القصيدة فرسٌ مشبوبةٌ بلذة المستحيل قراءه في ديوان أرميكِ كبذرةٍ.. وأهطلُ عليكِ للشاعر سعد جاسم
منشور في جريدة الزمان بطبعتيها العراقية والدولية في لندن اليوم الثلاثاء 29/9/2015 العدد5216 - 5220
شكرا لهيئة تحرير الجريدة وشكرا للاعلامي كمال مصطفى
http://www.azzaman.com/?p=130257
القصيدة فرسٌ مشبوبةٌ بلذة المستحيل قراءه في ديوان أرميكِ كبذرةٍ.. وأهطلُ عليكِ للشاعر سعد جاسم
بقلمي : ناظم ناصر القريشي
10\9\2015
كلما ذهب الشاعر داخل نفسه ليبحث عن القصيدة كلما زاد نضجه , وعندما يصل إلى اللحظة التي تتجلى فيها الكلمات وترتدي معانيها الجديدة المشرقة يعرف أن وعيه وصل إلى مركز الوجود الذي تتأسس عليه القصيدة بالتحديد لتصبح لغته ناضجة تماما في تلك اللحظة سيختفي الشاعر ويبقى وجوده في الكلمات , فهو في لحظات الهطول لا يكتب بقلمه بل بروحه التي تكتب وترسم وتنهمر في القصيدة بصمت
أذن الكتابة ليست حالة من غياب الوعي بل هي استدراج هذا الوعي لحالة الاستشراق والتجليات فهي نوع من العلاقة الصوفية بين الشاعر والقصيدة ,وهذا يدل على أن حالة الخلق والابتكار والتكوين تنبع من الذات الشاعرة وصفة ملازمة لها وهذا ما يميز بين الشاعر الحقيقي والغير حقيقي , فالبحث عن الزمن المطلق هي الحقيقة الكبرى التي يجب أن يؤمن بها الجميع وهذا ما يسعى إليه الشاعر سعد جاسم في ديوانه أرميكِ كبذرةٍ.. وأهطلُ عليكِ و اذا تأملنا شاعرية سنجد أن جوهر مشروعه الشعري يعتمد على هذه العناصر : المرأة , الأرض , البلاد ,الحياة , الطبيعة بحيث تمتزج كل هذا العناصر لتولد القصيده وهذا ما نلمسه في قصائد الديوان
في العتبة الأولى للديوان نقف على ناصية الاشراق هنا الشاعر هو كلماته حيث تتجلى روحه في تلك الكلمات في لحظة التي تتفتح فيها القصيدة نجد تفصيلاً دقيقاً لهذا التجلي الذي يوحد بين الروح و الجسد اشتياقا ويعود بهما إلى لحظة التكوين الأولى
ففي قصيدة لا وقتَ إلا لإبتكارك الشاعر يخبرنا كيف تتكون القصيدة من خلال وعيه و إدراكه للعملية الإبداعية في كتابة الشعر فيجعلها تنمو لتورق كشجرة من غيوم و أغصانها مطر
لا وقتَ عندي إلا لأبتكركِ
حيثُ أُهئُ لكِ طينَ الكينونةِ من ينابيعِ الليلِ
وأستجيرُ بروحِ الصبحِ وعصافيرهِ وملائكتهِ
ليشاركوني كرنفالَ تكوينكِ وتدوينكِ
ثمَّ أُطلقكِ فرساً عاشقةً في براريي
التي كلمّا خببتِ فيها
تشتعلُ بالنورِ
الأنوثةِ
الخضرةِ المستحيلةِ
وكرنفالاتِ الماءِ
والماءُ إلهُ.
فالقصيدة هي أنثى الشاعر الذي يكونها ويبتكرها فيهيئ لها طين الكينونة يحشد الكلمات والمعاني ويجعلها تتنفس الحياة كالصبح بروح التأويل والإيحاءات باشراقتها حيث تنبثق كالضوء الذي يندلق من سكون الليل من هناك من تلك الينابيع السرية التي لا يعرف مكانها سوى الشاعر فهو الوحيد الذي يمتلك خارطة التكوين على شكل كلمات
وبما انا رمي البذرة والهطول عليها يتطلب التجانس المطلق لذا الشاعر يبتكر لغة تتناسب مع هذا الهطول سواء في الشكل او المعنى بما يحتويه المضمون
رغم أننا لا نعرفُ المسافاتِ
والأزمنةُ قد تلاشتْ بيننا
في التوحّدِ و التجاسدِ
والماءُ أولُنا
والشهقةُ برقُ الله.
فنلاحظ الكثير من التجانس المطلق في لغته وتعمده في استغلال هذا التجانس في مفاصل القصيدة كأنما يمنحها إيقاعات جديدة حاول أن يمزج فيها بين قصيدة النثر والتفعيلة ولنأخذ هذه المقاطع كمثال على ذلك
يا لصحائف هديلكِ وهديركِ
وصهيلُكِ
او
ونداءاتُ
وصيحاتُ
ومسراتُ
او في
أتعالى... أتجلى
في فراديسِ نداها
وصداها.
او
لا وقتَ عندي إلا
لأُحبُكِ وأُحبُكِ وأُحبّكِ
وبكِ... فيكِ
منشور في جريدة الزمان بطبعتيها العراقية والدولية في لندن اليوم الثلاثاء 29/9/2015 العدد5216 - 5220
شكرا لهيئة تحرير الجريدة وشكرا للاعلامي كمال مصطفى
http://www.azzaman.com/?p=130257
القصيدة فرسٌ مشبوبةٌ بلذة المستحيل قراءه في ديوان أرميكِ كبذرةٍ.. وأهطلُ عليكِ للشاعر سعد جاسم
بقلمي : ناظم ناصر القريشي
10\9\2015
كلما ذهب الشاعر داخل نفسه ليبحث عن القصيدة كلما زاد نضجه , وعندما يصل إلى اللحظة التي تتجلى فيها الكلمات وترتدي معانيها الجديدة المشرقة يعرف أن وعيه وصل إلى مركز الوجود الذي تتأسس عليه القصيدة بالتحديد لتصبح لغته ناضجة تماما في تلك اللحظة سيختفي الشاعر ويبقى وجوده في الكلمات , فهو في لحظات الهطول لا يكتب بقلمه بل بروحه التي تكتب وترسم وتنهمر في القصيدة بصمت
أذن الكتابة ليست حالة من غياب الوعي بل هي استدراج هذا الوعي لحالة الاستشراق والتجليات فهي نوع من العلاقة الصوفية بين الشاعر والقصيدة ,وهذا يدل على أن حالة الخلق والابتكار والتكوين تنبع من الذات الشاعرة وصفة ملازمة لها وهذا ما يميز بين الشاعر الحقيقي والغير حقيقي , فالبحث عن الزمن المطلق هي الحقيقة الكبرى التي يجب أن يؤمن بها الجميع وهذا ما يسعى إليه الشاعر سعد جاسم في ديوانه أرميكِ كبذرةٍ.. وأهطلُ عليكِ و اذا تأملنا شاعرية سنجد أن جوهر مشروعه الشعري يعتمد على هذه العناصر : المرأة , الأرض , البلاد ,الحياة , الطبيعة بحيث تمتزج كل هذا العناصر لتولد القصيده وهذا ما نلمسه في قصائد الديوان
في العتبة الأولى للديوان نقف على ناصية الاشراق هنا الشاعر هو كلماته حيث تتجلى روحه في تلك الكلمات في لحظة التي تتفتح فيها القصيدة نجد تفصيلاً دقيقاً لهذا التجلي الذي يوحد بين الروح و الجسد اشتياقا ويعود بهما إلى لحظة التكوين الأولى
ففي قصيدة لا وقتَ إلا لإبتكارك الشاعر يخبرنا كيف تتكون القصيدة من خلال وعيه و إدراكه للعملية الإبداعية في كتابة الشعر فيجعلها تنمو لتورق كشجرة من غيوم و أغصانها مطر
لا وقتَ عندي إلا لأبتكركِ
حيثُ أُهئُ لكِ طينَ الكينونةِ من ينابيعِ الليلِ
وأستجيرُ بروحِ الصبحِ وعصافيرهِ وملائكتهِ
ليشاركوني كرنفالَ تكوينكِ وتدوينكِ
ثمَّ أُطلقكِ فرساً عاشقةً في براريي
التي كلمّا خببتِ فيها
تشتعلُ بالنورِ
الأنوثةِ
الخضرةِ المستحيلةِ
وكرنفالاتِ الماءِ
والماءُ إلهُ.
فالقصيدة هي أنثى الشاعر الذي يكونها ويبتكرها فيهيئ لها طين الكينونة يحشد الكلمات والمعاني ويجعلها تتنفس الحياة كالصبح بروح التأويل والإيحاءات باشراقتها حيث تنبثق كالضوء الذي يندلق من سكون الليل من هناك من تلك الينابيع السرية التي لا يعرف مكانها سوى الشاعر فهو الوحيد الذي يمتلك خارطة التكوين على شكل كلمات
وبما انا رمي البذرة والهطول عليها يتطلب التجانس المطلق لذا الشاعر يبتكر لغة تتناسب مع هذا الهطول سواء في الشكل او المعنى بما يحتويه المضمون
رغم أننا لا نعرفُ المسافاتِ
والأزمنةُ قد تلاشتْ بيننا
في التوحّدِ و التجاسدِ
والماءُ أولُنا
والشهقةُ برقُ الله.
فنلاحظ الكثير من التجانس المطلق في لغته وتعمده في استغلال هذا التجانس في مفاصل القصيدة كأنما يمنحها إيقاعات جديدة حاول أن يمزج فيها بين قصيدة النثر والتفعيلة ولنأخذ هذه المقاطع كمثال على ذلك
يا لصحائف هديلكِ وهديركِ
وصهيلُكِ
او
ونداءاتُ
وصيحاتُ
ومسراتُ
او في
أتعالى... أتجلى
في فراديسِ نداها
وصداها.
او
لا وقتَ عندي إلا
لأُحبُكِ وأُحبُكِ وأُحبّكِ
وبكِ... فيكِ
وفي قصيدة أنوثة الندى نجد أن هذا العنوان الحالم الجميل يرسم لنا الشاعر من خلاله لوحة كولاج نثرية يضع مساحة حياته اليوميه بين حلمين ما قبل وما بعد
قبلَكِ...
كنتُ أكرهُ الصباحَ
الصباحُ: الذي ينبغي أَن أَذهبَ فيهِ
ثم يبدأ الحوار اليومي عبر صور متعددة وقد استخدم الشاعر خبرته المسرحية و له دراسته الأكاديمية و تجربته العملية في أدارة هذا الحوار عبر تخطيطات صورية تعلن تمرده احتجاجا ً على المنطق و اللامنطق في مساحة هذه الحياة الى أن يصل حلمه الثاني
كنتُ صديقاً لليلِ
والنجومُ تقاسمُني يواقيتَ عزلتي
وتتعطرُ بقرنفلاتِ أَسايَ
وتقرأُ معي قصائدَ "لوركا"
قبلَكِ...
كنتُ أكرهُ الصباحَ
الصباحُ: الذي ينبغي أَن أَذهبَ فيهِ
ثم يبدأ الحوار اليومي عبر صور متعددة وقد استخدم الشاعر خبرته المسرحية و له دراسته الأكاديمية و تجربته العملية في أدارة هذا الحوار عبر تخطيطات صورية تعلن تمرده احتجاجا ً على المنطق و اللامنطق في مساحة هذه الحياة الى أن يصل حلمه الثاني
كنتُ صديقاً لليلِ
والنجومُ تقاسمُني يواقيتَ عزلتي
وتتعطرُ بقرنفلاتِ أَسايَ
وتقرأُ معي قصائدَ "لوركا"
ليحقق أمنيته التي يسعى اليها
مُنذكِ
أصبحتُ أتمنى
لو أّنَّ العالمَ
كلُّهُ صباح
مُنذكِ
أصبحتُ أتمنى
لو أّنَّ العالمَ
كلُّهُ صباح
وفي قصيدة أرميكِ كبذرةٍ.. وأهطلُ عليكِ نجد أن الشاعر كان يمارس حضوره في ذات اللحظة بالصور والرؤيا واللغة ويلغي الغياب من خلال كلماته العاشقة للآخر و وتودده اليه فهو يتجلى عبر تلك الكلمات
إنَّهُ الغيابُ
يقرأُ علينا ما تيسَّرَ
من سورةِ الماءِ
فأَحلمُ بكِ
ولفرطِ توقي
وكثرةِ طيوفي
أَصبحتُ طائراً
من الأحلام
إنَّهُ الغيابُ
يقرأُ علينا ما تيسَّرَ
من سورةِ الماءِ
فأَحلمُ بكِ
ولفرطِ توقي
وكثرةِ طيوفي
أَصبحتُ طائراً
من الأحلام
التغزل مطلق لا حدود له لدى الشاعر فهو يتغزل بقصيدته التي تنفست معه الصبح و يتغزل بحبيبته الطيبة المعطاء كأمها الأرض والتي اصطفها الفرات كحورية له و للشاعر فرات من الكلمات و في قصيدة أَيتها الأنثى – البلاد المستحيلة يتغزل ببلاده الجميلة التي علمت الحضارة كيف تخطو أول خطواتها في براري التاريخ الموحشة بسومر وهي تكتب على الطين فيتحول الطين الى ضياء عن البلاد التي ولدت من رحمها كل النخيل فكانت البلاد المستحيلة الشاهدة على الزمان من أول الزمان
القصيدة تجدها أحيانا كالفرس الجموح تصهل بعنفوان كلماتها يمسك الشاعر بزمامها ويروضها فهي فرسٌ مشبوبةٌ بلذة المستحيل وهذا ما نجده في قصائد الديوان والذي استخدم فيه إيقاعات روحية منغمة فالشاعر سعد جاسم و من خلال تجربته الشعرية الطويلة وعمله على مشروعه الشعري الذي أسس له من أول إصدار حاول المقاربة بين الجمال و اللغة و الإحساس و التواصل الشعري بينهما ليجعل من لغته لغة القلب ولغة العيون أن سعيه الدؤوب لامتلاكه لغة جديدة و متفردة مكتظة بالمعاني و قادرة على صياغة الجمال و تتجاوز مرحلة الفهم الى الاحساس لذا لا نستطيع قراءة نص الشاعر باعتباره نصاً شعرياً بل على اعتباره استبصار وقراءة نبض اللحظة
القصيدة تجدها أحيانا كالفرس الجموح تصهل بعنفوان كلماتها يمسك الشاعر بزمامها ويروضها فهي فرسٌ مشبوبةٌ بلذة المستحيل وهذا ما نجده في قصائد الديوان والذي استخدم فيه إيقاعات روحية منغمة فالشاعر سعد جاسم و من خلال تجربته الشعرية الطويلة وعمله على مشروعه الشعري الذي أسس له من أول إصدار حاول المقاربة بين الجمال و اللغة و الإحساس و التواصل الشعري بينهما ليجعل من لغته لغة القلب ولغة العيون أن سعيه الدؤوب لامتلاكه لغة جديدة و متفردة مكتظة بالمعاني و قادرة على صياغة الجمال و تتجاوز مرحلة الفهم الى الاحساس لذا لا نستطيع قراءة نص الشاعر باعتباره نصاً شعرياً بل على اعتباره استبصار وقراءة نبض اللحظة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق