لماذا تمٌيز مسرح جواد الأسدي ؟
منذ أن ألفته خشبة المسرح وألفها بوصفه مبدعاً مسرحياً شاملاً لم يقدم يوماً عملاً فنياً بهدف
الترف الجمالي أو الفكري فحسب بل ظلت قضايا بلده العراق ومحيطه العربي الذي كثيراً ما
تنقل بين جنباته الهاجس الأساس في تحريك ملكته الإبداعية التي أغنت مختلف المسارح
العراقية والعربية بالعديد من الروائع المسرحية التي تفوح بانتماء الفنان إلى أرضه التي تربى
عليها ولأنه واسع الحنكة والمعرفة اكتسبت أعماله طابعاً صادقاً وعمقاً تعبيرياً فنياً يتماهى مع
الأفكار التي يطرحها ولعله من المجددين الأوائل الذين حاولوا إيجاد قوالب جديدة في تقديم
العرض المسرحي فقد أولى هذا الفنان الكبير أهمية كبيرة للشكل تناظرها نفس الأهمية لجانب
المضمون وأنه من أكثر الفنانين الذين سخروا بعض التقنيات السينمائية والتلفزيونية في صالح
بنية العرض دون أن تؤثر هذه التقنيات على خصوصية الخطاب المسرحي ومما لا شك فيه
أن التجديد الذي أتى به الدكتور الأسدي لم يأت بحلول مفاهيم جديدة محل مفاهيم قديمة بل جاء
إضافة لما هو موجود باعتباره جزء من عملية التطور التي يمر بها عالمنا الحالي على شتى
المستويات كما أن تلك الاضافة نابعة من وعي ثقافي ونظرة تحليلية للأشياء التي بدأت تأخذ
إطاراً جديداً تغير من خلالها مفهوم الصراع الدرامي التقليدي واكتسب أشكالاً جديدة في التعبير عنه ولعل أبرز ما يميز مسرح فناننا جواد هو إيمانه الكامل بقضايا الانسان لذلك تميزت أعماله
وكسرت حواجز المحلية والاقليمية متنقلة بين مختلف أنحاء العالم حيث كان الأسدي ولازا ل
سندباد دائم الترحال ينحت هيكل خطابه حيثما حل مانحاً إياه روح شاعرية القصيدة العذبة من
حيث انسجام جميع اشتغالات منظومة عرضه المسرحي ولاننسى محاولات التأ ليف والإعداد
التي خاضها الفنان المذكور الذي تعامل مع النص المسرحي لا بوصفه نصاً أدبياً فقط وخاضع
لشروط القراءة أكثر من استجابته لمتطلبات التمثيل بل أن مهارته وحسه الدرامي دفع بالنص بأن يقف على قدميه ويتمظهر بحلته الجمالية الدالة القادرة على تحريك الرؤية البصرية الإخراجية إلى أقصى مدياتها التعبيرية لأن الضرورة الفنية فرضت على مؤلفي المسرح مراجعة
الحصيلة المعرفية لهم وعلى الرغم من صحة المقولة الشهيرة للمؤلف المسرحي النرويجي
( أبسن ) ( إن المسرحية الحقة هي المسرحية الجديرة بأن توضع في مكتبة ) فإن المكتبة هنا
لا ينبغي أن تكون المكان الوحيد الذي يفكٌر الكاتب المسرحي في سجن مسرحيته فيه .. لأن مكان المسرحية الحقيقي هو خشبة المسرح تلك الخشبة التي تتيح إمكانية التفاعل بين الأدب والمسرح وفي هذا السياق كثيراً ما دأب الفنان المبدع الدكتور جواد على تطويع وإعداد العديد من النصوص الحوارية البحتة للغة العرض المسرحي سواء بالتعاون مع مؤلفيها كما حدث مع المؤلف سعد الله ونوس أو بالاعتماد على ذائقته الحسية الدرامية فضلاً عما تفرزه يوميات التمرين المسرحي من اكتشافات لدى المخرج والممثلين على حد سواء فالفنان الأسدي لطالما
يستفزك مرة حينما يقدم رؤيته الفنية الإخراجية على الخشبة ، ومرة حينما ينقب في حطام
النصوص الدرامية محاولاً إعادة انتاجها وفق رؤى متقدمة تحمل الكثير من نبؤءات واقعنا
المعاش فهو منذ خروجه من بغداد مهاجراً قبل 30 عاماً لم ينفك يوماً عن ورشته المسرحية
التي شهدت ولادة عشرات الأعمال المسرحية المتميزة وتتميز تجربته أيضاً بأنها خلاصة مخاضات عدة يأتي في مقدمتها الإطار الفني الذي يتحرك ضمن معطياته الممثل والذي غالباً ما يكون الاتجاه الطليعي الحداثوي والمتتبع لأعمال الأسدي يمكنه تلمس سحر الممثل لديه فهو الذي يحرك ويدفع لغة العرض والمعروف أن الاسدي يتعامل مع ذلك الكائن الساحر في منتهى الحساسية ضمن آلية التمرين المسرحي الذي يعتبر حجر الزاوية لتأسيس خطاب العرض من هنا
فإنه يوليه عناية فائقة فيما يتعلق بتوفير الأجواء التي من شأنها استنفار أدوات الممثل وأحسب
أن آلية تشكل الخطاب المسرحي لدى مبدعنا المسرحي جواد الأسدي تحمل الشيء الكثير من ملامح مسرح إنطوان آرتو من حيث القسوة المستثارة التي تتحول فيما بعد إلى جدلية خطاب ذي
مغزى عال يعبر عن طلاسم بصرية وسمعية
سعد السعدون
الترف الجمالي أو الفكري فحسب بل ظلت قضايا بلده العراق ومحيطه العربي الذي كثيراً ما
تنقل بين جنباته الهاجس الأساس في تحريك ملكته الإبداعية التي أغنت مختلف المسارح
العراقية والعربية بالعديد من الروائع المسرحية التي تفوح بانتماء الفنان إلى أرضه التي تربى
عليها ولأنه واسع الحنكة والمعرفة اكتسبت أعماله طابعاً صادقاً وعمقاً تعبيرياً فنياً يتماهى مع
الأفكار التي يطرحها ولعله من المجددين الأوائل الذين حاولوا إيجاد قوالب جديدة في تقديم
العرض المسرحي فقد أولى هذا الفنان الكبير أهمية كبيرة للشكل تناظرها نفس الأهمية لجانب
المضمون وأنه من أكثر الفنانين الذين سخروا بعض التقنيات السينمائية والتلفزيونية في صالح
بنية العرض دون أن تؤثر هذه التقنيات على خصوصية الخطاب المسرحي ومما لا شك فيه
أن التجديد الذي أتى به الدكتور الأسدي لم يأت بحلول مفاهيم جديدة محل مفاهيم قديمة بل جاء
إضافة لما هو موجود باعتباره جزء من عملية التطور التي يمر بها عالمنا الحالي على شتى
المستويات كما أن تلك الاضافة نابعة من وعي ثقافي ونظرة تحليلية للأشياء التي بدأت تأخذ
إطاراً جديداً تغير من خلالها مفهوم الصراع الدرامي التقليدي واكتسب أشكالاً جديدة في التعبير عنه ولعل أبرز ما يميز مسرح فناننا جواد هو إيمانه الكامل بقضايا الانسان لذلك تميزت أعماله
وكسرت حواجز المحلية والاقليمية متنقلة بين مختلف أنحاء العالم حيث كان الأسدي ولازا ل
سندباد دائم الترحال ينحت هيكل خطابه حيثما حل مانحاً إياه روح شاعرية القصيدة العذبة من
حيث انسجام جميع اشتغالات منظومة عرضه المسرحي ولاننسى محاولات التأ ليف والإعداد
التي خاضها الفنان المذكور الذي تعامل مع النص المسرحي لا بوصفه نصاً أدبياً فقط وخاضع
لشروط القراءة أكثر من استجابته لمتطلبات التمثيل بل أن مهارته وحسه الدرامي دفع بالنص بأن يقف على قدميه ويتمظهر بحلته الجمالية الدالة القادرة على تحريك الرؤية البصرية الإخراجية إلى أقصى مدياتها التعبيرية لأن الضرورة الفنية فرضت على مؤلفي المسرح مراجعة
الحصيلة المعرفية لهم وعلى الرغم من صحة المقولة الشهيرة للمؤلف المسرحي النرويجي
( أبسن ) ( إن المسرحية الحقة هي المسرحية الجديرة بأن توضع في مكتبة ) فإن المكتبة هنا
لا ينبغي أن تكون المكان الوحيد الذي يفكٌر الكاتب المسرحي في سجن مسرحيته فيه .. لأن مكان المسرحية الحقيقي هو خشبة المسرح تلك الخشبة التي تتيح إمكانية التفاعل بين الأدب والمسرح وفي هذا السياق كثيراً ما دأب الفنان المبدع الدكتور جواد على تطويع وإعداد العديد من النصوص الحوارية البحتة للغة العرض المسرحي سواء بالتعاون مع مؤلفيها كما حدث مع المؤلف سعد الله ونوس أو بالاعتماد على ذائقته الحسية الدرامية فضلاً عما تفرزه يوميات التمرين المسرحي من اكتشافات لدى المخرج والممثلين على حد سواء فالفنان الأسدي لطالما
يستفزك مرة حينما يقدم رؤيته الفنية الإخراجية على الخشبة ، ومرة حينما ينقب في حطام
النصوص الدرامية محاولاً إعادة انتاجها وفق رؤى متقدمة تحمل الكثير من نبؤءات واقعنا
المعاش فهو منذ خروجه من بغداد مهاجراً قبل 30 عاماً لم ينفك يوماً عن ورشته المسرحية
التي شهدت ولادة عشرات الأعمال المسرحية المتميزة وتتميز تجربته أيضاً بأنها خلاصة مخاضات عدة يأتي في مقدمتها الإطار الفني الذي يتحرك ضمن معطياته الممثل والذي غالباً ما يكون الاتجاه الطليعي الحداثوي والمتتبع لأعمال الأسدي يمكنه تلمس سحر الممثل لديه فهو الذي يحرك ويدفع لغة العرض والمعروف أن الاسدي يتعامل مع ذلك الكائن الساحر في منتهى الحساسية ضمن آلية التمرين المسرحي الذي يعتبر حجر الزاوية لتأسيس خطاب العرض من هنا
فإنه يوليه عناية فائقة فيما يتعلق بتوفير الأجواء التي من شأنها استنفار أدوات الممثل وأحسب
أن آلية تشكل الخطاب المسرحي لدى مبدعنا المسرحي جواد الأسدي تحمل الشيء الكثير من ملامح مسرح إنطوان آرتو من حيث القسوة المستثارة التي تتحول فيما بعد إلى جدلية خطاب ذي
مغزى عال يعبر عن طلاسم بصرية وسمعية
سعد السعدون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق