دغد غة.. روح
قصة قصيرة
شذى فرج
على مقربة من قفصه الصدري الذي هو بمثابة خط الاستواء..والتي تعتبر بالنسبة إليه منطقة "خط القلب"..بدأت تزداد ضرباته المهاجرة الوئيدة..لتنبئه بأن الخطر سيداهمه في أية لحظة..هناك وبين جدران غرفتهالمستطيلة..جلس على مقربة من زوجته التي اعتادت في كل عام وبمثل هذا الوقت الاحتفال بذكرى زواجهماالثلاثين..رحلة عمر أنتجت لهما صبي وبنت..الصبي الذي أصبح يافع وغادرهما على عجل ليكمل دراسته في خارجالبلد..أما أخته فهي تنعم الآن بين أحضان أول عريس طرق أبوابها..والتي لطالما تأملت من هذا الزواج ان تغير تراتيب حياة مملة..رتيبة..عاشتها من كنف طفولتها ..نعم مملة بشكل لا يطاق ولطالما كرهتها..لذلك تراها نهجت لزيارة أهلها قي كل جمعة لتقضي ساعات طوال مع أبيها وأمها،وبرفقتها ابنتها الجميلة "حياة"..أسمتها ذلك لكونها كانت تحب الحياة كثيرا.. ومن منا لا يحبها..؟ وكم منا كان يعرف كيف يعيشها..؟ وهل حقا يا ترانا نحن الآن نعيشها..؟
انها تسأولات كثيرة..ربما نفقه بالإجابة عليها.. رغم مخاوفنا منها.. ولكن المهم في الأمر أننا نقضي تلك الأيامبرفقتها ..
جلس "وليد " بالقرب من التلفاز ليدخن سيكارته التي اعتاد ان يدخنها من زمن بعيد ..فهو لم غير أي شيء ..كتلك المرأة التي رافقته "عشه الذهبي..أم الفضي..أم القش.. أم الورقي"..حتى نظاراته التي بقت على حالها منذ خمس سنوات مضت..كل مجريات هذه الرؤى من الأحداثتخطر الآن بباله بينما كان يطالع كتاب رزح بين يديه منذ فترة لـ"جيفار"بيديه وهو يتمتم مع نفسه:(كم اعشق سيرةجيفارا..؟)
بصوت خافت..منادى على زوجته الهزيلة..والتي يشوب وجهها نوع من الاصفرار اللون الذي أعطاها هوية لملامحها..وسألها مغلقا كتابه:
-"أين القهوة يا امرأة..؟"..فنهضت على عجل.. مسرعة لتحط أمامه وخلال دقائق معدودات قدح قهوته المفضل.
هي ذي تراتيب الحياة التي اعتاد "وليد" ان يعيشها معذاته..ومع ذلك فقد أرغم على الاستمتاع بها..حياة تعودها منذ سنين..من ان زوجته لا تكاد أن تتحين الفرصة.. لتركضجالسة إمام جهاز الكمبيوتر..مقلبة هناك صفحتها على التواصل الاجتماعي..مراسلة أصدقائها..هروبا من واقعها اليومي الرتيب ..منتظرة فرصة لتخلو بالسر مع حبيب لها..لتبادله أجمل الكلمات ..حالمة بأمنياتها الكثيرة التي لم تحققه بعضها على مدى ثلاثون عاما مرت على عجل بنكد..وها هي تراها الآن..تضحك..وتضحك.. وهي مندمجة دون أن تنتبه بمن يحيطها..وهنا استوقفها "وليد" ليسألهابشيء من الغضب:
-ما لذي جرى لك يا امرأة..هل جننت..؟
فردته على عجل منها
-كلا..أبدا أنها مجرد نكته من احد الصديقات
فرد عليها مشمئزا:
-أذن فلماذا لا تضحكينا معك.. ؟
ارتبكت لحظتها.. ولم تعرف بماذا سترده.. فهي لم تكن بحنكته ودرايته لمجاراته بموقف كهذا..فقد كانت النكتةالتي طرقت إسماعها مجرد حكاية على بخيل دخل مطعما..لهذا تراها قد تلكأت بالرد عليه..ولم تكملها..بل غادرت الدردشة..مغلقة جهاز الكمبيوتر.. لتنادي على "وليد" بهمة..وهي في طريقها الى المطبخ:
- أنا.. جعت..سأجهز العشاء
هل نحتاج ان نهرب وفي كل مرة من دور نعيشه الى دور أخر ربما يكسبنا متعة الحب الكترونيا..!..فربما كان مجرد وهم أو أكذوبة نتخيل بأنها تسعدنا..وتغرينا لقضاء أوقاتمعينة ونعود ثانية لواقع ممل ورتيب ولا حياة فيه لمعنى الزوجية..فكلهما..في عالم آخر..لا يتبادلون فيها أي كلمات للعشق.
هل نحن بحاجة الى أن نعيش تلك الازدواجية التي ملأت شخصياتنا دون أن نتوصل الى حلول لكي لا نصبح مرضى نفسيين على الأقل بتلك الازدواجية ..؟
هل "لوليد " دورا مهما في عدم دغدغة مشاعر زوجة في عيد ميلاد زواجهما الثلاثين..بعد ان مرت سنين من الجمود..حتى اعتاد من ان تلك الأعياد لم تعد تعنيه شيئا..فهو في عالمه مع "جيفارا".. وهي على الفيس تحاكي حبيبا ربما لم تراه ألا في صورة على صفحته..أو تسمع صوته خلسة..ربما كان وهم..لا تفعل ولكنها تتلذذ بالتواصل معه لأنه يشعرها بوجودها ويحاكيها عن كل مايختلج..لذتك فهي تحتاجه بعد ان اعتبرته ملاذها..الأمنوالمفرح كلما بدأت بينهما المحاكاة عن هموم لها أو شعور قارب على أن يموت فتريد إنعاشه
هنا.. وهناك.. فقط كان "وليد..يلتقي بزوجته في ذلك البيت الصغير مبتعدان كل البعد عن مشاعر لهما أصبحت باردة وباهتة بألوانها..كم من بيوتاتنا تشبه بيت "وليد "..؟
وكم من أمراة بحثت عن ملاذ مثل زوجته..؟
وكم..وكم..وكم ..؟
تعود ضربات القلب المهاجرة "لوليد" ثانية..فيكون مركز ألإنعاش هو المكان ألأخر غير تلك الغرفة المستطيلة .. حيث لاح له إيماءات من وجهي الطبيب والممرضة المرافقين له.. ولم يعد يتذكر في هذه اللحظة بالذات سوى كتبه حبيبته التي لطالما كان يستمتع بقراءتهما مع قهوته والسيكارة..فكانت أخر ضربة لقلبه وهو يطلب أن يرى زوجته فتحضر في الحال ليقول لها ( أحبك ) رغم أنها لم تعرف كيف تحبه..!
حثت بين كفيه وراحت تبكي بمرارة لرفيق دربها لثلاثين مضت..نظر باستغراب لها.. مغمض عينيه الى ألآبد ..
قصة قصيرة
شذى فرج
على مقربة من قفصه الصدري الذي هو بمثابة خط الاستواء..والتي تعتبر بالنسبة إليه منطقة "خط القلب"..بدأت تزداد ضرباته المهاجرة الوئيدة..لتنبئه بأن الخطر سيداهمه في أية لحظة..هناك وبين جدران غرفتهالمستطيلة..جلس على مقربة من زوجته التي اعتادت في كل عام وبمثل هذا الوقت الاحتفال بذكرى زواجهماالثلاثين..رحلة عمر أنتجت لهما صبي وبنت..الصبي الذي أصبح يافع وغادرهما على عجل ليكمل دراسته في خارجالبلد..أما أخته فهي تنعم الآن بين أحضان أول عريس طرق أبوابها..والتي لطالما تأملت من هذا الزواج ان تغير تراتيب حياة مملة..رتيبة..عاشتها من كنف طفولتها ..نعم مملة بشكل لا يطاق ولطالما كرهتها..لذلك تراها نهجت لزيارة أهلها قي كل جمعة لتقضي ساعات طوال مع أبيها وأمها،وبرفقتها ابنتها الجميلة "حياة"..أسمتها ذلك لكونها كانت تحب الحياة كثيرا.. ومن منا لا يحبها..؟ وكم منا كان يعرف كيف يعيشها..؟ وهل حقا يا ترانا نحن الآن نعيشها..؟
انها تسأولات كثيرة..ربما نفقه بالإجابة عليها.. رغم مخاوفنا منها.. ولكن المهم في الأمر أننا نقضي تلك الأيامبرفقتها ..
جلس "وليد " بالقرب من التلفاز ليدخن سيكارته التي اعتاد ان يدخنها من زمن بعيد ..فهو لم غير أي شيء ..كتلك المرأة التي رافقته "عشه الذهبي..أم الفضي..أم القش.. أم الورقي"..حتى نظاراته التي بقت على حالها منذ خمس سنوات مضت..كل مجريات هذه الرؤى من الأحداثتخطر الآن بباله بينما كان يطالع كتاب رزح بين يديه منذ فترة لـ"جيفار"بيديه وهو يتمتم مع نفسه:(كم اعشق سيرةجيفارا..؟)
بصوت خافت..منادى على زوجته الهزيلة..والتي يشوب وجهها نوع من الاصفرار اللون الذي أعطاها هوية لملامحها..وسألها مغلقا كتابه:
-"أين القهوة يا امرأة..؟"..فنهضت على عجل.. مسرعة لتحط أمامه وخلال دقائق معدودات قدح قهوته المفضل.
هي ذي تراتيب الحياة التي اعتاد "وليد" ان يعيشها معذاته..ومع ذلك فقد أرغم على الاستمتاع بها..حياة تعودها منذ سنين..من ان زوجته لا تكاد أن تتحين الفرصة.. لتركضجالسة إمام جهاز الكمبيوتر..مقلبة هناك صفحتها على التواصل الاجتماعي..مراسلة أصدقائها..هروبا من واقعها اليومي الرتيب ..منتظرة فرصة لتخلو بالسر مع حبيب لها..لتبادله أجمل الكلمات ..حالمة بأمنياتها الكثيرة التي لم تحققه بعضها على مدى ثلاثون عاما مرت على عجل بنكد..وها هي تراها الآن..تضحك..وتضحك.. وهي مندمجة دون أن تنتبه بمن يحيطها..وهنا استوقفها "وليد" ليسألهابشيء من الغضب:
-ما لذي جرى لك يا امرأة..هل جننت..؟
فردته على عجل منها
-كلا..أبدا أنها مجرد نكته من احد الصديقات
فرد عليها مشمئزا:
-أذن فلماذا لا تضحكينا معك.. ؟
ارتبكت لحظتها.. ولم تعرف بماذا سترده.. فهي لم تكن بحنكته ودرايته لمجاراته بموقف كهذا..فقد كانت النكتةالتي طرقت إسماعها مجرد حكاية على بخيل دخل مطعما..لهذا تراها قد تلكأت بالرد عليه..ولم تكملها..بل غادرت الدردشة..مغلقة جهاز الكمبيوتر.. لتنادي على "وليد" بهمة..وهي في طريقها الى المطبخ:
- أنا.. جعت..سأجهز العشاء
هل نحتاج ان نهرب وفي كل مرة من دور نعيشه الى دور أخر ربما يكسبنا متعة الحب الكترونيا..!..فربما كان مجرد وهم أو أكذوبة نتخيل بأنها تسعدنا..وتغرينا لقضاء أوقاتمعينة ونعود ثانية لواقع ممل ورتيب ولا حياة فيه لمعنى الزوجية..فكلهما..في عالم آخر..لا يتبادلون فيها أي كلمات للعشق.
هل نحن بحاجة الى أن نعيش تلك الازدواجية التي ملأت شخصياتنا دون أن نتوصل الى حلول لكي لا نصبح مرضى نفسيين على الأقل بتلك الازدواجية ..؟
هل "لوليد " دورا مهما في عدم دغدغة مشاعر زوجة في عيد ميلاد زواجهما الثلاثين..بعد ان مرت سنين من الجمود..حتى اعتاد من ان تلك الأعياد لم تعد تعنيه شيئا..فهو في عالمه مع "جيفارا".. وهي على الفيس تحاكي حبيبا ربما لم تراه ألا في صورة على صفحته..أو تسمع صوته خلسة..ربما كان وهم..لا تفعل ولكنها تتلذذ بالتواصل معه لأنه يشعرها بوجودها ويحاكيها عن كل مايختلج..لذتك فهي تحتاجه بعد ان اعتبرته ملاذها..الأمنوالمفرح كلما بدأت بينهما المحاكاة عن هموم لها أو شعور قارب على أن يموت فتريد إنعاشه
هنا.. وهناك.. فقط كان "وليد..يلتقي بزوجته في ذلك البيت الصغير مبتعدان كل البعد عن مشاعر لهما أصبحت باردة وباهتة بألوانها..كم من بيوتاتنا تشبه بيت "وليد "..؟
وكم من أمراة بحثت عن ملاذ مثل زوجته..؟
وكم..وكم..وكم ..؟
تعود ضربات القلب المهاجرة "لوليد" ثانية..فيكون مركز ألإنعاش هو المكان ألأخر غير تلك الغرفة المستطيلة .. حيث لاح له إيماءات من وجهي الطبيب والممرضة المرافقين له.. ولم يعد يتذكر في هذه اللحظة بالذات سوى كتبه حبيبته التي لطالما كان يستمتع بقراءتهما مع قهوته والسيكارة..فكانت أخر ضربة لقلبه وهو يطلب أن يرى زوجته فتحضر في الحال ليقول لها ( أحبك ) رغم أنها لم تعرف كيف تحبه..!
حثت بين كفيه وراحت تبكي بمرارة لرفيق دربها لثلاثين مضت..نظر باستغراب لها.. مغمض عينيه الى ألآبد ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق