الأربعاء، 4 سبتمبر 2019

( التعالق المعنوي ـ الصوتي / الدلالات النفسية ) قراءة فنية تحليلية موجزة في نص " ايام ثكلى " للشاعرة السورية " ليلى الصيني / الناقد باسم عبد الكريم الفضلي / العراق ’,,,,,,,,,,,

( التعالق المعنوي ـ الصوتي / الدلالات النفسية )
قراءة فنية تحليلية موجزة في نص " ايام ثكلى " للشاعرة السورية " ليلى الصيني "
النص
*****
لن ترحل أبدا عن عيني
تلك الأحلام تمزقني

-
فالحزن سحابا مشتعل
أضنى أشعارا تكتبني
-
تستعبد عاشقة سكنت
مجنون الحرف يساجلني
-
والشعر نبات مبتسم
صيفا ورديا يسألني
-
والحبر سحاب من مطر
زرقاء الشعلة في بدني
-
تتفرع نهرا يستهدف
زرعا محموما في وطني
-
أيام ثكلى غارقة
بدروب أضحت تنكرني
..........................
القراءة :
******
يطالعنا النص ( لن ترحل ) بنفي المستقبل عن الفعل / ترحل ، وهو نفي مؤكد ، وباستحضار دلالة الرحيل في تراثنا الادبي العربي نكون دلالته : الانتقال من دار الفناء / الحياة ، الى دار البقاء / الآخر ، يعزز هذه الدلالة ، الاحالة الداخلية على العتبة العنوانية ( ايام ثكلى ) فالثكل متلازم معنوياً مع ذلك الانتقال الى عالم مابعد الموت .
فتكون مقاربة الفعل المنفي معنوياً : لن تموت ، والفاعل مستتر ( انت ) متروك للقارئ امر تقديره من سيرورة الحدث النصي
بذا اوحت دلالة الثكل و المقاربة المعنوية للرحيل بأن النص سيخوض في موضوعة موت انسان له حضوره الروحي الملازم لوجدان الشاعرة حتى ان ابعده عنها الموت فصورته لن تأفل او تغيب عن عينها ( لن ترحل أبدا عن عيني ) ،
اختارت الشاعرة كقافية ( حرف النون / تكرر 18 مرة في النص ) وهو من الحروف ( الشعورية / اي التي وقع أصواتها يثير مشاعر دفينة متماهية معها نفسياً ) فصوته يبعث على الحزن والتوجع والتألم ، وزادت الشاعرة من استمرارية هذه الاحاسيس بإلحاقها ( ياء المتكلمة ) به كما في :
( تمزقني / تكتبني / يسالني / وطني ... وماشابهها ) وهو لفظاً من حروف المد ، حيث ان صوت النون مَدّ من تدفقه بالالم والتوجع اقترانه بالياء واذا ما اردنا التعبير صورياً عن هذا المد الصوتي للنون في المفردات السابقة ( سأختار كيفياً / تمزقني ) فستكون الصورة كما يلي :
تمزقنــــــــــــــــــــــــي / بالامكان استمرار المد حتى ينفث المتوجع اقصى ما يريد من تأوّهاته
فصوت النون الممدود ، او الداخل في البنية الصوتية لمفردات عديدة اخرى السياق ا ، وكذلك صوت ( الميم / تكرر 12 مرة) ،الذي يثير ذات المشاعر، وهما اكثر مركبات بنية فضاء النص الشعوري ايحاءً عبرت من خلالهما الشاعرة صوتياً عما يجيش في اعماقها من حزن دفين وألم غائر خلّفه رحيل ذلك الانسان في روعها ، هنا تضعنا الشاعرة امام مفارقة توترية طرفاها النقيضان التاليان ومقاربتهما الدلالية :
الاول ـ الاشارة الفعلية ( لن يرحل ) = الحضور وعدم المغادرة .
المقاربة : عدم الموت وهذا لايستوجب الحزن او التوجع
الثاني ـ صوت النون الممدود = التأوه والتوجع .
المقاربة : فقدان انسان عزيز لايعوض
هنا تولد التناقض الظاهري : عدم موت / موت
لكن بالرجوع الى جدلية ( المادي / الحسي ) ، لكل كينونة حية ومقاربتها التكوينية :
الروح / الجسد
تزول تلك المفارقة فالراحل انما رحل بجسده / موت الجسد ، لكنه باقٍ حاضر بروحه
ولما كان غياب الجسد يخلّف غيابات مادية ملموسة : غياب الصورة / الشكل ، الصوت / الكلام ، و الفعل البدني / العناق وماشابه ، فقد ترك فراغاً واسعاً في حياة الشاعرة فعبرت عنه بالتوجع والتألم ، اما الحضور الروحي لذلك الراحل ، فهو ملازم لوجدانها ويتجسد لها في خيالها فترى عينها طيفه
وباستدعاء الاشارة / عاشقة ، في قولها ( تستعبد عاشقة سكنت)
تكون دلالة ذلك الراحل / المقيم ، هي : الحبيب
و الاشارة المركبة الواردة في قولها ( زرعا محموما في وطني )
توحي انه ابن ( زرع ) وطنها
الشاعرة اجادت ايجاد المكافئ الصوت دلالي ( لرحيل / حضور ) الحبيب في وجدانها .
ـ باسم الفضلي العراقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق