكنها عودة إلى ثيمة الخطيئة: "إن بذرة الخطيئة لا تثمر إلا نباتاً ساماً"
عودة إلى "المطخ" في حيّز الذكريات، يقول صالح: "كنت طفلاً صغيراً يريد أن يلعب، أن يرى ما وراء هذا المطخ".
كان يتمنى أن يأخذه عمه إلى المدينة، ولكن السبب ليس هو أنه حارس المطخ، بل أعظم من ذلك بكثير!
المطخ هو فضاء مسرحي ينفتح على ما هو أبعد وأقرب في آن معاً، "أمريكا بها مطخ أكبر" ليشي بالعلاقات المتداخلة لا سيما بين الممثل والمتلقي، على مستوى الأصوات النسائية والطبيعية " أم ريحان، قمر القرية، أبو كاسر، صوت الجدة، صوت الرجل......
في مقابل أصوات: المطر والرعد والبرق والزمهرير، والخيل والدجاج، والناي وأصوات الأجراس المعلقة برقاب الغنم.. وهكذا...
في هذا السياق يرى المسرحي البولندي جروتوفسكي، وهو من أهم المجربين المسرحيين الأوروبيين الممثلين للتيار التجريبي في المسرح المعاصر، أن النص "بمثابة نوتة موسيقية، رابطة صوتية باعتباره مفردات للغة، دخلت في تكوينها الموسيقى، تمتزج بأوركسترا الممثلين كافة، تحتوي أصواتهم المتكونة من" نوتات "صوتية تنبعث منها همسات وعويل وخرير مياه..."
لكن النص المسرحي يذهب في طبقات الأصوات وحركيتها، ليس كبانوراما للحياة الريفية وصورها الزاهية، بل بما يختبره من قدرة اللغة داخل اللغة، أنسنة وإيقاعاً ومبادلات حسّية ـ بصرية، من شأنها أن تحدث التأثير المنشود، بوعي المساحات الشعورية لدى المتلقي، وبإدراك منسوب التوزيع الصوتي، لإحداث تنبهاً جمالياً يغتني بالعمق والتعدد، والكثافة الجمالية.
وهكذا تفصح الأصوات عن هوية صالح "رجل غريب جاء وسكن الخرابة على كتف المطخ"، فضلاً عن نصوص الغناء المصاحبة للنص المسرحي، كما الموروث الشعبي لا سيما الشفوي.
حيث تتبدى استراتيجية الفضاء البصري "السمعي والبصري" التي لا تكرس بنية مفاهمية ولغوية بل تماهي أشكال القول وتستثمرها في حيز شعريتها وجماليات تشكيلها الثقافي، والدرامي "لا تلوم المبتلي و وبتبتلي ما أصعب فراق الموالف يا هلي" تتبدى إذن كمنظور وكعتبات نصية.
وكمثال آخر في صورة المثل "الذي لا يحك كحلاً في عيونه": من لا يرتضيني كحلاً في عينيه... لن أقبله نعلاً في حذائي.
يستقرئ الكاتب العلاقة بالوعي وتجلياته، عبر مديات إضافية ليصنع مسرحاً داخل المسرح. آلام القرية... أو الموت عشقاً..
يتكئ نص " آلام قمر القرية " على فكرة، ليست جديدة، لكنها حيوية بسبب فاعليتها الدائمة وتأثيرها المتواصل في الأزمنة كلها، بمعنى خصوبة تأويلها وحركية دلالتها.
فالخطيئة "كثيمة" جلتها على نحو كثيف كلاسيكيات المسرح العالمي، بكيفيات مختلفة، في نص "آلام قمر القرية" ذهاب لبعدها الدرامي والمعرفي، فيما وراء مفهوم النهايات كحقيقة تراجيدية، بوساطة شخصيات من مثل "قمر القرية وشريف بيك، وصبحي" تتقاسم نهاياتها بالتساوي.
إذ تبدو الحياة مستحيلة لامرأة عاشقة متزوجة، هي قمر القرية التي تعشق سائقها صبحي، يخطّطان لقتل الزوج، لكن ما يحدث في تلك الذروة التراجيدية "أن الخطيئة تقتل ذاتها" في ذلك المنحنى السيكولوجي، الذي يرسم صيرورة الأنثى الحالمة برجل حقيقي لا يعوّضها بالثروة فقط تتكشف المصائر التراجيدية في مشهد أول وكأنه المشهد الأخير، ليحاكي مسارات الرغبة والخوف والوحدة والسعادة المفقودة، والعشق الممنوع، فقمر القرية " تفتش عن مناسبة طبيعية تقدم فيها فروض عشقها، لكن الحياة خذلتها، ولم تجد نفسها إلا وقد أرغمت على الإنحناء لقهر الحب "ثمة ما يشي باستباحة الجسد وقسوة الحياة وذكرياتها، لا سيما لدى الزوج شريف بيك المسكون بمفارقة هي " كل الذين نحبهم في حياتنا، هم أنفسهم الذين يكيدون لسعادنا" شريف الذي قتل أخته و زوجها لمجرد أنهما حبيبان، كيف يتحرر من فعلته؟!
لكنه يتساءل: "ماذا يفيد الإنسان لو كسب العالم وخسر رجولته، وماذا يعني أن ينام الرجل على سرير ملوكي وبجانبه القمر، وصبحي الذي يبحث عن نفسه التي أضاعتها القرية وقمرها، وكل شيء ـ في القرية ـ مباح إلا الحديث في السياسة والعشق وشرب الخمر، وهم لم يتذوقوا معنى الحياة كما يجب أن تكون".
وما بين المشهد الافتتاحي ومشهد النهاية تتواتر حكاية قمر القرية ومحاولتها أن تنتصر لعشقها لكن حلمها يسقط اثر رؤيتها زوجها وعشيقها مقتولان، لتطلق النار على نفسها، تذهب "اللعبة" لنهايتها بلازمة عميقة تتكرر كنشيد للقدر، هذه الحياة، ولتبدأ الدراما من هنا تماثلاً أو مفارقة للثيمات المسرحية الكبرى، لا سيما الشكسبيرية، أي مفهوم المسرح المليء بالضحايا والخيانات والجرائم، ثمة رؤية تقرّب فهمنا للأنساق التراجيدية المؤسّسة في المسرح العالمي ومنها "الكترا، أفجينيا، كليتنمسترا"، وعند المسرحي سمير عدنان المطرود هي قمر القرية بنموذجيها في نصّي آلام القرية وحارس المطخ...
يوظف الكاتب في أعماله المسرحية طاقة المسرح بتجاوزه للمعروف والمألوف، ويعوّل على تعاضد الفنون ومنها الشعر، كما ذهابه لأقصى حدود المغامرة، لا سيما في انتاج خطاب بصري، كنسيج لا نهائي من المعاني المتصلة بالواقع ذاته ليصبح نصّاً درامياً طليقاً ولعل معنى المغامرة، هو في معنى التجريب الخلاّق الذي يتغذى بانفتاح الرؤيا، وثراء لغة تكتمل بالصوت والصورة، كتشكيل يتوسل قيماً جمالية وفكرية، وبحساسية وكبرياء لغة حوارية بدلالاتها "السيميائية والألسنية" وبتعالقها بسيرورة الكتابة التي تستنهض أفعالاً مسرحية ينبغي عدم قسر دلالتها على قصدية النصوص فقط، ما يعني أنه، في راهن التجربة ومستقبلها، يأخذ التجريب علاماته المتحققة، على مستوى حداثتة وجوهره يكمن في السعي لإستعادة القيم الشعرية العالية، وإرساء كلمة الروح كلحظة اشراق وتنوير.
وبالرغم من محدودية الشخصيات، إلا أن تطييفها في فضاءات النصوص بحوامل الأصوات، قد يمنحها كثافة درامية، بما تعززه من مفاهيم الصراع، وربما يتعلق الأمر بتأويل القارئ ـ المتفرج، وبممكنات انتقال النصوص إلى الخشبة، لتفعيل ما تقترحه على المستويات البصرية، ولا سيما ونحن ما زلنا ننشغل بذلك السؤال: لماذا المسرح؟!
إن تحول النص إلى فعل يحاكي شغفنا بالرهان على "المتفرج" شريك العرض والمتعة وما يمكن له أن يصوغ أسئلته، انطلاقاً من جدلية الأثير والتأثر... نصوص سمير عدنان المطرود ـ بهذا المعنى ـ هي آفق أسئلة منتظرة ومشروعة كما المسرح ذاته...
ثمة سؤال وجّه إلى انغلينا سيتبانوفا، وهي واحدة من أكبر الممثلات السوفياتيات ماذا يعني المسرح الحديث فقالت: "إنني تلميذة ستاينسلافسكي، وأجيب عن هذا السؤال بصيغة معلمي المشهورة والتي أعتبرها قطعية وهي: أن المسرح الحديث في كل العصور، هو التجسيد على خشبة المسرح لـ" حياة النفس الإنسانية " والمسرح نفسه موجود لأجل هذا الهدف، لعرض الإنسان المعاصر وحياته بكل تنوع أشكال مظاهرها، والقدرة على اقتناص الملامح الرئيسية لبطلك المعاصر، والتعبير عنها في سمات أبطال المسرحيات، وهي مغزى ما نسميه الفن المسرحي الحديث...
**************
........................................
تشكّل نصوص الكاتب والناقد والشاعر سمير عدنان المطرود في الفضاء المسرحي، وفي طابعها التجريبي، مدخلاً ثرّاً لحقيقة النص الأدبي وخطابه، كما مقاربته لوعي جمالي قيمي يرتبط، أو يحيل لوعي فردي ـ جمعي بآن معاً فالمسرح في مساراته التراجيدية، وانعطافاته التاريخية، ما يزال يأخذنا إلى جدلية الفنون، في تماهيها وصيرورتها
لتترجمَ في أفعال، هي بالتأكيد أفعال الفن والحياة، بوساطة المعادل البصري ـ الرؤيوي، لندلف إلى ما يمكن أن نسمّيه بالزمن المسرحي الذي نعير إليه و فيه.
إذ تستعيد التجربة المسرحية بقدر ما هي كمونٌ ضروري لطقس فريد، هو طقس المسرح، وفي البدء كان المسرح إذا شئنا الذهاب في مقابسة أثيرة.
فالمسرح، ليس شكل الفكر وجسده فحسب، بل هو فعل حوار ومثاقفة وتأسيس يأخذنا إلى المشتركات الدّالة في التعبير الحضاري والثقافي والإنساني.
وبهذا المعنى فإن نصوص المسرحي سمير عدنان المطرود، "نسمة عطر، آلام قمر القرية، حارس المطخ"، بحدوس تجريبها، وتعبير رؤيتها، وصيرورتها الدرامية، واستبطاناتها السيكولوجية، هي المثال على صيرورة الهواجس الإبداعية الأساسية، وبوصفها معادلاً فنياً وفكرياً، لطالما شكّل ـ المسرح ـ في ذائقتنا، قيمة مضافة، لا سيما في انتقال النصوص إلى عوالم تكاد تمثّل الحياة وتفارقها في آن.
يجدّد سمير عدنان المطرود، في علاماته الثلاث، معنى المغامرة المسرحية، ليؤدي شرطاً معرفياً، وجمالياً، للمسرح ومعه تستعاد أدوات التحليل الثقافي، أي الروابط ما بين النص والقيم الثقافية التي امتصتها النصوص المسرحية، كما السياق الذي انتجت من خلاله، وذلك ما يمكّن الدارس والمتلقي من تكوين صورة للثقافة وكيف تتشكل بمعطياتها وأنساقها.
ففي نص " نسمة عطر " تبدو سونيتات شكسبير كنصوص موازية تفعّل دراما النصّ، ليجسّد الكاتب مشتركاً دالاً بين الثقافات الانسانية، على مستوى ثيماتها المشتركة " الرجل و المرأة، الحرية والسلطة " وذلك التركيب البصري ـ السردي بين سوناتات شكسبير المغناة و نسمة عطر، يحيلنا إلى جدلية الشعري والبصري، وكيف يرتقي بغنائية الروح، ليصنع خطاباً بصرياً بوصفه أداة من أدوات الإقناع والتواصل.
يفتتح الكاتب نصه بالسونيتة الثانية، ويختمه بالسونيتة الثانية عشر، فما الذي يجري بين آدم وحواء العاشقان، أثناء البروفات المسرحية، ثمة طقس مسرحي فيه راقصون وعروض؟!
والجدير بالذكر أن السونيته الثانية تحكي عن فعل الزمان في النفوس، كما فعل الخلود، لتنتهي بالقول: " رغم جورك سيحيا حبّي شاباً في شعري للأبد ".
ذلك أحد رهانات النص، على أن الشعر سيخلّد الحب وهي مأثرة الثقافات الانسانية، بامتياز، والراوي ـ الضمير ـ الذي يعلق مفسّراً مآل العلاقة بين آدم وحواء، سنراه واقفاً على خط الرؤية مع الحب الذي يرنو إلى الحياة بعين التفاؤل.
تأخذ ثيمة العشق جدلية الكائن في صراعه مصيره، وقدره، فالنص الذي يستلهم روح شكسبير، يضيف في سياق رؤية الكاتب ـ ما يجعل من حواء مضادة للبشاعة والقبح محبة للجمال والخير والحق، وما يمكن أن يمثّل مضايفة على النص من أداء الرقص وفعل الرقص، ليس مجرد وظيفة جمالية، ومفردة سينوغرافية، بل بوصف الرقص ذاته حامل لسياق فكري، تتبدى فعاليته في تشكيل بصري يستبطن متعة خالصة كأننا بها حركة الروح لتنفض أقنعة الحياة اليومية، يصبح المسرح هنا، أقرب إلى لمس الروح للجسد بالإثارة والتحدي، لتتخلّق فعالية الرقص في نسيج التكوين الدرامي لحركة الجسد، كدالّ تعبيري ـ ابداعي، وكصوت آخر محايث للأصوات الأخرى.
آدم هو الكاتب والمخرج المسرحي الذي ينزع إلى تشكيل شخصيته واكتشافها، وحواء شخصية درامية تكثّف فعل الغياب والحضور، الغياب الذي ترفضه في أدوارها المسرحية البائسة، في حالة التماهي ـ تلك ـ تقف سوناتات شكسبير " السادسة والحادية والثلاثين والثانية عشر والسابعة والعشرون " لتستأن ببنيتها المغنّاة الأفعال الدرامية لشخصيات نسمة عطر، حاملة لها، بخواطرها وأشجانها وقلقي، وعلى خطّ أفق الرؤيا تلتقي هواجس ـ الكاتب ـ بهواجس شكسبير، في الوجود، الموت والكآبة والوحشة، وفضاء الشعر المفتوح على دراما طليقة عابرة للزمان والمكان.
نسمة عطر نص مسرحي مترع بالشجن والتوق ومناهضة الشعور بالوحدة: " إن أبشع أنواع الفقر هو الشعور بالوحدة "، فضلاً عما يستثمره من تحفيز تأليفي وجمالي.
تحاول حواء أن تستعيد زوجها الذي حرمها ابنها، إلى حبهما المشترك وتتساءل " من أين ستأتي النسائم المقبلة إلى هذه الحياة؟! "
ويقول آدم: "حرّريني خلف جدران الألم وانثريني على خلايا الروح"، يتوسّل حواء أن تحرره في مفارقة ربطه بحبل، لتقول له أنها الحرية التي يبحث عنها... فليأخذها!
الراوي كقناع للمؤلف يقول: احمل جراحك، امضِ إلى الحلم، امتطي صهوة الوقت ورعشة القلوب الراجفة، خذ الموسيقا من أذني والشعر من صدري إنه رهان الشعر والموسيقا في نص مسرحي بادخ، وبتقنية روح تضيئه من الداخل.
وبالعودة إلى السونيتية الشكسبيرية الثانية عشر ـ مثلاً ـ يرى النقّاد أنها تمثّل خلاصة عصر النهضة الأوروبية، وبخاصة تلك التي يزعم فيها أصحابها، أن شعرهم في ممدوحيهم سوف يخلدهم إلى الأبد، وهذا ما تجلى واضحاً في نصّ " نسمة عطر " الذي امتصّ تلك القيم الثقافية، في نقطة تلاقٍ خلاّق بين ذائقته وثقافته وروح شكسبير العابرة للنصوص والأزمنة والأمكنة، لطالما مثّلت " السونيتات " بؤرة صراع بين الأنا والآخر، ومواجهة لاشكاليات القدر والزمن.
ليعاضد الكاتب منظومات ابداعية تتراسل في فضاء النص، الشعر والموسيقا وفعالية الميزانين ـ التشكيل الحركي ـ، والمقترحات السينوغرافية، التي تقرب منظورة للرؤيا الإخراجية التي يمكن لها أن تضع (المتفرج) المحتمل في النصّ تماماً، أو بوصفه جزء من مكونات العرض المسرحي وممكناته المنتظرة.
فجوهر تجريب الكاتب سمير عدنان المطرود يقوم على ثلاثية: الكلمة والممثل والمتفرج في حوارية تمتد إلى الثقافة ونسيجها الإنساني كفعل حوار، يتجاوز ويضيف في سياق تناغم دلالي مع مقولات السونيتات، وهنا ندرك لماذا اختار الكاتب من سوناتات شكسبير ما اختاره بالذات، استثماراً لتقابلها الدلالي وبعدها الحواري، " فالحب، حب طمأنينة، حب يأس، وكذلك العذوبة تمتزج باللوعة والعذاب امتزاج يأخذنا إلى أفعال التضاد في الماهية الدرامية للمسرح: الجمال والشهوة، المحبة المطلقة بالموت، والخوف من الزمن ينقذه الإيمان بفن الشعر ليأخذ نص " نسمة عطر " انفتاحاً دلالياً رحيباً على الحياة والوجود ومفارقاتهما الناجزة.
ولعل الشكل الأدبي في " حارس المطخ " من حيث فضاء الأصوات الحوارية وتلوين السرد، سيؤول بنا إلى تعددية، تعود بالنص لجدليته مع الأدب في وظيفته وبنيته، وكما يقال فإن المسرح " في بنيته الأساسية، هو النص الأدبي، وفي رؤيته للوجود، يقال عنها خطأ أنها رؤية مؤلف معين " بل إنها رؤية وجدان جمعي يقارب ما يؤرق من مآزق واشكاليات.
فشخصية "صالح" في نص حارس المطخ، هي المحور والحامل، صالح الهارب من واقعه نتيجة عدم قدرته التخلص من آثار ماضيه بسبب " ما فعله السرسوقي بوالدته، يهرب إلى أمريكا وليعود كأكبر طبيب جراح للقلب، حيث ينفتح مشهد عودته إلى القرية، على العديد من الأبعاد الأخلاقية والفكرية التي تجسد مقولة النص .
في "المطخ" كقاع اجتماعي وصورة حراك لمصائر حيوات، تتبادل الذكريات والتاريخ والذاكرة، العديد من الأدوار، يعود صالح ولا يجد أحداً في استقباله ربما أعادته رسالة فاعل خير مجهول! لكنها عودة إلى ثيمة الخطيئة: "إن بذرة الخطيئة لا تثمر إلا نباتاً ساماً"
عودة إلى "المطخ" في حيّز الذكريات، يقول صالح: "كنت طفلاً صغيراً يريد أن يلعب، أن يرى ما وراء هذا المطخ".
كان يتمنى أن يأخذه عمه إلى المدينة، ولكن السبب ليس هو أنه حارس المطخ، بل أعظم من ذلك بكثير!
المطخ هو فضاء مسرحي ينفتح على ما هو أبعد وأقرب في آن معاً، "أمريكا بها مطخ أكبر" ليشي بالعلاقات المتداخلة لا سيما بين الممثل والمتلقي، على مستوى الأصوات النسائية والطبيعية " أم ريحان، قمر القرية، أبو كاسر، صوت الجدة، صوت الرجل......
في مقابل أصوات: المطر والرعد والبرق والزمهرير، والخيل والدجاج، والناي وأصوات الأجراس المعلقة برقاب الغنم.. وهكذا...
في هذا السياق يرى المسرحي البولندي جروتوفسكي، وهو من أهم المجربين المسرحيين الأوروبيين الممثلين للتيار التجريبي في المسرح المعاصر، أن النص "بمثابة نوتة موسيقية، رابطة صوتية باعتباره مفردات للغة، دخلت في تكوينها الموسيقى، تمتزج بأوركسترا الممثلين كافة، تحتوي أصواتهم المتكونة من" نوتات "صوتية تنبعث منها همسات وعويل وخرير مياه..."
لكن النص المسرحي يذهب في طبقات الأصوات وحركيتها، ليس كبانوراما للحياة الريفية وصورها الزاهية، بل بما يختبره من قدرة اللغة داخل اللغة، أنسنة وإيقاعاً ومبادلات حسّية ـ بصرية، من شأنها أن تحدث التأثير المنشود، بوعي المساحات الشعورية لدى المتلقي، وبإدراك منسوب التوزيع الصوتي، لإحداث تنبهاً جمالياً يغتني بالعمق والتعدد، والكثافة الجمالية.
وهكذا تفصح الأصوات عن هوية صالح "رجل غريب جاء وسكن الخرابة على كتف المطخ"، فضلاً عن نصوص الغناء المصاحبة للنص المسرحي، كما الموروث الشعبي لا سيما الشفوي.
حيث تتبدى استراتيجية الفضاء البصري "السمعي والبصري" التي لا تكرس بنية مفاهمية ولغوية بل تماهي أشكال القول وتستثمرها في حيز شعريتها وجماليات تشكيلها الثقافي، والدرامي "لا تلوم المبتلي و وبتبتلي ما أصعب فراق الموالف يا هلي" تتبدى إذن كمنظور وكعتبات نصية.
وكمثال آخر في صورة المثل "الذي لا يحك كحلاً في عيونه": من لا يرتضيني كحلاً في عينيه... لن أقبله نعلاً في حذائي.
يستقرئ الكاتب العلاقة بالوعي وتجلياته، عبر مديات إضافية ليصنع مسرحاً داخل المسرح. آلام القرية... أو الموت عشقاً..
يتكئ نص " آلام قمر القرية " على فكرة، ليست جديدة، لكنها حيوية بسبب فاعليتها الدائمة وتأثيرها المتواصل في الأزمنة كلها، بمعنى خصوبة تأويلها وحركية دلالتها.
فالخطيئة "كثيمة" جلتها على نحو كثيف كلاسيكيات المسرح العالمي، بكيفيات مختلفة، في نص "آلام قمر القرية" ذهاب لبعدها الدرامي والمعرفي، فيما وراء مفهوم النهايات كحقيقة تراجيدية، بوساطة شخصيات من مثل "قمر القرية وشريف بيك، وصبحي" تتقاسم نهاياتها بالتساوي.
إذ تبدو الحياة مستحيلة لامرأة عاشقة متزوجة، هي قمر القرية التي تعشق سائقها صبحي، يخطّطان لقتل الزوج، لكن ما يحدث في تلك الذروة التراجيدية "أن الخطيئة تقتل ذاتها" في ذلك المنحنى السيكولوجي، الذي يرسم صيرورة الأنثى الحالمة برجل حقيقي لا يعوّضها بالثروة فقط تتكشف المصائر التراجيدية في مشهد أول وكأنه المشهد الأخير، ليحاكي مسارات الرغبة والخوف والوحدة والسعادة المفقودة، والعشق الممنوع، فقمر القرية " تفتش عن مناسبة طبيعية تقدم فيها فروض عشقها، لكن الحياة خذلتها، ولم تجد نفسها إلا وقد أرغمت على الإنحناء لقهر الحب "ثمة ما يشي باستباحة الجسد وقسوة الحياة وذكرياتها، لا سيما لدى الزوج شريف بيك المسكون بمفارقة هي " كل الذين نحبهم في حياتنا، هم أنفسهم الذين يكيدون لسعادنا" شريف الذي قتل أخته و زوجها لمجرد أنهما حبيبان، كيف يتحرر من فعلته؟!
لكنه يتساءل: "ماذا يفيد الإنسان لو كسب العالم وخسر رجولته، وماذا يعني أن ينام الرجل على سرير ملوكي وبجانبه القمر، وصبحي الذي يبحث عن نفسه التي أضاعتها القرية وقمرها، وكل شيء ـ في القرية ـ مباح إلا الحديث في السياسة والعشق وشرب الخمر، وهم لم يتذوقوا معنى الحياة كما يجب أن تكون".
وما بين المشهد الافتتاحي ومشهد النهاية تتواتر حكاية قمر القرية ومحاولتها أن تنتصر لعشقها لكن حلمها يسقط اثر رؤيتها زوجها وعشيقها مقتولان، لتطلق النار على نفسها، تذهب "اللعبة" لنهايتها بلازمة عميقة تتكرر كنشيد للقدر، هذه الحياة، ولتبدأ الدراما من هنا تماثلاً أو مفارقة للثيمات المسرحية الكبرى، لا سيما الشكسبيرية، أي مفهوم المسرح المليء بالضحايا والخيانات والجرائم، ثمة رؤية تقرّب فهمنا للأنساق التراجيدية المؤسّسة في المسرح العالمي ومنها "الكترا، أفجينيا، كليتنمسترا"، وعند المسرحي سمير عدنان المطرود هي قمر القرية بنموذجيها في نصّي آلام القرية وحارس المطخ...
يوظف الكاتب في أعماله المسرحية طاقة المسرح بتجاوزه للمعروف والمألوف، ويعوّل على تعاضد الفنون ومنها الشعر، كما ذهابه لأقصى حدود المغامرة، لا سيما في انتاج خطاب بصري، كنسيج لا نهائي من المعاني المتصلة بالواقع ذاته ليصبح نصّاً درامياً طليقاً ولعل معنى المغامرة، هو في معنى التجريب الخلاّق الذي يتغذى بانفتاح الرؤيا، وثراء لغة تكتمل بالصوت والصورة، كتشكيل يتوسل قيماً جمالية وفكرية، وبحساسية وكبرياء لغة حوارية بدلالاتها "السيميائية والألسنية" وبتعالقها بسيرورة الكتابة التي تستنهض أفعالاً مسرحية ينبغي عدم قسر دلالتها على قصدية النصوص فقط، ما يعني أنه، في راهن التجربة ومستقبلها، يأخذ التجريب علاماته المتحققة، على مستوى حداثتة وجوهره يكمن في السعي لإستعادة القيم الشعرية العالية، وإرساء كلمة الروح كلحظة اشراق وتنوير.
وبالرغم من محدودية الشخصيات، إلا أن تطييفها في فضاءات النصوص بحوامل الأصوات، قد يمنحها كثافة درامية، بما تعززه من مفاهيم الصراع، وربما يتعلق الأمر بتأويل القارئ ـ المتفرج، وبممكنات انتقال النصوص إلى الخشبة، لتفعيل ما تقترحه على المستويات البصرية، ولا سيما ونحن ما زلنا ننشغل بذلك السؤال: لماذا المسرح؟!
إن تحول النص إلى فعل يحاكي شغفنا بالرهان على "المتفرج" شريك العرض والمتعة وما يمكن له أن يصوغ أسئلته، انطلاقاً من جدلية الأثير والتأثر... نصوص سمير عدنان المطرود ـ بهذا المعنى ـ هي آفق أسئلة منتظرة ومشروعة كما المسرح ذاته...
ثمة سؤال وجّه إلى انغلينا سيتبانوفا، وهي واحدة من أكبر الممثلات السوفياتيات ماذا يعني المسرح الحديث فقالت: "إنني تلميذة ستاينسلافسكي، وأجيب عن هذا السؤال بصيغة معلمي المشهورة والتي أعتبرها قطعية وهي: أن المسرح الحديث في كل العصور، هو التجسيد على خشبة المسرح لـ" حياة النفس الإنسانية " والمسرح نفسه موجود لأجل هذا الهدف، لعرض الإنسان المعاصر وحياته بكل تنوع أشكال مظاهرها، والقدرة على اقتناص الملامح الرئيسية لبطلك المعاصر، والتعبير عنها في سمات أبطال المسرحيات، وهي مغزى ما نسميه الفن المسرحي الحديث...
**************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق