د.غالب القرالة
نشأة الشعر الأندلسي
بدأ ظهورُ الشعر الأندلسيّ في ظل ظروفٍ متباينة عن تلك التي في الشرق حيث كانت الظروف ذات العلاقة الأول بظهورِه فكان لطبيعة البلاد وتنوّعها دورٌ هام كما ساهم التكوينُ الثقافيّ للسكان في نشأته أيضاً.
تأثر ظهورُ الشعر الأندلسيّ ونشأته بما سادَ في المجتمع الأندلسيّ من سماحة وتعايش بين سكانه ومن أبرز الأعلام الذين لمع نجمُهم في ميادين الأدب والثقافة: ابن المعزّ الإشبيليّ.
يطلقُ مسمّى الشعر الأندلسي على ذلك الفنّ الشعري المنبثق عن الحضارة الأندلسيّة وينفردُ بمجموعةٍ من الخصائصِ لا سيّما الفنون الشعريّة التي نظمَ فيه الشعراء
كالوصف والرثاء والاستنجاد برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-
بالإضافة إلى الشعر الفلسفيّ.
تأثر الشاعر الأندلسي بالطبيعة بشكل كبير وقاده جمال الطبيعة إلى تشخيص الجمادات الطبيعيّة فعلى سبيل المثال :
ذهب أحد الشعراء إلى تجسيد الطبيعة من خلال تجسيد حركة الصباح ووصف حركته وصفاً حسيّاً جميلاً مثلاً كما في قول الشاعر:
وحديقة باكرت صفو نعيمها
والفجر يبصر من خلال سحاب
أثّرت الظروف السياسية والاجتماعية والبيئية السائدة آنذاك على شعرالوصف بشكل كبير فدفعه إلى الإكثار من تناول موضوعات أكثر من غيره فظروف الطبيعة بجمالها الساحر والأخّاذ دفع الشاعر إلى الإكثار من وصفها ووصف جمال العمران والسفن أيضًا كما أن الظروف الإجتماعية تركت أثراً واضحًا في شعرهم.
دفع التنوّع في الأصول في المجتمع والحرية التي مُنحت للمرأة الشاعر إلى التنويع في وصف مظاهر الحياة الاجتماعية وكتابة شعر الغزل وما يتعلق به من مجالس الأُنس والغناء والطرب والخمر
كذلك كان الأثر لسقوط مدن الأندلس وانقسامها لدويلات أثراً كبيراً في شعرهم فكثُر رثاء المدن وشعر الاستنجاد والشعر التاريخي والسياسي.
يعتبرُ الوضوحُ والبساطة من أكثرِ ما تميّزَ به الشعر الأندلسي والتلميح إلى الأحداث والوقائع التاريخيّة وخاصة المتعلّقة بأمر رثاء الممالك المندثرة .
أمّا فيما يتعلق بتراكيب الأبيات الشعرية الأندلسية فتمتازُ ألفاظها بالوضوح والسهولة ورقّة الأسلوب والاهتمام بالصنعة اللفظيّة ومن المتعارفِ عليه فقد التزمَ الشعرُ الأندلسي كل الالتزام بوحدة الأوزان والقوافي في بداية ظهوره ومع مرور الوقت بدأ الأندلسيّون بابتداع كلّ ما هو جديد من الأوزان خاصّة بعد انتشار الغناء في المجالس ويعتبر كلٌّ من ابن برد وابن سهل الأندلسي من أشهر شعراء الشعر الأندلسيّ.
الإكثار من التشبيهات أكثر الشعراء الأندلسيون من الوصف وأكثروا من الصور والتشبيهات في شعرهم وأكثروا من خلال ذلك التقريب بين الأمور البعيدة عن بعضها البعض كما صوروا الأمور بشكلٍ بطيء فقد وقفوا بوصفهم عند الدقائق وأطالوا الحديث عنها كذلك كثُرت الأحاجي والألغاز في شعرهم .
يُشارُ إلى أنّ الشعرَ الأندلسيّ بقي في بداية الأمر محافظاً على اقتفاء آثار الشرق مع النسج على المنوال نفسِه نظراً لما يتحلّى به من مكانةٍ مرموقة في قلب الأندلسيّين كونَها مهبطاً للوحي وموطناً للحضارة ومهد الفكر العربي ويعتبر ما تقدم تفسيراً لما أقدم عليه كبار الشعراء الأندلسيين من استشراف والاقتداء بزملائهم المشارقة.
موضوعات الوصف تعددت في العصر الأندلسي حيث وصفوا طبيعة الأندلس الطبيعية والصناعية بما تشمله من حقول وأنهار وجبال وقصور وبرك وأحواض ومن أهم الأمور التي وصفوها:
الروضيات والزهريات والمدن الأندلسيّة والثلجيات والمائيات والثمريات أي أنَّ الوصف شمل جميع جوانب الطبيعة.
خصائص الشعر الأندلسيّ :
تميز الشعر الأندلسي بعدد من الخصائص ومنها ما يلي:
استخدام الألفاظ السهلة حيث ابتعد الشعراء الأندلسيون عن الألفاظ الغريبة.
استخدام البديع والإكثار من التشبيه والتشخيص.
التأثر بشعراء الشرق وخاصة في جانب جمال الأسلوب الشعري وجزالة ألفاظه وجمال الفِطرة والحضارة.
سهولة المعاني المستخدمة والبعد عن التكلّف.
التشبيه الحسيّ المستمد من المحيط.
دقة الخيال والابتعاد عن الصور المجردّة.
مّميزات الشعر الأندلسي
سهولة الألفاظ ورقتها وخلوها من الغرابة باستثناء شعر ابن هانئ فقد كان شعرُه خشناً كونَه متأثراً بالمتنبي.
ترابط الأفكار ووضوح المعاني.
خلوّ المعاني من المبالغة.
انفراده بالابتكار واستحداث أفكار جديدة.
إبداع الأندلسيّين بالتصوير والتخيّل فحملت أبياتهم تشبيها واستعارات دقيقة.
كثرة استخدام البحور الخفيفة القصيرة في الشعرِ الأندلسيّ نظراً لتماشيها مع طبيعةِ الحياة السائدة من حبّ الغناء واللهو.
تأثّر الشعرُ الأندلسيّ بشكل كبير بالشعر العباسي والإسلامي بشكل خاص من بين شعراء المشرق وظهر ذلك بتشابه الخصائص بين شعراء الأندلس والمشرق العربي ويعود السبب في ذلك إلى انتشار التقليد في غالبية الأمر وقد بلغ الأمرُ حملَ شعراء الأندلس لألقاب شعراء المشرق.
المراجع: "الشعر الأندلسي مميزاته وخصائصه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق