الأربعاء، 21 سبتمبر 2016

أحلام مغيّبة/ قصة قصيرة / الكاتب / كامل التميمي / العراق ...

أحلام مغيّبة
حين يجن الليل يهدأ صخب الحياة، يندلق ضوء من عمق روحه التي ترنو إلى أفق يغصُ في بهجة مسترخيّة، تدفعه رغبة كامنة كأنها زلزلة غاضبة, لتحقيق مبتغاه في تصحيح مسارات مغيبة وغابت عن زمن أخطاء السير، يبحث في مواقع التواصل الاجتماعي، في المجلات، والصحف الدورية، يستمع لأحاديث الناس، للتراسيم التي خُطت بفرشاة عبثية ،إلى إيماءات إجسادهم، إنها تتحدث عن أوجاع داكنة مخزنة في حافظة قديمة علا جدرانها صدأ حروب رعناء.
في أطروحته التي القاها في المؤتمر الاصلاحي، كان متحمسا و ناظرا إلى آفاق رحبّة غير محددة بمشكلة ما، أذ وضع لكل صغيرة وكبيرة حلول عدة.
في الختام وبسبب الأفراط في تناول كميات كبيرة من الحقيقة ،أرتد إلى إعماقه السحيقة كأرتداد نابضٍ حلزونيّ مُطّ بقوة ثم رفعت اليد عنه، فعاد متموضعا بأرض خالية إلا من عرش ملك لا يحيط علما بمن حوله، رفرف قلبه كطّير مغادر قفصه إلى واد ذي زرع ، تطلع عليه الشمس لفترة تدفئ المكان وقطرات الندى تودع أوراق التوت، الهواء يلامس وجه الأعشاب المنتشرة وتطلق ضحكات بريئة مثل طفل يغار من الملامسة، حين برقت ولاحت له قرية سكانها يعيشون على ثمار الأشجار المنتشرة بشكل كثيف ومتشابك تكاد لا تفصل واحدة عن أخرى، وبيوتهم رُصّت بأحجارٍ ملونة زاهية تحاكي طبيعة المكان وأجسادهم غليظة مفتولة العضلات، وجوههم منتفخة زاهية كفاكهة نضجت في موسمها.
نُفش ريشه حين علم أن لا صلاة لهم ولا دين، صفق بجناحيه وطار بخفة عائدا إلى الملك، فأخبره أمرهم ..متعجبا!!
نهض الملك من كرسيه غاضبا ممتعضا.. وأمر بأن تأتيه القرية صاغرة
قال له بهدوء :ليس هكذا الاصلاح .. يا جلالة الملك.
لدي ورقة أصالح كاملة: أن خولتني جلالتكم.
أمتعض من قوله هذا وأمر الملك : بقص ريش الهدهد ورشقه بتهمة التستر على أهل القرية.
كان يحس بكرسيه كأرضٍ ميتة وللمؤتمر أذرع طويلة ، وصوته كأغنية بكماء؛ قفز من على كرسيه، فصار ديكا يصيح من على نواصي الحاضرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق