مقالي كتابة الروح بصيغة الشعر قراءه في ديوان بين أصابعي للشاعرة نجاة عبد الله منشور في جريدة الصباح اليوم السبت 28/11/2015 العدد 3546
كتابة الروح بصيغة الشعر قراءه في ديوان بين أصابعي للشاعرة نجاة عبد الله
ناظم ناصر القريشي
21\10\2015
الشاعر دائما يتجه نحو المطلق يحاول أن يستلهم روح الشعر التي هي روح الكون وموسيقى الطبيعة لذا هو يدرك الإرادة الواعية للحظة الشعرية و بتأثير زخمها الأولي ذاته والتي تمضي به عبر مغامرة في اللغة لاكتشاف هذا النسغ الصاعد في القصيدة وإيقاعاتها الروحية
ففي ديوانها "هناك بين أصابعي" تجعل الشاعرة نجاة عبد الله من الكلمات تمتزج بالطبيعة مقتربة كل الاقتراب من تلك الصور والرؤى التي تجعل الذات الشاعرة تسبح في فضاء من التجليات تتمخض من خلالها القصيدة في سؤال ابدي بين الأنا والكون و الأنا و العالم ،لذا نجد أن البناء الشعري للديون ينحو إلى البحث عن الاجابة عن هذا السؤال عبر لغة تتجه نحو البساطة والبلاغة في آن واحد للتعبير عن الذات الانسانية وتوجهه نحو السمو للوصول للكمال للاتحاد مع الذات المطلق الذات الإلهية، وأما البناء الروحي للديوان فيتجه إلى البوح الصوفي مليء برهافة الأحساس
نجد ان الشاعرة تعاني من الوحدة والالم لكنها لاتستسلم لهما
لذا تبحث عن صباحات تجعل الليلي تتلعثم تلك
الليالي التي رَتقتُ أحزانَها
فتتجه بروحها الى المنجاة
أنا الخطاءةُ بلا ذنب ٍ
أنا الممسوسة ُبالحنين ،
أنا إياكَ أفترشُ الدعاء َ
إياكَ أعبدُ
وإياكَ أستعين .
هذا الابتهال الشعري المشحون بالرجاء والتضرع للباري عز وجل
ففي ديوانها تتماهى الشاعرة مع القصيدة على اعتبارها ابتهال وتبتل صادرة من المخلوق الى الخالق ، فنجد هذه الروحانية تتصاعد مع الكلمات كعطر يتصاعد من المبخرة , كما أنها تود لو أن الكلمات تستطيع تحريرها داخليا من هموم الحياة و الرعب الذي يسببه الألم فهي روح غريبة بلا جسد , سليلة روحها في العراء وهذا ما يصبو إليه الصوفي في إبحاره نحو المطلق للكمال و السمو للتوحد مع الذات الالهية التي نفخة هذه الروح في جسده ذات مرة
أنا الغريبة ُبلا جسد ٍ
سليلةُ روحي في العراء ،
أنا المبتلاةُ بالفزع
المدللةُ بالكوابيس ،
أنا المشتهاةُ في المرآة
والنائحةُ خلفها ،
أنا الطاهرةُ السوداء
كفَّنتُ سربَ الحمامات ِ
وحلَّقتُ إلى قيامةِ وجهكَ
حالمة ً في اللقاء .
لتصل الشاعرة الى هذا الحد من التجلي
سعيدة برؤياكَ ثانية ً
أيُّها الربُّ
قلتُ:
سعيدة ً بكلماتِكَ الدافئة ِ
نجد في قصائد هذا الديوان التطابق والتوافق الواضح بين الشاعرة و القصيدة فهي تعلم كيف تبدأ الكتابة وأين تنهي القصيدة وهذا ناتج عن التجربة الطويلة للشاعرة والموهبة معززة بامتلاكها للغتها الخاصة بها
فهي تبتكر مفرداتها على اعتبارها شواطئها التي سوف ترسو عليها لتتلمس ملامح روحها المسافرة في عالم الغربة و الألم
وقد نجد في هذا الديوان مجموعة من المستويات الشعرية والتعددية في الاصوات التي تعكس خصوصية التجربة الصوفية للشاعرة التي يحملها ديونها حيث نجد التشظي بين تجليات الذات العارفة ، وبين الذات المتألمة الحائرة الوحيدة الضائعة القلقة حد التوتر و البحث الدائم لهذه الذات الشاعرة وسعيها للذهاب نحو المطلق.
إن الحيرة عند الشاعرة هي اختيار ذاتي يتجلى القلق العميق في البحث عن مفردات لغوية بمعاني واسعة وافق شاسع يلامس الروح والفكرة التي تود التعبير عنها.ولذلك تزداد الأسئلة وتستفحل الغربة لدى الشاعرة غربة الحياة والشعر والمكان . إن كتابة القصيدة تعكس حنينا للأصل والمطلق والعودة الى وجوهنا الأولى نستمع الى نبضات القلب و نصغي الى موسيقى الاشتياق للطبيعة والجمال و الفضاءات الواسعة من الخيال .لنستمع الى هذه الترنيمات الالهية التي تتحد مع روح الكون
أتوسلُ نوركَ
أن يبطىءَ حريقي
لأرخيَ توابيتَ الطفولة َ
وأفلَّ ضفائري
وأضيءَ وجداني
خشيةَ الرحيل .
...
توجعني صلاتي
والدمعُ الهاطلُ من الركعتين
...
الهي
مرآتكَ تضيءُ روحي
جلَّ جلالُك .
...
جسدي يلوِّحُ إليك
بالشقاء ِ
وأناملي
تبغضُ جروحي الغليظة .
ولذ نجد الديوان يحتوي على رمزية قائمة على مجموعة من الرموز الروحية نسجتها الشاعرة ضمن كيان القصيدة مستفيدة في ذلك من الدلالة الصورية العميقة، الناشئة من اقتران الصور ببعض الآيات القرآنية و في الوقت ذاته منحت القصيدة أبعادا دلالية كثيرة قابلة للتأويل والتأمل
أعجبنيتعليقمشاركة
التعليقات
اكتب تعليقاً...
كتابة الروح بصيغة الشعر قراءه في ديوان بين أصابعي للشاعرة نجاة عبد الله
ناظم ناصر القريشي
21\10\2015
الشاعر دائما يتجه نحو المطلق يحاول أن يستلهم روح الشعر التي هي روح الكون وموسيقى الطبيعة لذا هو يدرك الإرادة الواعية للحظة الشعرية و بتأثير زخمها الأولي ذاته والتي تمضي به عبر مغامرة في اللغة لاكتشاف هذا النسغ الصاعد في القصيدة وإيقاعاتها الروحية
ففي ديوانها "هناك بين أصابعي" تجعل الشاعرة نجاة عبد الله من الكلمات تمتزج بالطبيعة مقتربة كل الاقتراب من تلك الصور والرؤى التي تجعل الذات الشاعرة تسبح في فضاء من التجليات تتمخض من خلالها القصيدة في سؤال ابدي بين الأنا والكون و الأنا و العالم ،لذا نجد أن البناء الشعري للديون ينحو إلى البحث عن الاجابة عن هذا السؤال عبر لغة تتجه نحو البساطة والبلاغة في آن واحد للتعبير عن الذات الانسانية وتوجهه نحو السمو للوصول للكمال للاتحاد مع الذات المطلق الذات الإلهية، وأما البناء الروحي للديوان فيتجه إلى البوح الصوفي مليء برهافة الأحساس
نجد ان الشاعرة تعاني من الوحدة والالم لكنها لاتستسلم لهما
لذا تبحث عن صباحات تجعل الليلي تتلعثم تلك
الليالي التي رَتقتُ أحزانَها
فتتجه بروحها الى المنجاة
أنا الخطاءةُ بلا ذنب ٍ
أنا الممسوسة ُبالحنين ،
أنا إياكَ أفترشُ الدعاء َ
إياكَ أعبدُ
وإياكَ أستعين .
هذا الابتهال الشعري المشحون بالرجاء والتضرع للباري عز وجل
ففي ديوانها تتماهى الشاعرة مع القصيدة على اعتبارها ابتهال وتبتل صادرة من المخلوق الى الخالق ، فنجد هذه الروحانية تتصاعد مع الكلمات كعطر يتصاعد من المبخرة , كما أنها تود لو أن الكلمات تستطيع تحريرها داخليا من هموم الحياة و الرعب الذي يسببه الألم فهي روح غريبة بلا جسد , سليلة روحها في العراء وهذا ما يصبو إليه الصوفي في إبحاره نحو المطلق للكمال و السمو للتوحد مع الذات الالهية التي نفخة هذه الروح في جسده ذات مرة
أنا الغريبة ُبلا جسد ٍ
سليلةُ روحي في العراء ،
أنا المبتلاةُ بالفزع
المدللةُ بالكوابيس ،
أنا المشتهاةُ في المرآة
والنائحةُ خلفها ،
أنا الطاهرةُ السوداء
كفَّنتُ سربَ الحمامات ِ
وحلَّقتُ إلى قيامةِ وجهكَ
حالمة ً في اللقاء .
لتصل الشاعرة الى هذا الحد من التجلي
سعيدة برؤياكَ ثانية ً
أيُّها الربُّ
قلتُ:
سعيدة ً بكلماتِكَ الدافئة ِ
نجد في قصائد هذا الديوان التطابق والتوافق الواضح بين الشاعرة و القصيدة فهي تعلم كيف تبدأ الكتابة وأين تنهي القصيدة وهذا ناتج عن التجربة الطويلة للشاعرة والموهبة معززة بامتلاكها للغتها الخاصة بها
فهي تبتكر مفرداتها على اعتبارها شواطئها التي سوف ترسو عليها لتتلمس ملامح روحها المسافرة في عالم الغربة و الألم
وقد نجد في هذا الديوان مجموعة من المستويات الشعرية والتعددية في الاصوات التي تعكس خصوصية التجربة الصوفية للشاعرة التي يحملها ديونها حيث نجد التشظي بين تجليات الذات العارفة ، وبين الذات المتألمة الحائرة الوحيدة الضائعة القلقة حد التوتر و البحث الدائم لهذه الذات الشاعرة وسعيها للذهاب نحو المطلق.
إن الحيرة عند الشاعرة هي اختيار ذاتي يتجلى القلق العميق في البحث عن مفردات لغوية بمعاني واسعة وافق شاسع يلامس الروح والفكرة التي تود التعبير عنها.ولذلك تزداد الأسئلة وتستفحل الغربة لدى الشاعرة غربة الحياة والشعر والمكان . إن كتابة القصيدة تعكس حنينا للأصل والمطلق والعودة الى وجوهنا الأولى نستمع الى نبضات القلب و نصغي الى موسيقى الاشتياق للطبيعة والجمال و الفضاءات الواسعة من الخيال .لنستمع الى هذه الترنيمات الالهية التي تتحد مع روح الكون
أتوسلُ نوركَ
أن يبطىءَ حريقي
لأرخيَ توابيتَ الطفولة َ
وأفلَّ ضفائري
وأضيءَ وجداني
خشيةَ الرحيل .
...
توجعني صلاتي
والدمعُ الهاطلُ من الركعتين
...
الهي
مرآتكَ تضيءُ روحي
جلَّ جلالُك .
...
جسدي يلوِّحُ إليك
بالشقاء ِ
وأناملي
تبغضُ جروحي الغليظة .
ولذ نجد الديوان يحتوي على رمزية قائمة على مجموعة من الرموز الروحية نسجتها الشاعرة ضمن كيان القصيدة مستفيدة في ذلك من الدلالة الصورية العميقة، الناشئة من اقتران الصور ببعض الآيات القرآنية و في الوقت ذاته منحت القصيدة أبعادا دلالية كثيرة قابلة للتأويل والتأمل
أعجبنيتعليقمشاركة
التعليقات
اكتب تعليقاً...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق